إنفلونزا الطيور... واحتمالات انتقالها إلى الإنسان

عوامل خطر الإصابة بعدوى فيروساتها

إنفلونزا الطيور... واحتمالات انتقالها إلى الإنسان
TT

إنفلونزا الطيور... واحتمالات انتقالها إلى الإنسان

إنفلونزا الطيور... واحتمالات انتقالها إلى الإنسان

ارتبطت أغلبية حالات العدوى البشرية بفيروسات الإنفلونزا الحيوانية المنشأ، مثل الأنماط الفرعية لفيروسات إنفلونزا الطيور (A(H5N1 و(A(H7N9 بالاحتكاك المباشر أو غير المباشر بدواجن حية أو نافقة مصابة بالعدوى، إلا أن هذه العدوى لا تؤدي إلى الانتقال الفعال لهذه الفيروسات لدى الإنسان.
وتكتسي مكافحة المرض على مستوى المصدر الحيواني أهمية حاسمة للحد من تعرّض الإنسان لخطر الإصابة بالعدوى. ومن المستحيل القضاء على فيروسات الإنفلونزا، نظراً لوجود مستودع هذه الفيروسات الصامت الشاسع لدى الطيور المائية.
ونظراً لحدوث جائحات سابقة في دول مختلفة من العالم، فما احتمالات حدوثها مرة ثانية؟ وكيف؟
للحديث بتوسع حول هذا الهاجس الصحي الراهن، استشارت «صحتك» أحد المتخصصين والباحثين في هذا المجال، الدكتور مجدي حسن الطوخي، استشاري الصحة والأمراض المعدية والخبير الدولي في الشؤون الصحية، فأوضح أولاً أن هناك ثلاثة أنماط من فيروسات الإنفلونزا، هي الأنماط (C ,B ,A). يصيب النمط A الإنسان وكثير من الحيوانات، أما النمط B فتسري عدواه لدى الإنسان فقط، مسببة أوبئة موسمية، بينما يمكن أن يصاب الإنسان والخنازير بعدوى النمط C، إلا أنها تكون خفيفة بصفة عامة ويندر التبليغ عنها.
وأضاف الدكتور الطوخي أنه يمكن تصنيف فيروسات الإنفلونزا من النمط A على أنها فيروسات إنفلونزا الطيور، أو إنفلونزا الخنازير، أو غيرها من فيروسات الإنفلونزا الحيوانية، حسب المضيف الأصلي. وتشمل الأمثلة الأنماط الفرعية لفيروسات إنفلونزا الطيور (A(H5N1 و(A(H9N2 أو الأنماط الفرعية لفيروسات إنفلونزا الخنازير (A(H1N1 و(A(H3N2.
ومن المهم أن نعرف أن فيروسات الإنفلونزا الحيوانية من النمط A تختلف عن فيروسات الإنفلونزا البشرية، ولا تنتقل العدوى بها بسهولة لدى الإنسان.
والطيور المائية هي المستودع الطبيعي الأولي لمعظم الأنماط الفرعية لفيروسات الإنفلونزا A، ويسبب معظم هذه الفيروسات حالة عدوى عديمة الأعراض أو خفيفة لدى الطيور، وتعتمد طائفة الأعراض على خصائص الفيروس.
والفيروسات التي تسبب أمراضاً وخيمة لدى الطيور وتؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات، تدعى فيروسات إنفلونزا الطيور «الشديدة الإمراض». أما الفيروسات التي تسبب الفاشيات لدى الدواجن غير أنها لا تقترن عامة بأمراض وخيمة، فتدعى فيروسات إنفلونزا الطيور «القليلة الإمراض».
- انتقال العدوى إلى البشر
وماذا عن العدوى البشرية بفيروسات إنفلونزا الطيور والإنفلونزا الحيوانية المنشأ؟ أجاب الدكتور الطوخي بأن العدوى البشرية تتم أساساً من خلال الاحتكاك المباشر بالحيوانات المصابة بالعدوى، أو البيئات الملوثة، إلا أن هذه العدوى لا تؤدي إلى الانتقال الفعال لهذه الفيروسات لدى الإنسان:
* في عام 1997، بلغ عن حالات عدوى بشرية بفيروس إنفلونزا الطيور الشديد الإمراض (A(H5N1 إبان ظهور فاشية لدى الدواجن في منطقة هونغ كونغ الصينية الإدارية الخاصة.
* ومنذ عام 2003، انتشر فيروس إنفلونزا الطيور من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا، وترسّخ لدى الدواجن في بعض البلدان. وأسفرت الفاشيات عن ملايين حالات العدوى لدى الدواجن ومئات الحالات البشرية وكثير من حالات الوفاة لدى الإنسان. وأثرت الفاشيات لدى الدواجن تأثيراً خطيراً في سبل العيش والاقتصاد والتجارة الدولية في البلدان المتضررة.
* وفي عام 2013، بلغ عن حالات عدوى بشرية بفيروس إنفلونزا الطيور «القليل الإمراض» (A(H7N9 في الصين. ومنذ ذلك الحين انتشر الفيروس لدى أسراب الدواجن على نطاق البلد، وسبب مئات حالات العدوى البشرية وكثير من حالات الوفاة لدى الإنسان.
ما عوامل خطر إصابة الإنسان بعدوى فيروسات إنفلونزا الطيور؟ يؤكد الدكتور الطوخي على أن عامل الخطر الأوّلي للإصابة بالعدوى بفيروسات إنفلونزا الطيور لدى الإنسان هو التعرض المباشر أو غير المباشر لدواجن حية أو نافقة مصابة بالعدوى، أو لبيئات ملوّثة مثل أسواق الطيور الحية. وتشمل عوامل الخطر الأخرى أنشطة ذبح الدواجن المصابة بالعدوى، ونزع ريشها، ومناولة جثثها، وتحضيرها للاستهلاك، ولا سيما في السياق المنزلي.
ولا توجد أي بيّنات توحي بإمكانية انتقال العدوى بفيروسات إنفلونزا الطيور إلى الإنسان عن طريق لحم الدواجن، أو البيض المعدّ بطريقة مناسبة.
