هكذا تحدَّث الرومي

دار نشر جامعة ميشيغان الأميركية تنشر مختارات له بالعربية والإنجليزية

هكذا تحدَّث الرومي
TT

هكذا تحدَّث الرومي

هكذا تحدَّث الرومي

يا مَن نَعمَاه غير معدود
والسعي لديه غير مردود
قد أكرمنا وقد دعانا
كي نعبده ونِعم معبود
وُصِف صاحب هذه الأبيات بأنه ذو رؤية ملهمة للتنقيب عن الذات والشعور بنشوة الالتحام الروحي بالله والتصالح الصوفي مع النفس والآخر. إنه جلال الدين الرومي الشاعر والعلَّامة الفارسي وواحد من أشهر أعلام التصوف الفلسفي في التاريخ الإسلامي. وهو يضفر هذه الغايات الثلاث في أبيات يحسر فيها عن خبايا أفراحه وأتراحه وبواطن الجذب الصوفي في خريطة حياة ترامت عبر 25000 ميل ارتحلها بين مشرق ومغرب. ترك الرومي كتباً من ذخائر التراث الأدبي العالمي ما بين منظوم ومنثور. تناول فيها المسائل الصوفية والفلسفية والأدبية التي ألهبت وجدانه، علاوة على دروس ألقاها في مجالسه العلمية والدينية ورسائله إلى معارفه ومريديه.
لُقب الرومي بـ«إمام الدين» و«عماد الشريعة» في القرن الثالث عشر الميلادي. وكان «سلطان العارفين» الذي استفاد من دراسته للعلوم الشرعية والعقلية في الاضطلاع بالفتوى والوعظ في مستهل شبابه. وما بين ثقافة عربية وأخرى فارسية، تسلح العالم الزاهد بلمحات من مبادئ الفيلسوف الصوفي الشيخ محيي الدين بن عربي. وعلى خطى تراث الرومي نشأت الطريقة الصوفية «المولوية» التي ذاع صيتها بطقوس الرقص الدائري، وعلى نهجه التف في حلقات دراويش راقصون لم يسْلموا من التحامل والتشويه من قِبل العامة والدهماء.
في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2017 أصدرت دار نشر جامعة ميشيغان الأميركية كتاب «نبيذ لم الشمل: قصائد عربية بقلم الرومي» باللغتين العربية والإنجليزية. يتكون الكتاب من مائة وعشرين صفحة اضطلعت بترجمتها إلى الإنجليزية نسرين اخترخاوري الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية في جامعة دوبول الأميركية، وتعاون معها في الترجمة الشاعر أنتوني إيه لي، وقد سبق أن تعاون المترجمان في إصدار كتاب «الحب منقذي: قصص عربية بقلم الرومي» في عام 2006.
يستهل المترجمان الكتاب بمقدمة شافية لمن يطالع الرومي للمرة الأولى من جمهور اللغة الإنجليزية. وتزودنا المختارات أيضاً بقصائد للرومي غير شائعة لقرائه القدامى لتصحبنا في مسيرة طويلة غنية.
تطغى على القصائد المختارة الرغبة واللهفة إلى الخلاص الكوني، ونبرة الانعتاق التي تتخللها، تتألق في تكوينات إيروتيكية، تخْرج من عباءة فيض لا متناه من الحب والكرم، الكرم مع العالم أجمع باعتباره موروث الشاعر الإيماني وتعاليمه ومنهجه، والكرم مع الحبيب بصفته مخلوقاً مفقوداً في تلك النشوة الجذلة. يقول في قصيدة «اقتلني الآن»:
هذا سيدي هذا سندي
هذا سكني هذا مددي
كنفي هذا عمدي
هذا أزلي هذا أبدي
في لحظة فارقة من حياة الرومي في العام 1244، التقى بالشيخ المتجول التبريزي. وحينها عرف التصوف بديلاً عن الدعوة، فصار منقطعاً إلى نقل آرائه الفلسفية مستغلاً الوسائل والأدوات كافة، من آيات قرآنية - ومنها انتقى المجازات والاستعارات - إلى أحاديث نبوية تلمَّس عبْرها طريقه، وسير المشايخ وأشعار السابقين، معتقداً أن أعظم ما يسعه فعله هو ترديد حكايات الأولياء والعارفين.
وهكذا وُلد من جديد شيخاً ومحباً ومفكراً، مزق صلاته بالناس وارتبط برابط لا فكاك منه بالعلوم الباطنية، نابذاً الجلي بكل صنوفه المسكونة بالخداع والضلال، وهو ما نلمسه في قصائد «أنت جميل» و«لا أقوى على الانتظار» و«السراب». ويؤكد الرومي تلك الصلة الجوهرية بأستاذه قائلاً «إن التبريزي هو الذي أراني طريق الحقيقة، وهو الذي أُدين له بإيماني ويقيني».
وقد انعكس مسلكه الجديد هذا على اختيار بعض قصائد «نبيذ لم الشمل»، وأبرزها قصيدة «تعال إلى النور». كذلك تَبرز بين دفتي الكتاب بعض قصائد ديوان الرومي «مثنوي معنوي». وفي الديوان ذاته تصْعد إلى منطقة الضوء الدرامي قضايا عديدة في الفلسفة التي انتقد الرومي مناصريها لمغالاتهم في تقديس العقل.
ولعل أهم ما يميز الرومي صاحب «المذهب المثنوي» الشعري عن غيره من متصوفة الشعر أبياته الإيروتيكية التي تمجد متع الغرام والفرح، وتستضيء بلوعة الفقدان والرغبة. في قصيدة «بشِّرهم بنظرة» نقرأ:
إن طبيب الرضا بشَّر أهل الهوى
كل زمان لكم، خلعة روح جديد
بشَّرهم نظرة، يُتبعهم نظرة
وتتراوح أساليب القصائد في الكتاب بين أناشيد التسبيح والنصر والقصائد القصيرة التي تختمها معان ملهمة، وكأنها مأخوذة رأساً من كتاب تراتيل. والديوان في مجمله يبث في القارئ إحساساً طاغياً بمخلوق روحاني يتحدث إلينا من وراء العالم المرئي المنظور، أو بالأحرى شيء متسام متعال بيد أنه قريب قرب الكف إلى المرء.
ومع تدبر وعي الرومي ولا وعيه في الكون، تتراءى القصائد لوحاً من زجاج يلمح فيه الفرد قلبه ودلالات الوجود. ليست بالضرورة مرآة أو انعكاساً، وإنما سديم شفاف خاطف للعيون ومُعد لفئة قليلة من البشر ممن يستوعبون مفهوم الألفة مع السامي، ويكرسون الشعر بصوره المادية والإيروتيكية في سبيل فك رموز العشق. ولا تتشابه القصائد إلا في وظيفة المرآة تلك. في قصيدة «يا مليحا» يقول:
يا مليحا زاده الرحمنُ إحساناً جديد
يا منيراً زاده نوراً على نور مزيد
كل ذي روح يفدي في هواك روحه
كل بستان أنيق في جناك مستفيد
لا ريب أن هذا الكنز الشعري من الإلمعات الصوفية المضفورة في التقاليد العربية واللمحات المعذَّبة للحبيب من واحد من أعظم وأغنى شعراء الصوفية في العالم، هو ما جعل دواوين الرومي من أكثر الكتب رواجاً في العقود الأخيرة.



