أمارتيا سن وما نريده من نظرية العدالة

ربط التنمية الاقتصادية بقيم الحرية وعدّ نظرية رولز مثالية

أمارتيا سن
أمارتيا سن
TT

أمارتيا سن وما نريده من نظرية العدالة

أمارتيا سن
أمارتيا سن

في طريق العودة إلى منزلي في مدينة سان دييغو، كاليفورنيا، خريف 2010. وبعد يوم دراسي طويل، وجدت إعلانا لمحاضرة الفائز بنوبل في الاقتصاد، والفيلسوف الشهير أمارتيا سن. لم أكن أعرف عن سن في ذلك الحين إلا كتابه عن التنمية والحرية، وبعض المقالات المترجمة له في الصحف المحلّية. كان هذا سببا كافيا لجعل المحاضرة ضمن أولوياتي. وبالفعل، حضرت وسط حشد هائل من طالبات وطلاب الجامعة برفقتهم أساتذتهم ومحاضروهم. كانت المحاضرة عن كتاب سن الصادر سنة 2009 «فكرة العدالة».
كانت زيارة سن لسان دييغو، تشمل هذه المحاضرة ومؤتمرا يعقد على مدار يومين، دعي له عدد من الباحثين ليكون كتاب سن الجديد، موضوعه الرئيس.
كنت أقول في نفسي، يا لهذا الباحث المحظوظ. يتوافد الباحثون من أقطاب الأرض للحوار معه حول كتابه وأفكاره. على العموم كانت هذه المناسبة فرصة للتواصل مع فكر سن، بوصفه جزءا من الجدل الواسع في العالم حول العدالة. يهدي سن كتابه لذكرى جون رولز، الرجل الذي ألهمه كثيرا كفيلسوف وكزميل عمل في جامعة هارفارد.
في هذا الكتاب يختلف سن مع رولز في أكثر من قضية، لكن جوهر الخلاف هو أن سن، يطرح منظورا مقارنا للعدالة، فيما يطرح رولز، منظورا مثاليا لها. يعتقد أمارتيا سن أننا لا نحتاج إلى نظرية مثالية في العدالة. في الأخير، لا يتطلب العمل اليومي لجعل العالم أكثر عدالة أو أقل ظلما، التوافر على نظرية من هذا النوع. موضوع العدالة، كما يرى سن، لا يجب أن يكون رسم مشهد مثالي للعدالة الكاملة، بقدر ما يفترض أن يكون الظلم المعاش في الواقع الآن وهنا. وبحسب سن، لكي نتعامل مع المجاعات والكوارث البيئية، ونقص الرعاية الطبية، وموت ملايين الأطفال في العالم، والتلوّث البيئي، فإننا لا نحتاج إلى نظرية فلسفية مثالية للعدالة. ما نحتاجه من منظور سن، هو الانخراط في تفكير موضوعي، في الخيارات الأكثر عدالة للجميع. بمعنى أن الدور الجوهري لفهمنا للعدالة، يتحقق، عمليا، في القيام بعمليات مقارنة موضوعية عمومية، نصل من خلالها، للخطط والقوانين والسياسات الممكنة والأكثر عدالة للجميع.
سن هنا، يدرك أنه بقدر مفارقته لرولز، إلا أنه يلتقي معه في مساحة ربما أهم وأكثر أصالة. في مطلع دراسته «ماذا نريد من نظرية في العدالة» المنشورة في مجلة الفلسفة 2006. يقول سن: «أنا أبدأ من موقف عام كان رولز قد اتخذه، وهو أن تفسير العدالة مربوط بالجدل العمومي. التركيز كما يقول رولز نفسه، يجب أن يكون على الإطار العام للأفكار، الذي يوفّر أحكاما اتفاقية بين الفاعلين العقلاء» (ص21). هذا الحوار العمومي، يفترض أن يقود إلى سؤال جوهري، وهو ماذا نريد من أي نظرية في العدالة؟ جواب رولز كما يرى سن، هو أننا نريد أن نعرف ما هو المجتمع العادل. في المقابل، يعتقد سن أن الجواب الأفضل، هو أننا نريد من نظرية العدالة أن تقول لنا ما هو المجتمع الأكثر عدالة وأقل ظلما. الخيار المقارن أكثر إلحاحا وعملية واستجابة للإشكالات التي تواجه البشريّة اليوم وهنا.
اعتراض آخر يقدمه سن على نظرية رولز، وهو أنها نظرية تشترط لتحققها توفّر مؤسسات تقوم بتطبيق مبادئ العدالة ومراقبتها. يفكّر سن في كثير من شعوب العالم التي تعاني من مؤسساتها بشكل أساسي. بمعنى أن المؤسسات التي يجعلها رولز أساسا لتحقيق العدالة، هي في الكثير من دول العالم، سبب الظلم وانتهاكات العدالة نفسها. يفكّر سن في نظرية يمكن من خلالها أن يمارس الفرد، يوميا، عملا فرديا ولو داخل مؤسسة فاسدة، لرفع معدل العدالة أو خفض مستوى الظلم قدر الإمكان. شرط المؤسسات، يجعل نظرية رولز، تطلب أكثر من الممكن بالنسبة لكثير من الناشطين والناشطات من أجل مجتمع أو عالم أكثر عدالة. في كثير من الأحيان، قد يعني إصلاح المؤسسات الفاسدة لسنين طويلة، التخلي عنها بالكامل. أيضا في مجتمعات كثيرة في العالم، لا تصل المؤسسات العامة إلى غالبية الناس، ولا تلامس احتياجاتهم. مما يجعل من تجاوزها والعمل خارج إطارها، ضرورة لمن أراد تحقيق أثر ملموس على أرض الواقع.
في المقابل، يمكننا القول: إن نقد سن الأول لنظرية رولز، أنها نظرية مثالية لا مقارنة، يمكن مناقشته من خلال فهمين محتملين لنظرية رولز نفسها.
الفهم الأول، أن نظرية العدالة، تقدم الهدف والغاية التي يجب أن تصل لها حالة العدالة.
الفهم الثاني، أن هذه النظرية تقدم معايير لفحص الحالة اليومية من منظور العدالة. بمعنى، هل ما يقدمه رولز هو تصوّره للمجتمع المثالي، أو أنه يقدم معايير إجرائية نراقب، من خلالها، حال العدالة، ونقيّمها بناء على تلك المعايير. بالفهم الأول، يكون نقد سن صائبا وفي العمق. بالفهم الثاني، يبدو أن سن لا يقدم اعتراضا جوهريا على نظرية رولز في العدالة. بالنسبة لنقد المؤسساتية، فإن نقد سن يلامس لب الحقيقة التي يعرفها أولئك الذين يعملون في أماكن كثيرة من العالم، من أجل جعل العالم أكثر عدالة. فهم يواجهون باستمرار، عقبة المؤسسات الفاسدة. ويضطرون للابتعاد عنها لتحقيق أي أثر في الواقع. لكن، في المقابل، يبدو أن المؤسسات حاجة أساسية لتكوين أي مجتمع. بمعنى أن المجتمعات اليوم، بأعدادها السكانية الهائلة لا يمكن أن تدير شؤونها إلا من خلال مؤسسات. هذه المؤسسات تمثّل عصب ما يسميه رولز، التعاون الاجتماعي الذي هو في الأخير، شرط أساسي لتحقق مجتمع العدالة.
يبقى سن أحد أبرز الفلاسفة المؤثرين اليوم على المستوى الدولي، خصوصا في إسهاماته في ربط التنمية الاقتصادية بقيم الحرّية. نتذكّر في الختام، مقولة سن الشهيرة التي طرحها في كتابه «الفقر والمجاعة»: لم تحدث قط مجاعة في دولة ديمقراطية حقيقية.



