الأزمة السياسية تذكرِّ بخطوط التماس التقليدية في بيروت

انتشار عسكري... والمسؤولون يحتوون الوضع أمنياً

وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)
وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الأزمة السياسية تذكرِّ بخطوط التماس التقليدية في بيروت

وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)
وقفة تضامنية لتلامذة مدارس الشياح والغبيري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس («الشرق الأوسط»)

لم تمنع كل التطمينات الرسمية سكان الأحياء المسيحية في الشياح والحدت، من التعبير عن خوفهم. فإطلاق النار، الذي صاحب مواكب سيّارة جابت أحياء الحدت مساء أول من أمس، احتجاجاً على وصف وزير الخارجية جبران باسيل لرئيس مجلس النواب نبيه بري بـ«البلطجي»، جدد الخوف، وأحيا معه خطوط التماس التقليدية بين مناطق المسيحيين والمسلمين التي اعتقد اللبنانيون أنها أزيلت في أعقاب انتهاء الحرب اللبنانية قبل 28 عاماً.
ولا يترددون سكان تلك الأحياء في تأكيد هواجسهم من تجدد خطوط التماس. يقول شاب في منطقة عين الرمانة المسيحية: «لم تغب خطوط التماس حتى تعود الآن. ما زالت حاضرة برمزيتها، وبالخوف منها. والدليل، انتشار نقاط الجيش اللبناني في الطريق الفاصل بين المنطقتين».
وتظهر علامات الخوف لدى السكان القاطنين على طول الطريق الممتدة من الشياح باتجاه الحدت. فما حدث مساء أول من أمس، يستوقفهم، ويعبرون عنه بسؤال: «ألم يتعظ اللبنانيون مما حدث؟»، ليضيف آخر: «لو قتل أي شخص لا سمح الله، ألم يكن ذلك ليشعل حرباً جديدة؟». ويفترض ثالث «انفعال شخص وتهوره بإطلاق النار على المعتصمين... أين كنا سنصل؟».
لكن هذه الاستفهامات المشروعة، يدحضها تواجد القوى الأمنية، والدوريات المستمرة للجيش اللبناني. فمنذ مساء الاثنين، لوحظ انتشار واسع للجيش في الشوارع بعد أن اتخذ قراراً سريعاً بالحفاظ على الاستقرار، ومنع الاحتكاك بين مناصري الطرفين.
ولم تكن هذه الهواجس لتتجدد، قبل تدحرج الأزمة السياسية الأخيرة بين الرئيس بري والوزير باسيل، إلى الشارع. منذ الاثنين الماضي، وإثر تداول مقطع فيديو لباسيل، خرج المحتجون من أنصار «حركة أمل» التي يرأسها بري إلى الشارع. وتركزت التحركات في الطرقات الفاصلة بين منطقتين يسكنهما مسلمون ومسيحيون على أطراف الضاحية الجنوبية، قبل أن يتوسع التحرك باتجاه مركز «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه باسيل في منطقة سن الفيل. انتهى الاحتجاج يومها بعد تدخل الجيش، وتجدد مساء الأربعاء إثر مظاهرة بالسيارات والدراجات النارية، شارك فيها العشرات، جابت شوارع الحدت وانتهت إثر تدخل الجيش اللبناني الذي منع تصادم الطرفين، قبل أن تستنكر «أمل»، وتؤكد أنه لا علاقة لها بهذا الاحتجاج.
ونقلت «رويترز» عن مصادر أمنية قولها بأن التوترات استمرت مساء الأربعاء عندما انتشر الجيش في منطقة مسيحية قرب بيروت بعد أن قاد أنصار «حركة أمل» سياراتهم عبر المنطقة وهم يطلقون أعيرة نارية في الهواء. وذكرت المصادر وتقارير محلية أن أنصار التيار الوطني الحر خرجوا أيضا في الشوارع حاملين أسلحة.
وينفي رئيس بلدية الحدت جورج عون عودة مشهد «خطوط التماس» بسبب ما جرى. ويقول لـ«الشرق الأوسط» بأن انتشار الجيش والقوى الأمنية «يؤكد الطمأنينة»، مشدداً على أن الجيش انتشر «خلال دقائق قليلة» بعد وصول المحتجين باتجاه الحدت.
