شارع الشواربي... مركز تسوق للمشاهير وعشاق «الجينز»

كان من رواده عبد الحليم حافظ وسامية جمال وتحية كاريوكا وعمره يعود لأكثر من 100 عام

شارع «الشواربي» في قلب منطقة وسط البلد التجارية الشهيرة بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
شارع «الشواربي» في قلب منطقة وسط البلد التجارية الشهيرة بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

شارع الشواربي... مركز تسوق للمشاهير وعشاق «الجينز»

شارع «الشواربي» في قلب منطقة وسط البلد التجارية الشهيرة بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
شارع «الشواربي» في قلب منطقة وسط البلد التجارية الشهيرة بالقاهرة («الشرق الأوسط»)

«هو دا شارع الشواربي!!» هكذا عبر أحد المارة عن اندهاشه من حالة الفراغ والهدوء التي تسود شارع الشواربي الشهير، الذي كان قبلة الطبقات الراقية للتسوق وشراء الملابس والعطور المستوردة. هذا الشارع تحديدا تكمن أهميته في كونه مقياسا، أو «ترمومترا» للحالة الاقتصادية والاجتماعية للمصريين؛ إذ يمكنك عبر التجول فيه أن تقف على الوضع الاقتصادي وتلمس أحوال عامة الشعب.
يقع شارع «الشواربي» في قلب منطقة وسط البلد التجارية الشهيرة بالقاهرة، تحفّه من الجانبين محال متناسخة تعرض الملابس والأحذية والإكسسوارات الحريمي والرجالي، يعود عمره لأكثر من 100 عام وذاع صيته في حقبة سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وتحديدا في المرحلة التي عرفت في عهد الرئيس محمد أنور السادات بـ«عصر الانفتاح»، إنها تلك الفترة التي شهدت بذور مرحلة العولمة حيث ساهم الاستيراد والتصدير دون قيود على دخول أنماط استهلاكية جديدة مع انتشار موضة «الجينز» في مصر، والتي كان شارع الشواربي ومتاجره منفذا رئيسيا لها حتى أنه عرف آنذاك بـ«مملكة الجينز».
«جينز حريمي»... «ليجينز»... «شراويل» نداءات يطلقها عدد من الشباب المنتشرين في جنبات الشارع في تنافس محموم؛ لجذب الزبائن للمحال المتشابهة في بضائعها فلا مجال للتميز في «الشواربي».. هنا يأتي الزبون لشراء قطعة من الملابس تقضي الغرض وتفي به، وقد يضيف إليهه قطعة أصلية من الماركات العالمية، وبذلك يكون المظهر اكتمل سواء للمناسبات العادية أو لأيام الأعياد الإسلامية أو المسيحية.
بات الشارع الآن سوقا للبضائع والملابس الصينية المقلدة لأشهر الماركات العالمية التي تناسب الطبقة المتوسطة مع ارتفاع الأسعار، الذي تشهده الأسواق المصرية بعد ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه. ولكن البضائع مكدسة لا تجد من يقتنيها... تماثيل العرض والبضائع واللافتات المثيرة بوجود أسعار مخفضة لم تنجح في اجتذاب المارة.
«في هذا الوقت من العام لم نكن نغلق محالنا» هكذا يفسر الشاب سعد عبد المعطي، الذي يدير أحد محال الملابس «الكاجوال»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في موسم تسوق رأس السنة لم يكن هناك موضع لقدم، وكذلك أيام الأعياد، وبين تغير الفصول ما بين الصيف والشتاء، كان شارع الشواربي قبلة للطبقات الراقية حيث كانت العطور الفرنسية والملابس الأوروبية، وكان المصريون يتفاخرون بأن ما يرتدونه من شارع الشواربي، بالتدريج بدأت المولات تخطف الزبائن لكن ظل أبناء الطبقة المتوسطة زبائن دائمين». يضيف عبد المعطي: «زبون الطبقة الوسطى كان يجد هنا كل ما يرغب فيه خاصة طلبة الجامعات الباحثين عن ملابس تشبه الماركات العالمية وبأسعار زهيدة، لكن مع زيادة الأسعار العام الماضي، والتي لا تزال ترتفع كل يوم، لم تعد الأسعار تناسب الطبقة المتوسطة أو الأقل منها، خاصة لو أن رب الأسرة لديه أكثر من طفلين».
أحوال أهل «الشواربي» سواء من الباعة أو المستهلكين تأثرت كثيرا بالسياسات الاقتصادية للحكومة المصرية، فما بين سياسة الانفتاح وما بين الخصخصة ومؤخرا تعويم الجنيه، تأرجحت مقاديرهم وأحوالهم منهم من صمد ومنهم من بحث عن مصدر رزق آخر واتجه ليبحث عن رزقه بين محال مراكز التسوق الكبرى التي باتت تجذب الأسر المصرية لما تحمله من ترفيه وراحة تفوق ما توفره مناطق التسوق المفتوحة بين شوارع القاهرة.
