خطوات التعامل المنزلي مع نزلات البرد وآلام الحلق

يُعتبر «ألم الحلق» أحد أكثر الأعراض المرضية التي تنتشر المعاناة منها في فصل الشتاء أو في فترات تغير الفصول، وهو غالباً ما يحدث نتيجة لالتهاب ميكروبي في منطقة الحلق.
الفيروسات هي من أعلى مسببات الالتهابات الميكروبية في منطقة الحلق، والتي تكون ضمن حزمة من الأعراض المرافقة لـ«نزلة البرد» أو «الإنفلونزا». أما الالتهابات البكتيرية للحلق، فهي أقل شيوعاً وتتطلب المعالجة بالمضادات الحيوية بعد مراجعة الطبيب. ولكن لأن أكثر ما يتسبب بآلام الحلق هو العدوى الفيروسية التي تزول في الغالب خلال أسبوع، والتي لا تتطلب معالجتها تناول المضادات الحيوية، فإن استخدام الوسائل والمعالجات المنزلية هو سلوك صحي مفيد وتنصح به كثير من المصادر الطبية.
- معالجات غير مجدية
وهناك أنواع من المعالجات المنزلية التي أثبتت الدراسات الطبية جدواها، وأنواع أخرى لم يثبت علمياً جدواها. وعلى سبيل المثال، ضمن عدد 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لمجلة الرابطة الطبية الكندية Canadian Medical Association Journal، عرض الباحثون من جامعة ساوثهامبتون في بريطانيا نتائج دراستهم حول جدوى بعض المعالجات المنزلية لالتهابات الحلق الناجمة عن العدوى بالبكتيريا(وليس الفيروسات) من نوع بكتيريا العُقيديات Streptococcal Bacteria.
وتناول الباحثون تقييم تأثير نوعين من المعالجات المنزلية المحتملة الفائدة في تخفيف آلام الحلق، النوع الأول هو العلك الحلو الطعم الخالي من السكر Sugarless Gum، وخصوصا المحلى بمادة زيليتول الصناعية، والنوع الثاني هو تناول الأطعمة المحتوية على خمائر البكتيريا الصديقة، أو ما تُعرف بـ«بروبايوتيك» Probiotics. وأفاد الباحثون في نتائج دراستهم أنهما غير ذواتي جدوى في معالجة الالتهابات البكتيرية التي تحتاج بالأصل إلى تلقي المضادات الحيوية تحت إشراف طبي.
وعلق البروفسور مايكل مور، الباحث الرئيس في الدراسة وأستاذ بحوث طب الرعاية الأولية، بالقول ما مفاده أن الدراسة لم تثبت جدوى للأطعمة المحتوية على «بروبايوتيك» في معالجة التهابات الحلق البكتيرية من نوع العُقيديات، ولكن قد تكون مفيدة في حالات التهابات الحلق الناجمة عن العدوى بالفيروسات.
وأضاف أن نحو 80 في المائة من التهابات الحلق هي بسبب الفيروسات، وتتسبب البكتيريا بنسبة 20 في المائة من تلك الالتهابات الميكروبية في الحلق، وعلى الرغم من هذا يتلقى 70 في المائة من المُصابين بالتهابات الحلق المضادات الحيوية على الرغم من أنها غير ذات جدوى في معالجة العدوى الفيروسية.
- خطوات التعامل المنزلي
واللافت للنظر هو ما علق به الدكتور جاك إندي، رئيس الكلية الأميركية للأطباء على نتائج هذه الدراسة بقوله: «المُصابون بآلام الحلق عليهم محاولة غرغرة الحلق بالماء المالح أو تناول ملعقة من العسل لتخفيف هذا الألم»، وأضاف: «تفحص الأعراض لديك، لو كنت تعطس أو تسعل فإن السبب في التهاب الحلق ليس العدوى بالبكتيريا العُقيدية».
> أولى خطوات التعامل المنزلي مع التهابات الحلق والأجزاء الأخرى من الجهاز التنفسي العلوي، هو معرفة متى يجدر مراجعة الطبيب دون تأخير. وهو ما يُفيد حوله الباحثون الطبيون من مايو كلينك بالقول: «خذ طفلك إلى الطبيب إذا كان التهاب الحلق لديه لا يذهب بعد شرب الماء عند الاستيقاظ من النوم، وهذه هي نصيحة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال. وعليك الحصول على الرعاية الطبية الفورية إذا كان طفلك لديه علامات شديدة مثل: صعوبة في التنفس أو صعوبة في البلع أو خروج اللعاب بشكل غير معتاد، أي ما يُعرف بالترويل Drooling، وهو ما قد يُشير إلى عدم القدرة على البلع عبر الحلق الملتهب.
وتضيف نشرات الأطباء من مايوكلينك قائلة: «بالنسبة للبالغين، ووفقا لنصائح الأكاديمية الأميركية لطب الأنف والأذن والحنجرة، راجع طبيبك إذا رافق التهاب الحلق لديك أحد الأعراض التالية: التهاب حلق شديد، استمرار التهاب الحلق لفترة أطول من أسبوع، معاناة من صعوبة البلع، الشعور بصعوبة في التنفس، حصول صعوبة في فتح الفم، الشكوى من الم المفاصل، الشعور بوجع في الأذن، ظهور الطفح الجلدي، حمى أعلى من 38.3 (ثمانية ثلاثين فاصلة ثلاثة) درجة مئوية، خروج لعاب أو بلغم ممزوج بالدم أو ظهور تورم في العنق».
