هل يمكن للإنسان أن يخفي شيخوخته؟

20 % من التجاعيد سببها عوامل جينية والباقي مؤثرات بيئية

هل يمكن للإنسان أن يخفي شيخوخته؟
TT

هل يمكن للإنسان أن يخفي شيخوخته؟

هل يمكن للإنسان أن يخفي شيخوخته؟

«شباب للأبد، شباب للأبد»... أرادت فرقة ألفا فيل الغنائية أن تبقى عندما كتبت أغنيتها التي حققت مبيعات قياسية في الثمانينات.
في هذه الأغنية ردد فرونتمان ماريان جولد عبارة «من القسوة أن يصبح الإنسان عجوزا دون أي سبب».
إنها معاناة يدركها كثير من الناس وتضخ المليارات سنويا في خزائن صناع أدوات التجميل، رغم أن تزايد التجاعيد وبقع الشيخوخة وتزايد الشعر الأبيض لا تواجه فقط بالمراهم والمستحضرات.
ما لا يعرفه كثيرون: تتوقف مدى سرعة ظهور علامات الشيخوخة على جيناتنا وكذلك وبشكل جوهري على شكل تصرفاتنا ومكان عيشنا وكيفية تعاملنا مع البيئة.
الأرقام واضحة، على الأقل فيما يتعلق ببشرتنا، أكبر أعضاء الجسم الظاهرة «حيث إن 20 إلى 30 في المائة من تغيرات الجلد سببها عوامل جينية في حين أن نسبة 70 إلى 80 في المائة الباقية منشؤها تأثيرات بيئية، على سبيل المثال من خلال الأشعة فوق البنفسجية وتلوث الهواء» حسبما أوضح يان كروتمان، رئيس معهد لايبنيتس لأبحاث طب البيئة.
على من يريد أن يفهم السبب وراء الارتباط القوي بين التغيرات في شكلنا بالبيئة والسلوك، أن يلقي نظرة دقيقة على خلايا جسم الإنسان «فالشيخوخة لا تطال عضوا واحدا أبدا، حيث يشيخ الكائن كله بشكل إجمالي، أي أن التغيرات الظاهرية ذات صلة بعملية شيخوخة كاملة ويمكن أن تكون مؤشرا على حالة جسمنا»، حسبما أوضح مارتن دينسل من معهد ماكس بلانك لأحياء الشيخوخة.
وأضاف بلانك: «إذا كان غذاؤنا دهنيا وشربنا الكحول ودخنا أو تعودنا أن نستلقي فترة طويلة معرضين لأشعة الشمس، فإننا نعرض جسمنا لضغط حيوي، ويتسبب ذلك في أضرار جزيئية في الحمض النووي على سبيل المثال سواء لدى الشباب أو الكبار».
تابع دينسل: «تحدث مثل هذه الأضرار آلاف المرات كل دقيقة، ولكن بينما يراقبها الجسم الشاب جيدا ويعيد إصلاحها بسرعة، فإن الجسم الأكبر عمرا أقل قدرة على فعل ذلك».
وأشار دينسل إلى أن «الشيخوخة تعني أن قدرة الجسم على التعامل مع الضغوط العصبية تتراجع، لذلك فإن تحورات تحدث وتتراكم في الحمض النووي لخلايا الجسم، مما قد يسهل فشل أعضاء الجسم أو نشأة أورام خبيثة».
هناك تأثيران مرئيان على الجلد لهذه التغيرات في الخلية «إنها من ناحية تغيرات في لون البشرة حيث تصبح البشرة غير متناسقة اللون ويمكن أن تظهر عليها بقع الشيخوخة، ومن ناحية أخرى فإن مرونة الجلد تتراجع، أي أن تجاعيد تتكون»، حسبما أوضح كروتمان.
ويمكن التعرف بالعين المجردة على الفرق بين شيخوخة الجلد ذات الأسباب الجينية وشيخوخة الجلد الناتجة عن تأثيرات خارجية «فكلنا تتكون لديه في الكبر تجاعيد خفيفة ولكن إذا كان هناك، إضافة إلى عنصر الشيخوخة، عوامل بيئية، فإن التجاعيد تكون أعمق ويتكون الكولاجين، أحد بروتينات الأربطة».
يجري كروتمان وزملاؤه تجارب في المختبر لمعرفة ما الذي يعاني منه الجلد البشري بشكل خاص، وما الذي يغيره ويجعله يشيخ.
فبينما توسع الباحثون في دراساتهم بشأن التأثير الضار، بل والمسبب للسرطان، للأشعة البنفسجية، أو دخان التبغ، وأثبتوا هذا التأثير، لا تزال الأبحاث بشأن تأثير تلوث الهواء على جلد الإنسان في بداياتها.
يقوم الباحثون خلال هذه التجارب بوضع أجزاء من الجلد على أطباق وملامستها بمواد ضارة «فعندما نمسح الجلد بالغبار العالق في الهواء نجد أنه أصبح بنيا» حسبما أوضح كروتمان، مؤكدا أنه وزملاءه وجدوا أن سخام محركات الديزل بشكل خاص يضر البشرة كثيرا.
ولم يتمكن الباحثون حتى الآن من بحث ما إذا كان هذا السخام يتسبب في زيادة خطر إصابة الإنسان بسرطان الجلد، إلى جانب تسببه في حدوث تغيرات في لون البشرة.
وإلى جانب مؤثرات خارجية على ظهور علامات الشيخوخة، هناك أيضا مواد نتناولها عن طريق الفم تجعل الإنسان يبدو شيخا.
خلصت دراسة أجراها باحثون في جامعة جنوب الدنمارك، ونشرت قبل بضعة أسابيع في مجلة «ايبيديمولوجي أند كوميونتي هيلث» للصحة، إلى أن تناول المشروبات الكحولية والتدخين الكثيفين يمكن أن يتسببا في ظهور علامات خارجية للشيخوخة الجسدية حيث تبين أن ظهور تجاعيد، عند شحمة الأذن لدى الأشخاص الذين شملتهم التجارب، يزيد بوضوح من وجود ما يعرف بأقواس الشيوخ حول حدقة العين والطبقة البنية التي تميل للصفار على الجفون.
وحلل الباحثون خلال الدراسة بيانات جمعت على مدى سنوات طويلة لـ11500 بالغ من منطقة كوبنهاغن، وتبين لهم خلال ذلك وبشكل متكرر أن هناك تفاوتا في ظهور الشيخوخة بين الأشخاص رغم تشابه الظروف التي يعيشون فيها.
ويشير ذلك إلى أن التأثير الضار للعناصر الخارجية على أشخاص يختلف باختلاف سماتهم الجسدية. وأوضح دينسل أن «البشر ذوو طبيعة جينية مختلفة، فهناك أشخاص يبلغون من العمر أكثر بكثير من مائة عام، رغم أنهم ربما دخنوا وشربوا الكحول».
وأوضح دينسل أن هذه الاختلافات بين الناس تكون واضحة في كثير من الأحوال: «حيث يمكن أن تنفصل الساعة الزمنية عن الساعة الحيوية للإنسان، ويمكن أن يكون الظهور في سن الشباب مؤشرا على أن الإنسان ظل شابا من الناحية الحيوية». أي أنه حتى وإن لم يستطع الإنسان تحقيق حلم التمتع بالشباب للأبد بشكل كامل، فإن هناك عناصر تؤثر على سرعة شيخوختنا وظهور هذه الشيخوخة أيضا.
وبينما لا نستطيع أن نؤثر على جيناتنا، فإننا يمكن أن نؤثر في عوامل مثل شرب الكحول والتدخين والعادات الغذائية والحماية من أشعة الشمس ونقاء الهواء. إذا صدقنا الخبراء فإنه ليس هناك أحد يشيخ «بلا أي سبب»، حتى فرقة ألفا فيل الموسيقية.


