استراتيجية أمنية لـ«تجفيف منابع» المخدرات في لبنان

TT

استراتيجية أمنية لـ«تجفيف منابع» المخدرات في لبنان

وجه جهاز الأمن الداخلي في لبنان ضربات قوية لشبكات تصنيع وترويج المخدرات، عبر نجاحه خلال الأسابيع الأخيرة بالقبض على عدد من الرؤوس الكبيرة المطلوبة للقضاء بعشرات المذكرات والأحكام القضائية، وذلك ضمن الاستراتيجية التي وضعتها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الهادفة إلى ضرب وتجفيف منابع المخدرات. ويُفترض أن تواكب هذه الضربات خطّة للدولة والمجتمع المدني تعالج آفة تعاطي «السم الأبيض»، وهو ما شدد عليه رئيس الجمهورية ميشال عون خلال استقباله جمعية «جاد شبيبة ضدّ المخدرات»، حيث أكد أنه «لا حماية لأحد بكل ما يتصل بآفة المخدرات؛ العقاب سيطال جميع المرتكبين، تجاراً ومروجين ومسهلين ومن يحميهم».
كانت القوى الأمنية قد نجحت في الأسابيع الأخيرة بتوجيه ضربات موجعة لأكبر شبكات المخدرات في لبنان، عبر توقيف رؤوس كبيرة فيها، وآخرها القبض قبل يومين على الرأس المدبر لواحدة من أخطر شبكات ترويج المخدرات في مناطق بيروت وجبل لبنان، وهو اللبناني ع. أ. (40 عاماً)، المطلوب للقضاء بموجب 72 مذكرة توقيف ومذكرة إلقاء قبض وخلاصات أحكام قضائية بجرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها.
ويبدو أن العمليات الأمنية آخذة في التوسّع، وفق ما رسمته الاستراتيجية التي وضعتها قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع الأجهزة الأخرى، حيث أعلن مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن قوى الأمن «على جهوزية دائمة لتعقب شبكات المخدرات، وتوقيف رؤوسها الكبيرة»، وأوضح أن قوى الأمن «تعمل بالتنسيق مع بقية الأجهزة ضمن خطّة تهدف إلى القبض على الشخص المطلوب، من دون أن تشكل عملية الإطباق خطراً على حياته أو على المدنيين المحيطين فيه»، وقال: «حتى الآن، كل العمليات التي تنفّذ نظيفة، رغم خطورتها، خصوصاً أن المداهمات والتوقيفات تطال أشخاصاً خطرين».
وسبق العملية الأخيرة إنجاز نوعي تمثّل بتوقيف اللبناني ماهر طليس في بلدة بريتال، في البقاع، وقد وصفه بيان لقوى الأمن بأنه «أحد أخطر المطلوبين، بموجب مئات مذكرات إلقاء القبض والتوقيف ومئات الأحكام القضائية، وعدد من كتب الإنتربول بجرائم تجارة الأسلحة والمخدرات، وتأليف عصابة سرقة سيارات، وخطف وترويج عملات مزورة واعتداء على الجيش».
ويفترض أن يترتب على نتائج هذه العمليات انخفاض مستوى الجريمة، وفق تعبير المصدر الأمني الذي أوضح أن «النظرة الأمنية للواقع تعاكس المنطق السائد بأن تفشي الجريمة، لا سيما جرائم المخدرات، سببه الوضع الاقتصادي والنازحين السوريين»، وشدد على أن «مكافحة آفة المخدرات لها وجهان: الأول، ضرب وتجفيف منابع المخدرات، واجتثاث الرؤوس الكبيرة التي تنتج وتصنّع وتروج المخدرات، وهذه مسؤولية قوى الأمن التي تقوم بها. أما الوجه الثاني، فهو معالجة آفة تعاطي المخدرات التي هي مشكلة اجتماعية كبيرة، وهذه مسؤولية الدولة والمجتمع المدني والجمعيات التي تعنى بمعالجة المدمنين، وهذه قضية وطنية مطلوب معالجتها بسياسة حكيمة مدروسة». ومواكبة للإنجازات الأمنية في هذا الصدد، التقى الرئيس ميشال عون، في قصر بعبدا، وفداً من جمعية «جاد - شبيبة ضد المخدرات»، برئاسة جوزف الحواط الذي أطلعه على أبرز ما تقوم به الجمعية في مجال معالجة المدمنين على المخدرات وإعادة تأهيلهم.
وأكد عون أمام الجمعية أنه «لا حماية لأحد في كل ما يتصل بآفة المخدرات، وأن العقاب سيطال جميع المرتكبين، تجاراً كانوا أو مروجين أو مسهلين، وكذلك من يحميهم»، ونوه بـ«الجهود التي تبذلها القوى العسكرية في مكافحة المخدرات، واعتقال التجار والمروجين». وقال عون إن «ضحايا الإدمان يتجاوزون ضحايا الحروب في العالم»، لافتاً إلى أنه «في مقابل توسع تجارة المخدرات، فإن لبنان بات يمتلك أحدث التجهيزات لضبط تهريبها، وذلك رغم تعدد الوسائل المبتكرة»، معتبراً أنه «بقدر ما نتمكّن من تجفيف موارد المخدرات، ننجح في عملنا»، ونوّه بـ«ما تقوم به القوى الأمنية من جيش وأمن عام وقوى أمن داخلي وأمن دولة في هذا المضمار».
وقال رئيس الجمهورية: «أسعى بكل جهدي لمتابعة هذا الموضوع، والقيام بمعالجته من خلال العمليات الاستباقية التي نحقق نجاحات فيها، ونحن مجندون كباراً وصغاراً للحد من تجارة وتعاطي المخدرات، ولن تكون هناك خيمة فوق رأس أحد».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.