المخابرات العسكرية الإسرائيلية: 2018 لن تكون سنة حرب

TT

المخابرات العسكرية الإسرائيلية: 2018 لن تكون سنة حرب

أصدرت شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي «أمان»، تقريرها السنوي حول تقديراتها للعام 2018. فخرجت بالاستنتاج أن «احتمال اندلاع حرب شاملة لا يكاد يذكر. لكن احتمال حدوث تصعيد في التوتر يتطور من حادث معين، سيزداد بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي».
وسيجري عرض تقييم الجيش هذا، اليوم، أمام منتدى القيادة العامة، وفي الأسبوع المقبل، أمام المجلس الوزاري.
ويتضح من تقييمات «أمان»، أنه «لا توجد لدى أي جهة في المنطقة مصلحة في المبادرة إلى حرب ضد إسرائيل، لا سوريا ولا حزب الله، في الشمال، ولا حماس في غزة، كل لأسبابه. فسوريا وحزب الله ينشغلان في ترميم قواتهما بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية، وحماس تعطي أولوياتها للمصالحة الفلسطينية الداخلية. مع ذلك، فإن إمكانية التدهور نتيجة لحادث موضعي ستتزايد في السنة المقبلة، ويمكن لهذا أن يحدث في أعقاب كشف نفق في غزة، أو في أعقاب عملية هجومية في سوريا تنسب لإسرائيل. وإذا كان الجانب الثاني يحذر، حاليا، من الرد، فإن فرص الرد ستكون أكبر، وقد تتطور إلى تبادل ضربات تتواصل لأيام عدة، بل أكثر. وهذا يعني أنه سيتعين على إسرائيل أن تختار بعناية أكبر الأهداف التي ستعمل ضدها في السنة المقبلة، وفي حالة التدهور، لاتخاذ إجراءات من شأنها أن تمنع تحطيم الآليات بشكل كامل والتدهور نحو الحرب».
وتعلق الاستخبارات العسكرية أهمية كبيرة على القيادة السياسية من جهة ووسائل الإعلام في إسرائيل من جهة ثانية، وتقول إنهما بطرق تعبيرهما عن أعمال الجانب الآخر تؤثران على كيفية رد الجيش أيضا. وتقول: «2018 سوف تكون سنة (اليوم التالي)، التي سيجري خلالها إعادة تشكيل الاتجاهات الرئيسية في المنطقة. فهي سنة اليوم التالي للحرب الأهلية في سوريا، فيها سيتضح مصير نظام الأسد وحزب الله وإعادة تنظيمهما؛ وهي السنة التي تلي هزيمة داعش وإمكانية صعوده في أماكن أخرى، أو ظهور عنصر راديكالي جديد بدلا منه. وستكون سنة ما بعد أبو مازن، الذي حتى إذا اجتازها، ستكون سنة تكثيف الصراع على وراثته في السلطة الفلسطينية، والسنة التي تلي خطاب ترمب حول البرنامج النووي الإيراني. إسرائيل لها تأثير كبير على كل هذه العمليات».
وتنظر المخابرات العسكرية بقلق لتعزيز القدرات في لبنان وغزة، وتشير إلى أنها إمكانات محتملة من شأنها أن تقود الجانبين إلى التصعيد، وذلك على خلفية تصميم حزب الله وحماس على تعزيز قواهما، من جهة، وتصميم إسرائيل الموازي على منع ذلك. وتقول إن من المشكوك فيه أن تقبل إسرائيل المساومة في هذا الشأن، خوفا من أن الأسلحة التي يجري نقلها، حاليا، إلى لبنان أو غزة، سوف تستخدم ضدها في السنوات المقبلة. وكجزء من هذا، قد يطلب من إسرائيل إعادة تقييم الحصانة التي منحتها للبنان في السنوات الأخيرة، بشأن الهجمات على أراضيها.
وتقدر المخابرات العسكرية أن «إيران ستواصل جهودها لتكريس وجودها في المنطقة، رغم أنه، خلافا لخططها، من المرجح أن تواجه عددا كبيرا من التحديات على الطريق. فإن روسيا تتنافس معها من أجل إعادة إعمار سوريا وعلى المشاريع الاقتصادية، ومن المتوقع أن تراكم المصاعب أمامها، وسوريا تخشى دفع ثمن النشاط الإيراني، خاصة من جانب إسرائيل. كما تواجه إيران التحديات في الداخل، وفي أجهزة الاستخبارات يتعقبون المظاهرات التي تجري في المدن الرئيسية الإيرانية، احتجاجا على تحويل الميزانيات إلى سوريا ولبنان على حساب تحسين الأوضاع الاقتصادية محليا».
وتشير التقديرات أيضا، إلى أن إيران ستحاول التعامل مع هذه الأحداث بحساسية، من أجل تجنب وصولها إلى «ربيع إيراني» يهدد سلطات البلاد.
كما يتوقع تقييم الاستخبارات أن تتمتع إسرائيل في عام 2018 بالتفوق الاستراتيجي. وسيتعين عليها تنسيق التحركات ليس فقط مع الولايات المتحدة ولكن أيضا مع روسيا، وبدرجة أقل مع الدول الهامة في أوروبا ومع الدول السنية البارزة في المنطقة، والتي قد تتعاون معها في كبح الاتجاهات السلبية في المنطقة - وخاصة إيران. وتعتقد الاستخبارات أن الأنظمة في المنطقة لا تواجه الخطر حاليا. لكنها تشير إلى قلق معين بشأن مصر التي تواجه صعوبة في مواجهة التحديات التي يفرضها عليها تنظيم داعش في سيناء. في الأشهر الأخيرة كان هناك تحول ملحوظ في تنقل نشطاء داعش من سوريا إلى سيناء، نظرا لهزيمة المنظمة في سوريا وقوتها النسبية في سيناء. من ناحية تنظيم داعش «ولاية سيناء»، فإنه يوجه جهوده حاليا لمحاربة قوات الأمن المصرية، ولكن إسرائيل لا تستبعد محاولة المنظمة في المستقبل تنفيذ هجوم نوعي ضد أهداف في إسرائيل.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.