تبنّى وزراء دول الاتحاد الأوروبي، أمس، في بروكسل موقفا موحدا للتفاوض مع لندن على فترة انتقالية بعد انفصالها عن الكتلة الأوروبية تنتهي في آخر ديسمبر (كانون الأول) 2020، على ما أعلن أكثر من مصدر رسمي أوروبي.
وأعلنت الرئاسة البلغارية لمجلس الاتحاد على حسابها في «تويتر» أن الأعضاء الـ27 «منحوا المفوضية الأوروبية تفويضا جديدا بالتفاوض على مرحلة انتقالية مع المملكة المتحدة»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ونصّت التوجيهات الصادرة عن الدول الأعضاء على فترة انتقالية تبدأ في موعد الانفصال الرسمي لبريطانيا المقرر في آخر مارس (آذار) 2019، وتنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، وذكر المجلس في بيان بقمة القادة الأوروبيين في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، حيث طالبوا بأن تكون أحكام الفترة الانتقالية «معرفة بوضوح ومحددة زمنيا بدقة. ويتضمن التفويض المبدأ الأساسي الذي يطالب به الأوروبيون، وهو سريان جميع أنظمة التكتل على المملكة المتحدة أثناء الفترة الانتقالية «كما لو كانت عضوا».
في المقابل، يترتب عليها «الامتناع عن أي مشاركة في المؤسسات الأوروبية واتخاذ القرارات»، على ما أوضحت الرئاسة البلغارية. كذلك تلزم المملكة المتحدة بالخضوع لمؤسسات الرقابة الأوروبية بما فيها صلاحية محكمة العدل الأوروبية، بحسب التفويض.
وقد أغضبت هذه الشروط النواب المدافعين عن بريكست في حزب رئيسة الوزراء تيريزا ماي المحافظ، حيث يرون أنها تجعل من بريطانيا «دولة تابعة» لبروكسل. وأفاد نائب مدير مركز «المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة» للأبحاث سأيمن آشروود بأن «المقلق بالنسبة إلى هو تحديد مدة الفترة الانتقالية. من الواضح أن هذا غير مناسب لأغراض التفاوض على اتفاقية تجارية جديدة ويزيد من احتمالات حافة هاوية جديدة في ديسمبر (كانون الأول) 2020». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أرى كيف يمكننا إنجاز الأمور في وقتها».
وتبنّى الوزراء الأوروبيون التفويض «في دقيقتين»، على ما نقلت العضو في فريق المفاوضات الأوروبي سابين ويان عبر «تويتر». وتهدف هذه الفترة الانتقالية إلى تفادي أي تغيير حاد في الأنظمة بالنسبة إلى المواطنين والمؤسسات بعد 30 مارس 2019، أول يوم فعلي لـ«بريكست». كما يفترض أن تجيز إعداد اتفاق التبادل الحر الذي سينظم العلاقات في المستقبل بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وتنطلق المفاوضات حول هذه العلاقة في أبريل (نيسان) مبدئيا، لكن الأوروبيين ينتقدون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالتأخر في عرض ما تريده بدقة.
ومع بروز انقسامات كثيرة إلى العلن في حكومة ماي بشأن الخطة واستعداد النواب المشككين بالاتحاد الأوروبي للرفض، حاول ديفيس وغيره من كبار الوزراء إبداء موقف موحد خلال عطلة نهاية الأسبوع. وكتب ديفيس ووزير المالية فيليب هاموند، ووزير الأعمال غريغ كلارك، رسالة مشتركة تفيد بأن المرحلة الانتقالية تهدف فقط إلى منح الناس والأعمال التجارية والخدمات العامة الوقت للاستعداد للخروج الكامل من الاتحاد الأوروبي.
وتطلق بريطانيا علي الفترة الانتقالية عبارة «فترة التطبيق»، وتوضح أنها يجب أن تستمر «لنحو عامين». لكن جاكوب ريز - موغ الذي يترأس كتلة تضم أكثر من 50 نائبا محافظا مؤيدا لبريكست وتحدث عن تحول بريطانيا إلى «دولة تابعة»، حذر من أن الإبقاء على صلة بالاتحاد الأوروبي يحمل خطر تحويل بريكست إلى «مناورة تقليل الأضرار».
وبرزت خلافات علنية في أوساط الحكومة، مع دعوة هاموند للاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى الابتعاد عن بعضهما البعض «بشكل توافقي». أما ديفيس، فيبدو سائرا باتجاه تصادمي مع الاتحاد الأوروبي على خلفية إعلانه الأسبوع الماضي بأن بريطانيا قادرة على التفاوض وحتى توقيع اتفاقياتها التجارية الخاصة بها حول العالم خلال الفترة الانتقالية، رغم أنها لن تطبق بشكل كامل حتى وقت لاحق.
ويصر مسؤولون أوروبيون على أن بريطانيا ستكون ملزمة خلال الفترة الانتقالية بالقوانين ذاتها التي تنص على أنه لا يمكن للدول الأعضاء توقيع اتفاقيات تجارة مستقلة. ودعت بعض الدول الأعضاء إلى أن تكون الفترة الانتقالية قابلة للتمديد في حال لم يتمكن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من التوصل إلى اتفاقية بشأن العلاقات المستقبلية قبل انقضائها. لكن فرنسا تقود الأصوات المعارضة لهذه الخطة، وفقا لما أفادت عدة مصادر.
على صعيد آخر، اعتبر وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان أمس أمام الشركات اليابانية في طوكيو أن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي «انتهت»، مقدما فرنسا بديلا جذابا بعد بريكست.
وصرّح لودريان في مؤتمر صحافي عقده في اليوم الأخير من زيارته إلى اليابان التي استمرت أربعة أيام: «فيما يخصّ جاذبية فرنسا بعد بريكست، التقيت أرباب شركات يابانية مساء أمس وسألتقي آخرين اليوم. رسالتنا واضحة: عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي انتهت». وأضاف: «لأنني شعرت بأنه قد يكون هناك أصوات تقول (ربما هي...) كلا! لقد انتهت»، مثيرا بكلامه الضحك في الصالة التي اجتمع فيها دبلوماسيون وطلاب وصحافيون بعد خطاب ألقاه في البيت الفرنسي - الياباني وهو مركز ثقافي وللأبحاث، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال: «ربما على الشركات اليابانية أن تستخلص النتائج»، مضيفا: «في مارس 2019، ستكون النهاية». وكانت المصارف اليابانية أوّل من ردّ على الاستفتاء الذي أجري في يونيو (حزيران) 2016 حول عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي. وفي يوليو (تموز) 2017، أعلنت مجموعة «سوميتومو ميتسوي» المالية أنها أنشأت فرعا مصرفيا في فرانكفورت تحضيرا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتكثف باريس ودبلن وأمستردام الجهود لاستقطاب المؤسسات التي تتخذ لندن مقرا لها. وشدد لودريان: «إنني بطبيعة الحال، أتمنى أن تستقبل فرنسا العدد الأكبر من الشركات اليابانية، لكن هذا الخيار يعود إليها لتقدير مصالحتها، وإن شئنا نحن أن نقول نعم انتهى الأمر مع بريطانيا وهذا ما نقدمه نحن لاستقبالكم: التاريخ (...)، التدريب، التعليم، استعادة قدرتنا التنافسية، جاذبيتنا».
الاتحاد الأوروبي لإقناع بريطانيا بمرحلة انتقالية خاضعة لقوانينه
أنصار «بريكست» رفضوا تحويل بلادهم إلى «دولة تابعة»
الاتحاد الأوروبي لإقناع بريطانيا بمرحلة انتقالية خاضعة لقوانينه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة