«غوغل» يهدي «سيدة العدسة الأولى» رسماً كاريكاتيرياً

هوماي فيرولا أول مصورة فوتوغرافية هندية

هوماي في آخر سنوات عمرها
هوماي في آخر سنوات عمرها
TT

«غوغل» يهدي «سيدة العدسة الأولى» رسماً كاريكاتيرياً

هوماي في آخر سنوات عمرها
هوماي في آخر سنوات عمرها

أهدى محرك البحث العالمي «غوغل» أخيراً، هوماي فيرولا أول مصورة فوتوغرافية هندية، رسماً كاريكاتيرياً احتفالا بعيد ميلادها الرابع بعد المائة.
لعبت «سيدة العدسة الأولى»، دوراً كبيراً في الفترة التي شهدت خلالها الهند تحولاً من الحكم الاستعماري إلى مرحلة الاستقلال، وفي مختلف التحولات التي عصفت بالبلاد بعد ذلك.
امتهنت فيرولا التصوير في وقت كانت النساء مقيدات بالعمل في بعض الأعمال الخاصة، وكان نادرا ما تحصل فتاة على فرصة للتعليم والمشاركة في الحياة العامة. وفي وسط هذا المناخ، تجرأت هوماي على اقتحام مجال يهيمن عليه الرجال لتصبح أول امرأة هندية تقف خلف العدسات.
لم تكن الصور التي التقطتها مجرد ذكرى للحظة ما، بل شكّلت مرجعا موثقا يمكن للمؤرخين العودة إليه. ففي الوقت الذي كان من النادر أن تحظى الفتاة بفرصة للتعليم بعد أن تتخطى سنا معينة، وكان العمل بعد الزواج أكثر ندرة، كانت هوماي تمثل أيقونة أمل لامعة بتحديها للعقول الجامدة بدفاعها عن جميع بنات جنسها في شبه القارة الهندية.
- بعدستها صنعت تاريخ الهند
باعتبارها أول مصورة فوتوغرافية هندية، فقد ازدهر عملها في حقبة الثلاثينات مع بداية الحرب العالمية الثانية. وخلال عمرها المهني الذي استمر قرابة 40 سنة، استطاعت هوماي تسجيل لحظات الصحوة السياسية من خلال عدساتها المحايدة، فبدءا من فترة الاحتلال البريطاني حتى بداية ظهور الديمقراطية في الهند ومرورا بكل التحديات التي واجهتها البلاد وخيبة الأمل التي شعر بها الجميع نتيجة لمرحلة ما بعد التقسيم، فقد سجّلت هوماي أهم اللحظات التاريخية للبلاد في كل صورة التقطتها.
مثّلت صورها وثائق بدءا من آخر تحية أداها نائب ملكة بريطانيا، اللورد مونباتن إلى موت غاندي ونهرو مرورا بالمؤتمر الشهير الذي صوت لصالح تقسيم الهند، ورفع أول علم هندي على «الحصن الأحمر» في 15 أغسطس (آب) 1947، وحفل الاستقبال الذي أعده اللورد مونبتان في اليوم نفسه، وحتى أول استعراض عسكري، وكان ذلك فيما عرف بـ«يوم الجمهورية».
من المارشال تيتو والملكة إليزابيث الثانية إلى جاكلين كيندي، ومن خروشوف إلى كوسيجين، ومن أيزنهاور إلى نيكسون، وفي كل تلك الصور تمكنت هوماي من توثيق أهم اللحظات لقادة العالم الذين حدّدوا مسار التاريخ في القرن العشرين.
بزي الساري التقليدي الأنيق الذي حرصت عليه، وبكاميرا من طراز «ريفليكس» إلى جانبها، كانت هوماي المرأة الوحيدة وسط جموع الصحافيين في ذلك الحين. وبرزت شخصيتها للدرجة التي جعلت المخرج البريطاني غريندر تشاندا يحدّد ممثلا يؤدي دورها في أحدث أفلامه الذي حمل عنوان «ذا فايسرو».
من بين الصور التي التقطتها هوماي فترة الاستعمار، صورة لنائب الملك البريطاني في الهند وزوجته يجلسان على الأرض أثناء حرق جثمان المهاتما غاندي. وفي عام 1956، التقطت صورة للمرة الأولى التي يزور فيها الدالاي لاما الهند لنشرها في مجلة «تايم لايف»، وطالبتها الكثير من المجلات الاجتماعية مثل «أونلوكر» و«كرانت» بالتقاط صور لسيدات جميلات، ناهيك بالصور التي التقطتها لتلك المجلات عن زيارة الملكة إليزابيث الأولى والسيدة الأميركية الأولى جاكلين كيندي، للولايات المتحدة.
جاء «اندلاع الحرب العالمية الثانية وما تلاها من أحداث لتمنح هوماي الكثير من الفرص لتوثيق تبعات الحرب على على بلادها. ثم انتقلت إلى دلهي وبدأت العمل مع اللجنة البريطانية العليا، في خطوة هامة خلال مسيرتها المهنية. كان عملها في تلك اللجنة سبباً لوجودها في جميع المناسبات بصفة منتظمة، سواء العامة أو الخاصة، لتشكل تلك المرحلة بداية عصرها الذهبي كمصورة صحافية»، حسب سابينا غاديهوك، الأستاذ في جامعة «جاميا ميليا» الإسلامية في الهند ومؤلف كتاب حمل عنوان «سيرة الهند بعدسات التصوير: توثيق تاريخي أعدته هوماي فيرولا».