مقالات ذات صلة

بالعودة إلى «الأساسيات»... بروفيسور يجد الحل لإنقاص الوزن بشكل دائم

صحتك كيف تنقص الوزن بشكل دائم؟ (شاترستوك)

بالعودة إلى «الأساسيات»... بروفيسور يجد الحل لإنقاص الوزن بشكل دائم

دائماً ما يوجد حولنا أشخاص «يتمتعون بعملية أيض سريعة»، أو على الأقل نعتقد ذلك، هؤلاء الأشخاص لديهم شهية كبيرة، ومع ذلك لا يكتسبون وزناً أبداً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الضغط الإضافي قد يؤدي إلى إتلاف ممرات الأنف ما يزيد من فرص حدوث نزيف مؤلم (رويترز)

طريقة تنظيف أنفك الخاطئة قد تضر بك... ما الأسلوب الأمثل لذلك؟

لقد لجأ مؤخراً أخصائي الحساسية المعتمد زاكاري روبين إلى منصة «تيك توك» لتحذير متابعيه البالغ عددهم 1.4 مليون شخص من العواقب الخطيرة لتنظيف الأنف بشكل خاطئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تلقي الإهانة من صديق مؤلم أكثر من استقبال التعليقات السيئة من الغرباء (رويترز)

لماذا قد تنتهي بعض الصداقات؟

أكد موقع «سيكولوجي توداي» على أهمية الصداقة بين البشر حيث وصف الأصدقاء الجيدين بأنهم عامل مهم في طول العمر

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».