- الراحة وتناول السوائل
> الخطوة الثانية في التعامل المنزلي مع آلام الحلق، هو الخلود إلى الراحة البدنية والحرص على شرب السوائل، وخصوصا الماء. والسوائل مفيدة في حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي لعدة أسباب، الأول لتعويض النقص في سوائل الجسم الذي يُرافق ارتفاع الحرارة وزيادة التعرق، والثاني لترطيب بطانة مجاري التنفس وتسهيل إفرازها للسوائل المخاطية التي تحفظ تلك البطانة من الجفاف، ومعلوم أن جفاف بطانة أجزاء الجهاز التنفسي يُسهم في تراكم الميكروبات وسهولة تغلغلها في تلك المناطق، والسبب الثالث إزالة الميكروبات المتراكمة عبر غسلها بالسوائل المخاطية التي تُفرزها بطانة الجهاز التنفسي العلوي.
- المهم هو تقليل تناول المشروبات المحتوية على الكافيين لأنه يزيد من إدرار البول. وكمية السوائل الطبيعية التي تفرزها بطانة الأنف والجيوب الأنفية والحلق، والتي يبتلعها المرء دون الشعور بها، هي نحو نصف لتر في اليوم الواحد، وذلك في الحالات الطبيعية، أي عند عدم وجود التهاب ميكروبي.
- العسل وشوربة الدجاج
وهناك سوائل مفيدة صحياً في التهابات الجهاز التنفسي العلوي، مثل الماء الدافيء الممزوج بقليل من عصير الليمون أو العسل، ومثل شوربة الدجاج أو عصير التفاح الدافئ.
- وفي شأن العسل، يقول الدكتور جيمس ستيكلبرغ، استشاري الأمراض المُعدية بمايوكلينك، : «شرب مزيج من العسل مع الشاي أو مع ماء الليمون الدافئ هو وسيلة قديمة ومفيدة في حالات التهاب الحلق. ولكن تناول العسل وحده قد يكون فعالاً في قمع السعال أيضاً. وفي إحدى الدراسات الطبية، أعطي الأطفال الذين أعمارهم فوق السنتين وكبار السن الذين يعانون من التهابات الجهاز التنفسي العلوي كمية ملعقتي شاي من العسل، أي نحو 10 ملليلترات في وقت النوم، وأظهرت النتيجة أن العسل يحد من السعال الليلي ويُحسن النوم. وفي الواقع، ظهر في هذه الدراسة أن العسل فعال في قمع السعال مثل دواء ديكستروميتورفان، وحيث إن العسل منخفض التكلفة ويتوفر على نطاق واسع، قد يكون من المفيد محاولة الاستفادة منه».
- وفي شأن شوربة الدجاج، فقد أظهرت تجارب البروفسور ستيفن رينارد، طبيب الأمراض الصدرية والعناية الفائقة بالمركز الطبي لجامعة نبراسكا في أوماها بالولايات المتحدة، أن لشوربة الدجاج فائدة في خفض مستوى عمليات الالتهابات الجارية خلال مراحل نزلات البرد أو غيرها من التهابات الجهاز التنفسي. ونوع شوربة الدجاج التي تم اختبارها، هي التي تحتوي، وفق ما قاله الباحثون، على قطع الدجاج بالعظم، والبصل والبقدونس والكرفس والبطاطا، إضافة إلى الملح والفلفل الأسود.
- الغرغرة والترطيب
> الخطوة الثالثة لتخفيف ألم الحلق هو الغرغرة بالماء الممزوج بالملح، وتحديداً مزج ما يملأ ربع ملعقة شاي من الملح في كأس من الماء بحجم 8 أونصات (220 ملليترا تقريبا)، وتنصح كثير من المصادر الطبية تكرار الغرغرة عدة مرات في اليوم. والغرغرة بالماء المالح تُخفف من التورم والاحتقان في بطانة الحلق وتُقلل من الشعور بألم الحلق. وفي إحدى الدراسات الطبية التي تم نشرها في المجلة الأميركية للطب الوقائي American Journal of Preventive Medicine، تبين أن الغرغرة بالماء المالح تفيد حتى في الوقاية من الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي. والمهم هو عدم بلع الماء المالح، وأيضاً عدم زيادة كمية الملح في المزيج.
ولترطيب الحلق كذلك، هناك أنواع من أقراص الحلوى الصلبة الخالية من السكر الطبيعي أو أقراص لوزنجز lozenges المحلاة بغير السكر، التي يتم امتصاصها تدريجياً وتُعطي ترطيباً للحلق. أو مضغ العلك الخالي من السكر الطبيعي، والسبب أن العلك الممزوج بالسكر الطبيعي يُقلل من إفراز الغدد اللعابية للعاب مع تكرار عملية المضغ، وبالتالي لا يُفيد في ترطيب الحلق باللعاب.
> الخطوة الرابعة، العمل على ترطيب تجويف الأنف باستخدام قطرات الماء، المُملح بنسبة قليلة، وتكرار عملية الترطيب تلك بالقطرات أو بخاخ رذاذ الماء المالح، وهذا من المعالجات المنزلية المفيدة.
> الخطوة الخامسة توفير ترطيب لهواء الغرفة التي ينام فيها الشخص باستخدام جهاز ترطيب الهواء Humidifier، وذلك لتقليل احتمالات حصول جفاف تجويف الأنف أو جفاف الحلق أثناء النوم.
> الخطوة السادسة الابتعاد عن أي أدخنة تهيّج الحلق، مثل دخان السجائر.

- استشارية في الباطنية