أسبوع لندن الرجالي للخريف والشتاء المقبلين... مُثقل بالمخاوف والأقمشة الخشنة

بسبب الأزمة الاقتصادية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخلوه من بعض الأسماء الكبيرة

لقطة جماعية من العرض الذي قدمه بيرتولد
لقطة جماعية من العرض الذي قدمه بيرتولد
TT

أسبوع لندن الرجالي للخريف والشتاء المقبلين... مُثقل بالمخاوف والأقمشة الخشنة

لقطة جماعية من العرض الذي قدمه بيرتولد
لقطة جماعية من العرض الذي قدمه بيرتولد

لخص المصمم ماثيو ميللر الوضع العام الذي شهده أسبوع الموضة الرجالي من الجمعة إلى الاثنين الماضي، بقوله: «عندما تكون جزءا من أي وضع أو حالة، فإنك لا تستطيع أن تتجرد منها لترى الصورة من كل الزوايا. من الآن إلى 2027 أو 2028 سنبقى نتكلم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. حينها فقط ستتضح الصورة ونعرف كيف أثرت علينا حقيقة».
كان المصمم يشير إلى ما تتداوله أوساط الموضة وتتخوف من عواقبه منذ العام الماضي. عواقب بدأت تظهر تأثيراتها بالتدريج على أسبوع انطلق قويا ومُفعما بالتفاؤل منذ ست سنوات تقريبا بفضل انتعاش القطاع الرجالي، قبل أن تبدأ معاناته، مثله مثل غيره من القطاعات الإبداعية، بسبب الأزمة الاقتصادية، وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وما ترتب عنه من انخفاض الجنيه الإسترليني وما شابه من أمور، أثرت على أسابيع الموضة ككل.
الأسبوع الرجالي مثلا انطلق يوم الجمعة الماضي من دون بعض الأسماء الكبيرة التي كانت تُسنده وتُضفي عليه البريق مثل «بيربري» و«ألكسندر ماكوين» و«توم فورد» وغيرهم. وللأمانة فإن لندن ليست الوحيدة التي ستعاني من هذا الانكماش في عدد بيوت الأزياء الكبيرة المشاركة في الأسابيع الرجالية تحديدا. فمنذ أن نادى البعض بدمج عروضهم الرجالية بالنسائية، فإن نيويورك فقدت «كالفن كلاين» و«تومي هيلفيغر» و«كوتش»، بينما فقدت ميلانو دار «غوتشي» وباريس كل من «بالنسياجا» و«سان لوران». فكل هؤلاء قرروا تقديم عرض واحد يُلخص اقتراحاتهم للرجل والمرأة على حد سواء.
بيد أن لندن مختلفة. فهي تتمتع بشخصية بريطانية لا تُظهر مشاعر الخوف وتتعامل مع كل العقبات بعقلانية. والدليل أنها في كل مرة يتعرض أسبوعها لأي نكسة أو وعكة تُخرج أقوى ما لديها، ألا وهو المواهب الصاعدة من جهة، والابتكار من جهة ثانية. أسلحة لم تخذلها لحد الآن. هذا الأسبوع اعتمدت على أسماء شابة مثل إدوارد كراتشلي، ودانيال فليتشر، وبوبي آبلي، وأوليفر سبنسر، ولو دالتون وهلم جرا ممن يعشقون الألوان الصارخة بالتحدي، في وجه قتامة الطقس أو التغيرات السياسية والاقتصادية.
وطبعا لا يمكن أن ينسى سلاحها القديم: «سافيل رو» أهم شارع للتفصيل الرجالي الذي تدربت على يد خياطيه مجموعة كبيرة من شبابها، أو على الأقل تأثروا بهم. هذا المزيج بين الكلاسيكي والمبتكر الجانح نحو المسرحي هو الوصفة التي تعتمدها العاصمة البريطانية كل مرة، وأثبتت أنها تعويذة فعالة لتجاوز المصاعب. أوليفر سبنسر مثلا واحد ممن أتقنوا التصاميم الحداثية ودمجوها بالتفصيل الكلاسيكي لا سيما فيما يتعلق بالسترات ذات الياقات المبتكرة. لو دالتون بدورها تعتمد هذه الوصفة بتطويعها الصوف والألوان الصارخة في تصاميم هندسية عصرية، فيما اختتم الأسبوع يوم الاثنين الماضي كل من المصمم الشاب كريغ غرين، والمخضرمة فيفيان ويستوود. كل منهما قدم سترات هندسية من قماش التويد مع نقشات مستوحاة من الملابس العسكرية. في عرض المخضرمة ويستوود، وحسب ما هتف به عارضوها، كانت الرسالة حربا دون قتلى.