«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)
TT

«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)

أوفى رجل اشترى عملاً فنياً يمثل موزة مثبتة على حائط لقاء 6.2 مليون دولار، بوعده الجمعة، وأقدم على تناول قطعة الفاكهة.

ففي أحد فنادق هونغ كونغ الفاخرة، أكل جاستن صن، وهو رجل أعمال صيني أميركي ومؤسس منصة «ترون» للعملات المشفرة، الموزة التي تمثل عملاً فنياً أمام عشرات الصحافيين والمؤثرين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقبل إقدامه على هذه الخطوة، ألقى الشاب البالغ 30 عاماً كلمة وصف فيها العمل الفني بأنه «إبداعي»، مشيراً إلى أوجه تشابه بين الفن التصوّري والعملات المشفرة.

وقال بعد أن التهَم أوّل قطعة من الموزة: «إنها أفضل بكثير من أي موزة أخرى. هي فعلا لذيذة».

ويتألّف العمل الذي يحمل اسم «كوميديان» من موزة معلّقة على حائط بقطعة كبيرة من شريط لاصق فضي، تولى ابتكاره الفنان الإيطالي المتمرد والمثير للاستفزاز ماوريتسيو كاتيلان.

وبيع هذا العمل الفني مقابل 6.2 مليون دولار، ضمن مزاد نظمته دار «سوذبيز» خلال الأسبوع الفائت في نيويورك.

امرأة تلتقط صورة أمام ملصق يصور عملاً فنياً للموز يتكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال جاستن صن إنه شعر بـ«ارتياب» في الثواني العشر الأولى التي تلت عملية البيع، ثم اتخذ قراراً بتناول حبة الفاكهة.

وأوضح، الجمعة، أن «أكل الموزة خلال مؤتمر صحافي قد يكون جزءاً من تاريخها».

وهذا العمل موجود في 3 نسخ، ويرمي إلى إعادة طرح مفهوم الفن وقيمته. وتم الحديث عنه بشكل كبير منذ عرضه للمرة الأولى عام 2019 في ميامي.

ويحصل صاحب أحد الأعمال على شهادة أصالة، بالإضافة إلى تعليمات بشأن كيفية استبدال حبة الفاكهة عندما تبدأ بالتعفن.

وقارن صن الأعمال التصوّرية مثل «كوميديان» بفن رموز «إن إف تي» (رموز غير قابلة للاستبدال تتيح الحصول على شهادة أصالة رقمية) وتقنية الـ«بلوكتشين» (سلسلة الكتل) التي تقوم عليها العملات المشفرة.

وأشار إلى أنّ «معظم هذه الأشياء والأفكار موجودة بوصفها ملكية فكرية وعلى الإنترنت، وليس غرضاً مادياً».

وتلقى المشاركون في المؤتمر الصحافي، الجمعة، لفافة من الشريط اللاصق وموزة هدية تذكارية.