تطبيق «دسكرة» منصة رقمية مجانية لتفعيل دور البلدات اللبنانية

أطلقته «الجامعة الأميركية» بهدف الحفاظ على الطبيعة والتراث وحمايتهما

بلدة حمانا ستكون من ضمن القرى اللبنانية  المندرجة على تطبيق «دسكرة»
بلدة حمانا ستكون من ضمن القرى اللبنانية المندرجة على تطبيق «دسكرة»
TT

تطبيق «دسكرة» منصة رقمية مجانية لتفعيل دور البلدات اللبنانية

بلدة حمانا ستكون من ضمن القرى اللبنانية  المندرجة على تطبيق «دسكرة»
بلدة حمانا ستكون من ضمن القرى اللبنانية المندرجة على تطبيق «دسكرة»

إلقاء الضوء على مختلف البلدات اللبنانية وأرشفتها للتاريخ، إضافة إلى تحفيز أهاليها لتطويرها وتحسينها، هي الأهداف التي يصبو إليها تطبيق «دسكرة». التطبيق المذكور الذي أطلقه «مركز حماية الطبيعة» في الجامعة الأميركية ببيروت أخيراً، من شأنه تحديث العلاقة بين اللبناني (المقيم والمغترب)، مع السياحة الريفية والذي بخدماته المتنوعة يفتح المجال أمام أهالي تلك البلدات لتعزيز أوضاعهم إن من خلال تسويق منتجاتهم أو من خلال تحريك العجلة السياحية فيها.
«إنّنا نعمل على هذا المشروع منذ نحو 6 سنوات، وكنا نتوجه شخصياً إلى البلدات اللبنانية نستطلع عن منتجاتها وطبيعتها ومعالمها الأثرية وغيرها من العناصر التي تؤلف خصوصيتها». تقول دكتورة سلمى تلحوق رئيسة دائرة تصميم المساحات الخضراء وإدارة النظم البيئية في الجامعة الأميركية. وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تلك الخطوة كانت تندرج ضمن مشروع (بلدتي بيئتي) الذي أطلقته الجامعة الأميركية في عام 2011، وكان أهالي البلدات التي نزورها يزودونا بالمعلومات التي نطلبها منهم من خلال لجان خاصة يستحدثونها، كل في البلدة أو القرية التي نختارها. واليوم يشهد المشروع المذكور (بلدتي بيئتي)، تحولاً رقمياً من خلال (دسكرة) الذي سيساهم في سرعة إيصال تلك المعلومات، وبالتالي أرشفة هذه القرى للتاريخ كي لا نخسر تراثنا».
وفي الخطوة الأولى استطاعت الجامعة الأميركية جمع معلومات عن نحو 80 قرية وبلدة لبنانية: «لاحظنا أنّ السرعة غير كافية على أرض الواقع لا سيما أن عدد البلدات اللبنانية يفوق الـ1000، مما قد يستغرق منّا وقتا طويلا لإكماله». توضح الدكتورة تلحوق وتتابع: «اليوم وبكبسة زر يستطيع أي شخص من تلك القرى إضافة المعلومة التي يريدها عبر صفحته الإلكترونية ضمن التطبيق، وسنتعاون مع فريق خاص مطّلع على التأكد منها ليحمل التطبيق المصداقية المطلوبة». أمّا داتا المعلومات الخاص بمشروع «بلدتي بيئتي» فسيُضاف إلى التطبيق، وهو الذي يغطّي بلدات عدة أمثال تنورين وكوكبا وعرسال وأنفه وحمانا والدامور وشحتول وغيرها.
واللافت في هذا الموضوع، هو تأمين فرص التطور للبلدات من خلال فتح باب التبرع لتحسينها، بحيث يستفيد أهلها من انتشار التطبيق ليطال اللبناني المغترب أيضا.
ومن ميزات تطبيق «دسكرة» ويعني «القرية العريقة» بالعربية، هو السماح لكل لبناني مقيم أو مغترب بالمساهمة في تعزيز أحوال بلدته من خلال تقديم تبرعات لها «أونلاين»، أي عبر هذا التطبيق الإلكتروني. «هذا يعني أنّ التطبيق سيحافظ على حماية طبيعة وتراث البلدات اللبنانية، كما أنّه سيفتح لها مجالات واسعة من أجل تأمين مستقبل زاهر لها على جميع الأصعدة». تعلق تلحوق.
وتشير دكتورة تلحوق إلى المساهمة المثمرة التي تلقاها «مركز حماية الطبيعة» في الجامعة الأميركية من قبل وزارة الداخلية والبلديات (مديرية البلديات والمجالس المحلية) ووزارات أخرى، كالزراعة والبيئة والسياحة، وهذه الأخيرة وقّعت تفاهماً معها حول هذا الموضوع فأخذت على عاتقها دعم الخطوة والتسويق لها كونها وطنية الطابع وتشجع على تفعيل السياحة الريفية في لبنان.
وفي ختام حديثها، توضح تلحوق قائلة: «في إمكان تلك البلدات تعريفنا على معالمها الأثرية وعلى مطاعمها وبيوت الضيافة فيها، وكذلك على منتجاتها وأفرانها وعلى جميع النشاطات التي تحدث فيها، وغيرها من الأمور التي بإمكانها أن تحثّ اللبناني على زيارتها من خلال هذا التطبيق المجاني المتاح تنزيله على مختلف أجهزة الخلوي».
ومن المتوقع أن يجري التداول بهذا التطبيق الإلكتروني الجديد نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل، على أن يُطلق رسمياً في مؤتمر خاص يُنظّم في الجامعة الأميركية إثرها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».