أنتونيلا رومانو: نتائج الثورات العلمية تأتي دائماً متأخرة

في حوار أجرته معها مجلة «علوم ومستقبل» الفرنسية

غلاف المجلة
غلاف المجلة
TT

أنتونيلا رومانو: نتائج الثورات العلمية تأتي دائماً متأخرة

غلاف المجلة
غلاف المجلة

أجرت مجلة «علوم ومستقبل»، (SCIENCE ET AVENIR) في عددها رقم «191» لشهري أكتوبر (تشرين الأول) - نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، لقاء حواريا مع أنتونيلا رومانو (Antonnella Romano) حول مجموعة من القضايا العلمية؛ نذكر منها: ما الثورة العلمية؟ وهل تُكتشف لحظة حدوثها أم الأمر انتباه بعدي لها؟ ما الفرق بين الثورة السياسية والثورة العلمية؟ ما علاقة العالم بالسلطة؟ ما الفروق بين الألفاظ المتقاربة التالية: الاكتشاف، والاختراع، والابتكار... في مجال العلوم؟ كيف أصبح العلم بلون أوروبي؟ وطبعاً إشارات أخرى عميقة... سنعمل على إلقاء الضوء على بعض منها في مقالنا هذا.
تجدر الإشارة بداية إلى أن أنتونيلا رومانو مؤرخة للعلوم ومديرة «مركز ألكسندر كويري للتاريخ والعلوم والتقنيات»، وهو ما جعل الحوار معها يكتسي طابع الدقة، لكن وفي الوقت نفسه الطابع التعليمي الذي تمثل في كثرة ضرب الأمثلة التوضيحية، التي سنقف عند بعضها ونحن نسير في هذا المقال.
انطلقت المحاورة بالسؤال عن الثورة العلمية، لتؤكد رومانو على أن لفظة «ثورة» معقدة جدا وليست بالبساطة التي قد يعتقدها البعض، فإذا أخذنا العالم البولوني نيكولاس كوبيرنيكوس، الراهب من مرتبة «Chanoin»، وهو منصب إداري في التراتب الكنسي، فقد ترك لنا كتابا يدعى «في دوران الأجرام السماوية» نشره أحد تلامذته عام 1543، الذي يعد نقطة انطلاق لتصور جديد للفلك، إلا أن رومانو تقول إنه قد بقي يتداول بين الناس دون إثارة أي مشكلات، أو قلاقل اجتماعية، فهو برز على أنه حدث عاد إلى حدود 1616 وهي سنة وضعه في لوائح المنع من طرف لجان المراقبة الكنسية، بسبب جرأة غاليليو ومحاولة جعل أفكار مركزية الشمس الكوبيرنيكية في متناول العامة. فالكتاب كان في مستهله لا يثير انتباه الرقابة ويجول بين مجموعة من المهتمين بالسماء، فهو، كما تقول رومانو، لم يكن له إبان خروجه للوجود أي مفعول يذكر على تصور الأوروبيين للكون، حيث استمر الفلكيون يمارسون ويدرسون علم الهيئة كما ألفوه وتعلموه من القدماء، وهو ما يسمح بالقول إن اكتشاف أن هناك ثورة قد أنجزت يأتي متأخرا وبعد مرور الوقت.
رومانو تذكرنا هنا بأن رواج الحديث عن «الثورة العلمية» جاء بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم إقحام تخصص «تاريخ العلوم» في الجامعات بشكل رسمي خصوصا في الولايات المتحدة، مما جعل تزويد الباحثين بمعالم من تاريخ العلم أمرا اضطراريا، وهو ما كرس فكرة البحث في الثورات العلمية، وفكرة حركية التاريخ العلمي، وهل هو تراكمي أم عبارة عن قطائع؟ وهنا تلح رومانو على أنه ينبغي التفرقة بين الثورة العلمية والثورة السياسية، فالقطيعة في الشأن السياسي قد تحدث بشكل مباغت ومفاجئ كالثورة الفرنسية والثورة الروسية وتأثير الحدث يبزغ بسرعة. أما الثورة العلمية فهي لا تتحرك على الشاكلة نفسها، وتكون سمتها البطء ولا تؤثر في حياة الناس مباشرة. ولكي تقنعنا برأيها هذا تضرب أمثلة من تاريخ العلم، فعندما استطاع غاليليو مشاهدة السماء بالتلسكوب مؤكدا افتراض مركزية الشمس كما أعلنها كوبيرنيكوس، وهذا طبعا أمر مهم، فإنه لم يغير من حياة الناس ومن طريقة تفكيرهم تلقائيا، فالأمر احتاج لزمن طويل. والأمر نفسه يقال عن قوانين نيوتن حول الجاذبية، فهي لم تؤثر بشكل حاسم في معاصريه. كل هذا دفع رومانو إلى خلاصة مفادها أن التركيز على «الثورة العلمية» يضيع نظرتنا نحو تحليل المجتمع وحركيته وتحولاته.
من جهة أخرى، ستأخذ مؤرخة العلوم رومانو النقاش للحديث عن حقبة القرن التاسع عشر، وكيف ستنشب منافسة شرسة بين سلطة الكنيسة وسلطة العلم، أي بين التصور القروسطي للعالم والتصور العلمي الناشئ آنذاك، حيث سيبدأ بعض العلماء والفلاسفة في المجتمع الأوروبي، والفرنسي خصوصا، بالتفكير في علم زمانهم وما ينتجه من حقائق تصطدم بالحقائق المروجة في الكتاب المقدس؛ إذ تم الانتباه إلى التغيرات التي بدأت تمس ملامح السلطة المعرفية التي كانت تحتكرها الكنيسة، وكيف أنه يتم تعويضها تدريجيا بسلطة جديدة يتزعمها العلم، الذي أصبح يتغلغل في أذهان الناس ويسحب ثقتهم في القديم، خصوصا مع ظهور الدراسات الجيولوجية والدراسات الحفرية التي أعادت النظر في عمر الأرض والإنسان، وهو ما كان يتعارض مع الطبيعيات الإنجيلية ويتحداها بحجج دامغة تضعها في إحراج هائل. وكيف لا والقرن التاسع عشر أفرز لنا مصطلح «ما قبل التاريخ» الذي تمت الدعوة من خلاله إلى إعادة كتابة التاريخ الإنساني من جديد وبطريقة مختلفة عن المعهود؟
تدعو أيضا رومانو إلى تجاوز التأريخ للعلم انطلاقا من النظر للعلماء على أنهم أفراد معزولون، بل ينبغي دائما ربطهم بسياقهم الاجتماعي والسياسي، فمن المهم النظر لشروط وظروف عملهم، فهي تسعف في استيعاب ملامح التحولات العلمية في سياق شمولي، وتضرب لذلك أمثلة نذكر بعضها... لقد كان غاليليو أستاذا للرياضيات في جامعة بادوا، وكان أجره هزيلا، مما كان يضطره إلى إعطاء دروس خصوصية من أجل ضمان بقائه، وهو الأمر الذي كان على حساب وقته، ورسائله شاهد على هاجس بحثه عن استقرار مالي يضمن له التفرغ لمشروعاته العلمية، فهو كان قلقا بخصوص رؤية السماء والقيام بتجاربه واقتناء أدوات مختبره... الأمر الذي دفعه إلى الانخراط مع رجال السياسية تقربا لضمان ما يحلم به؛ إذ سيستغل شهرته لصالحه، حيث تمكن من تأمين وظيفة له في البلاط التوسكاني، بقصد التفرغ للبحث والتخلص من أعباء التدريس، حاصلا على لقب «كبير الفلاسفة والرياضيين». إن فكرة أن غاليليو كان تابعا للحاشية الملكية، تعد من الأفكار المغيبة في التأريخ، لحساب فكرة أخرى طاغية وهي أنه بطل بالمفرد، لكن الحقيقة هي أن الرجل كان منخرطا ومتجذرا في بنية المجتمع آنذاك، فهو كان يحتاج دعم الأمير والحصول على حمايته. لهذا تعلن رومانو موقفا هو أن إنتاج العلم في القرن الـ17، كما هو الشأن الآن، مرتبط بالسلطة. وهنا بالضبط تستحضر لنا مثالا آخر؛ وهو الخاص بالعالم جورج بوفون (Buffon) صاحب الموسوعة الضخمة المشكلة من 36 مجلدا وهي بعنوان «التاريخ الطبيعي»، فهو قد عين سنة 1739 رئيسا لحديقة الملك الباريسية التي جعل منها مركزا للبحث.
فكما يبدو، لا يوجد أي إنتاج معرفي كيفما كان دون انخراطه في السياسي، والتفكير بعكس ذلك يظهر سذاجة في التصور.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

