مصر تتولى رئاسة المجمع العربي للموسيقى حتى 2022

يتبع جامعة الدول العربية وإيناس عبد الدايم الرئيس السادس له

د. إيناس عبد الدايم
د. إيناس عبد الدايم
TT

مصر تتولى رئاسة المجمع العربي للموسيقى حتى 2022

د. إيناس عبد الدايم
د. إيناس عبد الدايم

فازت مصر بمنصب رئيس المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية لمدة 4 سنوات قادمة، حيث تتولى المنصب رئيسة دار الأوبرا المصرية وعازفة الفلوت العالمية د. إيناس عبد الدايم كسادس رئيس للمجمع منذ تأسيسه في عام 1971.
جاء ذلك خلال انعقاد المؤتمر الرابع والعشرين للمجمع العربي للموسيقى، يومي 28 و29 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز بحوث المجمع في العاصمة الأردنية عمان، وجرى انتخاب هيئة الرئاسة الجديدة للمجمع، وجاءت النتائج على الشكل الآتي: الأستاذة الدكتورة إيناس عبد الدايم ممثل مصر في المجمع رئيساً، الأستاذ عبد العزيز ابن عبد الجليل (المغرب) نائباً أول للرئيس، الدكتور صالح حمدان الحربي (الكويت) نائباً ثانياً للرئيس. كما أقر المؤتمر التجديد لأمين المجمع الدكتور كفاح فاخوري. وتعاقب على الرئاسة تباعاً كل من: د. صالح المهدي (تونس)، الفنان حسن عريبي (ليبيا)، الفنان طارق عبد الحكيم (السعودية)، د. رتيبة الحفني (مصر)، معالي الأمين بشيشي (الجزائر).
ويعد المجمع العربي للموسيقى هيئة متخصصة من هيئات جامعة الدول العربية وجهاز ملحق بأمانتها العامة، يعنى بشؤون الموسيقى على مستوى العالم العربي، ويختص تحديداً بالعمل على تطوير التعليم الموسيقى في العالم العربي وتعميمه ونشر الثقافة الموسيقية، وجمع التراث الموسيقى العربي والحفاظ عليه، والعناية بالإنتاج الموسيقى الآلي والغنائي العربي والنهوض به.
يضم المجمع العربي للموسيقى الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ممثلة بمندوب مختص عن كل بلد. ومقر المجمع بغداد، ولكن الظروف قضت بأن يتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقراً لأمانته ومركزاً لبحوثه منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن.
كانت نشأة المجمع على يد كوكبة من رواد الموسيقى العربية الذين شعروا في حينه بالحاجة الماسة إلى استكمال المبادرة التي بدأت في مؤتمر الموسيقى العربية الأول الذي عقد في القاهرة سنة 1932. وتتضمن أنشطة المجمع الرئيسية: مجلة البحث الموسيقى (مجلة موسيقية علمية محكمة نصف سنوية)، ومجلة الموسيقى العربية (مجلة إلكترونية للجميع). وجوائز المجمع العربي للموسيقى تمنح لشخصيات ومؤسسات (كل سنتين). ومسابقة المجمع العربي للموسيقى الدولية في التأليف الموسيقى العربي (كل سنتين)، وتطوير المكتبة الموسيقية المتخصصة في مركز بحوث المجمع العربي للموسيقى التي تضم مخطوطات موسيقية وكتباً وأطروحات ورسائل جامعية وأشرطة وأقراصا موسيقية من كل أنحاء العالم العربي يستفيد منها الباحث الموسيقي. كما يعنى بالاختصاصات الموسيقية الآتية: البحوث والدراسات والتخطيط والتربية، المهن، الإعلام، وسائل الاتصال والبرمجة والنقد والتصنيع.
يعقد المجمع سنوياً اجتماعاً لمجلسه التنفيذي وكل سنتين مؤتمراً عاماً. وإلى جانب الاجتماعات والمؤتمرات، ينظم المجمع الندوات العلمية المتخصصة في شؤون الموسيقى العربية ومستقبلها وينشرها في كتب (مثال: النهضة العربية والموسيقى: خيار التجديد المتأصل، والتراث الموسيقى العربي: المدرسة المغاربية - الأندلسية). وتصدر عن المجمع الأشرطة والأسطوانات التي توثق عيون الموسيقى العربية (مثال: من الأغاني النادرة لكوكب الشرق أم كلثوم ألحان أحمد صبري النجريدي)، وسلسلة حفظ التراث الموسيقى العربي (السماعي، موشحات نادرة). ويغتنم المجمع فرصة عقد اجتماعاته ومؤتمراته في البلدان العربية ليمنح شهادات التكريم لموسيقيي البلد المستضيف الذين نذروا حياتهم لخدمة الموسيقى العربية الأصيلة ورفعتها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».