«مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي» ينهل من البادية وأهلها

اختتم بعد أربع ليال عامرة بين الكثبان

مشهد من المسرحية الإماراتية «صرخة ميثاء»
مشهد من المسرحية الإماراتية «صرخة ميثاء»
TT

«مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي» ينهل من البادية وأهلها

مشهد من المسرحية الإماراتية «صرخة ميثاء»
مشهد من المسرحية الإماراتية «صرخة ميثاء»

اختتم في الشارقة مهرجان المسرح الصحراوي، بعد احتفاليات كبيرة، وعروض ضخمة استمرت أربعة أيام شارك فيها ما يناهز مائة شخص جاءوا من عدة بلدان، لإحياء هذا الحدث بعد أن أصبح موعداً ينتظره الأهالي، لما يصاحبه من أنشطة. ومع المسرحية المغربية «حرب وحب» التي قدمتها فرقة «روافد» الآتية من مدينة الداخلة المغربية، أسدل الستار على الدورة الثالثة، بعد دورتين ناجحتين سابقتين. والمسرحية هي فكرة الغالي أكريميش وإخراج عزيزي إبلاغ، وتحكي قصة شيبة ابن شيخ القبيلة العاشق للموسيقى الذي يتحدّى كل الأعراف ويتعلم سراً العزف على آلة «التيدينيت» وهو أمر ينافي العادات، فيلاقي صعوبات شتى، ويهجر قبيلته إلى أخرى، لكنّه هناك يكتشف أيضاً أنّ الأمر غير مقبول، حين يقع في غرام فتاة يتعذّر زواجه منها بسبب هوايته الموسيقية؛ لكن عزفه على آلة «التيدينيت» وحبه للموسيقى تحديداً، هما اللذان سيجعلانه قادراً على مساعدة قبيلته والانتصار لها في الوقت المناسب، في إشارة إلى أنّ العادات ليست بالضرورة هي دائماً على حق.
وفي حفل الافتتاح الذي كان عامراً، قدمت المسرحية الإماراتية «صرخة ميثاء»، من تأليف سلطان النيادي وإخراج محمد العامري. وهي حكاية الفتاة التي خطفت ويستمر البحث عنها طوال فترة العرض من دون أن نراها، ويحار أخاها تحت وطأة صرخات أمه كيف يستعيدها، بعد أن يدبّ خلاف بينه وبين أبناء عمومته، ويستغيث بقبائل غريبة التي سرعان ما تعيث فساداً في الأرض ويعود بعد ذلك إلى حضن قبيلته لنجدته وأقربائه المقربين لاستعادة أخته المخطوفة، بين قبول عادات قبائل الصحراء والتمسك بها، ومحاولة التخلص مما بات يزن كثيراً على أهلها، تراوحت مواضيع العروض التي جاءت من عمان وموريتانيا والمغرب والشارقة واستتبع بعد عرض بحوارات ونقاشات، حول سبل تطوير هذا المسرح الصحراوي التجريبي الذي تحاول الشارقة النهوض به، وسط أهله، حيث يتوافد الأهالي إلى منطقة العرض ويتقاطرون مع كل مهرجان للاستمتاع بهذه الأعمال التي تقام وسط الصحراء، حيث يتم تأهيل الموقع بإضاءة تحول المكان إلى نهار، ومكبرات صوت تجعل متابعة المسرح ممكنة على مسافات كبيرة. وفي هذه العروض التي تشارك بها الخيول الأصيلة والجمال، ونسمع صليل السيوف، ونشاهد المعارك، عودة حقيقية إلى حضن البادية ولهجاتها وقيمها التي فقدت، أو نسيت لصالح أفكار وعادات هجينة.
على أي حال، فإن إمارة الشارقة، بفضل اهتمام حاكمها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ورغبته في المساهمة في تطوير الفن المسرحي، تنظم سنوياً مهرجاناً للمسرح العربي، تشارك فيه مختلف الدول العربية بأعمال، ويلتقي المسرحيون بشكل دوري، ويتم التجوال به في الدول العربية. كما هناك مهرجان المسرح الخليجي، ويأتي «مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي كاستكمال لهذا النهج، حيث هناك رغبة في إيصال الأنشطة الفنية إلى كل الأهالي، بمن فيهم المقيمون خارج مدينة الشارقة».
وبات من تقاليد المهرجان الصحراوي، استقبال الضيوف يوم الافتتاح بنصب الخيام في الصحراء إلى جانب مكان العرض الممتد على مساحة كبيرة محاطاً بالكثبان الرملية التي تستخدم كجزء من العرض، وكذلك تشوى الذبائح على نيران الحطب وتقدم لضيوف المهرجان مع عائلاتهم، وتوزع التمور وتشرب القهوة العربية، في استعادة طريفة وجميلة لأجواء الصحراء حتى لأولئك الذين يدعون خصيصاً لعيش هذه التجربة التي نادراً ما تسنح لأهل المدن من دون تنظيم يبدأ من ترتيب وصول السيارات وركنها، مروراً بالمشاهد المسرحية وانتهاء بتنظيم المغادرة لألوف الحاضرين إلى حضن الصحراء. و«مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي» من تنظيم إدارة المسرح في دائرة الثقافة بالإمارة، وقد قُدّمت خلاله هذه السنة أربعة عروض. فإضافة إلى العرض الإماراتي والمغربي، كان عرض عماني، حمل عنوان «عشق في الصحراء» من تأليف نعيم فتح نور وإخراج يوسف بلوسي وأداء فرقة «مزون»، كما قدم عرض موريتاني حمل اسم «حديث الليل»، تأليف وإخراج التقي سعيد، وأداء «فرقة الرواد المسرحية».


مقالات ذات صلة

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

أطلقت بوخارا أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهد شكّلت ثلوج قمم «هملايا» خلفيته.

«الشرق الأوسط» (بوخارا (النيبال))
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

عُرض «شرق 12» في السعودية والبرازيل وأستراليا والهند وشاهده جمهور واسع، ما تراه هالة القوصي غاية السينما، كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».