موسكو تتمسك بموعد «سوتشي» وتدعو رباعي مجلس الأمن لحضوره

مشاورات «الضامنين» اليوم قبل مؤتمر الحوار السوري

TT

موسكو تتمسك بموعد «سوتشي» وتدعو رباعي مجلس الأمن لحضوره

عبرت وزارة الخارجية الروسية عن أملها بأن تكون الجولة المقبلة من المفاوضات السورية في فيينا بناءة، ونفت معلومات تحدثت عن احتمال تأجيل موعد ومكان انعقاد مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، وأشارت إلى أن الوفود من الدول الضامنة ستعمل على إنجاز قائمة المدعوين للمؤتمر، خلال مشاوراتها التي تنطلق اليوم في سوتشي نفسها. وتنوي موسكو توجيه الدعوة للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي للمشاركة في المؤتمر. ولم يصدر أي رد فعل روسي بعد على تصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، بشأن نية القوات الأميركية البقاء في سوريا حتى بعد القضاء على «داعش»، وأكد السفير الروسي في واشنطن استعداد موسكو للتعاون في الشأن السوري مع الولايات المتحدة.
وكان ميخائيل بوغدانوف عبر عن أمله بأن يجري الوفدان مفاوضات بناءة مع المبعوث الدولي في فيينا، وقال: «نأمل بأن تكون هذه الفعالية التي اقترحت الأمم المتحدة استضافتها في فيينا، بناءة من وجهة نظر لوجيستية». وكان دي ميستورا وجه دعوات لوفدي المعارضة السورية والنظام للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات ضمن عملية جنيف، واختار عقد اللقاءات في فيينا يومي 25 و26 يناير (كانون الثاني) الحالي. وأشار نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات أمس، إلى أن الجولة التاسعة من المفاوضات السورية برعاية الأمم المتحدة، والتي ستجرى هذه المرة في فيينا، لن تشهد مفاوضات مباشرة بين وفدي المعارضة والنظام السوري، وقال إن «المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وجه الدعوات لوفدين، وسيعمل بصورة مستقلة مع كل منهما».
وجاء كلام بوغدانوف في سياق نفيه معلومات ذكرتها وكالة «إنتر فاكس» نقلا عن مصادر من المعارضة السورية وواحدة من الدول الضامنة. وقالت تلك المصادر إن موعد المؤتمر ومكان انعقاده قد يتغيران، وقد يتم نقله إلى القاهرة بدلا من سوتشي، ورأت أنه في حال جرت مفاوضات مباشرة بين وفدي المعارضة والنظام في فيينا «فلن تبقى هناك حاجة لمؤتمر الحوار السوري». ونفى بوغدانوف تلك المعلومات، وأكد أن المؤتمر سيعقد في موعده يومي 29 و30 يناير الحالي. وبالنسبة لقائمة المشاركين، قال في تصريحات نقلتها وكالة «تاس» إن القائمة الأولية للمدعوين موجودة، لافتًا إلى أنه «لم يتم بعد الاتفاق عليها مع الشركاء الأتراك (...) وننتظر ردهم النهائي أو تعليقاتهم على القائمة التي قدمناها في وقت سابق للشركاء الإيرانيين والأتراك». وأضاف: «نأمل بأن نتمكن خلال اليومين المقبلين (الجمعة والسبت) من الاتفاق مع الشركاء الأتراك والإيرانيين على القائمة النهائية للمدعوين، ونبدأ بفعالية عملية توجيه الدعوات للأطراف السورية». وأكد مشاورات ستجريها وفود الدول الضامنة؛ روسيا وتركيا وإيران، على مستوى نواب وزراء الخارجية في سوتشي، يوم غد السبت 20 يناير. وقال إن ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الخاص إلى الأزمة السورية، سيمثل روسيا خلال المشاورات، وسيكون على رأس فريق من مختلف الوزارات الروسية، لبحث الاستعدادات لمؤتمر الحوار السوري. ووصل حسن أنصاري نائب وزير الخارجية الإيراني رئيس وفد بلاده إلى مفاوضات آستانة، إلى موسكو مساء أول من أمس الأربعاء، وسيجري محادثات مع بوغدانوف، يتوجه بعدها للمشاركة في المشاورات في سوتشي.
في غضون ذلك، لم يصدر أي رد فعل أو تعليق من موسكو على تصريحات وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، التي حدد فيها معالم السياسة الأميركية في سوريا، وأكد ضمن ما جاء فيها بقاء القوات الأميركية هناك حتى بعد القضاء على «داعش». وقال إناتولي أنطونوف، السفير الروسي في واشنطن، إن روسيا مستعدة لمواصلة التعاون مع الولايات المتحدة، بما يخدم مصلحة إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية، تستند إلى القانون الدولي. وأضاف أنطونوف في حوار نشرته وكالة «ريا نوفوستي» أمس أن «روسيا انطلاقا من ذلك، قررت توجيه الدعوة للولايات المتحدة والدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لحضور مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، بصفة مراقبين». وترك مسألة التمثيل لكل دولة تحددها، وقال إن الولايات المتحدة هي التي ستحدد مستوى حضورها «إن قررت المشاركة أصلاً».
وتنظر الولايات المتحدة بسلبية إلى سعي روسيا لعقد مؤتمر للحوار السوري في سوتشي. وكان ديفيد ساترفيلد، القائم بأعمال نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، قال خلال جلسة الأسبوع الماضي للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن الولايات المتحدة تنوي القيام بخطوات بشأن سوريا عبر الأمم المتحدة باتجاه معاكس لمؤتمر الحوار الوطني. وأكد: «هناك إجماع دولي يدعم ضرورة عدم الاعتراف بشرعية أي شيء قد يحدث في سوريا خارج الانتخابات، وإصلاح دستوري موثوق فيه، وهذا يعني عدم الاعتراف بأي انتصار سواء لموسكو أو النظام». وفي ردها على تلك التصريحات، اتهمت روسيا الولايات المتحدة، بالسعي لإفشال جهود عقد مؤتمر سوتشي، وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، إن تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين تؤثر بصورة سلبية على موقف المعارضة من المؤتمر، وأكدت تمسك روسيا بجهودها وعقد مؤتمر الحوار نهاية الشهر الحالي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.