سيمون سكاما
سيمون سكاما
TT

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

سيمون سكاما
سيمون سكاما

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما» Simon Schama، في كتابه «قصة اليهود» The story of the Jews الصادر عن دار نشر «فينتغ بوكس» في لندن Vintige Books London، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين في دلتا النيل في مصر سنة 475 قبل الميلاد حتى نفيهم من إسبانيا سنة 1492 ميلادية. وهو يذكر أنهم في البداية كانوا عبيداً في مصر وطُردوا بشكل جماعي، وهم حتى اليوم يحتفلون بذكرى تحررهم من العبودية في مصر. وقد أمرهم إلههم بعدم العودة إلى مصر لكنهم عصوا أمره وعادوا مراراً وتكرارً إليها. واعتماداً على أسفار موسى الخمسة، وعلى آثار عمليات التنقيب في مصر، كانت بين يدي الكاتب مادة خصبة أعانته على جمع أدلة تفيده في نثر كتابه الذي يتناول مدة زمنية أسهمت في تكوين مصير مَن حُكم عليهم بالعيش حياة الشتات في الشرق والغرب.

ويذكر الكاتب أن اليهود عاشوا حياة الشتات، وأنهم أقلية مسحوقة دائماً بين قطبين، وبين حضارتين عظيمتين؛ بين الحضارة الأخمينية وحضارة الإغريق، بين بابل ووادي النيل، بين البطالمة والسلوقيين، ثم بين الإغريق والرومان.

وهكذا عاشوا منغلقين في قوقعة في أي مجتمع يستقرون فيه ، فمثلاً فترة انتشار الإمبراطورية الإغريقية وجدوا صعوبة في الحصول على المواطَنة الإغريقيّة لأنها كانت تعتمد على ثلاث ركائز: المسرح، والرياضة (الجيمانيزيوم) التي لا يمكن أن تتحقق من دون ملاعبَ العريُ التامُّ فيها إلزاميٌّ، الشيء الذي لا يتماشى مع تعاليم اليهودية، والدراسة الأكاديمية، التي لا يمكن أن يصلوا إليها.

صحيح أنهم عاشوا في سلام مع شعوب المنطقة (سوريين، وإغريقاً، وروماناً، وفُرساً، وآشوريين، وفراعنة، وفينيقيين) لكن دائماً كانوا يشعرون بأن الخطر على الأبواب، حسب الكاتب، وأي حدث عابر قد يتحول إلى شغب ثم تمرُّد ثم مجزرة بحقهم. ومن الطبيعي أن تتبع ذلك مجاعة وصلت أحياناً إلى تسجيل حالات أكل الأحذية وحتى لحوم البشر، ومذابح جماعية تشمل الأطفال والنساء وتدنيس المقدسات. ويضرب الكاتب هنا مثلاً بمحاولة انقلاب فاشلة قام بها القديس ياسون على الملك السلوقي أنطيوخس إبيفانيوس الرابع، فتحول هذا الأخير إلى وحش، وأمر بقتل كل يهودي في شوارع القدس وهدم المقدسات، وقدَّم الخنازير أضحية بشكل ساخر بدلاً من الخراف، وأجبر اليهود على أكل لحم الخنزير، وأخذ آلاف الأسرى لبيعهم في سوق النخاسة. وبعد فترة استقرار قصيرة في القدس، وأفول الحضارة الإغريقيّة لتحل مكانها الحضارة الرومانية، ذهب وفد من اليهود إلى الملك الروماني لمناشدته منح اليهود في القدس حكماً ذاتياً.

طبعاً هذه كانت مماطلة لا تُلغي وقوع الكارثة لكن تؤجلها. حتى إن الملك غاليكولا أمر ببناء تمثال له على هيئة إله وتنصيبه وسط معبد اليهود الذين كانوا يَعدّون ذلك من الكبائر.