ومن الضروري مكافحة سريان فيروسات إنفلونزا الطيور لدى الدواجن، للحد من خطر الإصابة بالعدوى لدى الإنسان.
- أعراض وعلاجات
وعن السمات السريرية لحالات العدوى بإنفلونزا الطيور، وسائر أشكال الإنفلونزا الحيوانية المنشأ، قال الدكتور الطوخي إن حالات العدوى بإنفلونزا الطيور وسائر أشكال الإنفلونزا الحيوانية المنشأ، قد تسبب لدى الإنسان الإصابة بأمراض خفيفة، كالتهاب الملتحمة، أو وخيمة ومميتة كالالتهاب الرئوي. وتعتمد سمات المرض، مثل فترة الحضانة، ووخامة الأعراض، والحصيلة السريرية، على النمط الفرعي للفيروس المسبب للعدوى.
وبالنسبة لحالات العدوى بفيروس إنفلونزا الطيور (A(H5N1 لدى الإنسان، فتشير البيانات الحالية إلى فترة حضانة تتراوح بين يومين وخمسة أيام في المتوسط، وتصل إلى 17 يوماً، وفقاً للمرجع الطبي للتحكم في الأمراض المعدية، الإصدار (20) للجمعية الأميركية للصحة العامة (Control of Communicable Diseases Manual 20th Edition. American Public Health Association. 2015).
وبالنسبة لحالات العدوى البشرية بفيروس (A(H7N9، فتتراوح فترة الحضانة بين يوم واحد وعشرة أيام، وتبلغ في المتوسط 5 أيام. وتكون فترة الحضانة الخاصة بهذين الفيروسين في المتوسط أطول من فترة حضانة الإنفلونزا الموسمية (خلال يومين)، وفقاً لدراسة الدكتور لي كيو التي نشرت في «نيو إنجلاند جورنال أوف مديسين» حول وبائية العدوى البشرية بإنفلونزا الطيور (A(H7N9.
أما عن فترة الحضانة لحالات العدوى البشرية بفيروسات إنفلونزا الخنازير، فتتراوح بين يومين وسبعة أيام، ويكون للمرض مسار سريري عنيف، يتميز بأعراض أولية، مثل ارتفاع الحرارة (38 درجة مئوية أو أعلى) والسعال. وقد بلغ عن علامات وأعراض لإصابة المسالك التنفسية السفلية، بما فيها ضيق النفس أو عسر التنفس، وأحياناً أعراض التهاب الحلق أو الزكام، ولكنها أقل شيوعاً.
أما عن المضاعفات، فتشمل نقص الأكسجين في الدم، والخلل الوظيفي المتعدد الأعضاء، وحالات العدوى الجرثومية والفطرية الثانوية. ومعدل الإماتة لدى الإنسان هو أعلى بكثير من معدل إماتة حالات العدوى بالإنفلونزا الموسمية، وفقاً لدراسة الدكتور جونجيز وزملائه التي نشرت في مجلة علم الفيروسات.
وما دور العلاج المضاد للفيروسات؟ يقول الدكتور الطوخي إن بعض الأدوية المضادة للفيروسات، ولا سيما دواء «أوسيلتاميفير» (تاميفلو Tamiflu)، يمكن أن تحد من فترة تنسّخ الفيروس، وتحسّن الفرص المحتملة للبقاء على قيد الحياة. وينبغي وصف هذا الدواء في الحالات المشتبه فيها بأسرع وقت ممكن (في غضون 48 ساعة عقب ظهور الأعراض في الوضع الأمثل) للحصول على أقصى قدر من المنافع العلاجية، ولا يوصى باستعمال «الكورتيكوستيرويدات»، وأيضاً لا يوصى باستعمال مضادات الفيروسات من نوع «الأدامنتين» لوجود مقاومة ضدها.
- اجتياح الفيروسات
ما إمكانية حدوث جائحة؟ يقول الدكتور الطوخي، إن جوائح الإنفلونزا (فاشيات تصيب نسبة كبيرة من الناس في العالم بسبب فيروس جديد) تمثّل ظواهر لا يمكن توقّعها، إلا أنها تتكرّر، ويمكن أن تنطوي على عواقب صحية واقتصادية واجتماعية على نطاق العالم. وتحدث جائحة الإنفلونزا عندما تجتمع عوامل رئيسية على النحو التالي: ظهور فيروس من فيروسات إنفلونزا الطيور أو الإنفلونزا الحيوانية المنشأ، له القدرة على الانتقال بشكل مستمر لدى الإنسان، وتقل مناعة الناس، أو لا تكون لديهم أي مناعة ضد هذا الفيروس. ونظراً لسهولة وسرعة التنقل على الصعيد العالمي، فيمكن لوباء محلي أن يتحوّل إلى جائحة بسرعة مما يجعل الوقت ضيقاً لتحضير استجابة صحية عمومية.
ويثير استمرار سريان بعض الأنماط الفرعية لفيروسات إنفلونزا الطيور مثل فيروسات (A(H5 أو (A(H7N9 لدى الدواجن القلق؛ لأن هذه الفيروسات تسبب بصفة عامة أمراضاً وخيمة، ويمكن أن تخضع لطفرة تجعلها أكثر قدرة على الانتقال لدى الإنسان. وإذا تكيّفت هذه الفيروسات أو اكتسبت بعض جينات الفيروسات البشرية، فيمكنها أن تسبب جائحة؛ الأمر الذي يستوجب مواصلة ترصد الحيوان والإنسان والتقصي المفصل لكل حالة عدوى بشرية، والتخطيط القائم على المخاطر لهذه الجوائح.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية تعمل على رصد فيروسات إنفلونزا الطيور وغيرها من فيروسات الإنفلونزا الحيوانية المنشأ، عن كثب، من خلال شبكتها العالمية لترصد الإنفلونزا والتصدي لها.
واستناداً إلى نتائج تقدير المخاطر، ترسي المنظمة التدخلات الملائمة وتكيّفها بالتعاون مع الجهات الشريكة لها، بما فيها الوكالات المعنية بصحة الحيوان، والسلطات البيطرية الوطنية المسؤولة عن مكافحة أمراض الحيوان التي تشمل الإنفلونزا والوقاية منها.