كيف تقتلنا شبكة الإنترنت؟

Instagram, Facebook and WhatsApp/ /dpa
Instagram, Facebook and WhatsApp/ /dpa
TT

كيف تقتلنا شبكة الإنترنت؟

Instagram, Facebook and WhatsApp/ /dpa
Instagram, Facebook and WhatsApp/ /dpa

قبل أن ينتشر التنوير بمختلف أرجاء أوروبا، ويُلهم أمثال توماس باين وتوماس جيفرسون داخل أميركا في عهد الاستعمار، كان يجري النظر إلى أغلب الناس باعتبارهم مجرد رعايا. وكان حقهم في الحياة يخضع حرفياً لتقدير الملك أو الملكة، وكانت سبل عيشهم تتحدد بحادثة ميلاد تجعلهم ملزمين بخدمة اللورد أو البارون الذي يعملون على أرضه.

في ظل الديمقراطية الأميركية، أصبح الناس مواطنين؛ مفهوم لم يعترف بحقوقهم في الحرية والسعي إلى السعادة فحسب، بل كفل لهم كذلك أن أصواتهم - وليس فكرة زائفة عن الحق الإلهي - سوف تحدد من يحكمهم.

وعلى النقيض من هذه المبادئ الجوهرية القائمة على الحرية، فإن الوصف الأمثل لواقعنا الحالي، الإقطاع الرقمي. مثلما كانت الحال مع الرعايا الفقراء العاجزين تحت سلطة الملوك والأرستقراطيين، نعيش اليوم في خضوع أمام مجموعة صغيرة من الشركات، التي استغلت بنية الإنترنت الإقطاعية. وفي ظل هذا النظام، يجري التعامل مع البشر باعتبارهم مجرد عناصر ثانوية - أو ربما لا يجري النظر إليهم على الإطلاق - في خضم العمل على بناء منصات ضخمة، تتولى استخراج البيانات.

داخل الولايات المتحدة، تتألف الزمرة الحاكمة من أكبر شركات البرمجيات في عصرنا: «ألفابت»، مالكة «غوغل»؛ و«ميتا»، مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام»؛ و«أمازون»؛ و«أبل»؛ و«مايكروسوفت». وقد انضمت الأخيرة، عبر استثمارها الهائل في مؤسسة «أوبن آي» البحثية، إلى سباق التسلح التكنولوجي للسيطرة على البيانات الخاصة بنا، وما يحمله معه من سلطة وأرباح. ويحظى المؤسسون والمديرون التنفيذيون وكبار المستثمرين في شركات التكنولوجيا الكبرى، بنفوذ هائل على عمليات الإنترنت.

Instagram_logo REUTERS

واليوم، نعيش بحسب تقدير خوارزمياتهم الملكية. وتتعامل برامج الكمبيوتر القائمة على هذه الخوارزميات - التي، مثل أجهزة الكمبيوتر والخوادم والأجهزة، يجب النظر إليها باعتبارها آلات - معنا كمحاجر لاستخراج بياناتنا، التي أصبحت الآن السلعة الأكثر قيمة في الاقتصاد الرقمي. وبعد ذلك، يقومون بتجميع وتنظيم هذه البيانات، واستخدامها لإنشاء أدوات يمكن لقادتهم من خلالها التأثير علينا.

وبحسب تقرير صدر عن مؤسسة «بروبابليكا» عام 2016، جمعت «فيسبوك»، في ذلك الوقت، ما معدله 52.000 نقطة بيانات عن كل فرد من مستخدميها. ويكشف هذا الرقم، الذي من المرجح الآن أن يكون أعلى بكثير، كيفية نظر المنصات إلينا.

في الواقع، تستخرج أنظمة «الصندوق الأسود» الخاصة بهم، التي جرى بناؤها باستخدام أكواد لا يمكن لأي شخص من خارج المنصات الاطلاع عليها، سلعة قيمة (بياناتنا)، ثم يستغلون هذه السلعة لتعيين ملف تعريف لكل منا، وتصنيع آلة قوية (خوارزمية خاصة) لتصنيفنا واستهدافنا والتلاعب بنا. وبذلك، فإنهم يجردوننا من إنسانيتنا بشكل منهجي؛ تماماً مثلما جرد النظام الإقطاعي الفلاحين من إنسانيتهم.

وفي خضم كل هذا، لا يوجد عقد اجتماعي أو حتى التزام أخلاقي من جانب هذه المنصات بعدم معاملتنا كبيادق في أيديها. وبدلاً من ذلك، دفنونا في عقود قانونية، معظمها مكتوبة بحروف صغيرة لا يقرأها أحد، وفرضت هذه المنصات شروطاً وأحكاماً بخصوص استخدامنا لهذه التطبيقات، تجبرنا على التنازل عن أي مطالبات تتعلق ببياناتنا والمحتوى الذي ننشئه وننشره. وعليه، فقد تنازلنا حرفياً عن حقوقنا، وتنازلنا عن شخصيتنا لصالح هذه الشركات العملاقة القائمة داخل «وادي السيليكون».

في الواقع، ظلت هذه الديناميكية تتراكم منذ عقدين. ومع ذلك، في الفترة الأخيرة فقط، بدأت أعداد متزايدة من الناس يدركون ضخامة ما تخلينا عنه.

يعتبر كتاب شوشانا زوبوف، أستاذة جامعة هارفارد، الصادر عام 2018، بعنوان «عصر رأسمالية المراقبة»، أحد الأعمال الرائدة في هذا المجال. ويستعرض الكتاب كيف نشأ نموذج استخراج البيانات في «غوغل»، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبعد أن اكتشف «فيسبوك» أن بمقدوره أن يستفيد من حلقة ردود فعل قوية ذاتية التعزيز، تبنَّى النموذج ذاته، وعمد إلى تحديثه.

في الأساس، كانت هذه الطريقة التي عمل بها الأمر: لقد أدت مراقبة «فيسبوك» لنشاط مستخدميه إلى توليد رؤى حول كيفية استجابة الأشخاص لمحفزات نصية أو بصرية أو سمعية مختلفة. بعد ذلك، عدل علماء البيانات والمهندسون في «فيسبوك» خوارزمية تنظيم المحتوى في المنصة، في محاولة لتوجيه المستخدمين إلى التفاعل مع مستخدمين آخرين لفترات زمنية أطول. داخلياً، أطلق «فيسبوك» على هذا التفاعل «تفاعلات اجتماعية ذات مغزى».

وخدمت مقاييس هذه التفاعلات أهداف الإيرادات الخاصة بالمنصة وعملائها. وبعد ذلك، تكررت الدورة مراراً وتكراراً، مع إنتاج أنماط السلوك الجديدة بيانات جديدة، أفسحت المجال أمام «تحسين» متكرر ودائم (أي استهداف أكثر دقة) في قدرة الخوارزمية على تعديل سلوك المستخدم.

وتكشفت ملامح أحد أكثر التطبيقات شهرة لهذا الأمر في فضيحة «فيسبوك-كامبريدج أناليتيكا»، التي تفجرت أخبارها عام 2018. لسنوات، ظلت شركة الاستشارات البريطانية «كامبريدج أناليتيكا» تجمع بيانات مستخدمي «فيسبوك» دون موافقتهم، واستغلتها لتغذيتهم بمعلومات مضللة مستهدفة. وكان أحد الأهداف التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016؛ وتمثل هدف آخر في التأثير على تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

* أحد مؤلفي كتاب «معركتنا الكبرى»

* خدمات «تريبيون ميديا»إلا أنه من نواحٍ كثيرة، شكلت هذه الفضيحة البارزة حالة شاذة. أما المشكلة الأكبر بكثير، وإن كانت أقل وضوحاً، فكانت تأثير نموذج استخراج البيانات على حياتنا اليومية. عبر سبل متعددة، تلون خوارزميات هذه المنصات نظرتنا للعالم، وتصيغ ردود أفعالنا تجاه القضايا المهمة، وتدفعنا إلى أيدي المعلنين.

