احتياطي مصر يتجاوز 37 مليار دولار

رغم التزامات الديون المرتفعة

تعززت الثقة في وضع مصر المالي بعد اتفاق البلاد مع صندوق النقد على برنامج للإصلاح الاقتصادي (أ.ف.ب)
تعززت الثقة في وضع مصر المالي بعد اتفاق البلاد مع صندوق النقد على برنامج للإصلاح الاقتصادي (أ.ف.ب)
TT

احتياطي مصر يتجاوز 37 مليار دولار

تعززت الثقة في وضع مصر المالي بعد اتفاق البلاد مع صندوق النقد على برنامج للإصلاح الاقتصادي (أ.ف.ب)
تعززت الثقة في وضع مصر المالي بعد اتفاق البلاد مع صندوق النقد على برنامج للإصلاح الاقتصادي (أ.ف.ب)

أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع احتياطات النقد الأجنبي في نهاية العام الماضي إلى 37.020 مليار دولار، رغم مستحقات الديون الكبيرة التي سددتها البلاد في هذا العام.
وكانت احتياطات مصر قد تدهورت منذ عام 2011 متأثرة بالاضطرابات السياسية التي تلت ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، لكنها عادت إلى مستوياتها السابقة في يوليو (تموز) الماضي لتصل إلى 36 مليار دولار، واستقرت فوق هذا المستوى منذ الصيف الماضي.
وتوقعت المجموعة المالية هيرميس، في تقريرها حول آفاق الاقتصاد المصري، أن يواصل الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية ارتفاعه خلال السنوات المقبلة ليصل إلى 39.8 مليار دولار بنهاية 2019.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية في مصر عن خبير قوله إن طريقة إدارة البنك المركزي للاحتياطي ساهمت في المحافظة على مستوياته المرتفعة، حيث اعتمد «على عدة محاور أبرزها حسن إدارة ملف القروض وتحويل القروض قصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل». وأضاف الخبير أن من عوامل ارتفاع الاحتياطي نجاح المركزي في «إعادة تحويلات المصريين في الخارج لتتم من خلال البنوك، بعد أن ظلت لفترات طويلة تتم من خلال السوق السوداء»، بسبب الفجوة الكبيرة بين السعرين الرسمي والموازي. وقضى المركزي المصري على السوق السوداء تقريبا بعد أن حرر سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2016، لكن العملة المحلية فقدت أكثر من نصف قيمتها.
وأعطت حزمة من القروض الخارجية دفعة قوية للوضع المالي في مصر، كان من أبرزها اتفاق البلاد مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار في نوفمبر عام 2016؛ وذلك بجانب التدفقات القوية للمستثمرين الأجانب في أذون الخزانة والسندات المصرية، التي تعززت بتبني البلاد لسعر صرف مرن للجنيه، وزاد رصيد الأجانب في أذون الخزانة من 532 مليون جنيه في يونيو (حزيران) 2016، إلى 333.6 مليار جنيه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتعززت الثقة في وضع مصر المالي بعد اتفاق البلاد مع صندوق النقد على برنامج للإصلاح الاقتصادي شمل تقليص دعم المحروقات والحد من ميزانية الأجور الحكومية بجانب التوسع في ضريبة القيمة المضاف.
لكن التزامات البلاد الخارجية تفاقمت بشكل أثار مخاوف المراقبين، حيث ارتفع الدين الخارجي لنحو 79 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، ومع حلول آجال سداد المديونيات ترتفع الضغوط المالية على البلاد، وفضلت السعودية والإمارات تأجيل مستحقات لهما في 2018 تقديرا للوضع المصري.
وقال مصدر مسؤول بالبنك المركزي أمس، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن العام المقبل سيشهد سداد ديون والتزامات بقيمة 12 مليار دولار، مؤكدا أن مصر ملتزمة بسداد جميع التزاماتها في الأوقات المحددة ولن تتخلف عن سداد أي أقساط.
وأوضح المصدر أن مصر سددت نحو 30 مليار دولار التزامات وديونا لجهات خارجية خلال العام الماضي 2017؛ تتوزع بين سندات وديون خارجية لصالح بنوك دولية منها البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد وودائع وقروض من دول منها السعودية وليبيا وتركيا، بالإضافة إلى التزامات لجهات حكومية منها هيئة البترول، والتزامات أيضا لنادي باريس للدائنين.
وتستهل مصر العام الجديد بإصدار سندات دولارية تتراوح قيمتها بين 3 إلى 4 مليارات دولار خلال يناير الحالي، بعد أن باعت في يناير 2017 سندات من النوع نفسه بأربعة مليارات دولار على ثلاث شرائح.
وسبق ذلك بيع سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار في يونيو 2015 كانت الأولى من نوعها لمصر منذ ثورة يناير 2011. ويساهم تحسن مؤشرات مصر التجارية بعد تعويم العملة في نوفمبر 2016 في تخفيف ضغوطها الخارجية، حيث ساعد ضعف العملة أمام الدولار على تحسين تنافسية الصادرات والحد من تكاليف الواردات.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أمس إن قيمة العجز في الميزان التجاري تراجعت خلال سبتمبر (أيلول) الماضي لتصل إلى 3.04 مليار دولار، مقابل 3.1 مليار دولار للشهر نفسه من 2016. وذكر الجهاز، في النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية، أن قيمة الصادرات ارتفعت خلال سبتمبر بنسبة 17.1 في المائة، لتصل إلى 1.83 مليار دولار، مرجعا ذلك إلى ارتفاع قيمة صادرات بعض السلع وأهمها الملابس الجاهزة بنسبة 13.8 في المائة، واللدائن بأشكالها الأولية (البلاستيك) بنسبة 77.2 في المائة، والأسمدة بنسبة 59.3 في المائة، والعجائن ومحضرات الأغذية المتنوعة بنسبة 5.3 في المائة.
وأشار الجهاز إلى انخفاض صادرات بعض السلع خلال شهر سبتمبر 2017 مقابل مثيلتها للشهر نفسه من العام السابق عليه، وأهمها البترول الخام بنسبة 20.5 في المائة، والفواكه الطازجة بنسبة 18.0 في المائة، ومنتجات الألبان بنسبة 5.2 في المائة، والمصنوعات من اللدائن بنسبة 7.9 في المائة.
وفي المقابل، ارتفعت قيمة الواردات بنسبة 4.5 في المائة، حيث بلغت 4.87 مليار دولار خلال شهر سبتمبر 2017 مقابل 4.66 مليار دولار للشهر نفسه من 2016، وذلك بسبب ارتفاع قيمة واردات بعض السلع، وأهمها المواد الأولية من الحديد أو الصلب بنسبة 22.9 في المائة، واللحوم بنسبة 10.4 في المائة، واللدائن بأشكالها الأولية «بلاستيك» بنسبة 17.9 المائة.
وانخفضت قيمة واردات بعض السلع خلال سبتمبر، وأهمها المنتجات البترولية بنسبة 5.2 في المائة، والأدوية والمحضرات الصيدلية بنسبة 4.6 في المائة، والذرة بنسبة 3.3 في المائة.



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.