«إلوفو»... عطور تتوجه للذواقة بنغمات مختلفة

لن يلومك أحد إن لم تسمع بعلامة «إلوفو» (IIUVO) من قبل. فهي اسم جديد في عالم العطور المتخصصة يقف وراءها شابان في مقتبل العمر هما ليو غيبون وتومي أميد.
مثل اسمها المستمد من اللاتينية، ومعناه يساعد، فإن فكرتها أيضاً مختلفة لا ينقصها الذكاء، من ناحية أنها تخاطب شريحة الذواقة أولاً وآخراً كما تُعبر عن جيلهما. لا يُخفي كل من ليو وتومي أنهما لا يؤمنان بالديمقراطية عندما يتعلق الأمر بإبداع عطورهما. يقول تومي: «السوق الآن مزدحمة، ففي كل موسم بل وفي كل شهر تقريباً نسمح بإصدار جديد، وهو ما أصاب كثيراً منا بالتُخمة، وبات يستدعي إيجاد مضاد لهذه الموجة». يلتقط ليو خيط الكلام ليقول: «لحسن الحظ أن هناك عطارين مثل فريدريك مال بدأوا يعملون على طرح عطور مختلفة، سواءً من ناحية فكرتها أو من ناحية مكوناتها وطرق خلطها».
المثير في دخول ليو غيبون وتومي أميد هذا المجال أنك تكتشف أنه لا خلفيتهما الدراسية ولا تاريخهما المهني أو هواياتهما كانت تمهد لهذه الخطوة. فليو غيبون يأتي من خلفية موسيقية، حيث عمل منتجاً لسنوات. العلاقة الوحيدة التي كانت تربطه بالعطور أنه كان يعشق رائحة الورود والأزهار في صغره لارتباطها بزياراته لحديقة جدته في آيرلندا. أما تومي أميد فعمل في مجال الموضة مع ماركة «كوم دي غارسون» اليابانية لعدة سنوات. منها تعلم روح التحدي وأن العوم ضد التيار يعطي ثماره أحياناً إذا كان محسوباً ونابعاً من قناعة فنية.
في لقاء خاص يشرح تومي أن المغامرة بدأت في عام 2015. كان عمرهما لا يتعدى 24 عاماً عندما التقيا صدفة في حفل ليبدآ حواراً جدلياً حول العطور. كان من الممكن أن يبقى النقاش عابراً لولا أنه أيقظ بداخلهما شغفاً لم يكونا يعرفان أنه طوفان نائم ينتظر فقط من يوقظه. ظلت اتصالاتهما ببعض مستمرة، ودائماً تدور حول الموضوع نفسه. كيف يمكنهما ابتكار عطور جديدة بمكونات مختلفة وأفكار جريئة. بعد 6 أشهر قررا ترجمة هذا الشغف على أرض الواقع بطرح مجموعة من الشموع المعطرة لجس نبض السوق. كما توقعا، لقيت ترحيباً لا بأس به من قبل شريحة معينة من زبائن محلات راقية مثل «كونران» و«ليكليرور و10 كورسو كومو»، الأمر الذي شجعهما على الانتقال للمرحلة الثانية وهي طرح 3 عطور، تقوم فكرتها على إيقاظ ذكريات الماضي الجميل من ناحية، وأن تتراقص على نغمات موسيقية مثيرة من ناحية ثانية. كانت العملية تتضمن أكثر من مغامرة، إلا أنهما كانا على أتم الاستعداد لخوض التحدي، خصوصاً أن هدفهما الأول لم يكن تحقيق الربح بقدر ما كان إشباع حاجة ذاتية دفينة بداخل كل منهما للتميز وتقديم منتج مبتكر وفريد من نوعه.
يُعلق تومي بأن الإبداع لا يتعارض مع الحس التجاري «ومن يعتقد العكس خاطئ، بدليل أن مصممة (كوم دي غارسون) ومؤسستها راي كواكوبو تحدت المألوف والمتعارف عليه وشقت لها خطاً مختلفاً تماماً محققة كثيراً من النجاحات الفنية والتجارية على حد سواء». هذا ما يحلم تومي وليو بتحقيقه في عالم العطور: أن يظلا وفيين لمبادئهما وألا يخضعا لإملاءات السوق، وفي الوقت ذاته تجد منتجاتهما إقبالاً يساعدهما في الاستمرار.
وهو ما يفسره ليو قائلاً إنه على الرغم من حماسهما فإنهما لم يكونا مدفوعين بفورة الشباب وحدها، وأنهما أخذا الخطوة بعد دراسة جد متأنية لأحوال السوق وكيفية مخاطبته. «كنا نُدرك أن التنظير شيء والتطبيق شيء آخر، لهذا كان لا بد من البحث عن شركة عطور تفهم طموحنا ورؤيتنا وتستطيع ترجمتها بشكل جيد». بالفعل توصلا إلى شركة «روبرتليت» الفرنسية، ولمدة عامين من التجاذب والنقاشات والتغييرات توصلا إلى الخلطة التي ترضي كل الأطراف وتجسدت في 3 عطور مختلفة. السبب الذي أدى أن تستغرق العملية كل هذا الوقت أنه لم تكن لأي منهما أدنى فكرة عن عملية صناعة العطور. «عندما توجهنا إلى (روبرتليت) لم يكن لدينا ما نُقدمه لهم سوى فكرة في خيالنا ومجموعة من الصور التي جمعناها والقطع الموسيقية التي نحب حتى نشرح لهم رؤيتنا»، حسب قول تومي. ويتابع: «الشيء الوحيد الذي كان واضحاً بالنسبة لنا، ووضعناه شرطاً مهماً أن تختلف (إلوفو) عن أي ماركة عطر تم طرحها سابقاً. كنا نريده أن يحمل مبادئنا وأحلامنا وطبعاً شخصية كل واحد منا، فبينما يعشق تومي الموضة بكل تفاصيلها، يمكنني أن أقول بكل تواضع إني أتمتع بروح شاعرية وأذن موسيقية». ربما هنا يكمن نجاحهما، فكونهما لم يتدربا ويجهلان أصول التقطير وخلط المكونات كان في صالحهما، لأنه شكل عنصر اختلاف بينهما وبين باقي العطارين التقليديين، وهو ما كانت نتيجته فكرة تجمع الموسيقى بالموضة والحياة العصرية.