نسخ لجواهر التاج البريطاني ورسائل غرام «نيلسون» للبيع في لندن

ضمن مزاد «مقتنيات الملوك والنبلاء» بدار «سوذبي»

نماذج طبق الأصل لجواهر التاج البريطاني
نماذج طبق الأصل لجواهر التاج البريطاني
TT

نسخ لجواهر التاج البريطاني ورسائل غرام «نيلسون» للبيع في لندن

نماذج طبق الأصل لجواهر التاج البريطاني
نماذج طبق الأصل لجواهر التاج البريطاني

للتاريخ الملكي البريطاني سحره وجاذبيته ليس فقط في أعين دارسي التاريخ ولكن أيضاً لدى العامة، ولا أدل على ذلك الاهتمام من الشغف الذي يبديه البريطانيون وغيرهم من الشعوب حول العالم بالحياة الخاصة بملكات بريطانيا وبحفلات الزواج الباذخة التي تشغل لندن ومدن العالم.
ومن هنا تأتي جاذبية نماذج طبق الأصل لجواهر التاج البريطاني تُعرَض للبيع هذا الشهر في لندن. المجموعة متنوعة ما بين الصولجان وعصا الملك إدوارد وتاج الدولة وصولجان الملكة وعصا زوج الملكة وتيجان أخرى للملكة الأم والملكة إليزابيث، تمثل في مجموعها إحدى النسخ التي تم صنعها في الخمسينات من القرن الماضي بمناسبة تتويج الملكة إليزابيث الثانية.
المجموعة تعرضها دار «سوذبي» ضمن مزادها لمقتنيات الملوك والنبلاء الذي يُقام في لندن يوم 17 يناير (كانون الثاني)، والذي يضم إلى جانب المجموعة المبهرة للجواهر الملكية نحو 256 قطعة تزهو بملاك من الطبقات النبيلة. تتميز القطع أيضاً بأنها تعبر بشكل كبير عن بريطانيا وتاريخها، فإلى جانب جواهر التاج يضم المزاد بعض القطع التي تعود ملكيتها للقائد البحري البريطاني هوراشيو نيلسون، من بينها قطعة من العلم البريطاني يعتقد أنها من العلم الذي رفرف على سفينة نيلسون. هناك أيضاً خطابات من نيلسون لمحبوبته ليدي هاميلتون.
- تتويج الملكة إليزابيث ونقطة تحول في تاريخ الملكية
اعتبر حفل تتويج الملكة الشابة إليزابيث في عام 1953 بمثابة خطوة لتقريب العائلة الملكة من عامة الشعب، خصوصاً بعد اتخاذ قرار ببث مراسم التتويج على شاشات التلفزيون، وهو ما كان حدثاً كبيراً وقتها. وكخطوة إضافية لتقريب الملكية البريطانية للشعوب المحكومة من قبل الإمبراطورية فقد تم صنع نماذج لجواهر التاج الشهيرة، التي سترتديها الملكة خلال التتويج، لترسل في جولات بين دول الكومنولث.
وحسبما يذكر صامويل هاغ في مقالة على موقع «الدار»، فقد جذب البث التلفزيوني ملايين المشاهدين الذين أقاموا حفلات لمشاهدة التتويج مع أصدقائهم بينما يتناولون شطائر الدجاج التي يُطلق عليها «كورونايشن تشيكن»، حسب وصفة خاصة أُطلِقت بالمناسبة. ويذكر هاغ أن تلفزيون المراسم كانت «خطوة نحو انفتاح غير مسبوق من العائلة الملكية أطلقت حقبة من التقدير الشعبي تجاه الملكية».
