أصحاب مطاعم شهيرة في مصر بدأوا حياتهم بـ«عربة» في الشارع

أحدهم يستقبل ألفي زبون يومياً... والآخر دخل موسوعة «غينيس»

أطعمة البرنس - مطعم صبحي كابر الجديد أثناء الافتتاح
أطعمة البرنس - مطعم صبحي كابر الجديد أثناء الافتتاح
TT

أصحاب مطاعم شهيرة في مصر بدأوا حياتهم بـ«عربة» في الشارع

أطعمة البرنس - مطعم صبحي كابر الجديد أثناء الافتتاح
أطعمة البرنس - مطعم صبحي كابر الجديد أثناء الافتتاح

لم تبتعد شخصية الحاج «عبد الغفور البرعي»، التي جسدها ببراعة الفنان المصري الراحل نور الشريف في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي» كثيراً عن الواقع.
فالمسلسل المأخوذ عن رواية لإحسان عبد القدوس، وأعد له السيناريو والحوار السيناريست مصطفى محرم، كان يحكي قصة رجل بدأ حياته عاملاً في محل «روبابيكيا (قطع الغيار والأشياء القديمة)»، وبعدها قام بشراء «عربة كارو» وقطع غيار مستعملة، وبدأ في بيعها للتجار في وكالة البلح، بمنطقة وسط القاهرة، وانتهي به الحال إلى أن أصبح مليونيراً وانتقل للإقامة في أرقى مناطق القاهرة، حتى تهافت الجميع على التقرب منه ومصاهرته وتزوجت ابنته من نجل أحد الوزراء.
وفي سياق مشابه للدراما، سطر مصريون قصص كفاح حقيقية، بعدما بدأوا من تحت الصفر أو بـ«عربة كشري»، أو «كبدة»، ليصبحوا بعد سنوات مليونيرات، يمتلكون محال وشركات تجارية وأصولاً قيّمة، بل أصبح بعضهم أكثر شهرة من نجوم السينما، ومنهم من وصل للعالمية، وبعضهم دخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية.

كشري أبو طارق

بدأ يوسف زكي، الشهير بـ«أبو طارق»، صاحب أشهر محل كشري في مصر، رحلة كفاحه بالعمل على عربة الكشري، التي كان يمتلكها والده، وكان يتجول بها في شوارع القاهرة بحثاً عن لقمة العيش.
كان يوسف حينذاك في المدرسة الابتدائية، فكان يذهب بعد الدراسة للعمل مع والده بعد انتهاء اليوم الدراسي، وبعد أن توفي الأب ورث عنه الابن «الصنعة» وعربة الكشري، فترك الدراسة وتفرغ للعمل عليها، وبعد فترة من العمل والاجتهاد وتوفير كل مليم من أجل تحقيق حلم تملك محلاً بمنطقة وسط البلد، استطاع يوسف الشهير بـ«أبو طارق» أن يشتري قطعة أرض في شارع شامبليون، وأقام عليها حلمه، الذي تحول بمرور الوقت إلى صرح يقصده القاصي والداني والمشاهير والأغنياء والفقراء على حد سواء.
لم يتوقف حلم أبو طارق عند بناء طابق أو طابقين، فتمدد المحل ليصبح خمسة طوابق، حيث تعلو صورته جدران المطعم، وتزينه من الداخل ديكورات لافتة، بجانب أحواض أسماك الزينة. وحفاظاً على قيمة «كشري أبو طارق» الذي تحول إلى علامة تجارية رفض الرجل افتتاح أي فرع آخر للمحل في مصر؛ لأنه يشرف بنفسه حتى اليوم على كل صغيرة وكبيرة داخل المحل، وبخاصة ما يتعلق بالمطبخ.
ومع الشهرة الواسعة التي حققها اسم كشري «أبو طارق» داخل مصر وخارجها، قام الحاج يوسف زكي، بافتتاح فرعين له في السعودية بمنطقتي مكة وجدة، وقبل أيام تم الإعلان عن فرع جديد في دبي، ومن المقرر، وفقاً لتصريحات صحافية لطارق يوسف زكي، مدير عام سلسلة مطاعم أبو طارق، سيتم افتتاح فرع جديد للسلسلة في العاصمة البريطانية، لندن.
وقال يوسف زكي، الشهير بأبو طارق لـ«الشرق الأوسط»: «أهالي المنطقة ساعدوني في شراء الفرع الوحيد لنا داخل مصر، عام 1990». ولخص أبو طارق مسيرته وتجربته المميزة بقوله «من طلب العلا سهر الليالي».
إلى جوار «أبو طارق» كانت تجلس زوجته التي تحرص على الحضور إلى المطعم يومياً، بداية من السابعة صباحاً، للإشراف على المطبخ.
وعن المشاهير الذين يحضرون إلى مطعمه الوحيد بوسط القاهرة يقول: «بعضهم يأتي متخفياً، والبعض الآخر جاء بلا خجل». وقال زار المطعم الفنان الراحل فريد شوقي، والفنان عادل إمام، كما زارنا وزير الخارجية المصري الأسبق، وأمين عام جامعة الدول العربية الحالي، أحمد أبو الغيط، برفقة عدد كبير من الصحافيين، وغيرهم كثيرون».
ولفت أبو طارق أنه «أعد بنفسه طبق الكشري الضخم، الذي دخل به موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية، بعد أن تواصل معه مسؤولي الموسوعة العالمية، وطلبوا منه إعداد هذا الطبق».