بالإضافة إلى التقاط صور للأيام الأخيرة للاستعمار البريطاني، كانت هوماي فيرولا واحدة من المؤرخين التصويريين لمرحلة ما بعد الاستقلال حيث التقطت عدساتها مرحلة النشاط وكذلك خيبة الأمل التي مرّ بها الشعب الجديد.
ووثقت هوماي فضائل الاستقلال وما شهدته البلاد من بناء للسدود ولمصانع الحديد، وكذلك الزيارات الرسمية لأشهر شخصيات القرن العشرين، منها محمد رضا شاه بهلوي، ومارتن لوثر كنغ، وهو تشو مين، ومارشال تيتو، والزعماء الروس مثل برجينيف وخروشوف.
عشقت هوماي اللونين الأبيض والأسود، وكانت تتولى طبع وتحميض الصور بنفسها، وكانت ترى أنّ الاختيار أحادي اللون يحفظ الصور للأجيال المقبلة. وحصلت هوماي على جائزة «بادما فيبهشام».
- البداية والكفاح والإنجازات
ولدت فيرولا عام 1913، وكان التعليم هدفها الأسمى رغم جميع الحواجز والعقبات الاجتماعية التي كانت تقف عائقاً يمنع غيرها من الفتيات من تحقيق ما حققته في تلك الفترة. لم يتجاوز عدد الفتيات في المدرسة التي كانت تدرس فيها ست أو سبع، وكانت الفتاة الوحيدة بين 36 طالباً تقدموا لاختبارات القبول في الجامعة، واستطاعت أن تجتاز جميع الاختبارات، وبعد سنوات حصلت على درجة في الاقتصاد.
عام 1926، قابلت هوماي منكشاور فيروالا، وكان أول من قدمها إلى فن التصوير. غير أنّها درّبت نفسها باحترافية في مدرسة «سير جي جي» للفنون بمدينة مومباي.
تزوجت هوماي من منشكاور عام 1941، من دون رضا والدته. «في تلك الأيام لم تكن الطبقة المحافظة ترغب في زواج أبنائهم من خريجات الجامعة، خصوصاً إذا كنّ قد درسن وسط الأولاد في الفصول الدراسية»، حسب ما قالته هوماي في سيرتها الذاتية.
في تلك الفترة الزمنية لم يكن المجتمع يعترف بعمل المرأة، خصوصاً في مجال التصوير الاحترافي، فقد كانت أعمالها الأولى تنشر في مجلتي «إيلوستريتد ويكلي» و«بومباي كرونيكل» مذيلة باسم زوجها الذي كان يعمل بهاتين المطبوعتين. نشرت بعض أعمال هوماي تحت عنوان «دالدا 13»، وفي تلك الصور تمكنت هوماي من التقاط الإحساس والعاطفة المطلوبتين لموضوع كل صورة بطريقة لم يسبقها إليها أحد في عصرها.
صرح سابينا غاديهوك بأنّها «لم تخجل مطلقا من تسمية أفضل موضوعاتها، مثل صورها لجواهر لال نهرو الذي وثقت له هوماي واحدة من أعظم لحظات حياته السياسية والشخصية، منها وصوله إلى منصب رئيس الوزراء. كذلك كانت هناك صور للسهرات الاجتماعية، والحفلات المقامة في نادي دلهي جميخانا، وفترة عدم الانحياز، ومؤتمر باندونغ عام 1955.
كانت هوماي حاضرة لتلتقط صورة لنهرو على سرير الموت فيما كانت ابنته إنديرا تحدق في وجهه. أحد أشهر الصور السياسية لنهرو كانت قد التقطت له بينما يشعل سيجارة لزوجة المفوض السامي البريطاني، فيما كانت أخرى تتدلى من فمه. لم تكن هوماي قريبة من حياة نهرو الخاصة فحسب، بل نجحت أيضا بكسب ثقته التي جعلتها تلتقط صوراً للحظات التي لم يكن فيها برفقة حراسة».
لو أنّنا نظرنا لما هو أبعد من المعركة التي كسبتها، فقد نجحت هوماي في أن تصبح أفضل المصورين في القرن العشرين وأيضا صحافية ذات موهبة وحس وروح حقيقية.
وفي سيرتها الذاتية، قالت هوماي: «عندما توفي نهرو شعرت وكأنّني طفلة فقدت أفضل لعبة لديها، وبكيت وأخفيت وجهي عن زملائي المصورين».
وبعد وفاة زوجها عام 1970 بفترة قصيرة، قرّرت هوماي التوقف عن التصوير احتجاجا على «التصرفات السيئة» التي باتت تصدر عن الجيل الجديد من المصورين. ورحلت هوماي عام 2012 عن عمر ناهز 98 سنة.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.