أزمة ورقية تهدد مستقبل الصحف الإيرانية

اتهامات للحكومة باحتكار الورق وارتفاع ثمنه نحو 120 %

أزمة الورق أثارت مخاوف من إغلاق صحف إيرانية
أزمة الورق أثارت مخاوف من إغلاق صحف إيرانية
TT

أزمة ورقية تهدد مستقبل الصحف الإيرانية

أزمة الورق أثارت مخاوف من إغلاق صحف إيرانية
أزمة الورق أثارت مخاوف من إغلاق صحف إيرانية

على مدى الشهرين الماضيين عاشت الصحف الإيرانية لحظات عصيبة بعد أزمة في سوق الورق تحت تأثير ارتفاع سعر الدولار وتدهور الوضع الاقتصادي، وأُجبر بعض المجلات والصحف على التوقف لأيام، بينما لجأ عدد كبير منها إلى تقليص عدد الصفحات.
وارتفعت أسعار الصحف بنسبة 120% خلال الشهر الماضي. ويقول أصحاب الصحف إن المشكلة قد تشكل الضربة القاضية لها في ظل معاناتها المالية.
وتزامنت الأزمة الورقية مع موجة الانتقادات في الصحف والمجلات لأداء الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد مرور مائة يوم على أدائه اليمين الدستورية، ووجه بعض أهل الصحافة أصابع اتهام غير مباشرة إلى الحكومة بافتعال الأزمة الورقية واحتكار سوق الورق، للضغط على الصحافة لتخفيف حدة الانتقادات.
وأُضيفت المشكلة إلى المشكلات التي تعاني منها الصحف الإيرانية، وتتقدمها مشكلة الرقابة والملاحقات القانونية من أجهزة النظام.
في يوليو (تموز) الماضي، قال مساعد شؤون الصحافة في وزارة الثقافة والإعلام، إن نحو 200 صحيفة في إيران تُصدر يومياً أقل من 900 ألف نسخة، وهي إحصائية نادرة تصدر منذ سنوات وشكّلت صدمة للمتابعين في بلد يقترب تعداده السكاني من 80 مليوناً.
وتنقسم الصحف الإيرانية إلى 3 أقسام رئيسية: القسم الأكبر تابع للتيار الإصلاحي المؤيد للحكومة الحالية، وتشكل محوره وسائل إعلام حزب « عمال البناء» الذي يجمع المؤيدين للرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وهي في وضع مالي مقبول إلى حد ما مقارنةً بالصحف المستقلة، وينضم إلى هذا الصنف الصحف التابعة مباشرة لمؤسسة الرئاسة الإيرانية وهي من الصحف الثرية مثل صحيفة « إيران».
والقسم الثاني، يضم صحف «الحرس الثوري»، ومؤسسة المرشد الإيراني علي خامنئي، ومؤسسة بلدية طهران، والصحف التابعة لفصائل الأحزاب المحافظة، وهي تتمتع بميزانية قوية تجعلها تقاوم العواصف الاقتصادية التي تضرب الصحافة عادةً، وهي لا تحظى بشعبية كبيرة ولكنها تعبر عن أجهزة صنع القرار في إيران. هذه الصحف على الأغلب لا تشتكي من ضعف الميزانية أو اختفاء الورق.
والقسم الثالث، وهو غالباً ينقسم بين الصحف والمجلات المستقلة التابعة لدور النشر والمثقفين، وصحف أخرى تابعة لنواب البرلمان المستقلين، وصحف قديمة تقاوم متغيرات الزمن وتراهن على مبيعاتها وأنصارها في الشارع الإيراني للبقاء على قيد الحياة، وتصنف إلى المجلات الثقافية والفنية التي تهتم بشؤون الأسرة والموضة والأطفال والسينما والموسيقى والمجلات الترفيهية، وهي تتحمل الضغط الأكبر من الأزمة الورقية.
وجاءت الأزمة بعد شهر من المعرض السنوي الذي تقيمه وزارة الإعلام والثقافة للاحتفاء بوسائل الإعلام والصحافة. وخلال افتتاح المعرض، الذي غاب عنه الرئيس الإيراني على خلاف التقليد السائد، وعد نائب الرئيس إسحاق جهانغيري بتقديم الدعم الحكومي للصحف. وأعرب عن عزم الحكومة حل المشكلات المعيشية التي يعاني منها أهل الوسط الصحافي.
كما قطع جهانغيري وعداً بتحقيق مطلب الصحافيين الأساسي خلال العام الماضي، وهو إعادة افتتاح نقابة الصحافيين بعد تعليق نشاطها في 2009.
ولكن الأزمة الورقية دفعت بعض الصحف إلى تقليص عدد الصفحات، وتغيير حجم القَطْع الصادرة فيه، والتوقف لأيام. لكن الصحف التي تواجه نقصاً حاداً في الموارد أعلنت وقف إصدارها لأكثر من أسبوعين.
واعتذرت أغلب المجلات والصحف إلى جمهورها عن الاختفاء القسري من كشك الصحافة. وصارح بعض منها مشتركيها عبر حساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي حول الارتفاع «الجنوني» لأسعار الورق والنفقات، وهو ما تعجز الميزانية المحدودة لتلك الصحف عن مقاومته.
وتوقفت مجلة «كركدن» ذات الشعبية الواسعة بين جيل الشباب عن الصدور لعدد واحد، وقالت إنها اضطرت إلى التوقف نتيجة احتكار المؤسسات الحكومية للورق. وتوقفت مجلة «صدا» الثقافية السياسية، كما أعلنت صحيفة «باني فيلم» تقليص عدد ورقاتها من 8 إلى 4.