البرنس

لا تختلف قصة كفاح ونجاح ناصر البرنس، كثيراً عن قصة أبو طارق، فناصر البرنس صاحب أحد أشهر مطعم كبدة وطواجن في مصر، بدأ حياته العملية قبل أكثر من ربع قرن من خلال عربة كبدة بمنطقة إمبابة، المكتظة بالسكان شمال مدينة الجيزة.
وبعد سنوات تحولت العربة إلى مطعم صغير، في المكان نفسه، الذي كانت تقف فيه عربته القديمة، وبعد سنوات بدأ المطعم يذيع صيته رويداً رويداً، وبمرور الوقت أصبح اسم البرنس معروفاً في أوساط كثيرة، وبات علامة يقصدها عدد كبير من الفنانين ولاعبي كرة القدم والإعلاميين.
ورغم أن أسعار وجباته ليست رخيصة، لكن من الصعب، أن تجد عنده مكاناً خاوياً.
ووصلت شهرة مطعم البرنس، إلى أن قصده علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، قبل شهور عدة هو وأصدقاؤه لتناول الغداء هناك، وأعد لهم ناصر البرنس الطعام بنفسه، وقال: إنه شعر بسعادة غامرة لتلك الزيارة.

صبحي كابر

في إحدى زوايا حي روض الفرج القديم، بدأ صبحي كابر، أيضاً مشواره الطويل في عالم صنع الأطعمة والكبدة والطواجن واللحوم بعربة صغيرة ومحل متواضع، وبعد مرور سنوات عدة توسع المحل وبدأت شهرة صبحي كابر، تصل لكل الآذان، وقصده الجميع نظراً لمذاق أطعمته اللذيذ، وأسعاره، التي تناسب كل الطبقات.
ومن شدة الإقبال على مطعم صبحي كابر، كان المئات لا يجدون مكاناً لهم ويضطرون إلى الانتظار ساعات في قائمة الانتظار حتى يتمكنوا من تذوق ملوخية صبحي وطواجنه.
يقول صبحي لـ«الشرق الأوسط»: «بفضل الله أصبح لدينا 350 عاملاً، وجزاراً وعشرات من النساء يطهون الملوخية والطواجن». وأضاف: «لا يقل عدد مرتادي المطعم عن 2000 زبون يومياً، وهو ما اضطرنا إلى افتتاح الفرع الجديد بالقرب من المحل القديم، وكل هذه الرحلة الطويلة دليل على الحلم، والتعب والإصرار على النجاح».
وكشف صبحي أن «كابر» ليس اسم والده، وإنما اسم ابنته، وأنه استبشر بها خيراً فأطلق اسمها على المحل، وأكد أنه بصدد افتتاح أول فرع للمحل خارج القاهرة، وذلك في منطقة الساحل الشمالي على مساحة 10 آلاف متر.
ولفت كابر إلى «أنه أصبح لديه مزرعة تضم المئات من رؤوس الماشية، وأنه يقدم لزبائنه اللحوم طازجة من مزرعته، ومن مجزره أيضاً». وأضاف أنه في بعض الأحيان يضطر إلى شراء رؤوس ماشية من بعض المزارع في مطروح وبعض المدن المصرية الأخرى ليلبي حالة الإقبال المتزايد على مطعمه.
وتجولت «الشرق الأوسط»: «داخل المقر الجديد، لمطعم صبحي كابر، والذي لا يبتعد سوى دقائق عن مقره القديم، وهو مكون من طوابق عدة وله جراج (مرآب) سيارات خاص، يتسع لعشرات السيارات.
ورغم أن كابر أضاف ضريبة القيمة المضافة التي أقرها البرلمان المصري مؤخراً إلى أسعار وجباته، فإن حالة الزحام لا تزال مستمرة.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».