تركيا: استمرار عملية عفرين حتى عودة اللاجئين السوريين

وفد أميركي في أنقرة لمباحثات حولها... واجتماع أمني رفيع لتقييمها

جنود أتراك يهيئون عرباتهم أمس للالتحاق بالهجوم العسكري على منطقة عفرين في الشمال السوري (أ.ب)
جنود أتراك يهيئون عرباتهم أمس للالتحاق بالهجوم العسكري على منطقة عفرين في الشمال السوري (أ.ب)
TT

تركيا: استمرار عملية عفرين حتى عودة اللاجئين السوريين

جنود أتراك يهيئون عرباتهم أمس للالتحاق بالهجوم العسكري على منطقة عفرين في الشمال السوري (أ.ب)
جنود أتراك يهيئون عرباتهم أمس للالتحاق بالهجوم العسكري على منطقة عفرين في الشمال السوري (أ.ب)

دخلت عملية «غصن الزيتون» العسكرية التركية في عفرين يومها الرابع أمس مع تأكيدات من أنقرة باستمرارها حتى القضاء على «آخر إرهابي» وعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. ووسط استمرار القصف المدفعي من الحدود التركية على عفرين، شهدت أنقرة اجتماعا أمنيا رفيع المستوى برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان لتقييم سير العملية. والتقى وفد أميركي مسؤولين بوزارة الخارجية ورئاسة الأركان التركية، للوقوف على تطورات العملية بعد دعوة واشنطن لتركيا بضبط النفس.
ومنذ ساعات الصباح الأولى أمس، واصلت المدفعية التركية المنتشرة على الحدود مع سوريا في ولايتي كليس وهاطاي، قصف المواقع العسكرية لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين. وسمع دوي أصوات المدفعية في بعض القرى التركية القريبة من الشريط الحدودي لسوريا في ولاية كليس جنوب تركيا.
وسقط أول جندي في صفوف القوات التركية في إطار عملية «غصن الزيتون»، بحسب بيان صادر عن رئاسة هيئة الأركان التركية، مساء أول من أمس جنوب شرقي قرية «غُل بابا» بولاية كليس جنوب تركيا.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن عناصر «الجيش السوري الحر»، المدعومين من القوات التركية، يواصلون تقدمهم «بشكل آمن» في منطقة عفرين، عبر تدمير المواقع المحددة للوحدات الكردية. وأضاف في بيان عقب اجتماع أمني برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان بالقصر الرئاسي في أنقرة، أمس، أنّ عملية «غصن الزيتون» ستستمر حتى تطهير المنطقة تماما من المنظمة الإرهابية الانفصالية، وعودة أصحاب سوريا الأصليين الذين تستضيف منهم تركيا نحو 3.5 مليون، بأمان إلى منازلهم.
وعدّ كالين أن «تركيا لم تجلب الظلم والدموع والدماء في أي منطقة نفذت فيها عمليات مشابهة حتى اليوم، و(درع الفرات) أكبر دليل على ذلك»، قائلا: «وعندما نستكمل مهمتنا في محافظة إدلب، فإنّ هذه المنطقة ستكون آمنة ومستقرة».
ويوجد مراقبون أتراك في إدلب، بموجب اتفاق روسي – إيراني - تركي، لوقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد.
وترأس إردوغان، أمس، اجتماعا أمنيا استمر لنحو ساعة ونصف الساعة بمشاركة رئيس الوزراء بن علي يلدريم، ونائبيه بكير بوزداغ ورجب أكداغ، ووزراء الدفاع نور الدين جانيكلي والخارجية مولود جاويش أوغلو والداخلية سليمان صويلو، ورئيس أركان الجيش خلوصي أكار، ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، وغيرهم من المسؤولين المعنيين بعملية «غصن الزيتون». وأطلع المسؤولون إردوغان على آخر المستجدات الخاصة بالعملية.
وأكد إردوغان أن تركيا لن تلتفت إلى أقاويل ومواقف بعض الدول، وأن صاحب القرار في هذا الشأن هو الشعب التركي، و«لن نسمح لحفنة من الإرهابيين بالتمركز على حدودنا».
وأضاف في كلمة خلال مشاركته في تشييع جنازة موسى أوز ألكان، أول جندي تركي يقتل في اشتباكات على الحدود التركية - السورية في إطار عملية «غصن الزيتون» التي انطلقت مساء السبت الماضي، على الحدود السورية، أن العمليات التي تقوم بها القوات التركية إلى جانب عناصر الجيش السوري الحر «ليست ضد قومية معينة، وإنما هي ضد المنظمات الإرهابية».
في سياق متصل، التقي وفد من المسؤولين الأميركيين، أمس، مسؤولين أتراكاً في وزارة الخارجية ورئاسة أركان الجيش، بالعاصمة أنقرة، لبحث عدد من المسائل؛ على رأسها التطورات في سوريا وعملية عفرين. وترأس الوفد مساعد مستشار وزارة الخارجية الأميركية، جوناثان كوهين، وضم أيضا مسؤولين من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وأكدت «البنتاغون» أنها تواصل مباحثاتها مع تركيا بشأن المستجدات في مدينة عفرين والمخاوف الأمنية لأنقرة شمال سوريا. وقال المتحدث باسم الوزارة الرائد أدريان رانكين غالاوي، في تصريح لوكالة «الأناضول» التركية: «إننا نتباحث مع حلفائنا الأتراك لتسوية الأزمة الحالية».
وأوضح غالاوي أن مباحثاتهم «تتضمن المستجدات في مدينة عفرين (في إشارة إلى عملية غصن الزيتون)، والوضع العام في الشمال السوري»، من دون مزيد من التفاصيل. وعن قصده من استخدام مصطلح «الأزمة»، قال غالاوي، إنه «متعلق بالأزمة في عفرين، وبالمعنى الأوسع؛ المخاوف الأمنية لتركيا شمال سوريا».
ووجّهت تركيا رسالة إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لإطلاعه على عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي في عفرين. وقال أحمد برات جونكار، رئيس المجموعة التركية في الجمعية البرلمانية لـ«ناتو»، في رسالته الموجهة إلى رئيس الجمعية، باولو اللي، ورؤساء وفود الدول الأعضاء: «العملية تهدف إلى تحييد الإرهابيين المنتمين لتنظيمات (داعش)، و(وحدات حماية الشعب) الكردية، وحزب العمال الكردستاني، في منطقة عفرين شمال غربي سوريا».
ولفت إلى أن العملية تأتي في «إطار حقوق تركيا النابعة من القانون الدولي، وحقها في الدفاع عن نفسها». وأوضح جونكار أن «تخطيط العملية وتنفيذها يستهدف كل ما يتبع التنظيمات الإرهابية المذكورة من مخابئ وأسلحة ومواقع وذخيرة ومركبات ووسائل أخرى، وتم اتخاذ التدابير اللازمة كافة للحيلولة دون إلحاق أي ضرر بالمدنيين في المنطقة».

