روسيا تشكل قواتها {الدائمة} في سوريا وتعتبر الوجود التركي «مؤقتاً»

شويغو: تبرير بقاء القوات الأميركية غير مقبول

بوتين يستعرض القوات الروسية في قاعدة حميميم القريبة من اللاذقية الشهر الجاري (أ.ب)
بوتين يستعرض القوات الروسية في قاعدة حميميم القريبة من اللاذقية الشهر الجاري (أ.ب)
TT

روسيا تشكل قواتها {الدائمة} في سوريا وتعتبر الوجود التركي «مؤقتاً»

بوتين يستعرض القوات الروسية في قاعدة حميميم القريبة من اللاذقية الشهر الجاري (أ.ب)
بوتين يستعرض القوات الروسية في قاعدة حميميم القريبة من اللاذقية الشهر الجاري (أ.ب)

أعلن وزير الدفاع الروسي عن بدء العمل على تشكيل مجموعة القوات الدائمة في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية في سوريا.
وكانت روسيا شكلت مجموعة القوات في القاعدتين خلال الفترة الماضية، معتمدة على «الاستعارة» من القواعد على الأراضي الروسية، حيث تناوبت مجموعات جوية وسفن بحرية، وكتائب وحدات خاصة ومن الشرطة العسكرية على تنفيذ المهام في سوريا، أي أنها كانت تمضي فترة محددة وتعود إلى روسيا وتحل محلها قوة جديدة. أما الآن، فإن وزارة الدفاع الروسية ستختار مجموعات خاصة لنقلها إلى سوريا وتطلق عليها صفة رسمية «مجموعة القوات الروسية الدائمة في سوريا». ويأتي هذا الإجراء التنفيذي، الشكلي إلى حد ما، ليثبّت الإعلان الروسي بانتهاء العملية العسكرية الروسية في سوريا بالقضاء التام على «داعش»، وضرورة الانتقال إلى العملية السياسية.
من جانب آخر، تأتي خطوة الإعلان عن تشكيل مجموعة القوات الدائمة بعد استكمال الأرضية القانونية، بموجب القوانين الروسية، وذلك بعد إتمام المصادقة رسمياً على اتفاقية طرطوس وحميميم. وقال شويغو: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد الأسبوع الماضي بنية وقوات القواعد الرئيسية في سوريا، وشكر مجلس البرلمان على المصادقة على الاتفاقيتين. وجاءت تصريحات شويغو بالتزامن مع إعلان مجلس الاتحاد (مجلس الشيوخ من البرلمان الروسي) عن المصادقة على اتفاقية طرطوس، وذلك في جلسته يوم أمس، الأخيرة في دورة العمل الخريفية للبرلمان. وأثنى شويغو خلال اجتماع مع قادة الجيش عبر دارة تلفزيونية مغلقة أمس على عمل قوات الشرطة العسكرية الروسية في سوريا، وقال: إنها المرة الأولى التي تستخدم فيها الشرطة العسكرية بهذا الشكل الواسع. وأشار إلى أن التصدي للإرهاب كانت المهمة الرئيسية للقوات الروسية خلال العامين الماضي والحالي، وأكد أن الوزارة انتهت الأسبوع الماضي من سحب الوحدات الرئيسية من مجموعة القوات الروسية في سوريا.
في غضون ذلك، شككت موسكو بموضوعية مبررات بقاء القوات الأميركية في سوريا، وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات أمس: «نقول إنه تم تحقيق النصر على (داعش)؛ ولذلك حتى كأمر واقع، لم يعد هناك أي أساس لبقاء القوات الأميركية في سوريا، وقانونياً لم يكن هناك أي أساس لوجودها (على الأراضي السورية)»، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تبرر بقاء قواتها في سوريا بأسباب غير مقبولة بالنسبة لموسكو، موضحاً أن «يقول الأميركيون إنهم لن يخرجوا قبل أن تنطلق العملية السياسية، التي ستأخذ بالحسبان مصالح المعارضة، والمعارضة تضع هدفها النهائي بتغيير نظام الحكم»، وقال: إن مثل هذا الموقف يستوجب الكثير من التساؤلات.
وبالنسبة للقوات التركية، التي وصفها النظام السوري بـ«قوات معادية» وطالب بانسحابها الفوري من الأراضي السوري، فقال بوغدانوف: إن تلك القوات «تعمل حالياً في مناطق خفض التصعيد»، مشدداً على أن «روسيا تؤكد دوماً أن (هذا الوجود التركي) إجراء مؤقت»، وأوضح أن الدول الضامنة وبينها تركيا وإيران تتحمل المسؤولية في ضمان عمل مناطق خفض التصعيد، وأعاد إلى الأذهان أن تلك المناطق تمت إقامتها بموجب الاتفاق لمدة ستة أشهر، ولمح إلى ضرورة انسحاب القوات التركية بعد انتهاء دورها وتنفيذ المهام في مناطق خفض التصعيد، وقال بهذا الخصوص: «عندما تسقط الحاجة بمناطق خفض التصعيد، عندها يجب أن تنتهي كذلك الإجراءات المتصلة بدور الدول الضامنة».
وعاد بوغدانوف في تصريحاته، أمس، وأكد مجدداً على رعاية الأمم المتحدة مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، وفي إجابته عن سؤال حول الدور القيادي والتمثيل الواسع للأمم المتحدة في المؤتمر، قال: «أجل بالطبع»، وأشار إلى أن القرار 2254 يشكل الأساس لكل جهود التسوية السياسية للأزمة السورية. وعبّر عن أمله في أن تتخلى المعارضة عن شرطها برحيل الأسد، وقال: إن «إطلاق تصريحات استفزازية قبل المفاوضات حول الهدف بالقضاء على الشريك في تلك المفاوضات، أمر غير بناء مطلقاً، ولن يؤدي إلى نتائج جيدة». وتتواصل التحضيرات والاستعدادات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، وأكد أناتوي باخوموف، محافظ المدينة، أن «سوتشي مستعدة لاستقبال فعاليات دولية» مثل مؤتمر الحوار السوري.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.