ويستوود التي لا تقبل أن تسبح مع التيار وتستغل كل مناسبة لرفع شعارات سياسية أو إنسانية، لم تُغير جلدها ولا أسلوبها هذه المرة. لم تقدم عرضا بالمعنى التقليدي واقتصرت على فيلم مدته دقيقتان تقريبا تم تصويره ليلا على خلفية تظهر فيها أعلام الاتحاد الأوروبي ورمال.
بعيدا عن الشعارات السياسية وبعد عملية تفكيكية بسيطة، تكتشف أن الأزياء عبارة عن مزيج من الإيحاءات العسكرية التي استعملت فيها الأقمشة السميكة مع تركيز كبير على الألوان، بما في ذلك درجة من الوردي، ظهرت أول مرة خلال الحرب العالمية الثانية. كما أنها تعمدت أن تُناسب بعض التصاميم المُقترحة كلا الجنسين. لم تُفرق هنا بينهما فيما يتعلق بالأقمشة ولا النقشات ولا التصاميم. كانت هناك مثلا معاطف محددة على الخصر بأحزمة وأخرى منسدلة بأحجام واسعة. من وجهة نظر المصممة، فإن السبب ليس تكسيرا للفروقات بين المرأة والرجل بقدر ما هو حماية للبيئة. فعندما يستعملان نفس المنتج فإن الاستفادة تعم على الجميع وتقل العملية الاستهلاكية التي لا ضرورة لها.
ولأننا بصدد الحديث عن فيفيان ويستوود، فلا يمكن عدم الحديث عن جنوحها للغريب، باستعمالها لخريف وشتاء الموسمين المُقبلين قماش التارتان بسخاء، فضلا عن بعض التفاصيل مثل الكورسيهات غير المألوفة وماكياج العارضين وتسريحات شعرهم. غير أنها لم تكن الوحيد التي فكرت في أن تحقن عرضها بجرعة من الشقاوة والغرابة من خلال الماكياج. عدد لا يستهان به من المصممين الشباب قاموا بنفس الفعل مثل تشارلز جيفري وآخرون، وكأنهم يُريدون تذكيرنا بأننا في لندن، العاصمة التي حولت الجنون فنونا والعكس.
قد لا يتمتع الشاب كريغ غرين بتاريخ أو خبرة فيفيان ويستوود الطويلة، بالنظر إلى أنه أطلق داره في عام 2012 فقط، أي بعد تخرجه من معهد سنترال سانت مارتن مباشرة، إلا أنه برهن خلال هذه السنوات القليلة على مهارة وخيال خولا له الفوز بجائزة أحسن مصمم رجالي لعامين متتاليين. بعض المتابعين يقارنونه باليابانية راي كواكوبو، مؤسسة ماركة «كوم ذي غارسون. فتعامله مع الأحجام تُذكرنا بأنه كان يحلم أن يكون نحاتا بالأساس قبل أن يدرس تصميم الأزياء. تصاميمه تعكس هذه الميول، لأنه على الرغم مما توحيه عروضه من سريالية وغرابة، فإنك دائما تكتشف تحت كل الطبقات والأحجام الضخمة لغة شاعرية وعملية حسابية تجعل كل قطعة، على حدة، معقولة. فهو من القلائل الذين حققوا المعادلة الصعبة، إذ إن تصاميمه تلقى تهليلا من النقاد لفنيتها وإقبالا من قبل الشباب ونجوم هوليوود لأناقتها وتميزها في أرض الواقع، لا سيما وأنه لا يتجاهل الجانب التجاري، ويقدم دائما بنطلونات جينز وقمصان تضمن له حركة البيع للاستمرار.
عرضه هذا الأسبوع في منطقة «فوكسل» كان طبقا منوعا من الأزياء الهندسية المصنوعة من الأقمشة الثقيلة التي تصوب أنظارها نحو المستقبل عوض الماضي، رغم أنه استوحاها من ذكريات الطفولة حسب قوله: «عندما تكون طفلا تعتقد بأنك ستتمكن من التحليق عاليا عندما تكبر» لكنك تكتشف أنه لن ينمو لك أجنحة وأن كل ما يمكنك القيام به هو حماية نفسك. من هذا المنظور تعمد أن تأتي بعض القطع الواسعة وكأنها خيمة تحمي الجسم من البرد، بينما غطى الوجوه بأقنعة تأخذ أشكال ساعات الحائط القديمة، تبدو وكأنها دروعا واقية.
