الأزمة السياسية تذكرِّ بخطوط التماس التقليدية في بيروت

انتشار عسكري... والمسؤولون يحتوون الوضع أمنياً

وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)
وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الأزمة السياسية تذكرِّ بخطوط التماس التقليدية في بيروت

وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)
وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)

لم تمنع كل التطمينات الرسمية سكان الأحياء المسيحية في الشياح والحدت، من التعبير عن خوفهم. فإطلاق النار، الذي صاحب مواكب سيّارة جابت أحياء الحدت مساء أول من أمس، احتجاجاً على وصف وزير الخارجية جبران باسيل لرئيس مجلس النواب نبيه بري بـ«البلطجي»، جدد الخوف، وأحيا معه خطوط التماس التقليدية بين مناطق المسيحيين والمسلمين التي اعتقد اللبنانيون أنها أزيلت في أعقاب انتهاء الحرب اللبنانية قبل 28 عاماً.
ولا يترددون سكان تلك الأحياء في تأكيد هواجسهم من تجدد خطوط التماس. يقول شاب في منطقة عين الرمانة المسيحية: «لم تغب خطوط التماس حتى تعود الآن. ما زالت حاضرة برمزيتها، وبالخوف منها. والدليل، انتشار نقاط الجيش اللبناني في الطريق الفاصل بين المنطقتين».
وتظهر علامات الخوف لدى السكان القاطنين على طول الطريق الممتدة من الشياح باتجاه الحدت. فما حدث مساء أول من أمس، يستوقفهم، ويعبرون عنه بسؤال: «ألم يتعظ اللبنانيون مما حدث؟»، ليضيف آخر: «لو قتل أي شخص لا سمح الله، ألم يكن ذلك ليشعل حرباً جديدة؟». ويفترض ثالث «انفعال شخص وتهوره بإطلاق النار على المعتصمين... أين كنا سنصل؟».
لكن هذه الاستفهامات المشروعة، يدحضها تواجد القوى الأمنية، والدوريات المستمرة للجيش اللبناني. فمنذ مساء الاثنين، لوحظ انتشار واسع للجيش في الشوارع بعد أن اتخذ قراراً سريعاً بالحفاظ على الاستقرار، ومنع الاحتكاك بين مناصري الطرفين.
ولم تكن هذه الهواجس لتتجدد، قبل تدحرج الأزمة السياسية الأخيرة بين الرئيس بري والوزير باسيل، إلى الشارع. منذ الاثنين الماضي، وإثر تداول مقطع فيديو لباسيل، خرج المحتجون من أنصار «حركة أمل» التي يرأسها بري إلى الشارع. وتركزت التحركات في الطرقات الفاصلة بين منطقتين يسكنهما مسلمون ومسيحيون على أطراف الضاحية الجنوبية، قبل أن يتوسع التحرك باتجاه مركز «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه باسيل في منطقة سن الفيل. انتهى الاحتجاج يومها بعد تدخل الجيش، وتجدد مساء الأربعاء إثر مظاهرة بالسيارات والدراجات النارية، شارك فيها العشرات، جابت شوارع الحدت وانتهت إثر تدخل الجيش اللبناني الذي منع تصادم الطرفين، قبل أن تستنكر «أمل»، وتؤكد أنه لا علاقة لها بهذا الاحتجاج.
ونقلت «رويترز» عن مصادر أمنية قولها بأن التوترات استمرت مساء الأربعاء عندما انتشر الجيش في منطقة مسيحية قرب بيروت بعد أن قاد أنصار «حركة أمل» سياراتهم عبر المنطقة وهم يطلقون أعيرة نارية في الهواء. وذكرت المصادر وتقارير محلية أن أنصار التيار الوطني الحر خرجوا أيضا في الشوارع حاملين أسلحة.
وينفي رئيس بلدية الحدت جورج عون عودة مشهد «خطوط التماس» بسبب ما جرى. ويقول لـ«الشرق الأوسط» بأن انتشار الجيش والقوى الأمنية «يؤكد الطمأنينة»، مشدداً على أن الجيش انتشر «خلال دقائق قليلة» بعد وصول المحتجين باتجاه الحدت.
ويشرح عون: «ما حصل كان استفزازاً حين صعد العشرات على الدراجات النارية إلى الشوارع المكتظة بالسكان، وحدث إطلاق نار. هذه العملية الاستفزازية دفعت شبان المنطقة للخروج إلى الشوارع، وكان أول اتصال لنا مع قيادة حركة أمل، التي استنكرت الفعل، وساعدتنا مع الجيش ومديرية المخابرات لتوقيف الفاعلين، مؤكدة أنها لا تمنح أي غطاء سياسي للقائمين بأعمال مشابهة»، مضيفاً: «على الأرض، حدثت بلبلة، لكننا أعدنا الناس إلى بيوتها».
