ورشات العمل... سلّم لكل راغب في الترقي بمسيرته المهنية

«ذي أجندة بيروت» تخصصت بها بعد أن أصبحت مطلباً في لبنان

مالك شركة «ذي أجندة بيروت» طوني أبو غزالة
مالك شركة «ذي أجندة بيروت» طوني أبو غزالة
TT

ورشات العمل... سلّم لكل راغب في الترقي بمسيرته المهنية

مالك شركة «ذي أجندة بيروت» طوني أبو غزالة
مالك شركة «ذي أجندة بيروت» طوني أبو غزالة

تكتسب ورشات العمل في لبنان أهمية خاصة، بعد أن أصبح التعليم المستمر ضرورة، وتغيير الاختصاص في بعض الأحيان حاجة، كما أن التطور في سلم المهنة أمر لا بد منه. أضحت هذه الورش موازية في أهميّتها للوسائل التقليدية بما فيها الوسائل الأكاديمية، وتؤدي دوراً جوهرياً في منح الشخص المعلومات التي يريد بطريقة موجّهة وسريعة ومضمونة النتائج. اللافت أنّ عددا كبيرا من الإعلاميين، والممثلين، والخبراء كما المحللين النفسيين ورجال الأعمال، يعملون على تنظيم ورشات متخصصة الكل في مجاله، إلا أنّ «ذي أجندة بيروت» هي أوّل شركة تتولى تنظيم ورشات بصورة دورية في لبنان، وفي مختلف الاختصاصات، وبشكل محترف.
يعرّف مالك الشركة طوني أبو غزالة عن نفسه بالقول: «أنا شاب طموح، أبلغ الثلاثين من العمر، أعشق بيروت، وقررت افتتاح عمل خاص بي رغم العراقيل التي من الممكن مواجهتها في بلادنا، فجمعت دراستي في إدارة الأعمال، والماجستير في الإعلام مع خبرتي في العمل مع بوتيك شانيل، وأسّست شركتي الخاصة». ويكمل في حديث لـ««الشرق الأوسط»: «كثيرون يظنون أنّ تأسيس شركة يحتاج إلى الملايين، وهو جزء من المفاهيم الشائعة الخاطئة؛ أنا أسست (ذي أجندة بيروت) من مبلغ مالي محدود جداً. من البداية كانت الفكرة ترتكز على ورشات العمل. وحين تكون الفكرة واضحة وقوية مع ما يرافقها من دراسة دقيقة للسوق وما يحتاجه، لا يمكن للميزانية أن تعرقل أي مشروع أو تقف في طريقه».
ويقول طوني الذي يعتبر من أصغر رجال الأعمال في لبنان أنّ الدعم المالي في بداية الطريق ليس أساسيا، ولم يعتمد عليه، مشدداً على مسألة عدم التفكير بالحاجة إلى مبالغ خيالية من أجل افتتاح عمل خاص، بل الأمر كله يعتمد على الدراسة الصحيحة والفكرة المطلوبة.
ورداً على سؤال حول نشاطات الشركة يجيب: «ننظّم مؤتمرات وورشات عمل لأربعة أو خمسة قطاعات. فيمكن أن يأتي أهل لتسجيل أولادهم بهدف مساعدتهم في اختيار الاختصاص الجامعي الذي يناسبهم، ويمكن أن يأتي إلينا طلاب جامعيون لإيجاد وظائف، أو شركات ترسل موظفيها لتمكينهم في مجال معين، أو أمهات يأخذن دروساً في مجالات تهمهن مثل تنشئة الأطفال، الإتيكيت، الديكور الداخلي. وهناك الأشخاص الذي لديهم هواية ويريدون معرفة المزيد عنها». ويكمل: «شخصياً أجد أنّ التعلّم من خلال ورشات العمل وجلسات التدريب إلى جانب الاختصاص الجامعي والخبرة التي يكتسبها المرء في الحياة، ضرورة جداً خصوصاً للأشخاص الذي يعملون على التقدم لطلب وظيفة، حيث تتضاعف حظوظهم في الحصول عليها في حال كانوا قد خضعوا لسلسلة من هذه الجلسات التي تعزز مكانتهم العملية على وجه التحديد».
أما أبرز المعايير التي يعتمد عليها عند اختيار تنظيم أي حدث أو ورشة عمل فهي الدراسة المعمّقة للمواضيع المطلوبة، واختيار الخبير المناسب لها، مشيراً إلى أنّ الشركة تختار خبراء معروفين في المجال، ووجوها إعلامية مهمّة أمثال بولا يعقوبيان، راغدة درغام، نيشان، ريكاردو كرم، في محاولة لتقديم الاستفادة القصوى للمسجلين في فترة قصيرة.
طوني يعترف باعتماده الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي، منوّهاً بدورها وقدرتها على منح أي مشروع سياسة تسويقية ضخمة بميزانية منخفضة، ليأتي لاحقاً دور الإعلام التقليدي. ويكمل: «الاعتماد على الشخصيات المؤثّرة على مواقع التواصل الاجتماعي ليست سراً، بل هذه كانت فكرتي من الأساس. فقد عملت مع لانا الساحلي في 2013. وهيلدا خليفة في 2014 لأنّ شهرتهما ستمنحني شهرة لشركتي المبتدئة، ولهذا اكتسبت جماهيرية واسعة في مدة زمنية قصيرة»، لافتاً إلى أنه يختار الأشخاص بطريقة متكاملة؛ أي الشهرة على الإنترنت وفي الحياة العادية والحضور القوي على مواقع التواصل الاجتماعي والخبرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».