وكتب علي ميرفتاح، رئيس تحرير مجلة «كرکدن»، المعنية بالشؤون الفنية والثقافية الإيرانية، عبر حسابها في شبكة «تيليغرام»، إن المجلة لم تُنشر بسبب الأوضاع المتدهورة في سوق الورق. وتابع: «ربما أطلعتم الأخبار من هنا وهناك ماذا حل بسوق الأوراق. أولاً، القصور من الحكومة التي لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من هذا الوضع السيئ. ثانياً، الصحف الثرية الحكومية والرسمية المرتبطة بمصادر القوة وتملك ميزانية نجومية ابتاعت كل الورق من السوق وتخزنه».
ورفض رئيس تحرير المجلة سياسة رفع أسعار الصحف والمجلات لمواجهة المشكلة. وأضاف: «لم نعثر على ورق أقل جودة من الورق الحالي الذي نطبع به المجلة في الوقت الحالي. يجب أن نصبر أسبوعاً لنرى ماذا يحصل».
وأوضح أنه ينوي كتابة مقال في صحيفة «اعتماد» لتوضيح «المصيبة» التي حلت بالأوساط الصحافية بسبب أسعار الورق.
لكن مساعد شوؤن الصحافة في وزارة الثقافة الإيرانية حسين انتظامي، أعلن في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، أن الحكومة تعمل مع الجمارك على تخليص 10 آلاف طن من الورق، مضيفاً أن الحكومة ستزوِّد المطابع بالورق فور وصوله بيد الجهات المسؤولة.
وأشار انتظامي إلى تقديم البنك المركزي الإيراني مساعدات مالية للمستوردين بعد ارتفاع سعر العملة في الأسواق الإيرانية. ونقلت «إيرنا» عن انتظامي أن الشحنة تساعد في القضاء على الالتهاب الموجود في سوق الورق. كما دعا إلى مشاركة وزارات الصناعة والمناجم والتجارة في اتخاذ التدابير اللازمة لتفادي الأزمة في سوق الورق.
ودافع مساعد وزير الثقافة والإعلام عن المواقف الإيجابية للحكومة تجاه وسائل الإعلام والصحافة في القضاء على مسألة زيادة التعريفة الجمركية على الواردات، الأمر الذي أسهم في تعزيز ثقة المستوردين.
وارتفع سعر الورق بشكل غير مسبوق، وقال العديد من الناشرين وأصحاب الصحف إن التوقف عن نشر الصحف والكتب سيستمر حتى يتم إيقاف زيادة سعر الورق.
وحسب بابك عابدين، رئيس نقابة مستوردي الورق، فإن ارتفاع سعر أوراق الصحف يأتي نتيجة تذبذبات تشهدها أسواق الورق منذ 4 أشهر، كما حمّل تراجع قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار، و«عراقيل» الجمارك مسؤولية ما حصل للصحف الإيرانية.
وقال لوكالة «إيسنا» إن النقابة تلقت وعوداً من وزارة الصناعة والتجارة بتبادل العملة والعمل على ترويض الأسعار، لافتاً إلى أن الورق من «السلع الاستراتيجية» في إيران، وأن تبعات زيادة أسعارها تُلحق أضراراً بقطاع التصدير في إيران.
ونفى المسؤول الإيراني اتهامات الصحف حول وجود مافيا لتجارة الورق لعبت دوراً في احتكار الورق ورفع أسعاره. وربط الأزمة بتراجع قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار، وشكوك المستوردين في استيراد الورق.
وأبدى عابدين شكوكاً حول نهاية أزمة الورق والسيطرة على أسعاره، مطالباً المسؤولين بتشكيل لجان لمواجهة التحدي الذي ألحق أضراراً كبيرة بقطاع الصحافة في إيران.
وحذر مدير تحرير صحيفة «شرق» الإيرانية، الحكومة من «دومينو دمار الصحف» عبر رفع تكاليف استيراد الورق. وقال مهدي رحمانيان لوكالة «إيسنا» إنه «في حال فكرت الحكومة في رفع تكاليف الورق فإن ذلك يظهر أنها لا تفهم بديهيات الإدارة».
ووفقا لرحمانيان فإن أسعار الورق زادت بنسبة 60% خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما يثقل كاهل الصحف الإيرانية التي تعاني من تراجع إقبال الإيرانيين على قراءة الصحف الورقية.
من جانبه، قال مدير تحرير صحيفة «بهار» الإصلاحية منصور قنواتي، إن وضع الصحف المستقلة في إيران يزداد سوءاً، وإن صحف هذا القطاع تسير على حافة الهاوية بسبب التنافس مع الصحف الحكومية.
وتابع أن الصحف المستقلة دخلت غرفة العناية المركزة عقب غلاء أسعار الورق، لافتاً إلى أن استمرار الوضع السيئ والضغوط على الصحف يتطلب استعداد المسؤولين الحكوميين للتفكير بمراسم دفن تلك الصحف.
واقترحت الصحف الإيرانية خلال الفترة الماضية عدة حلول على الحكومة من أجل السيطرة على حمى ارتفاع أسعار الورق.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».