بعد تصنيفهما «إرهابيتين»... من هما حركتا «لواء الثورة» و«حسم»؟

قوات أمن مصرية بوسط القاهرة - أرشيف (رويترز)
قوات أمن مصرية بوسط القاهرة - أرشيف (رويترز)
TT

بعد تصنيفهما «إرهابيتين»... من هما حركتا «لواء الثورة» و«حسم»؟

قوات أمن مصرية بوسط القاهرة - أرشيف (رويترز)
قوات أمن مصرية بوسط القاهرة - أرشيف (رويترز)

أدرجت الولايات المتحدة الأميركية حركتي «لواء الثورة» و«حسم» المسلحتين في مصر على قائمتها الخاصة بالإرهاب، بالإضافة إلى «حركة الصابرين» الفلسطينية ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في بيان أمس (الأربعاء) إن هذا التوصيف «يستهدف جماعات إرهابية رئيسية وقادة، بما في ذلك اثنتان ترعاهما إيران وتوجههما، يهددون استقرار الشرق الأوسط ويقوضون عملية السلام ويهاجمون حليفينا مصر وإسرائيل».
وتنشط حركتا «لواء الثورة» و«حسم» في مصر منذ سنوات بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في أعقاب احتجاجات شعبية حاشدة ضد حكمه. ونستعرض فيما يلي أبرز المعلومات عن الحركتين.
«لواء الثورة»
ظهر التنظيم للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، حينما أعلن مسؤوليته عن اغتيال العميد عادل رجائي قائد فرقة مدرعة بالجيش المصري أمام منزله بضاحية العبور (شرق القاهرة).
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن مقتل عنصرين إرهابيين من التنظيم في تبادل إطلاق نار بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، كما تم العثور على السيارة المستخدمة في عملية اغتيال العميد رجائي.
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الداخلية في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، القبض على تسعة عناصر خلال مداهمة لوكر إرهابي وأن هذه العناصر تابعة لتنظيم «لواء الثورة»، كما عثر بحوزتهم على الكثير من المضبوطات المعدة لتنفيذ العمليات الإرهابية، بينهما سيارتان مفخختان كانتا معدتين للتفجير وثلاث بنادق آلية. وأسفرت المداهمة بحسب بيان عن الوزارة عن مقتل ثلاثة عناصر إرهابية.
وفي أبريل (نيسان) 2017 أعلنت الحركة مسؤوليتها عن تفجير بعبوة ناسفة بالقرب من مركز تدريب للشرطة المصرية في مدينة طنطا بمحافظة الغربية في دلتا النيل، ما أسفر عن إصابة 9 من أفراد الشرطة بجروح بالغة.
«حسم»
ظهرت حركة سواعد مصر (حسم) في عام 2015 . وتقول الحكومة المصرية إنها الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في مصر، وعادة ما تستهدف هجماتها قوات الشرطة.
وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن هجمات إرهابية عدة في مصر، أبرزها الهجوم على سيارة شرطة بمحافظة الفيوم جنوب القاهرة في يوليو (تموز) الماضي، ما أسفر عن مقتل مجند وإصابة ثلاثة آخرين. كما زعمت الحركة مسؤوليتها عن محاولة اغتيال النائب العام المصري المساعد المستشار زكريا عبد العزيز في سبتمبر (أيلول) 2016.
وتعلن الداخلية المصرية من حين لآخر إلقاء القبض على عدد من عناصر الحركة ومقتل عدد منهم في تبادل لإطلاق نار خلال مداهمات للأوكار الإرهابية، في القاهرة والمحافظات المجاورة، حيث تتركز هجمات الحركة.
وبخلاف «لواء الثورة» و«حسم» اللتين تنشطان في العاصمة ودلتا النيل، تتركز في محافظة شمال سيناء هجمات جماعة «أنصار بيت المقدس» التي أعلنت مبايعتها لتنظيم داعش وأطلقت على نفسها اسم «ولاية سيناء»، وأعلنت مسؤوليتها عن الكثير من الهجمات ضد قوات الجيش والشرطة. وتقول قوات الأمن المصرية إنها قتلت المئات من عناصر التنظيم المتطرف الذي أعلن مسؤوليته أيضا عن هجمات عنيفة على كنائس في القاهرة والإسكندرية وطنطا قتل فيها عشرات الأقباط في الأعوام القليلة الماضية.
ويمنع قرار الخارجية الأميركية المدرجين في قائمتها للإرهاب العالمي من التعامل عبر النظام المالي الأميركي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.