سقوط «وهم» الوجود الفلسطيني... 174 ألف لاجئ فقط في لبنان

النازحون باتوا أقليات في مخيماتهم... والحكومة تتبنى تحسين أوضاعهم

مخيم برج البراجنة الفلسطيني جنوب بيروت كما بدا أمس (إ  ف ب)
مخيم برج البراجنة الفلسطيني جنوب بيروت كما بدا أمس (إ ف ب)
TT

سقوط «وهم» الوجود الفلسطيني... 174 ألف لاجئ فقط في لبنان

مخيم برج البراجنة الفلسطيني جنوب بيروت كما بدا أمس (إ  ف ب)
مخيم برج البراجنة الفلسطيني جنوب بيروت كما بدا أمس (إ ف ب)

كشفت الحكومة اللبنانية، أمس، عن نتائج صادمة تتعلق بالوجود الفلسطيني في لبنان، حيث تبين أن عدد المقيمين في لبنان منهم بلغ نحو 174 ألف لاجئ فقط، خلافاً لأرقام كثيرة وصل بعضها إلى القول بوجود أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني في لبنان. وبيَّنَت الأرقام أن الفلسطينيين أصبحوا أقليات في معظم المخيمات المنتشرة على الأراضي اللبناني، حيث تحولت هذه المخيمات إلى مربعات بؤس يعيش فيها خليط من العمالة الأجنبية واللاجئين السوريين الذين فاق عددهم في بعض المخيمات الفلسطينيين.
لكن رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة يؤكد أن النتائج لم تكن مفاجئة للمعنيين بالشأن الفلسطيني الذين كانوا يتوقعون أرقاماً تصل إلى نحو 200 ألف لاجئ. وقال منيمنة لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الأرقام من شأنها أن تسقط «الوهم» فيما يخص أعداد الفلسطينيين في لبنان، وتسهل عملية تحسين ظروف حياتهم، في إشارة إلى القوانين اللبنانية التي تمنح اللاجئ الفلسطيني من العمل في كثير من المهن. وكشف منيمنة أن رئيس الحكومة سعد الحريري يدرس إمكانية طرح خطوات إجرائية تسهل حياة اللاجئين الفلسطينيين، معتبراً أن البؤس الذي يعيشه هؤلاء في لبنان يسهِّل من عملية استغلالهم من قبل الجماعات الإرهابية، مشيراً في المقابل إلى أن تواضع الأرقام من شأنه أن يسقط الأوهام حول تأثيرهم على اليد العاملة اللبنانية، إذ تبين أن حجم اليد العاملة الفلسطينية هو نحو 52 ألفاً فقط، نصفهم يعمل حالياً لدى رب عمل فلسطيني، كما أنه يسقط المخاوف الديموغرافية، في إشارة إلى المخاوف من تأثير الفلسطينيين على التوازن الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، إذ يكشف منيمنة مثلاً أن عدد اللبنانيات المتزوجين من فلسطينيين لا يتعدى 4 آلاف حالة فقط، ملمحاً في هذا المجال إلى أن إعطاء الأم الجنسية لولدها قد يصبح أمراً أسهل في هذه الحال.
وشدد منيمنة على أن هذه النتائج يجب أن تدفع إلى إيجاد حلول تؤمن الحد الأدنى من العيش الكريم للفلسطينيين في لبنان.
وأعلنت، أمس، في السراي الحكومي ببيروت، نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، بدعوة من لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وبينت الأرقام الرسمية التي تم عرضها أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات بلغ 174.422 فرداً خلال عام 2017 يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان. كما أظهرت نتائج التعداد أن نحو 45 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون في المخيمات مقارنة مع 55 في المائة منهم يعيشون في التجمعات الفلسطينية والمناطق المحاذية، مع تركز في منطقة صيدا بواقع 35.8 في المائة، تليها منطقة الشمال بواقع 25.1 في المائة بينما بلغت نسبتهم في منطقة صور 14.7 في المائة ثم في بيروت بواقع 13.4 في المائة، كما بلغت النسبة في الشوف 7.1 في المائة ثم منطقة البقاع بواقع 4 في المائة.
كما أظهرت النتائج أن هناك تغيراً في التركيبة الديموغرافية للسكان في المخيمات، حيث يزيد عدد غير الفلسطينيين على عدد اللاجئين الفلسطينيين في بعض المخيمات؛ ففي مخيم شاتيلا هناك نسبة 7.57 في المائة من النازحين السوريين مقارنة مع 7.29 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين. كما بلغت نسبة النازحين في مخيم برج البراجنة 9.47 في المائة مقارنة مع 8.44 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين. وفي مخيم مار إلياس تبين أنه يوجد 39 في المائة نازحين سوريين وفي البداوي 4.34 في المائة.
