«الخلاف الأقدم»... أبرز محطات صراع عون - بري

رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري (رويترز)
رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري (رويترز)
TT

«الخلاف الأقدم»... أبرز محطات صراع عون - بري

رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري (رويترز)
رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري (رويترز)

فضح المرسوم - الذي قضى بمنح أقدمية لترقية ضباط عسكريين - حدة الأزمة العالقة منذ سنوات بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويتضمن المرسوم منح أقدمية سنة خدمة لضباط دورة 1994 المعروفة بـ«دورة عون»، حيث يعتبر رئيس الجمهورية أن المرسوم أصبح نافذا بعد الحصول على توقيعه وتوقيع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، بينما يرى رئيس المجلس أنه من الضروري إعادة المرسوم حتى يذيل بتوقيع وزير المال. ووصل الخلاف إلى درجة اتهام بري للرئيس عون باستهداف اتفاق الطائف.
وامتنع وزير المال علي حسن خليل (كتلة بري) عن توقيع المرسوم، على اعتبار أن غالبية هؤلاء الضباط ينتمون للون طائفي وسياسي واحد، ما قد يخولهم السيطرة على القيادات العسكرية في الجيش والأجهزة الأمنية.
وبعدما كثرت التصريحات والشروحات حول هذا المرسوم، قدم رئيس الجمهورية اقتراحا دعا فيه المعترضين عليه إلى مراجعة الجهات القضائية المختصة التي تتولى النظر في الخلافات التي تنشأ نتيجة صدور مراسيم عن السلطة التنفيذية، وعبر عون عن قبوله سلفا بنتيجة القرار القضائي، حتى ولو كان مبطلا للمرسوم ولاغيا له ولمفاعيله.
ورد بري مشدداً على أن «الضعيف يذهب إلى القضاء ونحن نلجأ إلى القضاء عندما تصبح وزارة العدل غير تابعة لأي فريق سياسي».
ولا يقتصر الخلاف بين الرئيسين عون وبري على هذا الملف فقط، بل يتعداه ليلامس ملفات أخرى عرفت كمحطات بارزة في تاريخ توتر العلاقات بين الرئيسين.
واستهلت مسيرة النزاع عام 2009 مع الانتخابات النيابية، حيث لعبت حركة أمل التابعة لبري مع التيار الوطني الحر دور الحليف والخصم في آن معا، فلم يقبل العماد عون في حينها ترشيح نائب جزين السابق سمير عازار على اللائحة المُشتركة، وخاضت حركة أمل معركة إلى جانب عازار في مواجهة مُرشح التيار الوطني الحر ميشال الحلو.
وبعد تجاوز فترة الانتخابات، دار صراع قوي بين الرئيسين حول ملف النفط والصندوق السيادي المزمع إنشاؤه، والجهة التي ستتولى الإشراف على العائدات النفطية في المرحلة المقبلة.
وما زاد من عمق الفجوة الحاصلة بين الرئاسة الأولى والثانية، بحسب مقربين من عون وبري، ملف المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، ذلك بسبب اعتراض التيار الوطني الحر على تثبيت المُياومين إلاَّ على قاعدة المُناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وعلى وجه التحديد الشيعة المؤيدين لبري.
وعطل هذا الخلاف أحد أهم المرافق في البلد لفترات عدة، بحيث لم تتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من جباية الفواتير بسبب الإضرابات المتواصلة من قبل المُياومين، ما أدى إلى عدم دفع المؤسسة مستحقات الشركات المُتعهدة، وبالتالي عدم دفع هذه الشركات رواتب الموظفين، والفواتير، مما هدد بتوقف التغذية عن المُشتركين. ولم يصل هذا الملف إلى حل جذري رغم محاولة بعض الأطراف الدخول كواسطة بين الرئيسين عون وبري، أبرزها النائب وليد جنبلاط ونائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي.
وبعدما سادت أجواء من التفاؤل والهدوء بين الرابية وعين التينة مقري عون وبري، عادت المعركة لتحتدم مع ظهور قضية التمديد لمجلس النواب، فأطاحت الآراء المتباعدة بين الرئيسين بالتقارب الذي كاد أن يحصل.
والسبب المباشر هذه المرة، بحسب بري، هو أن الرئيس عون، الذي كان آنذاك رئيسا لتكتل التغيير والإصلاح، وعده بحضور «جلسة التمديد لتعزيز الميثاقية المسيحية»، وبعدم الطعن بالقانون بعد صدوره أمام المجلس الدستوري، كما حصل في التمديد الأول في مايو (أيار) 2013، إلا أن بري فوجئ عشية الجلسة برفض عون النزول مع نوابه إلى المجلس من دون أن يعلمه بالأسباب، الأمر الذي أثار غضبه.
ويرى محللون أن ما «قطع شعرة معاوية» بين الرئيسين هو أن عون لم يتمكن من «انتزاع لقب مرشح نبيه بري» في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث عارض بري وصول عون إلى سدة الرئاسة، داعما بذلك المرشح الآخر وقتها، رئيس حزب المردة سليمان فرنجية.
أما خلال مرحلة التفاوض للتوصل إلى إقرار قانون جديد للانتخابات المقرر إجراؤها في مايو المقبل، شهدت الساحة اللبنانية العام الفائت تجاذبات كبيرة بين عون ممثلاً برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والرئيس نبيه بري.
فقد اتهم عون بري بطرح مشاريع قوانين لا تراعي التمثيل المسيحي الصحيح وتسمح بسيطرة الطوائف الأخرى على المقاعد المسيحية، فيما اتهم بري عون بطرح قوانين مذهبية وطائفية لا تراعي الانصهار الوطني. وانهالت في تلك الفترة عشرات القوانين المطروحة على المجلس النيابي، وكانت عندما يطرحها الأول يرفضها الثاني. واستمرت المفاوضات والمناقشات بين الأطراف السياسية حتى الوصول إلى القانون الحالي الذي اعتمد النسبية الكاملة مع الصوت التفضيلي، على أساس 15 دائرة.
وما يزيد من غرابة القصة، أن الرئيسين ينتميان نظريا إلى خط سياسي واحد، وكتلة نيابية موحدة تنضوي تحت راية معسكر 8 آذار. فتتجه الأنظار اليوم إلى ما ستؤول إليه التحالفات للانتخابات النيابية المقبلة، خاصة مع زيادة نسبة «انعدام الثقة» بين الرجلين عما سبق.



تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
TT

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)

في ظل استمرار اليمن واحداً من أخطر البلدان على الصحافيين منذ انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة الشرعية قبل عشر سنوات؛ تعتزم منظمات دولية ومحلية إطلاق شبكة قانونية لدعم الحريات الصحافية في البلاد، بالتزامن مع كشف نقابة الصحافيين عن انتهاكات عديدة طالت حرية الصحافة أخيراً.

وفي بيان مشترك لها، أعلنت 12 منظمة دولية ومحلية تأسيس شبكة خاصة بحماية الصحافيين اليمنيين، لتقديم خدمات الحماية والدعم القانوني إليهم، ومساندة حرية التعبير في البلاد، كما ستعمل على مضاعفة التنسيق والتكامل واستمرارية الجهود، لتعزيز الحماية وضمان سلامتهم واستقلاليتهم والمؤسسات الصحافية والإعلامية.

ويأتي إطلاق الشبكة، وفق بيان الإشهار، ضمن «مشروع ضمان الحماية القانونية للصحافيين» الذي تنفّذه «المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين» (صدى)، بالشراكة مع «اليونيسكو»، والصندوق العالمي للدفاع عن وسائل الإعلام، والذي يهدف إلى تمكين الصحافيين اليمنيين من الوصول السريع والآمن إلى خدمات الحماية الشاملة وخدمات المشورة والمساعدة القانونية.

عدد كبير من الصحافيين اليمنيين غادروا أماكن إقامتهم بحثاً عن بيئة آمنة (إعلام محلي)

وتضم الشبكة في عضويتها 6 منظمات دولية وإقليمية، بينها: «المادة 19»، ومؤسسة «روري بيك ترست»، وصندوق الدفاع عن وسائل الإعلام العالمي، و«فريدوم هاوس»، والمركز الأميركي للعدالة، إلى جانب 6 منظمات ومؤسسات إعلامية محلية.

انتهاكات متنوعة

تأتي هذه الخطوة عقب تقرير لنقابة الصحافيين اليمنيين أكدت فيه أن «الجماعة الحوثية تقف وراء نحو 70 في المائة من الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون خلال الربع الثالث من العام الحالي»، ونبهت فيه إلى «استمرار المخاطر المحيطة بالعمل الصحافي والصحافيين، وعملهم في بيئة غير آمنة تحيط بحرية التعبير في البلاد».