بالنسبة للمصمم أوليفر سبنسر، فارتأى أن يقوم بمقارنة بين الحاضر وبين حقبة السبعينات. فهو مُقتنع تماما بأن المرء يميل لا شعوريا إلى الاهتمام بمظهره أكثر في أوقات الأزمات. الترجمة كانت مزيجا من التمرد والحياة الليلية التي شهدتها لندن في السبعينات، والأسلوب «الداندي» المتأنق الذي يتميز به شارع «سافيل رو» والطبقة الأرستقراطية. والنتيجة كانت تنوعا يخاطب كل الأذواق والأجيال. وهو ما تعمده باعترافه بعد عرضه أنه «سواء كان الرجل في الـ25 أو الـ85 من العمر، فإنني أقدره وأضعه نصب عيني وأنا أصمم». بيد أن تفكيره لم يقتصر على الجنس الخشن من كل الأعمار، بل امتد إلى المرأة أيضا، التي قدم لها مجموعة عصرية ترقص على إيقاعات الروك أند رول، بمشاركة عارضات من مثيلات دايزي لو وجايد بارفيت وكاثرين هايوارد. الجميل فيما قدمنه أن الرجل الشاب يمكن تطويعه بطريقته.
كان لافتا أن الكثير من المصممين ركبوا موجة الجمع بين النسائي والرجالي وكأنهم يتحدون أولئك الذين هجروا الأسبوع على أساس الاكتفاء بعرض اقتراحاتهم للجنسين في الأسبوع النسائي. من هؤلاء نذكر كيكو كوستادينوف، الذي قدم مجموعتين مختلفتين تماما. تميزت الأولى بالأنوثة من خلال أسلوب الدرابيه، والثانية بروح مُستقبلية ووظيفية خصصها للرجل.
في المقابل كانت تشكيلة المصممة غرايس وايلز أبعد ما تكون عن العملية نظرا لأحجامها الضيقة وستراتها القصيرة. تحديها للمألوف والسائد حاليا شمل كل شيء بما في ذلك الإكسسوارات، حيث قدمت الأحذية الرسمية بدل الأحذية الرياضية التي كانت الحاضرة الأولى في معظم العروض. من جهتها ركبت المصممة وايلز بونر موجة التنوع العرقي وغاصت في عالم السود. قدمت تصورا جديدا يظهر فيه العارضون وكأنهم بحارة يصلون إلى ميناء كل سكانه من أصول متنوعة يلبسون ألوانا تعكس جذورهم، وتصاميم تناسب هوياتهم. جاء كان الغالب فيها التصاميم المفصلة على الجسم التي تجمع الابتكار بكلاسيكية عصرية.
هذا الأسبوع كانت كل العيون مصوبة نحو المصمم الأسكوتلندي، تشارلز جيفري، الذي تسلم جائزة أحسن مصمم صاعد خلال حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية الأخير. عندما تسلم جائزته من جون غاليانو قال إنه لم يحلم أبدا أن يقابل قُدوته في تصميم الأزياء فما البال بأن يتسلم جائزة من هذا النوع منه شخصيا. قوة جيفري لا تكمن في تصميم الأزياء فحسب بل أيضا في نظرته الفنية كمنسق أزياء عمل طويلا في مجلة «لوف». أسلوبه يتميز بالابتكار المجنون، لأنه، مثل الكثير من أبناء جيله ممن تخرجوا في المعاهد البريطانية تحديدا، لا يعترف بالقيود عندما يتعلق الأمر بالإبداع. فماركته «لوف بوي» انطلقت من وحي حياة الليل بمنطقة «دالستون» شرق لندن المعروفة بتمردها وشغبها الفني. ويُعتبر المصمم أكبر مروج لأسلوبه لأنه لا يكشف عن وجهه، بل يغطي في معظم الوقت تحت قناع مرسوم بالألوان من الشعر والحواجب إلى الشوارب. غني عن القول إن تشكيلته عكست شخصيته وتمردها من خلال تصاميم جريئة، إن لم نقل صادمة. هو أيضا استعمل أقمشة التارتان بسخاء، مع فارق بسيط هو أنه أسكوتلندي المولد، وهذه اللفتة قد تكون مجرد حنين إلى الجذور.
- - حقائق جانبية
> رغم المخاوف والشكوك التي تُخيم على أسابيع الموضة الرجالية، فإن قطاع الأزياء والإكسسوارات الرجالية في بريطانيا وحدها شهد نموا بنسبة 2.8 في المائة في عام 2016 ليصل إلى 14.5 مليار جنيه إسترليني. وحسب دراسة قامت بها شركة «مينتيل» للأبحاث فإنه قد لا يشكل سوى 27 في المائة من مجموعة سوق الأزياء، إلا أنه ينمو بسرعة أكبر من نمو الأزياء النسائية
- يتوقع أن ينمو هذا القطاع بنسبة 12.43 ما بين عامي 2016 و2021 لتصل مردوديته إلى 16.2 مليار جنيه إسترليني
- 52 في المائة من الرجال اشتروا أزياء من مصممين معروفين خلال الثلاث سنوات الأخيرة مقارنة بـ43 في المائة فقط من النساء حسب دراسة «مينتيل»
- أكثر من رُبع عشاق الموضة (39 في المائة) مهتمون بالخدمات الخاصة مثل التفصيل على المقاس حسب الدراسة


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.