رئيس هندوراس يعترف بحكم شعب منقسم

احتجاجات في شوارع العاصمة تيغوسيغالبا على دعم الولايات المتحدة الرئيس الجديد

خوان أورلاندو رئيس هندوراس خلال حفل تنصيبه في العاصمة تيغوسيغالبا (رويترز)
خوان أورلاندو رئيس هندوراس خلال حفل تنصيبه في العاصمة تيغوسيغالبا (رويترز)
TT

رئيس هندوراس يعترف بحكم شعب منقسم

خوان أورلاندو رئيس هندوراس خلال حفل تنصيبه في العاصمة تيغوسيغالبا (رويترز)
خوان أورلاندو رئيس هندوراس خلال حفل تنصيبه في العاصمة تيغوسيغالبا (رويترز)

تظاهر عدد من معارضي خوان أورلاندو هيرنانديز رئيس هندوراس الجديد، أمام سفارة الولايات المتحدة في العاصمة تيغوسيغالبا، احتجاجاً على تأييد ومباركة الولايات المتحدة تنصيب الرئيس. وقال إسمائيل مورينو مدير مركز الأبحاث والاتصالات في هندوراس وأحد منظمي التظاهرات، إن الولايات المتحدة بدعمها الرئيس الجديد ستكون مسؤولة عن عدم دعم الديمقراطية.
وكان حفل تنصيب رئيس هندوراس خوان أورلاندو، قد تم وسط احتجاجات للمعارضة، ورفض إعادة انتخابه، وحديث عن عمليات تزوير في الانتخابات التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حسبما تقول المعارضة.
وأدى أورلاندو، البالغ من العمر 49 عاماً، عضو الحزب الوطني في هندوراس والذي أُعيد انتخابه في نوفمبر الماضي، اليمين، خلال جلسة لمجلس الشيوخ في الاستاد الوطني في العاصمة تيغوسيغالبا وسط تدابير أمنية مكثفة بسبب تظاهرات المعارضة.
وقال الرئيس أمام آلاف من أنصاره، إنه سيعتد باحترام الدستور والقوانين، إلا أنه اعترف صراحةً بأنه سيحكم شعباً منقسماً بين مؤيد له وآخر يعارضه. وحاول أنصار المعارضة الوصول إلى الاستاد، حيث تجري مراسم التنصيب لكن الشرطة منعتهم مستخدمةً الغاز المسيل للدموع، وفي شوارع أخرى في العاصمة عمدت السلطات إلى إقامة الحواجز.
من جهته دعا المذيع التلفزيوني والذي يحمل أصولاً عربية سلفادور نصر الله المرشح الرئاسي السابق، وقائد تحالف المعارضة ضد أورلاندو، إلى انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، مؤكداً أن التظاهرات لن تنتهي بل ستكون دائمة.
على الجانب الآخر وجّه أورلاندو نداءً للوحدة، وقال إن على الجميع العمل من أجل مواطني هندوراس، وتحت راية واحدة. أما منسق المعارضة والرئيس الأسبق للبلاد مانويل سلايا، الذي أُطيح به في انقلاب عام 2009، فقال إن البلد يتجه إلى العصيان، وهناك استعداد للكفاح من أجل فرض احترام إرادة الشعب. وتؤكد المعارضة بقيادة سلايا أن مرشحها نصر الله فاز في الانتخابات الرئاسية، حسب زعمهم.
كانت المحكمة الانتخابية العليا التي اتهمتها المعارضة بتلقي أوامرها من السلطة، قد أكدت في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فوز هيرنانديز بـ42,95% من الأصوات مقابل 41,42% لنصر الله، وذلك بعد نحو شهر من الاقتراع الذي جرى في 26 نوفمبر، ووسط حملة من المظاهرات والاضطرابات كانت عنيفة أحياناً.
وشهد إعلان النتائج ارتباكاً، إذ إنه بعد ساعات من التصويت، كشفت نتائج تشمل 57% من الأصوات أن نصر الله يتقدم بفارق كبير على خصمه. لكن أورلاندو حقق عدداً أكبر من الأصوات بعد توقف نظام الإحصاء للمحكمة الانتخابية العليا. وأدى تبدل الوضع إلى سلسلة من المظاهرات نظمها خصوم الرئيس في جميع أنحاء هندوراس أفقر بلدان القارة، حيث يعيش أكثر من 60% من مواطنيها تحت خط الفقر.
في هذة الأثناء وطوال أسابيع، أغلق المعارضون الشوارع، وأحرقوا أكواماً من القمامة والإطارات وواجهوا قوات الأمن. وتقول منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، إن أكثر من 30 شخصاً قُتلوا، وأكثر من 800 أُوقفوا عندما حاولت الشرطة والجيش التصدي للمظاهرات. وأعلنت لجنة حكومية فتح تحقيق ضد قائد الشرطة الذي عيّنه الرئيس في الفترة الأخيرة، بعد تقارير صحافية عن تعاون خوسيه ديفيد أغويلار موران مع عصابات للمخدرات في عام 2013 لنقل مخدرات إلى الولايات المتحدة.
هذا وتنظر السلفادور وغواتيمالا اللتان تشكلان مع هندوراس المثلث الشمالي في أميركا الوسطى، بقلقٍ، إلى الأزمة في هندوراس التي تعاني من أعمال العنف التي تنفذها العصابات وتجار المخدرات، كما يقول محللون. ويقول الخبير السياسي الغواتيمالي رينسو روسال، إن مفجر الأزمة كان الإجراء غير الدستوري لإعادة انتخاب هيرنانديز، الذي ترشح استناداً إلى قرار مثير للجدل اتخذته المحكمة الدستورية، بينما لا ينص الدستور على هذه الإمكانية. وأكد الخبير السياسي السلفادوري خوان رامون ميدرانو، أن هندوراس تمر بأزمة سياسية لا تنظر إليها منظمة الدول الأميركية وواشنطن بالطريقة نفسها مثل الأزمة الفنزويلية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.