عن ذلك، قالت زوبوف إن نموذج الأعمال الاستغلالي هذا، الذي انتقل من «فيسبوك» ليصبح أسلوب عمل كل منصة أو تطبيق إنترنت تقريباً، جردنا مما يجعلنا بشراً بحق: إرادتنا الحرة، التي من دونها لا يمكن للديمقراطية ولا الأسواق أن تعمل.

وأضافت: «ربما تجلس هناك وتفكر: لا، هذا ليس أنا. أنا المسيطر. لا يمكن التأثير عليّ بواسطة بعض أكواد الكمبيوتر. أنا منفتح على جميع الأفكار والاقتراحات، وأتأنى فيها، وأزن بعناية إيجابيات وسلبيات كل منها قبل أن أقرر ما ينبغي عمله».

الحقيقة، هناك مجالات مختلفة من حياتنا اليومية نحتفظ بالسيطرة عليها، لكنها تتضاءل بسبب المصالح القوية التي تستفيد من حرماننا من هذه السيطرة. ولم يقضِ أصحاب أنظمة التتبع وتعظيم الإعلانات، العقدين الماضيين في معرفة ما الذي يجعلنا نتحرك، هباءً. لقد عكفوا على مراقبتنا لمعرفة ما اقتراحات المحتوى التي تحفز إفراز الدوبامين الذي يدفعنا إلى النقر، أو «الإعجاب»، أو المتابعة، أو المشاركة. لقد اكتشفوا ميولنا السياسية، وأذواقنا الفنية، وعادات نومنا، ومزاجنا، والأهم من ذلك، المجموعات الاجتماعية عبر الإنترنت التي نشكل معها روابط وولاءات.

يُقال إن «فيسبوك» يعرف أنك ستنفصل عن شريكك قبل أن تفعل ذلك. وإذا تخليت ولو لفترة وجيزة عن عقلية «أنا المسؤول؛ لا أحد يخبرني بما يجب أن أفعله»، فيمكنك حينها أن ترى كيف يمكن للمنصات أن تستخدم كميات البيانات الضخمة التي تجمعها، لتشكيل أفكارنا الفردية وكذلك سلوكنا الجماعي؛ لأنها لديها حوافز للقيام بذلك.

هنا طريقة أخرى للتفكير في كيف أنك تدفع ثمن استخراج كل هذه البيانات: التباين الذي دام عقدين في أسعار السلع والخدمات المختلفة في الاقتصاد الأميركي. ويكشف الرسم البياني من دار النشر الإلكترونية «فيجوال كابيتاليست» كيف ارتفعت أسعار السلع والخدمات، التي تحتاج إليها لعيش حياة صحية ومنتجة - مثل الرعاية الطبية، والرسوم الدراسية الجامعية، والإسكان، والطعام والمشروبات - بشكل حاد للغاية بين عامي 2000 و2022. وعلى النقيض، تراجعت أسعار المنتجات التي تتكامل مع الإنترنت وتستخرج بياناتنا - مثل البرمجيات، وخدمات الهاتف المحمول، وأجهزة التلفاز، وأجهزة الترفيه الأخرى - بشكل كبير خلال الفترة نفسها.

ومن الجدير أن نسأل لماذا واقعنا على هذه الحال. إن جودة حياتك في العالم غير الرقمي تتدهور، بينما وجودك الرقمي يظل أقل تكلفة بشكل غريب. أما السبب فيكمن في أن هذا الأخير مدعوم بكميات متزايدة من البيانات، التي تسلمها لشركات التكنولوجيا.

مما سبق يتضح أننا بحاجة إلى التفكير بجدية أكبر في السعر الحقيقي الذي ندفعه مقابل أجهزة استخراج البيانات والبرامج ذات الصلة. وتذكر أن بياناتك هي أنت. وهنا، تفرض الكلمات الخالدة التي قالها خبير أمن المعلومات بروس شناير، نفسها؛ فقبل نحو عقد، كتب: «إذا كان هناك شيء مجاني، فأنت لست العميل؛ وإنما السلعة».

لا يوجد عقد اجتماعي

أو حتى التزام أخلاقي من جانب المنصات بعدم معاملتنا كبيادق في أيديها