ويُعدّ طقم الجواهر المقلدة الذي يعرض في المزاد واحداً من عدة نماذج صُنِعت وعرضت في بريطانيا وفي الكومنولث خلال فترة التتويج. وتم طلاء قطع جواهر التاج بالذهب لتعكس صورة قريبة من القطع الحقيقية. وقام بصناعة تلك النماذج حرفيون وحرفيات في ورشة «روبرت وايت آند صنز» الكائنة بكوفنت غاردن بلندن. وتعرف الورشة الموجودة في وسط حي المسارح المعروف باسم «ويست إند»، بصناعتها للجواهر والتيجان المقلدة للفرق المسرحية المختلفة. وبعض القطع الخاصة تُصنَع بطلب من المتاحف لتزيين التماثيل والمجسمات التي تصور الشخصيات الملكية.
تضمّ المجموعة المعروضة للبيع خمسة تيجان، وخمسة صولجانات، وثلاثة سيوف والكرة السلطانية، وعدداً آخر من القطع تُعرَض بسعر تقديري يتراوح ما بين خمسة آلاف إلى سبعة آلاف جنيه إسترليني.
- مقتنيات القائد نيلسون ورسائل حب إلى ليدي هاميلتون
القائد البحري نيلسون، المشهور بمعركة «ترافالغر» من الشخصيات المهمة في التاريخ البريطاني وتحمل شخصيته كل عناصر الشخصية التاريخية الساحرة، فهو عسكري لا يُبارى سجل انتصاراً مهماً لبريطانيا ضد جيوش نابليون، ما ثبَّت مكانة بريطانيا البحرية لقرن مقبل، وهو أيضاً بطل قصة حب شهيرة ومأساوية. وتزيد قصة نيلسون ثراء بعد أن قُتِل، وهو في قمة انتصاراته بين رجاله.
يضم المزاد 79 قطعة تتعلق بنيلسون ومعركة «ترافالغر»، وبعض تلك القطع لازمت نيلسون حتى في آخر لحظات حياته. منها قطعة من العلم البريطاني يعتقد أنها رفرفت على سفينته «إتش إم إس فيكتوري»، خلال معركة «ترافالغر»، وتكتسب قطعة العلم أهميتها من نيلسون ومن المعركة التاريخية ولهذا قدرت لها الدار سعراً تراوح ما بين 80 ألف جنيه إلى 100 جنيه إسترليني.
من مقتنيات القائد نيلسون المعروضة أيضاً في المزاد أيضاً صندوق فخم من الخشب كان يُستخدَم لحفظ زجاجات الشراب، وكان ضمن محتويات كابينة نيلسون في السفينة، إضافة إلى بعض الكؤوس الزجاجية وآنية من البورسلين تحمل شعاره الخاص.
افتتان البريطانيين بحياة نيلسون يشمل حياته العسكرية وأيضاً حياته الشخصية التي تتمثل في قصة حب شهيرة مع الليدي هاملتون، وهي التي هزت المجتمع البريطاني وقتها وتداولتها الكتب على أنها إحدى الفضائح المدوية في ذلك العصر. ولا شك أن فرصة اقتناء بعض من تلك الرسائل المفعمة بالمشاعر، التي خطَّها نيلسون تُعتَبَر فرصة ذهبية للمؤسسات الثقافية والمتاحف. تعود الخطابات المعروضة للفترة ما بين 1801 و1803، وإلى جانب الجانب العاطفي ترسم الخطابات أيضاً لوحة لشخصية نيلسون، وللعلاقة بينه وبين ليدي هاملتون، ولكنها أيضاً تُعدّ وثائق تاريخية تروي وقائع مهمة من التاريخ الأوروبي.
وإلى جانب الخطابات يعرض المزاد لوحة لإيما هاملتون كانت معلقة في صالون زوجها بمدينة نابولي.



إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
TT

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

الشكل الإنساني بالسترة الحمراء والبنطال الرمادي، يتحرّك وسط الأُطر فيُحرّرها من ثباتها ويمنحها أنفاس الحياة. رسمُ الفنان الأميركي أندرو سكوت ظاهرُه فكرةٌ واحدة، وفي عمقه ولّادٌ وغزير. بطلُه بشريٌ يُطلق سراح المحبوس ويُجرّده من سجّانه؛ وهو هنا إطار اللوحة. ذلك القادر على ضبطها والتحكُّم بمساحتها، ثم إحالتها على قدرها: معانقة الجدار. التحريك الطارئ على المشهد، يُعيد صياغته بمَنْحه تعريفاً جديداً. الحركة والفعل يتلازمان في فنّ أندرو سكوت، على شكل تحوّلات فيزيائية تمسّ بالمادة أو «تعبث» بها لتُطلقها في فضاء أوسع.

صبيُّ الفنان يتحرّك وسط الأُطر فيُحرّرها من ثباتها (أندرو سكوت)

في ثلاثينه (مواليد 1991)، يمتاز أندرو سكوت بفرادة اللمسة لإضفائه تعديلاً على مفهوم الإطار، ومَيْله إلى تفضيل الوسيط المُحطَّم، مثل الزجاج، وما يطمُس الخطّ الفاصل بين الموضوع وحدوده، فإذا بالإطار المكسور يستميل الناظر إليه ويوقظ سؤال الـ«لماذا»؛ جرَّار الأسئلة الأخرى.

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك... يعود إلى «سنّ مبكرة من حياتي حين شغفني الفنّ وكوَّنتُ ذكريات أولى عن الإبداع بحبسي نفسي في غرفتي بعد المدرسة للرسم لساعات». شكَّلت عزلته الإبداعية «لحظات هروب من العالم»، فيُكمل: «بصفتي شخصاً عانيتُ القلق المتواصل، بدا الفنّ منفذاً وتجربة تأمّلية».

يمتاز بفرادة اللمسة لإضفائه تعديلاً على مفهوم الإطار (أندرو سكوت)

لكنَّ الإنجاز الفنّي لم يكن دائماً جزءاً من حياته: «في سنّ الـ13 تقريباً، تضاءل شغفي بالرسم. هجرتُ قلمي حتى سنّ الـ28. طريقي إلى الفنّ طويلة ومتعرّجة. لـ10 سنوات عملتُ في كتابة الإعلانات، وخضتُ تجربة زواج فاشل. أدمنتُ المُخدِّر وواجهتُ تحدّيات أخرى. بُعدي عن الفنّ لـ15 عاماً، شكَّل أسلوبي».

تسلَّل عدم الرضا لتعمُّق المسافة بينه وبين الرسم: «شعرتُ بحكَّة إبداعية، ولم أكن متأكداً من كيفية حكِّها! التبس السبب وراء عجزي عن العودة إلى الرسم. تفشَّى الوباء وفقدتُ وظيفتي، لأقرر، هنا فقط، إحياء شغفي بالإبداع».

شخصيته أقرب إلى الانطوائية، باعترافه، ويفضِّل عدم الخوض في مسارات حياته، وإنْ لمحاولة التعمُّق في قراءة فنّه. ذلك يُفسّر تطلُّعَه إلى شهرته في مواقع التواصل، بأنها «أقرب إلى الشرّ الضروري منه إلى المتعة». فتلك المساحة المُضاءة تُشعره بأنه «فنان بدوام كامل»؛ يُشارك أعماله مع العالم. لكنَّ متعة هذا النشاط ضئيلة.

وماذا عن ذلك الصبي الذي يتراءى حزيناً، رغم ارتكابه فعلاً «حراً» بإخراج الإطار من وظيفته؟ نسأله: مَن هو صبيّك؟ فيجيب: «أمضيتُ فترات من الأحزان والوحدة. لم يحدُث ذلك لسبب. على العكس، أحاطني منزل العائلة بالأمان والدفء. إنها طبيعتي على الأرجح، ميَّالة إلى الكآبة الوجودية. أرسم الطفل ليقيني بأنه لا يزال ثمة واحد في دواخلنا جميعاً. جوابي على (مَن هو صبيُّك؟) يتغيَّر. على الأرجح إنه بعضي».

رغم سطوع الحزن، يتلألأ الأمل ويعمُّ في كل مرة يُكسَر الإطار لتخرج منه فكرة مضيئة. يؤيّد أندرو سكوت هذه النظرة. فالأُطر المكسورة تُشبه مرايا حياته. لسنوات ارتمى في الفخّ، ثم تحرَّر: فخّ العادة السيئة، الكسل، التأجيل، العجز، والتخبُّط. كسرُه الإطار إعلانٌ لحرّيته.