وعلى الرغم من إغلاق الجماعة الحوثية كل الصحف والمواقع المعارضة لتوجهاتها، ومنع عمل وسائل الإعلام العربية والدولية في مناطق سيطرتها؛ فإن نقابة الصحافيين رصدت وقوع 30 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال الربع الثالث من العام الحالي، وقالت إن ذلك يؤكّد «استمرار المخاطر تجاه الصحافة والصحافيين في بيئة غير آمنة تحيط بالصحافة وحرية التعبير في اليمن».

انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

ويذكر التقرير أنه، وخلال الفترة من 1 يوليو (تموز) وحتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضيين؛ تمّ رصد 14 حالة حجز حرية بنسبة 47 في المائة من إجمالي الانتهاكات، و6 حالات محاكمات واستدعاء لصحافيين بنسبة 19 في المائة، و4 حالات تهديد وتحريض بنسبة 13 في المائة، وحالتي اعتداء بنسبة 7 في المائة، وحالتي مصادرة لأجهزة الصحافيين بنسبة 7 في المائة، وحالتي ظروف اعتقال سيئة للمعتقلين بنسبة 7 في المائة.

ووضعت النقابة الجماعة الحوثية في طليعة منتهكي الحريات الصحافية؛ حيث ارتكبت 21 انتهاكاً بنسبة 70 في المائة، في حين ارتكبت الحكومة الشرعية بكل التشكيلات التابعة لها، 9 حالات انتهاك من إجمالي الانتهاكات، وبنسبة 30 في المائة منها.

ورصدت النقابة 14 حالة حجز حرية، بنسبة 47 من إجمالي الانتهاكات، تنوّعت بين 10 حالات اختطاف، و3 حالات اعتقال، وحالة ملاحقة واحدة، ارتكب منها الحوثيون 10 حالات، والحكومة 4 حالات.

الصحافة الورقية تعرّضت للإيقاف على أيدي الحوثيين الذين منعوا كل إصداراتها إلا الموالية للجماعة (إكس)

ويورد التقرير أن هناك 14 صحافياً رهن الاحتجاز لدى الأطراف كافّة، منهم 10 لدى الجماعة الحوثية، واثنان منهم لدى قوات الحزام الأمني في عدن، وصحافي اختطفه تنظيم «القاعدة» في حضرموت، وأخفاه منذ عام 2015، وهو محمد قائد المقري.

بيئة غير آمنة

يعيش الصحافيون المعتقلون في اليمن أوضاعاً صعبة ويُعاملون بقسوة، ويُحرمون من حق التطبيب والزيارة والمحاكمة العادلة، وفقاً لتقرير النقابة.

وسجّلت النقابة 6 حالات محاكمات واستدعاءات لصحافيين بنسبة 24 في المائة من إجمالي الانتهاكات استهدفت العشرات منهم، ارتكبت منها الحكومة 4 حالات، في حين ارتكب الحوثيون حالتين.

وتنوّعت هذه المحاكمات بين حكم بالإعدام أصدرته محكمة حوثية بحق طه المعمري، مالك شركة «يمن ديجتال» للخدمات الإعلامية، وحالة حكم بالسجن للصحافي أحمد ماهر، و3 حالات استدعاءات لصحافيين.

كما وثّقت 4 حالات تهديد لصحافيين بالعقاب بنسبة 16 في المائة من إجمالي الانتهاكات ارتكبتها جماعة الحوثي، وسُجّلت حالتا اعتداء، منها حالة اعتداء على صحافي، وحالة مداهمة لمنزل آخر.

تدريب صحافيين يمنيين على الاحتياطات الأمنية حيث يعيش غالبيتهم تحت طائلة التهديدات والاعتداءات (إعلام محلي)

ووقعت حالتا مصادرة لمقتنيات وأجهزة صحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية، وحالتا اعتقال سيئة لصحافيين معتقلين لدى الجماعة.

وطبقاً لتقرير النقابة، فإن مختلف الأطراف، خصوصاً الجماعة الحوثية، استمرت في اعتقال الصحافيين والتضييق عليهم، كما استمر استخدام القضاء لمعاقبتهم وترويعهم ومحاكمتهم في محاكم خاصة بأمن الدولة والإرهاب.

ويواجه الصحافيون الترهيب من خلال التهديدات والاعتداءات ومصادرة مقتنياتهم، رغم أن القيود المفروضة عليهم دفعت بعدد كبير منهم إلى التوقف عن العمل الصحافي، أو مغادرة أماكن إقامتهم، والنزوح بحثاً عن بيئة آمنة.

وطالبت نقابة الصحافيين اليمنيين بالكف عن مضايقة الصحافيين أو استخدام المحاكم الخاصة لترويعهم وإسكاتهم.