بوذيون {تواطأوا} مع جيش ميانمار في مجازر ضد الروهينغا

الاتحاد الأوروبي يحث على الإفراج عن صحافيين

لاجئو الروهينغا يتلقون إعانات في منطقة كوكس بازار البنغلاديشية في سبتمبر الماضي (رويترز)
لاجئو الروهينغا يتلقون إعانات في منطقة كوكس بازار البنغلاديشية في سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

بوذيون {تواطأوا} مع جيش ميانمار في مجازر ضد الروهينغا

لاجئو الروهينغا يتلقون إعانات في منطقة كوكس بازار البنغلاديشية في سبتمبر الماضي (رويترز)
لاجئو الروهينغا يتلقون إعانات في منطقة كوكس بازار البنغلاديشية في سبتمبر الماضي (رويترز)

اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير جديد لها أمس، أن بعض المجازر التي وقعت في قرى للروهينغا (غرب ميانمار)، خطّط لها جيش ميانمار بعناية، بمساعدة سكّان من البوذيين.
وبالاستناد إلى عشرات الشهادات التي أدلى بها ناجون، أوضحت المنظّمة غير الحكومية كيف حاصرت قوات الأمن المسلمين الروهينغا على ضفاف أحد الأنهار، ثم اغتصبت النساء والأطفال، وقتلتهم مع الرجال، وأحرقت قرية تولا تولي الصغيرة.
وقال براد آدامز، مدير «هيومن رايتس ووتش» في آسيا، إن «فظائع جيش ميانمار في تولا تولي لم تكن وحشية فقط، لكنها كانت منهجية أيضاً»، وأضاف أن «الجنود قتلوا واغتصبوا مئات الروهينغا بوحشية غير مسبوقة، لا يمكن إلا التخطيط لها مسبقاً». وأعلن عدد كبير من القرويين للمنظمة أن رئيس المنطقة، وهو من إتنية الراخين (بوذية)، طلب منهم أن يتجمعوا على الشاطئ، مدّعياً أنّهم سيكونون في «أمان». ثم حاصرت قوات الأمن المنطقة، وأطلقت النار على الجموع المحتشدة والذين حاولوا الفرار، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت شفيقة (24 عاماً)، التي قتل زوجها: «كانوا يمسكون الرجال، ويرغمونهم على الركوع، ثم يعمدون إلى قتلهم، وبعد ذلك يكدسون جثثهم. في البداية، كانوا يذبحونهم، وإذا ظلّوا على قيد الحياة، كانوا ينهون حياتهم بالسواطير».
وحاولت حسينة (20 عاماً) أن تخبئ ابنتها البالغة من العمر عاماً واحداً تحت غطاء، لكن أحد الجنود لمحها، وأضافت: «أخذ ابنتي، ورماها حية في النار».
وخلص آدامز إلى القول إنه «على الأمم المتحدة والحكومات الأجنبية الحرص على محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات الخطيرة». واعتبرت منظّمة «أطباء بلا حدود»، الأسبوع الماضي، أن 6700 من الروهينغا قتلوا بين أواخر أغسطس (آب) وأواخر سبتمبر (أيلول).
ودفعت أعمال العنف التي ترقى إلى حملة تطهير ممنهجة، وفق تقرير للأمم المتحدة، نحو 655 ألفاً من أبناء هذه الأقلية للفرار إلى بنغلاديش المجاورة. وتحدثت مفوضية الأمم المتحدة عن عناصر «إبادة».
وينفي الجيش البورمي القيام بأي عملية انتقامية ضد المدنيين، مؤكداً أن «400 شخص قتلوا، وليس بينهم أي بريء»، وفق ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية، إلا أنه أوضح الاثنين أنه سيفتح تحقيقاً، بعد العثور على مقبرة جماعية في قرية اين - دين. وأكد قائد الجيش أن «ملاحقات قد بدأت لمعرفة ما إذا كان عناصر من قوى الأمن متورطين».
كما ذكر بيان نشر في ساعة متأخرة الاثنين على صفحة قائد الجيش على «فيسبوك» أن معلومات قادت الضباط إلى «جثث مجهولة الهوية عثر عليها في مقبرة في قرية اين - دين»، وهي منطقة في بلدة مونغداو التي تعد بؤرة العنف في ولاية راخين. ولم يحدد البيان عدد الجثث التي عثر عليها أو المجموعة التي ينتمون إليها، وأضاف أنه «ستتخذ إجراءات قانونية قوية في حال تورط أي من عناصر الأمن».
على صعيد متصل، حث الاتحاد الأوروبي ميانمار، الاثنين، على إطلاق سراح مراسلين من «رويترز»، وذلك «في أسرع وقت ممكن». وقالت متحدثة باسم مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، فيدريكا موغريني، إن «اعتقال صحافيين يعملان لدى وكالة (رويترز) للأنباء في يانغون في الآونة الأخيرة يمثل مبعث قلق حقيقياً».
وجرى اعتقال الصحافيين وا لون (31 عاماً)، وكياو سوي أو (27 عاماً)، مساء الثلاثاء الماضي، بعدما وجهت لهما الدعوة لتناول الطعام مع ضباط شرطة على مشارف يانغون، كبرى مدن ميانمار. ولا توجد معلومات تذكر عن المزاعم ضد الصحافيين سوى قول الشرطة إنهما «اعتقلا لحيازتهما وثائق حكومية مهمة تتعلق بولاية راخين وقوات الأمن»، وفق وكالة «رويترز».
وقالت المتحدثة باسم موغريني: «نتوقع من سلطات ميانمار أن تضمن حماية حقوقهما حماية كاملة، وأن تطلق سراح الصحافيين في أسرع وقت ممكن»، وأضافت أن «حرية الصحافة ووسائل الإعلام هي أساس أي ديمقراطية، وحجر الزاوية لها». وكان رئيس البرلمان الأوروبي، أنتونيو تاجاني، قد عبّر عن قلق مماثل يوم الجمعة، في قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل.


مقالات ذات صلة

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )
الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