ويشرح عون: «ما حصل كان استفزازاً حين صعد العشرات على الدراجات النارية إلى الشوارع المكتظة بالسكان، وحدث إطلاق نار. هذه العملية الاستفزازية دفعت شبان المنطقة للخروج إلى الشوارع، وكان أول اتصال لنا مع قيادة حركة أمل، التي استنكرت الفعل، وساعدتنا مع الجيش ومديرية المخابرات لتوقيف الفاعلين، مؤكدة أنها لا تمنح أي غطاء سياسي للقائمين بأعمال مشابهة»، مضيفاً: «على الأرض، حدثت بلبلة، لكننا أعدنا الناس إلى بيوتها».
ويؤكد عون أن الحدت «بلدة نموذجية للتعايش، وهذا العهد عهدنا، والبلد بلدنا، ولا نرضى بالفتنة في منطقتنا ولا في أي منطقة أخرى». ويشدد على أن «الوقفة التضامنية معنا، تؤكد أننا في مرحلة تعايش».
وتعزز التواصل بين الطرفين المتجاورين، المسيحي والشيعي، إثر توقيع «وثيقة التفاهم» بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» قبل 12 عاماً، إلى جانب العلاقة الوطيدة التي تربط فعاليات الحدت مع الرئيس بري الذي «يعارض ما جرى»، بحسب عون الذي لم يخفِ أن حديث الإعلام عن أن «الحدت مكسر عصا استفزنا»، قائلا: ويعرب عن اعتقاده أن ما حدث «لن يتكرر، بدليل البيانات الواضحة التي أصدرتها حركة أمل، واتصالات الحركة مع الجيش».
بدورها، دعت «حركة أمل» أنصارها أمس الخميس لوقف المظاهرات في الشوارع في مسعى لاحتواء الأزمة. وأهابت حركة أمل في بيان «بكل الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظم من خلال مسيرات سيارة أدت إلى بعض الإشكالات التي لا تعكس صورة وموقف الحركة، أن يتوقفوا عن أي تحرك في الشارع لقطع الطريق».
هذا الكلام الرسمي، يقابله احتقان لدى أنصار الطرفين. وفيما يقول أحد سكان الحدت بأن الكلام السياسي الذي قاله باسيل «انتخابي لا يستدعي ردة الفعل تلك وترهيب الآمنين»، ترى فاطمة شلهوب، من مناصري بري في الضاحية الجنوبية، أن باسيل «قال كلاماً مهيناً بحق الرئيس ولا يُسكت عنه»، معتبرة أن ردة الفعل «عفوية اعتراضا على كلام باسيل».
غير أن ردة الفعل التي عبر عنها أنصار بري، يعتبرها أهالي الحدت «مساساً بكرامتهم». يؤكد ربيع حداد أن أهالي المنطقة «ليسوا هواة حرب، لكن كرامة اللبنانيين متساوية، وكرامتنا أيضاً كبيرة»، مضيفاً: «حصل لغط بالسياسة، يجب أن يحل في الصالونات السياسية وليس بالاستفزاز في الشارع». ويقول: «وعي الشباب بمواجهة القائمين بالشغب، يمكن أن يكون لدرجة محددة، لكن هؤلاء لا يقبلون بأن يمس أي أحد بكرامتهم، وقد يقومون بردة فعل مؤذية في حال تجرأ أحد على المساس بها، عندها لا يمكن لومهم».
ويناهز عدد أهالي الحدت الـ20 ألفا، معظمهم من المسيحيين، ويسكنها الآن نحو 200 ألف شخص، معظمهم من الشيعة الذين توسعوا عمرانياً من الضاحية الجنوبية باتجاه البلدة شرقاً.
وإذ يرى حداد أن «ما يُحكى عن خطوط تماس هو مغالطة»، بالنظر إلى أن البلدة «استضافت المئات من الشيعة خلال حرب تموز 2006 وباتت نموذجاً للتعايش»، يؤكد أن «هناك زعرانا يجب أن تتم محاسبتهم، ونحن نراهن على القوى الأمنية والقضاء اللبناني».
ويمتد الرهان على القوى الأمنية إلى منطقة الشياح التي اختبرت استفزازات في وقت سابق من هذا النوع. يقول أحد سكان المنطقة جوزيف حرب «نخاف من أن يتم توريطنا»، موضحاً: «غالباً ما يستفزوننا هنا، ونحاول دائماً الحفاظ على رباطة جأشنا عملاً بتعليمات القيادة».
ويؤكد حرب، وهو من مناصري «القوات اللبنانية» أن «الجيش حاضر دائماً، ويتدخل بشكل سريع في حال حصلت أي استفزازات»، مضيفاً أن الأزمة الأخيرة «لم تحفزنا للأمن الذاتي لأنه لا لزوم له طالما أن الجيش موجود، ونحن خلفه ولن نأخذ دوره أبدا»، مضيفاً: «نحن لسنا هواة حرب، كذلك أهالي المنطقة الأخرى (المسلمون) الذي يعون خطورة أي خطوة من هذا النوع، ولا أعتقد أنهم بوارد القيام بها».



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.