حتى جاء اليوم الذي وقف فيه على أبوابها الملك الروماني بومبي الكبير فارضاً حصاراً دام عامين انتهى باصطحابه الأسرى اليهود مقيدين بالسلاسل لعرضهم في شوارع روما، تلت ذلك هجرة جماعية كانت آخر هجرة لهم. وهم فسروا ذلك بوصفه عقاباً إلهياً «لأنه لا يمكن أن يكون الله قد تخلى عنهم في وقت السلم كما في وقت الحرب. لأن السلم لم يكن سلم عزٍّ بل كان ذلاً».

وفي أوروبا العصور الوسطى، كان مفروضاً عليهم ارتداء شعار خاص لتمييزهم أيضاً عن باقي الناس، ومُنعوا من العمل في الوظائف الرسمية الحكومية مثل مهن الطبيب والمحامي والقاضي، حتى المهن الحرفية تم حرمانهم من التسجيل في نقاباتها. هذا بالنسبة ليهود الأشكنازي، أما بالنسبة ليهود إسبانيا السفاردي، فقد أصدرت الملكة إيزابيلا سنة 1492 (نفس سنة خروج الإسلام من إسبانيا) قانوناً لطرد اليهود من إسبانيا، ومنع اليهود من ارتداء الملابس الفاخرة، والتجول فقط في النهار، والعيش في أحياءً منعزلة، كما لا يحق لهم العمل مع المسيحيين أو العكس أو يكون عندهم خادمة مسيحية مثلاً، ومنعهم من امتلاك عقارات أو منح القروض إلا بشروط معينة...

لكن ما سبب هذا الاضطهاد بحق اليهود؟

حسب الكاتب، هناك سببان: أولاً وشايتهم إلى الملك الروماني وتحريضه لمحاكمة يسوع وهتافهم وقت صلبه «اقتلوه... اقتلوه»، أما السبب الآخر فهو أن الملكة إيزابيلا وضعت أمام اليهود الاختيار بين ثلاثة احتمالات: اعتناق المسيحية أو القتل أو الطرد، في حملةٍ لتطهير البلد من اليهودية. القليل من اليهود اعتنق المسيحية؛ خوفاً، وكان يطلق عليهم اسم «كونفرتو»، أو «المسيحيون الجدد»، لكن في السر استمروا في ممارسة طقوسهم اليهودية، وكان يطلق عليهم اسم «Marranos».

كتاب «قصة اليهود» لم يقتصر فقط على ذلك، فإلى إلى جانب فصول عن الحملات والحروب، هناك فصول عن اليهود في شبه الجزيرة العربية فترة النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، ويهود الأندلس، وصلاح الدين الأيوبي، ويهود مصر، وكذلك يهود بريطانيا، ويهود إسبانيا. وكذلك يفتح لنا الكتاب نوافذ على الحياة الاجتماعية والثقافية لشعوب ذاك الزمان، ويسرد تفاصيل الهندسة المعمارية بجماليّاتها خصوصاً لدى الإغريق، حيث اشتهرت عمارتهم بالأعمدة والإفريز والرواق والفسيفساء، الشيء الذي أخذه منهم اليهود.

لكنَّ هناك نقاطاً أخفق المؤلف في تسليط الضوء عليها أو طرحها في سياق المرحلة التاريخية التي يتناولها الكتاب، ومنها مرحلة حياة عيسى، عليه السلام، من لحظة ولادته حتى وقت محاكمته وصلبه، رغم أهميتها في مجريات الأحداث بتفاصيلها التي كانت انعطافاً كبيراً في تاريخ اليهود خصوصاً والعالم عموماً. ثانياً، وعلى الرغم من دقة وموضوعية المعلومات ورشاقة السرد، فإن الكاتب لم يذكر لحظات أو مراحل إيجابية عن حياة اليهود بقدر ما ذكر أهوال الحروب والحملات ضدهم وتوابعها عليهم.

وأعتمد المؤلف على المخطوطات parchments، أو رسائل على ورق البردي، وعلى قطع فخارية أثرية اكتُشفت في القرن الماضي ضمن حملات بتمويل حكومي ضخم لبعثات أثرية بريطانية وأميركية وفرنسية تسمى «Fact finding expenditures»، أي «بعثات البحث عن الحقيقة». وكذلك على وثائق تروي قصص ناس عاديين من عقود زواج أو ملفات دعاوى قضائية، بالإضافة إلى مؤلفات المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيو.