البورتوريكي ريكي مارتن يراقص جمهور الرباط على إيقاعات لاتينية في «موازين»

أمل أن تكون زيارته للمغرب بعد لبنان بداية لعلاقة متميزة بين العرب وأميركا اللاتينية

المطربة المغربية لطيفة رأفت خلال حفلها المخصص للأغنية المغربية (تصوير: مصطفى حبيس)
المطربة المغربية لطيفة رأفت خلال حفلها المخصص للأغنية المغربية (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

البورتوريكي ريكي مارتن يراقص جمهور الرباط على إيقاعات لاتينية في «موازين»

المطربة المغربية لطيفة رأفت خلال حفلها المخصص للأغنية المغربية (تصوير: مصطفى حبيس)
المطربة المغربية لطيفة رأفت خلال حفلها المخصص للأغنية المغربية (تصوير: مصطفى حبيس)

عاشت مدينة الرباط على إيقاعات الموسيقى اللاتينية رفقة الفنان العالمي ريكي مارتن أمام جمهور متعدد الجنسيات قدر بـ150 ألف متفرج في اليوم ما قبل الأخير من فعاليات الدورة الـ13 من مهرجان موازين الدولي لإيقاعات العالم.
وقال مارتن مخاطبا الجمهور خلال الحفل «أنا سعيد جدا بوجودي لأول مرة في المغرب، لذا سأحرص على أن تكون حفلة الرباط مميزة»، وأضاف النجم البورتوريكي في جو من الحماس، «سنعيش الليلة بعيدا عن المشكلات، سواء مشكلات العمل أو مشكلات المنزل أو مشكلات المجتمع، هذه الليلة سنكون أحرارا، فلنحيي ليلة الحرية».
وحرص الفنان البورتوريكي على الرفع من حماس الجمهور بتوجيهه من خلال رفع الأيادي وترديد بعض النوتات بطريقة متناسقة بين الجمهور والفرقة الموسيقية وأداء مارتن، وقال للجمهور «سأجعل حفلي بالمغرب مميزا بإشراك الجمهور في العرض» وتجاوب الجمهور بدوره مع توجيهات مارتن ورسم وإياهم لوحة استعراضية مدعومة بالمؤثرات البصرية، وبدا مارتن متحمسا جدا لتجاوب الجمهور، وأضاف خلال مخاطبته لعشاقه بالرباط «العالم كله يشاهدنا اليوم ويشاهد جمهور الرباط، لذا أريد منكم أن تظهروا لهم أنكم أفضل جمهور بالعالم».
وحضر حفل ريكي مارتن بالإضافة إلى جمهور الرباط ومعجبيه من شتى أنحاء المغرب حشود عريضة من الجالية الإسبانية بالمغرب وكذا من جنسيات مختلفة معظمها يتحدث اللغة الإسبانية، وأشاد مارتن بتنوع الجمهور الذي جاء لحضور عرضه قائلا «أرى الآن من على المنصة علم الأرجنتين، والعلم الإسباني وعلم جزيرة بورتوريكو الجميلة، إنه لمشهد رائع أن أرى الرباط تلم شمل هذه الدول والثقافات المختلفة عبر الموسيقى».
وقدم مارتن أغنيته الرومانسية الشهيرة «دي بست ثين أباوت مي إز يو» في نسختها الإسبانية ووصفها بأنها الأقرب إلى قلبه ضمن جل أعماله التي قدمها طوال مسيرته الفنية وتمنى من الجمهور أن تلاقي إعجابهم بنفس الإحساس لديه، ورافق العرض لوحات استعراضية رفقة فرقة راقصة رافقت ريكي طوال فترة أدائه على المسرح حاكت أداءه في أغانيه المصورة.
وأدى مارتن أغنية «فيدا» التي وعد بأدائها للجمهور المغربي في وقت سابق خلال الندوة الصحافية، وهي الأغنية التي أنجزها لمونديال كرة القدم بالبرازيل، موضحا أن هذه الأغنية التي مزجت الإيقاعات الأفريقية والأميركية اللاتينية ولقيت متابعة كبيرة على «يوتيوب» بتحقيقها أزيد من 14 مليون مشاهدة، وقدم خلال الحفل خليطا من أغانيه الكلاسيكية باللغتين الإنجليزية والإسبانية المعروفة لدى الجمهور وأعماله الجديدة بين أعمال رومانسية هادئة وأخرى ذات إيقاع حماسي مرتفع أشهرها «ليفين لا فيدا لوكا» و«بيلا» و«شي بانغز» و«كام ويد مي» وختم الحفل بالأغنية الشهيرة «جو جو إلى ألي».