وبينت النتائج أن الفلسطينيين في المخيمات يشكلون نسبة نحو 72.8 في المائة منهم 65.4 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان و7.4 في المائة من النازحين الفلسطينيين من سوريا، وأن نحو 4.9 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين يملكون جنسية غير الجنسية الفلسطينية.
وأشارت النتائج إلى أن نسبة الأمية بين اللاجئين الفلسطينيين بلغت 7.2 في المائة، وبلغ حجم القوة العاملة بين اللاجئين الفلسطينيين 51393 فرداً، ووصلت نسبة البطالة بينهم إلى 18.4 في المائة، كما أشارت النتائج إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الأفراد في الفئة العمرية 15 - 19 سنة بواقع 43.7 في المائة، وبين الفئة 20 - 29 سنة 28.5 في المائة. وأشارت البيانات إلى أن عدد الأسر الفلسطينية في المخيمات والتجمعات قد بلغ 52.147 أسرة منهم 7.2 في المائة لفلسطينيين متزوجين من لبنانيات و2.4 في المائة للبنانيين متزوجين من فلسطينيات.
ورأى الرئيس الحريري في كلمة ألقاها في الاحتفال أن من واجبات الدولة اللبنانية أن تنظر إلى المشكلات التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون في بلدنا. إن التضامن مع الشعب الفلسطيني واجب أخلاقي وإنساني، قبل أن يكون واجباً قومياً ووطنياً.
وقال: «لبنان لن يتخلى عن التزامه القومي والإنساني بحق عودة الشعب الفلسطيني إلى دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس. وواجباتنا تجاه إخواننا الفلسطينيين المقيمين على أراضينا مسألة يجب أن تتحرر من التجاذبات، ولا تتحول إلى نقطة خلاف، لا بين اللبنانيين ولا بيننا وبين الفلسطينيين».
وأكد أن «لبنان لم ولن يتهرب من واجباته التي يجب أن تكون واضحة وضوح الشمس. ليس هناك أي التباس أو أي نافذة يمكن أن تفتح، لا على التوطين ولا على أي إجراء يناقض حق العودة أو ينزع عن اللاجئين هويتهم، هوية فلسطين». وقال: «لقد راكمت العقود الماضية المشكلات الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين، وبات الواقع في المخيمات واقعاً مأساوياً بكل المقاييس. والدولة لا تستطيع أن تتفرج على هذا الواقع وهو يتفاقم من سنة لأخرى، ويتحول إلى مسألة لا تُحلّ. لقد أظهرت وثيقة مجموعة العمل حول قضايا اللاجئين أن اللبنانيين بمختلف اتجاهاتهم السياسية لا يشكلون عائقاً أمام أي مشروع يسمح للبنان بأن يتحمل مسؤولياته تجاه الإخوة اللاجئين. ونوه باللجنة التي بدأت عملها وسط الانقسامات التي كان يعيشها لبنان، وأكد أن الحكومة ستتبنى كل المقترحات التي قدمتها اللجنة».
وأضاف: «كان هناك كلام عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في البلد وتهويل على بعضنا البعض، وكنا نسمع أرقاماً قياسية تُستعمَل في السياسة والتجاذبات، ولكن هذه اللجنة وضعت الأمور في نصابها، والحكومة أطلقت الإحصاء، والحمد الله أصبح اليوم لدينا نتائج موفقة. كان البعض يتحدث عن رقم 500 ألف أو 600 ألف أو 400 ألف، ولكن اليوم أصبح العدد واضحاً، وهو 174.422 فرداً، هذا هو الرقم الحقيقي وعلينا واجبات يجب القيام بها كدولة ضمن إطار المؤسسات وتحت سقف الحوار والتفاهم، وأهم شيء أن نستمر بالحديث مع بعضنا البعض».
ثم تحدث رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق منيمنة، فأكد أن التعداد «عملية بحثية لا بد منها لتطوير السياسات العامة بناء على المعطى العلمي والرقم الصحيح. ومن المهم هنا أن نفصل بين نتائج هذا التعداد والتسجيل لدى وكالة (أونروا) أو في تسجيلات وزارة الداخلية، التي يترتب عليها حق العودة والتعويض، وهو حق ثابت يحميه القانون الدولي وغير قابل للتصرف».
كما تحدثت رئيسة جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني الدكتورة علا عوض، فرأت أن بيانات هذا التعداد تشكل حجر الأساس في التخطيط والتطوير لأي برامج أو تدخلات تستهدف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بهدف تحسين ظروفهم المعيشية، متمنية أن «تشكل نتائجه فرصة حقيقية لتغيير الواقع الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في كل المجالات، ولوضع المجتمع الدولي في صورة معاناتهم المستندة إلى الحقائق والأرقام التي نتجت عن هذا التعداد، وكذلك الآثار التي لحقت بهم نتاج سياسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.