مصر توثق تاريخ مائة عام من الحفائر الفرنسية

معرض بمتحف التحرير يضم 52 قطعة أثرية

الحفائر الفرنسية في موقع دير المدينة («الشرق الأوسط»)  -   أوستراكا من الحجر الجيري الملون
الحفائر الفرنسية في موقع دير المدينة («الشرق الأوسط») - أوستراكا من الحجر الجيري الملون
TT

مصر توثق تاريخ مائة عام من الحفائر الفرنسية

الحفائر الفرنسية في موقع دير المدينة («الشرق الأوسط»)  -   أوستراكا من الحجر الجيري الملون
الحفائر الفرنسية في موقع دير المدينة («الشرق الأوسط») - أوستراكا من الحجر الجيري الملون

تحت عنوان «إبداع فناني دير المدينة»؛ افتتح بالمتحف المصري بالعاصمة القاهرة معرض مؤقت يستعرض تاريخ 100 عام من الأبحاث والحفائر الفرنسية في موقع «دير المدينة»، الواقع في صعيد مصر، وتحديداً شمال وادي الملكات بالبر الغربي بمدينة الأقصر، الذي يضم قرية وجبانات خاصة بعمال وفنانين قاموا بحفر وتزيين مقابر الفراعنة خلال عهد الدولة الحديثة (نحو 1539 - 1077 قبل الميلاد).
يقام المعرض بتنظيم من وزارة الآثار المصرية والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة وجامعة بول فاليري الفرنسية، ويهدف للاحتفال بمرور قرن من الأعمال الأثرية (1917 - 2017) التي قام بها المعهد الفرنسي بمنطقة الدير، ولا سيما حفائر عالم الآثار برنار بريار في عامي 1934 و1935، إذ قام بعمل خرائط دقيقة لمنازل القرية، كما رسم عناصرها المعمارية ودوّن النصوص الهيروغليفية الموجودة بها.
يضم المعرض - الذي حضر افتتاحه الدكتور خالد العناني وزير الآثار والسفير الفرنسي بالقاهرة ورئيس المعهد الفرنسي ونخبة من السفراء الأجانب - 52 قطعة أثرية تم اكتشافها خلال أعمال الحفائر الفرنسية، بعضها يعرض لأول مرة، بالإضافة إلى عدة وثائق وسجلات وصور للحفائر، أما مسار المعرض فهو يُعرف الزائر تاريخ وآثار هذا الموقع الأثري المتميز، من خلال 3 أقسام.
القسم الأول يدعو لاكتشاف جوانب متعددة من حياة الرجال الذين بنوا المقابر الملكية، مثل الأنشطة اليومية وأوقات الفراغ والاهتمام بالأدب، والتمرين على ممارسة مهنتهم وعلاقتهم بالسلطة، والقسم الثاني من المعرض يقدم الحياة الدينية والجنائزية، أما القسم الثالث فيوضح الحفائر والأبحاث الفرنسية بدير المدينة، وهذا القسم يضم وثائق وصوراً نادرة من أرشيف المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، التي توضح تطور الحفائر والأعمال الحالية للحفاظ على الموقع. وخلال افتتاح المعرض، قال وزير الآثار المصري، إن المعرض يأتي ليتوج العلاقات المصرية الفرنسية في مجال الآثار، مشيراً إلى أنه قد بدأ التحضير له لمدة تجاوزت العامين، مبيناً أن المعرض مستمر داخل المتحف لمدة شهر ونصف الشهر، حيث يستمر حتى 5 فبراير (شباط) المقبل.
وأضاف: «إننا نحرص على إقامة العديد من الفعاليات في المتحف المصري بالتحرير، لنؤكد على أنه لن يتأثر بأي أحداث من شأنها أن تسحب البساط من تحت أقدامه».
ومن جانبها، قالت صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري، خلال الافتتاح، إن أغلب القطع التي يضمها المعرض تعبر عن الجوانب المختلفة لفناني دير المدينة تمثل حياتهم اليومية ومعتقداتهم الدينية والجنائزية، أهمها تمثال سنجم الصغير، و«عتب» يظهر به الملكان «أمنحوتب الأول» و«أمنحوتب الثاني»، و«أوستراكا» من الحجر الجيري الملون، بالإضافة إلى تابوت لشخص يدعى «نوب» من الأسرة الـ18 مصنوع من الخشب الملون.
يذكر أن دير المدينة لم يتوقف خلال قرن عن إثارة اهتمام الباحثين وإعجاب الزائرين، وقد أطلق عليه في النصوص المصرية القديمة اسم «ست ماعت» وتعني دار الحق، فيما يرجع الاسم الحالي للموقع إلى الدير الذي شيده الأقباط في ذلك المكان في العصر القبطي المبكر.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».