ليبيا: قوات حفتر تنفي فرار مسلحين إلى درنة

TT

ليبيا: قوات حفتر تنفي فرار مسلحين إلى درنة

نفى مسؤول عسكري ليبي ما أشيع عن فرار متشددين من بنغازي إلى مدينة درنة (شمال شرقي البلاد)، فيما حثت لجنة حقوقية، القائدَ العام للجيش خليفة حفتر على «وقف استخدام العنف والاعتقال القسري» الذي قالت إنه «يُمارس بحق إعلاميين وصحافيين ونشطاء وناشطات من قبل جماعات مسلحة تابعة للقيادة العامة». وقال آمر التحريات في القوات الخاصة مرعي الحوتي، إن «قوات الجيش قطعت الطريق على المجموعات الإرهابية التي كانت توجد في منطقة إخريبيش»، مشيراً إلى «عدم صحة هروب تلك العناصر إلى درنة». وأضاف في بيان، أمس، أن «المنطقة تحررت بالكامل من التنظيمات الإرهابية، ولا وجود لأي اشتباكات أو تشكيلات بها».
وأشار سالم الورفي، وهو أحد سكان درنة التي تقع على ساحل البحر المتوسط، إلى أن أنصار ما يسمى «مجلس شوري مجاهدي درنة» طافوا وسط المدينة، مساء أول من أمس، بعدد من السيارات «لخداع المواطنين، وإشعارهم بأن مقاتلين من بنغازي زحفوا إلى مدينتنا»، لكنه نفى لـ«الشرق الأوسط» وصول مقاتلين جدد. كان القيادي في «كتيبة شهداء ليبيا الحرة» محمد الصلابي، قد أعلن في بيان أن عدداً من المقاتلين والجرحى المنسحبين من منطقة إخريبيش في بنغازي وصلوا إلى درنة، مشيراً إلى أن «بعض المقاتلين لفتوا أنظار قوات عملية الكرامة نحو اتجاه مختلف عن الطريق التي خرج منها المنسحبون من المنطقة». وبرر انسحابهم بأنه «كان صوناً لدمائهم وأرواحهم بعد انقطاع المدد»، وفقاً لبيانه.
وكانت القوات الخاصة قد أعلنت، الأربعاء الماضي، السيطرة على منطقة سيدي إخريبيش وإنهاء العمليات العسكرية فيها. ويفرض الجيش الليبي حصاراً على درنة منذ إسقاط مقاتلة حربية له وتصفية قائدها من قبل أنصار ما يعرف بـ«مجلس شوري مجاهدي درنة»، وسط شكوى مواطنيها من نقص الطعام والدواء.
إلى ذلك، وارت مصلحة الطب الشرعي الثرى 36 جثة مجهولة الهوية عُثر عليها قبل 5 أشهر في مناطق عدة شهدت عمليات عسكرية. وأضافت في بيان أن الجثث «تم دفنها بعد أخذ عينات من الحمض النووي منها». في سياق قريب، دعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الشعب الليبي إلى «توظيف انتصار القوات المسلحة على الإرهابيين في توحيد الصف ولم الشمل والمصالحة الوطنية الشاملة»، مطالباً الوزارات والهيئات بـ«معالجة الجرحى ومساعدتهم في مناحي الحياة».
وقال مكتب صالح في بيان، أمس، إنه «تقدم بالتهنئة إلى الجيش الوطني وأهالي بنغازي لمناسبة تحرير مدينتهم، والقضاء على آخر بؤر الإرهاب في حي إخريبيش»، مشيراً إلى أن «قوات الجيش تضحّي بدمائها من أجل تحرير جميع المحاور وجبهات القتال من الإرهاب والفوضى».
من جهة أخرى، أدانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، «الاعتقال التعسفي للناشط الحقوقي جمال الفلاح، من قبل عناصر غرفة المناطق التابعة للجيش في بنغازي»، مشيرة إلى أن «عملية الاعتقال تمت من دون أي سند قانوني، ولا توجد أي تفاصيل حول أسباب ذلك».
وحمّلت اللجنة في بيان «غرف المناطق وعمليات الكرامة والأمنية المشتركة في بنغازي، مسؤولية سلامة الفلاح وحياته»، مطالبة آمر قوات الصاعقة بـ«التدخل العاجل لإطلاق سراح الفلاح». ودعت قيادة الجيش الليبي في بنغازي إلى «وقف جميع أشكال استخدام العنف والاعتقال القسري، والتهديد والتحريض الذي يمارس بحق الصحافيين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطات النسائيات من قبل جماعات مسلحة تابعة للقيادة».
واعتبرت اللجنة أن «هذه الممارسات انتهاك لما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما تعكس هذه الواقعة حجم تفاقم الجرائم والانتهاكات والمخاطر والتهديدات الأمنية التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في ليبيا».
ودافع مسؤول عسكري تابع للقيادة العامة عن «الإجراءات المتبعة في القبض على المخالفين»، مشيراً إلى «عدم وجود عمليات قبض على مواطنين خارج إطار القانون». وأضاف المسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الأركان الحاكم العسكري لدرنة وبن جواد، الفريق عبد الرازق الناظوري، سبق أن أصدر تعليماته للواء ونيس بوخمادة الذي يترأس أيضاً غرفة تأمين بنغازي الكبرى «بعدم القبض على أي شخص خارج إطار القانون، واحترام كرامة المواطنين وحسن معاملتهم»، لافتاً إلى أن رئيس الأركان شدد على أنه «في حال القبض على أي شخص وفق إجراءات قانونية يودع في أماكن حجز شرعية، وبعلم ذويه، والسلطات القضائية المختصة».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.