ويؤكد عون أن الحدت «بلدة نموذجية للتعايش، وهذا العهد عهدنا، والبلد بلدنا، ولا نرضى بالفتنة في منطقتنا ولا في أي منطقة أخرى». ويشدد على أن «الوقفة التضامنية معنا، تؤكد أننا في مرحلة تعايش».
وتعزز التواصل بين الطرفين المتجاورين، المسيحي والشيعي، إثر توقيع «وثيقة التفاهم» بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» قبل 12 عاماً، إلى جانب العلاقة الوطيدة التي تربط فعاليات الحدت مع الرئيس بري الذي «يعارض ما جرى»، بحسب عون الذي لم يخفِ أن حديث الإعلام عن أن «الحدت مكسر عصا استفزنا»، قائلا: ويعرب عن اعتقاده أن ما حدث «لن يتكرر، بدليل البيانات الواضحة التي أصدرتها حركة أمل، واتصالات الحركة مع الجيش».
بدورها، دعت «حركة أمل» أنصارها أمس الخميس لوقف المظاهرات في الشوارع في مسعى لاحتواء الأزمة. وأهابت حركة أمل في بيان «بكل الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظم من خلال مسيرات سيارة أدت إلى بعض الإشكالات التي لا تعكس صورة وموقف الحركة، أن يتوقفوا عن أي تحرك في الشارع لقطع الطريق».
هذا الكلام الرسمي، يقابله احتقان لدى أنصار الطرفين. وفيما يقول أحد سكان الحدت بأن الكلام السياسي الذي قاله باسيل «انتخابي لا يستدعي ردة الفعل تلك وترهيب الآمنين»، ترى فاطمة شلهوب، من مناصري بري في الضاحية الجنوبية، أن باسيل «قال كلاماً مهيناً بحق الرئيس ولا يُسكت عنه»، معتبرة أن ردة الفعل «عفوية اعتراضا على كلام باسيل».
غير أن ردة الفعل التي عبر عنها أنصار بري، يعتبرها أهالي الحدت «مساساً بكرامتهم». يؤكد ربيع حداد أن أهالي المنطقة «ليسوا هواة حرب، لكن كرامة اللبنانيين متساوية، وكرامتنا أيضاً كبيرة»، مضيفاً: «حصل لغط بالسياسة، يجب أن يحل في الصالونات السياسية وليس بالاستفزاز في الشارع». ويقول: «وعي الشباب بمواجهة القائمين بالشغب، يمكن أن يكون لدرجة محددة، لكن هؤلاء لا يقبلون بأن يمس أي أحد بكرامتهم، وقد يقومون بردة فعل مؤذية في حال تجرأ أحد على المساس بها، عندها لا يمكن لومهم».
ويناهز عدد أهالي الحدت الـ20 ألفا، معظمهم من المسيحيين، ويسكنها الآن نحو 200 ألف شخص، معظمهم من الشيعة الذين توسعوا عمرانياً من الضاحية الجنوبية باتجاه البلدة شرقاً.
وإذ يرى حداد أن «ما يُحكى عن خطوط تماس هو مغالطة»، بالنظر إلى أن البلدة «استضافت المئات من الشيعة خلال حرب تموز 2006 وباتت نموذجاً للتعايش»، يؤكد أن «هناك زعرانا يجب أن تتم محاسبتهم، ونحن نراهن على القوى الأمنية والقضاء اللبناني».
ويمتد الرهان على القوى الأمنية إلى منطقة الشياح التي اختبرت استفزازات في وقت سابق من هذا النوع. يقول أحد سكان المنطقة جوزيف حرب «نخاف من أن يتم توريطنا»، موضحاً: «غالباً ما يستفزوننا هنا، ونحاول دائماً الحفاظ على رباطة جأشنا عملاً بتعليمات القيادة».
ويؤكد حرب، وهو من مناصري «القوات اللبنانية» أن «الجيش حاضر دائماً، ويتدخل بشكل سريع في حال حصلت أي استفزازات»، مضيفاً أن الأزمة الأخيرة «لم تحفزنا للأمن الذاتي لأنه لا لزوم له طالما أن الجيش موجود، ونحن خلفه ولن نأخذ دوره أبدا»، مضيفاً: «نحن لسنا هواة حرب، كذلك أهالي المنطقة الأخرى (المسلمون) الذي يعون خطورة أي خطوة من هذا النوع، ولا أعتقد أنهم بوارد القيام بها».



«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة».

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.


الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)

حذّرت الأمم المتحدة من اتساع غير مسبوق في رقعة الاحتياجات الإنسانية باليمن خلال العام المقبل، مؤكدة أن البلاد تتجه نحو إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ما لم يتوفر التمويل العاجل لخطة الاستجابة.

وأظهر أحدث البيانات الأممية أن 23.1 مليون يمني (نحو ثلثي السكان) سيحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة، في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لتمويل خطة لن تصل إلا إلى أقل من نصف هذا العدد.

وجاء هذا التحذير في سياق نداء تمويلي جديد شددت فيه الأمم المتحدة على أن خطة الاستجابة للعام المقبل ستستهدف فقط 10.5 مليون شخص، وأن التدخلات ستركز بشكل صارم على الجوانب الأشد إلحاحاً، مثل منع المجاعة، وعلاج سوء التغذية، واحتواء تفشي الأمراض، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات.

إلا إن الخطة لم تقدم توضيحات بشأن كيفية تنفيذ الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد قيوداً متصاعدة، بعد أن أغلقت الجماعة مكاتب تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، واعتقلت العشرات من موظفيها، بينهم 59 موظفاً أممياً.

23.1 مليون يمني سيكونون دون مساعدات مع حلول العام الجديد (إعلام محلي)

وفي سياق استعراضها الأوضاع، أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الصراع، وتدهور الاقتصاد، والصدمات المناخية، إلى جانب القيود المفروضة على الوصول الإنساني، ونقص التمويل... كلها عوامل عمّقت الاحتياجات الإنسانية بدرجة غير مسبوقة.

وكشفت بيانات خطة الاستجابة عن وجود 18.1 مليون شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 5.8 مليون شخص يعيشون مستويات جوع طارئة، و40 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة المباشرة.

كما يعاني 2.5 مليون طفل دون الخامسة و1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وسط تراجع كبير في برامج التغذية والدعم الغذائي خلال الأشهر الماضية.

تفاقم انهيار الخدمات

أوضحت الأمم المتحدة أن الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والمياه، والصرف الصحي، والمأوى... تعرضت لانهيار كبير خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أن 8.41 مليون شخص يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فيما يعيش 15 مليوناً في ظل انعدام الأمن المائي، ويُحرم 17.4 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي والنظافة.

كما تسبب ضعف البنية الأساسية والاجتماعية في زيادة الاحتياج إلى خدمات الحماية لأكثر من 16 مليون شخص، بينهم 4.7 مليون نازح داخلي يتوزعون على مئات المخيمات ومواقع النزوح، إلى جانب 6.2 مليون شخص (غالبيتهم نساء وفتيات) يحتاجون إلى خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

1.3 مليون يمنية يواجهن سوء التغذية الحاد مع تراجع الدعم الدولي (إعلام محلي)

ويضاف إلى ذلك 2.6 مليون طفل خارج المدرسة؛ بسبب النزوح، والفقر، والتدهور المستمر في البنية التعليمية، فيما تأثر أكثر من 1.5 مليون شخص بالصدمات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف خلال العام الحالي.

وتوضح هذه المؤشرات أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يُتعامل معه بحزمة عاجلة من التمويل والتدخلات الميدانية، مع رفع القيود التي تعرقل وصول المساعدات إلى الفئات الأضعف.

قيود الحوثيين

ومنذ أغسطس (آب) الماضي، تضاعفت القيود التي يفرضها الحوثيون على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى في مناطق سيطرتهم، حتى وصلت إجراءاتهم إلى اقتحام مكاتب أممية ومصادرة أصولها وإغلاقها؛ مما أدى إلى توقف برامج أساسية، مثل «برنامج الأغذية العالمي» الذي كان يوفر مساعدات لنحو 13 مليون يمني.

وتقول الأمم المتحدة إن هذه الإجراءات حرمت ملايين اليمنيين من التدخلات الأساسية، خصوصاً مع تقييد حركة العاملين الإنسانيين واعتقال موظفين أمميين منذ فترات طويلة دون إجراءات قانونية.

الحوثيون أغلقوا مكاتب الأمم المتحدة واعتقلوا 59 من موظفيها (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الإعراب عن «قلقه البالغ» من استمرار احتجاز الحوثيين 59 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات العاملين في منظمات غير حكومية وبالمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إن المحتجزين يخضعون للعزل عن العالم الخارجي؛ «بعضهم منذ سنوات»، دون أي إجراءات قانونية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يكفل لهم الحصانة، خصوصاً بشأن مهامهم الرسمية.

ودعا دوجاريك سلطات الحوثيين إلى التراجع عن إحالة هؤلاء الموظفين إلى محكمتهم الجنائية الخاصة، والعمل فوراً وبحسن نية على الإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والسلك الدبلوماسي.

وأكد أن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة دعم الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية «وفق مبادئ الحياد وعدم التحيز»، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها في البلاد.