على الرغم من تطوير شارع الشواربي وممراته الجانبية ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية الكبير، الذي أضفى جمالا وسحرا على كل شوارع وعمائر وسط القاهرة وجعل التجول فيها متعة للمارة إلا أن ثقافة الاستمتاع بالتجول لم تكتمل أركانها بعد.
تقول السيدة تريز تكلا (49 سنة): «اعتدت أن أتسوق من محال بعينها من هنا، لا تزال أسعار الجينز أفضل كثيرا من مراكز التسوق التي أصبحت أسعارها توازي راتبي بأكمله، لكن للأسف أصبحنا نأتي مجبرين نشتري من المحل المفضل لنا، لا نستمتع كثيرا بالتسوق بسبب أسلوب بعض الباعة الذين يحاولون إجبارنا على الشراء من محالهم».
وتقف أسرة أمجد سامي (55 سنة) أمام أحد محال بيع الأحذية حيث تحاول الأم التفاوض مع أحد الأبناء لاختيار الأحذية الأقل سعرا بينما يحاول هو أن يهزم إصرار البائع الشاب على البيع بالسعر الذي حدده، ووسط حالة الجدل المحتدمة تتدخل الأم مراوغة مهددة بالشراء من متجر آخر يقدم لهم التخفيض المناسب الذي يناسب ميزانيتهم. هنا يتراجع البائع عن موقفه ويسحب كلماته السابقة «ليه بس يا ماما.. خلاص اللي يرضيكي... كل سنة وأنت طيبة». بابتسامة نصر تعلو وجهها، تقول السيدة مريم وجيه: «علينا اتباع سياسة النفس الطويل في عملية الفصال للحصول على ما نرغب بسعر مناسب، وفي الوقت نفسه إرضاء الأطفال، ولفتت قائلة: «عادة الرجال لا يمتلكون براعة الفصال... الفصال فن تتقنه السيدات».
بالحديث لأهل الشارع عن تاريخ «الشواربي» فإن أغلبهم لا يعلمون لماذا سمي بها الاسم خاصة الشباب، لكن الغالبية يدركون أنه سمي باسم أحد الباشاوات. يحمل الشارع اسم محمد الشواربي باشا، الذي ينحدر من أصول حجازية حيث جاء جده الأكبر إلى مصر في زمن الظاهر بيبرس البندقداري. ولد محمد باشا الشواربي في عام 1841 وتقلد وظيفة وكيل مديرية القليوبية، ثم مديرا لمديريتي الجيزة والمنوفية، ثم عُين عضوا بمجلس النواب سنة 1882، ثم عضوا لمجلس الشورى ثم وكيلا للمجلس. وعرف عنه اهتمامه بالأعمال الخيرية وأشهرها مستشفى قليوب.
على ناصية أحد الممرات الجانبية التي تفضي إلى مخازن المتاجر، يستند الحاج محمد عبد العليم إلى جوار متجره يدخن «الشيشة» ويتفحص المارة متحسرا على تبدل أحوال الشارع الذي ربي فيه، يروي لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يشاهد عبد الحليم حافظ، وهو يتجول بالشارع وكان يختار العطور الباريسية المفضلة له وكذلك تحية كاريوكا، وسامية جمال، وسهير زكي، وعزت العلايلي، ونور الشريف، وحسين فهمي، وإسعاد يونس، وسعيد صالح، وغيرهم من الفنانين. وبعد زفير طويل ينفث فيه دخان «الشيشة» يقول الرجل السبعيني: «كان زمن جميل، كل حاجة كانت حلوة، الفن والتجارة والحياة بشكل عام، حتى أذواق الملابس كانت جميلة، كان الجينز رغم أنه قطعة ملابس كاجوال، لكن كان لها جمالها، وألوانه ودرجاته، دلوقتي أستغرب جدا على الشباب اللي بيدور على الهدوم المقطعة وكأنه (لقى لقية)».
يجوب الشارع عدد من الشباب والأسر، التي تقطع جموده وستجد أيضا بعض المارة من الشباب العرب الذين كانوا يسمعون روايات من آبائهم عن هذا الشارع ومتعة التسوق فيه والتي لم يجدوا منها ولو حتى القليل. لم يعد التجول في الشارع مفضلا لدى الكثيرين من أبناء القاهرة أو زوارها من العرب والأجانب، فقد تقلبت عليه الأيام كما تقلبت على قلب القاهرة، لكنه يعطي لمحة عن العصر الذهبي للقاهرة قبل ظهور مراكز التسوق الكبرى «مولات»، حيث كان التبضع والتسوق متعة خاصة يُخصَص لها يوم كامل، حيث يجوب المتسوق شوارع «قصر النيل»، و«الشواربي»، و«طلعت حرب» حيث المحال التجارية الكبرى «هانو»، و«عدس» و«شيكوريل» وصيدناوي» و«عمر أفندي»، إلى جانب المحال الأخرى، التي كان يديرها عدد من أبناء الجاليات الأجنبية في مصر. أما قسط الراحة من التسوق فكان في المقاهي والمطاعم أوروبية الطابع التي كانت ترسم ملامح القاهرة في القرن الماضي، والتي لا يزال بعضها يروى فصولا من جمال ذاك العصر.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.