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
TT

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات قد يكونون أكثر عُرضة لخطر ضعف صحة القلب.

وحسب الدراسة، التي نقلتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات في أثناء الإقلاع أو الهبوط، قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية، والاضطرابات في ضربات القلب المهدِّدة للحياة، والسكتات الدماغية.

وقد بحثت الدراسة في بيانات تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية لـ3635 شخصاً يعيشون بالقرب من مطارات هيثرو أو غاتويك أو برمنغهام أو مانشستر. وقارن الباحثون هذه البيانات بتلك الخاصة بأشخاص يعيشون في مناطق ذات ضوضاء طائرات أقل.

وحسب النتائج، كان لدى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات ضوضاء أعلى عضلات قلب أكثر تصلباً وسماكة، تتقلص وتتمدد بصعوبة، وكانت أقل كفاءة في ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم.

كان هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة إلى أولئك المعرَّضين لضوضاء الطائرات العالية في الليل، وهو الأمر الذي يعتقد الباحثون أنه قد يكون بسبب تأثير الضوضاء سلباً على نومهم.

وقال كبير المؤلفين الدكتور غابي كابتور، من معهد علوم القلب والأوعية الدموية في جامعة لندن واستشاري أمراض القلب في مستشفى «رويال فري» في لندن: «نتائجنا تضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن ضوضاء الطائرات يمكن أن تؤثر سلباً على صحتنا بشكل عام، وعلى صحة القلب بشكل خاص».

وقد ربطت دراسات سابقة التعرض لمستويات عالية من ضوضاء الطائرات بارتفاع ضغط الدم والسمنة.

وأكد فريق الدراسة الجديدة الحاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في الآثار الأطول أمداً لضوضاء الطائرات على صحة أولئك الذين يتعرضون لأعلى قدر من التعرض.