رئيس بلدية الاحتلال يبحث مع السفير الأميركي إجراءات نقل السفارة

المطران عطا الله حنا يناشد الضمير المسيحي العالمي الوقوف إلى جانب القدس الجريحة

TT

رئيس بلدية الاحتلال يبحث مع السفير الأميركي إجراءات نقل السفارة

أعلنت جهات إسرائيلية أن رئيس بلدية الاحتلال، نير بركات، عقد جلسة تباحث فيها مع السفير الأميركي لدى إسرائيل نقل السفارة من تل أبيب. في وقت ناشد فيه المطران الفلسطيني، الدكتور عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، الضمير المسيحي في أميركا وسائر أرجاء العالم، ضرورة الالتفات إلى فلسطين ومدينة القدس، قائلا: «القدس تسرق منا ويبتلعها الاحتلال يوما بعد يوم، وذلك بغطاء من بعض الجهات المتصهينة الموجودة عندكم في أميركا، الذين يرفع بعضهم شعار المسيحية، ولكن المسيحية براء من مواقفهم وسلوكياتهم وسياساتهم».
وكان حنا يتكلم في استقبال وفد كنسي أميركي جاء، أمس، للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ولإعلان رفض العديد من المسيحيين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وللتعرف عن كثب، على معاناة الفلسطينيين. واستهل الوفد الكنسي الأميركي، المكون من 20 شخصا، زيارته للقدس بلقاء المطران في كنيسة القيامة في البلدة القديمة من القدس المحتلة. فرحب المطران بهذه الزيارة، مؤكدا ضرورة أن يُسمع الصوت المسيحي في العالم الرافض للانحياز الأميركي للاحتلال خصوصا فيما يتعلق بقضية القدس.
وقال عطا الله: «إننا نثمن موقف الكنائس الأميركية الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية التي رفضت الإعلان الأميركي الأخير حول القدس. لا يمكن أن يكون المرء مسيحيا وصهيونيا في الوقت نفسه. فالمسيحية هي ديانة المحبة والرحمة والأخوة والسلام، أما الحركة الصهيونية فهي حركة عنصرية معادية للقيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة، وهذه الحركة كانت سببا من أسباب ما حل بشعبنا الفلسطيني من نكبات ونكسات». وشدد المطران حنا على مطالبة الكنائس المسيحية في أميركا بأن تُكثف نشاطاتها وفعالياتها الرافضة لقرار الرئيس ترمب الأخير، متمنيا أن «تدافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم وعن القضية الفلسطينية التي يسعى البعض لتصفيتها وإنهائها بشكل كلي».
وقدم للوفد تقريرا تفصيليا عن أحوال مدينة القدس، وكذلك عن الحضور المسيحي في فلسطين، وما تتعرض له الأوقاف المسيحية من استهداف.
وبالمقابل، أعرب أعضاء الوفد عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ورفضهم القرار الأميركي الأخير، واستنكارهم للانحياز الحكومي الأميركي للاحتلال وسياساته وممارساته بحق الشعب الفلسطيني. وقالوا: «نحن نقف معكم وفي أميركا. هنالك أصدقاء كثيرون يتبنون مواقفكم ويؤازرون قضيتكم، وهم يتابعون كلماتكم التي تصل إليهم من القلب إلى القلب. رسالتنا اليوم هي أننا متضامنون مع الشعب الفلسطيني، كما أننا نقف إلى جانب المسيحيين الفلسطينيين الذين هم مكون أساسي من مكونات هذا الشعب، كما أننا نتفهم بشكل كلي، ما تتعرضون له وما يتعرض له الحضور المسيحي العريق في هذه الأرض المقدسة، كما وفي هذا المشرق العربي. نحن معنيون بالتواصل معكم ومع المرجعيات الروحية في القدس، ونعتبر القضية الفلسطينية بأنها قضيتنا جميعا. أما مدينة القدس فيجب أن ندافع عنها ونرفض أي استهداف تتعرض له».
وكان مصادر سياسية قد ذكرت أن الإسرائيليين يبذلون قصارى جهدهم لتعزيز اعتراف ترمب بخطوات ميدانية على الأرض. فكشفت أن رئيس بلدية القدس الغربية، نير بركات، اجتمع مؤخرا مع السفير الأميركي، ديفيد فريدمان، للتباحث في الإجراءات العملية لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وأنه عرض قطع أرض عدة لهذه الغاية. وأكدت المصادر أن هذا الاجتماع سيكون ضمن سلسلة اجتماعات أخرى لتحقيق الغرض.
من جهتها، قالت نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوطوبيلي، الليلة قبل الماضية، إنه وبعد تصريح رئيس غواتيمالا، جيمي موراليس، بأنه ينوي نقل سفارة بلاده إلى القدس، تجري إسرائيل اتصالات مع عشر دول في هذا الموضوع. وأوضحت أن الاتصالات تتركز في هذه المرحلة، على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في أعقاب خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وليس بالضرورة على نقل السفارات بصفتها خطوة أولى. ورفضت حوطوبيلي تحديد أسماء الدول التي تحدثت عنها، لكنها قالت إن الاتصالات مع بعض هذه الدول وصلت إلى مراحل متقدمة، بينما لا تزال الاتصالات في بدايتها مع الدول الأخرى.
وتكهن دبلوماسيون إسرائيليون، أمس، بأن هندوراس ورومانيا قد تكونان من بين هذه الدول. كما أكدوا أن هذه الدول ستكون من بين الدول التي كانت قد صوتت في الأمم المتحدة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأسبوع الماضي، ضد قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقد عارضت غواتيمالا القرار إلى جانب هندوراس وجزر المارشال وميكرونيزيا ونؤورو وبلاو وتوغو. وقالت حوطوبيلي، إن بعض الدول التي تجري إسرائيل مفاوضات معها تقع في القارة الأوروبية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.