إجراءات مشددة على المساجد الأثرية في مصر عقب أزمة مدوّن إسرائيلي

مسجد عمرو بن العاص التاريخي ({الشرق الأوسط})
مسجد عمرو بن العاص التاريخي ({الشرق الأوسط})
TT

إجراءات مشددة على المساجد الأثرية في مصر عقب أزمة مدوّن إسرائيلي

مسجد عمرو بن العاص التاريخي ({الشرق الأوسط})
مسجد عمرو بن العاص التاريخي ({الشرق الأوسط})

وضعت السلطات المصرية إجراءات مشددة على المساجد الأثرية والتاريخية اعتباراً من أمس (الجمعة)، عقب نشر مدون إسرائيلي صوراً، قال إنه «صورها من داخل جامع عمرو بن العاص التاريخي بالقاهرة»، وهي الصور التي أثارت جدلاً في البلاد خلال الأيام الماضية. وقال مسؤول في وزارة الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد) لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة عممت إجراءات مشددة على جميع المساجد، خاصة بتصوير المصريين والأجانب، سواء التصوير بكاميرا فوتوغرافيا أو تصوير فيديو».
وكان المدون الإسرائيلي، بن تزيون، قد أثار الجدل في مصر، عقب نشره صوراً على صفحته بموقع «فيسبوك» للمسجد، وتسجيل فيديو أيضاً عن المسجد، حيث وقف مبتسماً للكاميرا، وهو يشير بإصبعه إلى كلمة «بن صهيون»، منقوشة على حقيبته بحروف عبرية... وعلق تزيون على المنشور، بأنه في مسجد عمرو بن العاص، أول مسجد يُبنى في مصر وأفريقيا.
ووضعت وزارة الأوقاف عدة شروط للتصوير في المساجد الأثرية، وفق خطاب عممته على مديرياتها الفرعية في القاهرة والمحافظات، خاص بالتقاط الصور بالمساجد سواء كانوا مصريين أو أجانب، تحسباً من استغلال المساجد في إثارة أي فتنة في المجتمع أو نشر صور مسيئة أو ادعاء اختراق المساجد لصالح فكر أو تيارات معينة.... تضمنت هذه الشروط العديدة أن «يصطحب عمال المسجد وحراس الآثار أي سائحين أو مصريين أثناء التجول بالمساجد والتقاط الصور.... وأن يكون معهم تصريح بذلك موضح فيه سبب التصوير سواء شخصياً أو للعمل».
مسؤول الأوقاف، تحفظ عن ذكر اسمه لحساسية موقعه؛ لكنه دافع عن أن وزارته لم يكن لديها علم بواقعة تصوير المدون الإسرائيلي داخل المسجد، بقوله إن «المدون دخل المسجد كشخص عادي ليشاهد المعالم الأثرية، ولم يشك أحد في أنه سوف يستخدم الصور في أغراض سيئة».
وكانت حالة من الغضب سادت مجلس النواب (البرلمان) المصري عقب نشر الصور، وطالب النواب بضرورة التحقيق في الواقعة. وقال مراقبون إن «المدون الإسرائيلي معه أكثر من جنسية، وهو ما يمكنه من الذهاب لأي دولة والتحرك فيها بسهولة».
وأكد النائب طارق الخولي أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه التصرفات من المدون الإسرائيلي تأتي ردا على ما حدث مؤخرا من الدول العربية تجاه القرار الأميركي بنقل السفارة إلى القدس، وللتأكيد على إمكانية دخول أي مكان في مصر وتصويره، وهذا غير حقيقي بالمرة».
ويشار إلى أن المدون نشر أيضاً بصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» مقطع فيديو آخر من داخل معبد بن عزرا اليهودي، الموجود بمنطقة الفسطاط في حي مصر القديمة، وفيديو ثالث وهو يمتطي حصاناً بعباءة وسوط في يده عند الأهرامات في الجيزة.
ويقول مراقبون إن «الإهمال يضرب بعض المساجد الأثرية في مصر نتيجة تقاسم وزارتي «الأوقاف والآثار» سلطة إدارتها.... وهذا الإهمال تسبب مؤخراً في سرقة مقصورة السلطان الكامل الأيوبي من داخل قبة الإمام الشافعي، فضلاً عن سرقة 6 مشكاوات من مسجد الرفاعي».
لكن مجلس النواب المصري دخل على خط الأزمة في المساجد الأثرية والتاريخية. وطالب نواب بالمجلس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بضرورة علاج الإهمال في المساجد الأثرية، وتشكيل لجنة برلمانية لمتابعة أعمال ترميم وتطوير المساجد الأثرية في كافة محافظات مصر، لحماية ما تحتويه المساجد من مخطوطات أثرية نادرة ومعمار أثري فريد.


مقالات ذات صلة

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».