ماذا تعرف عن الياكوزا أكبر «مافيا» في اليابان؟

جماعة إجرامية لها مقرات رسمية وتاريخ يعود للعصور الوسطى

فتاة تلتقط صورة لأحد أعضاء الياكوزا في معرض للصور (أ.ف.ب)
فتاة تلتقط صورة لأحد أعضاء الياكوزا في معرض للصور (أ.ف.ب)
TT

ماذا تعرف عن الياكوزا أكبر «مافيا» في اليابان؟

فتاة تلتقط صورة لأحد أعضاء الياكوزا في معرض للصور (أ.ف.ب)
فتاة تلتقط صورة لأحد أعضاء الياكوزا في معرض للصور (أ.ف.ب)

تعد «الياكوزا» أو المافيا اليابانية واحدة من أشهر منظمات المافيا العالمية، ويتراوح عدد أعضائها خلال السنوات السابقة ما بين 80 ألف إلى 110 آلاف شخص، ووصل دخلها في 2015 إلى أكثر من 80 مليار دولار، ومر على تأسيسها قرابة القرن من الزمن.
ونشرت مؤسسة «نيبون» المعنية بالثقافة اليابانية مؤخرا تقريرا شاملا عن هذا النوع من العصابات الموجود في بلادها والذي شهد تطورا مع مرور الزمن.
وتعود جذور الياكوزا إلى العصور الوسطى، وحمل أسلاف المافيا الحالية اسم «بوريكودان»، وكانوا عبارة عن بائعين متجولين وعشاق للقمار، وكانوا منبوذين من عامة الشعب، وذلك وفقا لمؤسسة نيبون التي تعمل على التعريف باليابان باللغة العربية.
وتشتهر المافيا اليابانية بعدد من التقاليد والقوانين ومنها الوشم، حيث يغطي جسد أعضاء هذه المافيا وشم ذو دلائل لا يعرفها سوى أعضاء المجموعة.
ويفضل أعضاء المافيا الملابس التي تغطي كامل الجسد وتمنع إظهار وشومهم.
ويترأس الياكوزا حاليا تسوكاسا شينوبو (الاسم عند الولادة شينودا كينئيتشي) والذي يتولى قيادة الجيل السادس كرئيس من رؤساء المنظمة منذ 10 سنوات.
وقد اكتسبت ياكوزا اسمها من مؤسسها وأول جيل من القادة وهو ياماغوتشي هاروكيتشي، الذي عمل صيادا في السابق مشرفا على أعضاء في جماعة الياكوزا والذي كان يتحكم بإرسال عمّال الشحن والتفريغ الذين يعملون باليومية في مدينة كوبي الساحلية.
وفي ما يتعلق بالعقوبات فيوجد لدى «الياكوزا» قوانينها الخاصة، حيث يعاقب الفرد لدى ارتكابه خطأ، بقطع إصبع من يده، ويقوم الشخص نفسه بقطع إصبعه.
ويرتبط أعضاء المافيا بروابط قوية، حيث يعتبرون كالأخوة، ويوجد الزعيم ورجل يعتبر يده اليمنى ويطلق عليه اسم «أويابون» ويعتبر كبير المستشارين.
في اليابان هناك أكثر من 20 عشيرة من الياكوزا أكبرها ياماغوشي - غومي، سوميسي - كاي وإيناغاوا - كاي، حيث يشكل أعضاء هذه العشائر 70 في المائة منها.
وتحاول الياكوزا أن تجعل تجارتها قانونية، حيث تستخدم أموالها في مشاريع عمرانية وترفيهية، كما تحاول الحكومة اليابانية الحد من أعمال هذه العصابات.
وعلى النقيض من الجماعات الإجرامية في دول أخرى، تحافظ عصابات الياكوزا في اليابان على مقرّات رسمية لها وتظهر أسماء العصابات وشاراتهم بشكل صريح في دلائل وعلامات موجودة على المباني التي يشغلونها، ويشارك أفرادها بشكل مرئي وفعال في حياة المجتمعات التي يوجدون فيها.
وقد اكتسبت الياكوزا اهتماما محببا من خلال أعمالها في جهود الإغاثة في أعقاب الكوارث الطبيعية مثل ما حدث في زلزال هانشين أواجي الكبير عام 1995، حيث دمر الزلزال مساحات واسعة من مدينة كوبي المنشأ الأصلي لياماغوتشي - غومي، وقد أعدت العصابات المساعدات وأرسلت مؤناً إغاثية شاملة.
ويواجه أعضاء الياكوزا قانون مكافحة الجريمة المنظمة في اليابان، إضافة إلى تراجع عدد قادة العصابات الذين يدفعون مستحقات بصورة مباشرة ما يعني أنها تمر الآن بأزمة مالية بحسب الصحيفة.
ويعني طرد زعيم عصابة من جماعة ياكوزا يعني زوال عصابته. ويصبح زعيم العصابة المطرود منبوذا في عالم الجريمة الخاص بالياكوزا، وزملاؤه السابقون سيقطعون علاقاتهم مع عصابته.
ويفيد تقرير لوكالة الشرطة القومية اليابانية بأن عدد أفراد الياكوزا - بما فيهم المتدربون - تراجع بـ39% في الفترة بين عامي 2005 إلى 2014، ليتقلص عددهم من 86 ألف شخص إلى 53 ألف شخص، ويتعرض الكثير من أعضاء الياكوزا السابقين لملاحقات جنائية حتى الآن.



«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.