وأوضح نجم الموسيقى، خلال ندوة صحافية بدار الفنون قبيل الحفل أنه يهدف من خلال زيارته للمغرب تعزيز التبادل الثقافي بين المنطقة العربية وأميركا اللاتينية، وقال إن «زيارته للمغرب بعد زيارة لبنان، تعد بداية لعلاقة متميزة بين المنطقة العربية وأميركا اللاتينية، معربا عن أمله في أن تتاح له الفرصة لإحياء حفلات في كل الدول العربية».
وأكد أنه على الرغم من أنه يزور المغرب لأول مرة، إلا أنه ليس غريبا عن المملكة، مبرزا أنه تلقى طوال السنوات الماضية الكثير من الرسائل من المغرب، كما أتاحت له وسائل التواصل الاجتماعي إمكانات كبيرة للتواصل مع جمهوره حول العالم، وأبرز أنه عمل خلال العقود الماضية على تكسير الحواجز بين الثقافة الأميركية اللاتينية وباقي العالم، معربا عن ارتياحه للنتائج التي حققها في مجال حمل لغته وثقافته لغير الناطقين بالإسبانية.
في سياق آخر أشار مارتن إلى أن الجيل الجديد من المغنيين محظوظ جدا بوجود برامج اكتشاف النجوم التي تشكل الأرضية الجديدة لتقديم الفنان وإبراز مواهبه مبرزا أن سر النجاح في عالم أغنية اليوم هو «أن يكون صوتك عاليا لكي يسمع».
ويعد ريكي مارتن، المتوج عدة مرات بجائزة غرامي رائد الموسيقى اللاتينية في جيله، ويحظى بجمهور عريض عبر العالم بفضل مزجه للإيقاعات المختلفة وشغف الأداء الذي يميزه.
وباع النجم الدولي أزيد من 70 مليون نسخة من ألبوماته عبر جميع أنحاء العالم، وحاز على الكثير من الجوائز الدولية، بما في ذلك جائزة «شخصية العام» فضلا عن جائزة غرامي وثلاث جوائز غرامي اللاتينية وجائزة من «إم تي في» الآسيوية ومن «إم تي في» الموسيقية في أوروبا وجائزة الموسيقى العالمية، وجائزة الموسيقى الأميركية وجوائز «بريميو لو نويسطرو» و«بيلبوارد» اللاتينية.
من جهة ثانية احتفى مهرجان «موازين إيقاعات المغرب»، في نفس الليلة بالأغنية المغربية في أمسية أحيتها كل من الفنانات المغربيات لطيفة رأفت ورشيدة طلال وسعيدة شرف.
وعبر الوصلات الثلاث، تألقت الأغنية المغربية بإيقاعاتها وألوانها المختلفة، العصرية والشعبية والصحراوية، أمام جمهور متعطش لتجديد الصلة بالإبداع الموسيقي والغنائي الوطني عبر مجموعة من القطع المغربية الطربية المشهورة لدى جل الجمهور المغربي العاشق للموسيقى الطربية.
وكانت المطربة المغربية لطيفة رأفت قد عبرت في ندوة صحافية قبيل الحفل عن أسفها لعدم تقديم الأغنية المغربية الجادة في القنوات التلفزيونية المغربية من أجل التعريف بها، قائلة «نحن مضطرون دوما إلى الذهاب إلى الخارج، لكي نعرف بالأغنية المغربية»، مضيفة أن «الفنانين العرب الذين يرغبون في التعرف على الأغنية المغربية لا يجدون الفضاء المناسب الذي يقدم لهم الأغنية والموسيقى المغربية الحقيقية وتتكون لديهم في الغالب صورة خاطئة عنها»، وأردفت في السياق ذاته أن «الأغنية المغربية جاء زمنها لتتألق».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».