مخيم تركي في أعزاز
إلى ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تقوم حاليا بإعداد 500 خيمة في مدينة أعزاز، بريف محافظة حلب، شمال سوريا، تتسع لـ3 آلاف شخص.
وفي تغريدة بحسابه الرسمي على موقع «تويتر»، أمس، أشار جاويش أوغلو إلى أن تركيا أنشأت مخيمين في محافظة إدلب، قبل عملية «غصن الزيتون»، بسعة 700 خيمة، وأن تركيا تلبي الاحتياجات الأساسية لأهالي المخيمات من غذاء وتدفئة وغيرها، وأن تركيا ستقف دائما إلى جانب من يحتاجون إليها. وأشار إلى أنها تستضيف 3.5 مليون سوري، وأنشأت على أراضيها 21 مخيما يعيش فيها 235 ألف شخص، وأن بلاده مستمرة في تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين. إلى ذلك، أوقفت السلطات التركية أمس 42 شخصا بتهمة نشر «الدعاية الإرهابية» على مواقع التواصل الاجتماعي ضد عملية عفرين، ليرتفع عدد من تم اعتقالهم على مدى يومين إلى 104 أشخاص بالتهمة نفسها.
وألقت قوات الأمن أمس القبض على 23 شخصا في أزمير (غرب البلاد)، بينهم رئيس فرع «حزب الشعوب الديمقراطي» المعارض المؤيد للأكراد شركس أيدمير.
واعتقلت قوات الأمن 14 شخصا آخرين في محافظات وأن وأغدير وموش شرق البلاد، و5 في مرسين (جنوب). وداهمت الشرطة منزل الصحافية في موقع «تي24» نورجان بايسال، في إطار التحقيقات التي بدأتها نيابة ديار بكر بشأن نشطاء مواقع التواصل.
وانتقدت بايسال عملية عفرين من خلال وسم «لا للحرب». وقالت نائبة «حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي عن مدينة أضنة؛ ميرال دانيش بشتاش، إن الشرطة داهمت منزل بايسال بعد منتصف الليل وقامت بتحطيم باب المنزل واعتقالها، إضافة إلى اعتقال 30 شخصا في مدينة ديار بكر للسبب نفسه.
كما أوقفت السلطات التركية 57 شخصاً في مدينة إسطنبول بسبب منشوراتهم الرافضة لعملية عفرين.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».