لعلَّ إعلان الحرّية هذا يشكّل إيماناً بالنهايات السعيدة ويجترح مَخرجاً من خلال الفنّ. فأندرو سكوت يفضِّل فناً على هيئة إنسانية، لا يركُن إلى الأفراح حسراً، لاستحالة ثبات الحالة النفسية والظرف الخارجي على الوضع المُبهج. يقول: «أحب تصوير الحالة الإنسانية، بنهاياتها الحلوة والمريرة. ليست كل الأشياء سعيدة، وليست أيضاً حزينة. أمام واقعَي الحزن والسعادة، يعكُس فنّي النضال والأمل».

وتُفسِّر فتنتُه بالتحوّلات البصرية ضمن الحبكة، إخراجَ الإطار من دوره الكلاسيكي. فالتفاعل مع الأُطر من منطلق إخضاعها للتحوّل البصري النهائي ضمن حبكة الموضوع، ولَّده «بشكل طبيعي» التفكير بمعرضه الفردي. يقول: «لطالما فتنتني المنعطفات البصرية في الحبكة. لم يتأثر أسلوبي بفنانين آخرين. أمضيتُ معظم حياتي خارج عالم الفنّ، ولم أكُن على دراية بعدد من فناني اليوم المعاصرين. بالطبع، اكتشفتُ منذ ذلك الحين فنانين يتّبعون طرقاً مماثلة. يحلو لي التصديق بأنني في طليعة مُبتكري هذا الأسلوب».

فنُّ أندرو سكوت تجسيد لرحلته العاطفية وتأثُّر أعماله بالواقع. يبدو مثيراً سؤاله عن أعمال ثلاثة مفضَّلة تتصدَّر القائمة طوال تلك الرحلة، فيُعدِّد: «(دَفْع)، أو (بوش) بالإنجليزية؛ وهي الأكثر تردّداً في ذهني على مستوى عميق. لقد أرخت ظلالاً على أعمال أخرى قدّمتها. أعتقد أنها تُجسّد الدَفْع اللا متناهي الذي نختبره نحن البشر خلال محاولتنا الاستمرار في هذا العالم».

يرسم الطفل ليقينه بأنه لا يزال ثمة واحد في دواخلنا (أندرو سكوت)

من المفضَّل أيضاً، «المقلاع»: «هي من الأعمال الأولى التي غمرها الضوء، ولها أمتنُّ. لقد شكَّلت تلك القطعة المُبكِرة كثيراً من نجاحي. أحبُّ رمزية المقلاع، فهي اختزال للبراءة والخطيئة في الوقت عينه».

ثالث المفضَّل هي «الغمّيضة»، أو «الاختباء والبحث»: «قريبة وعزيزة على قلبي لتحلّيها بالمرح. أراها تُجسّد نقاء الطفولة وعجائبها. إنها أيضاً اكتشاف مثير للاهتمام لشكل الإطار. فهو يرتكز عادةً، ببساطة، على مستوى واحد، وإنما هنا ينحني باتجاه الزاوية. أودُّ اكتشاف مزيد من الأفكار القابلة للتلاعب بالأشكال مثل هذه الفكرة».

هل تتأكّد، بهذا التفضيل، «مَهمَّة» الفنّ المتمثّلة بـ«حَمْل الرسالة»؟ رغم أنّ أندرو سكوت لا يعتقد بوجود قواعد عالمية في الفنّ، وإنما آراء شخصية فقط، يقول: «بالنسبة إليّ، الرسالة هي الأهم. ربما أكثر أهمية من مهارة الفنان. لطالما فضَّلتُ المفهوم والمعنى على الجمالية عندما يتعلّق الأمر بجودة الخطوط والألوان. أريد للمُشاهد أن يُشارك رسائلَه مع أعمالي. وبدلاً من قيادة الجمهور، أفضّل إحاطة فنّي بالغموض، مما يتيح لكل فرد تفسيره على طريقته».