النيابة تطلب رأي الأزهر في «الشيخ جاكسون»

القائمون على الفيلم متهمون بـ{ازدراء الإسلام والإساءة إلى مصر}

الممثل أحمد مالك في مشهد من «الشيخ جاكسون»
الممثل أحمد مالك في مشهد من «الشيخ جاكسون»
TT

النيابة تطلب رأي الأزهر في «الشيخ جاكسون»

الممثل أحمد مالك في مشهد من «الشيخ جاكسون»
الممثل أحمد مالك في مشهد من «الشيخ جاكسون»

أثار قرار النيابة العامة المصرية، أول من أمس (الاثنين)، عرض الفيلم المصري «الشيخ جاكسون» على لجنة من مؤسسة الأزهر، لإبداء رأيها في اتهامه بازدراء الإسلام والإساءة لمصر، موجة من الانتقادات، وسط تحذيرات من العودة إلى عصر الرقابة على المصنفات الفنية بمنظور ديني، وتوجيه اتهامات خطيرة إلى صناع السينما.
وكانت النيابة قررت، في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استدعاء بطل الفيلم، الممثل أحمد الفيشاوي، ومخرجه عمرو سلامة، للتحقيق معهما، على خلفية بلاغ تقدم به محامٍ مصري ضد الفيلم المعروض حالياً في دور السينما.
وقال سلامة، إنه تم استدعاؤه إلى مكتب النائب العام في القاهرة، وتقرر عرض الفيلم على مؤسسة الأزهر، لإبداء رأيها. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، رشحت مصر هذا الفيلم ليمثلها في مسابقة «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي لعام 2018، التي تنظمها الأكاديمية الأميركية للصور المتحركة والعلوم.
وتساءل سلامة، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «هل سيقيّم الأعمال الإبداعية علماء دين ليسوا مختصين في الفن أو الإبداع، وهل يجب بعد ذلك أن نفكر في كل أفلامنا من منطلق ديني؟».
وتابع: «هل يمكن أن تقوم الدولة بالتحقيق مع صناع فيلم شارك في المهرجانات العالمية والإقليمية المرموقة، وقامت الدولة بترشيحه ليمثلها في الأوسكار، بعد أن وافقت رقابتها عليه تقوم بالتحقيق مع صناعه؟».
وخلال مداخلة هاتفية تلفزيونية، أضاف المخرج عمرو سلامة على إحالة النيابة الفيلم للأزهر الشريف للتحقيق فيه، قائلاً: «إن الرقابة وافقت عليه، ولجان أخرى من الفنانين اختارته ضمن قائمة للعرض في المهرجانات الدولية المختلفة». وأوضح سلامة: «إن الفيلم عمل فني وليس دينياً»، معرباً عن اندهاشه من عرض الفيلم على جهة دينية وليس فنية للتحقيق فيه. لافتاً إلى أن «الشكوى جاءت على أحد المشاهد، الذي يجسد حلم تخيله البطل، وكأنه يرى المطرب العالمي الراحل، مايكل جاكسون في الجامع». متابعاً: «المشهد استفز شخص ما، فقدم ضدي بلاغاً، وعندما قرأت الخبر في الصحف، لم أتوقع أن يؤخذ بعين الاعتبار، وفوجئت أنه تم البدء في التحقيق بالفعل بشأن الفيلم». وقال: «طلبوا التحقيق معي، وكان التحقيق حضارياً، ومهذباً جداً. لكني تأملت وأنا في التحقيق أنني كمبدع لا بد أن أبرر كل مشهد قدمته، وهذا نوع من التقيد».
ويتهم محام مصري القائمين على الفيلم بازدراء الدين الإسلامي، والإساءة إلى مصر. ولم يتسنَ الحصول على تعليق فوري من النيابة ولا الأزهر بشأن ما ذكره المصدران.
ويتناول فيلم «الشيخ جاكسون» قضية الهوية في مصر، وتعود أحداثه إلى 25 يونيو (حزيران) 2009 بخبر وفاة المغني الأميركي الشهير، مايكل جاكسون. وتدور الأحداث حول شاب كان يلقبه الجميع بجاكسون خلال فترة دراسته بالمرحلة الثانوية؛ لولعه بالمغني الأميركي، قبل أن يعيش صراعاً بين ولعه بالغناء والتزامه الديني.
ويشارك في بطولة الفيلم أحمد الفيشاوي، ماجد الكدواني، أمينة خليل وأحمد مالك، وهو من تأليف عمر خالد وعمرو سلامة، وإخراج عمرو سلامة.
إلى ذلك، قال مقدم البلاغ، في تصريح تلفزيوني عقب التحقيق مع مخرج الفيلم في النيابة العامة: «إن اسم الفيلم فيه إساءة للإسلام»، مضيفاً: «إن الدين الإسلامي أصبح (مطية) لكل من هب ودب» حسب تعبيره، وتابع قائلاً: «أنا ابني شاف الفيلم وحكى لي، ثم دخلت دور العرض وشاهدت الفيلم». وأوضح أنه لن يتنازل عن الذي تقدم به ضد مخرج الفيلم، قائلاً: «المخرج يبحث عن الشهرة».
من جانبها، قالت الناقدة الفنية ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط»: «إحالة القضية المقدمة ضد صناع فيلم (الشيخ جاكسون) للجنة تابعة للأزهر الشريف، ردة فنية تعيدنا قرناً من الزمان للوراء». ووصفت الأمر بـ«الكارثة»، موضحة «أن إحالة الفيلم للأزهر الشريف لإبداء الرأي فيه أعاد للأذهان ما حدث لصناع فيلم (المذنبون) الشهير، الذي كان يناقش قضايا مهمة وخطيرة للغاية»، مشيرة إلى «أن فيلم (الشيخ جاكسون) لم يحمل أي رسائل فنية وسياسية تغضب أحداً مثلما فعل فيلم (المذنبون)».
وأضافت خير الله قائلة: «الفيلم مجرد خيال، ولا يمت للواقع بصلة، هل نحاسب السينمائيين على خيالهم وإبداعهم، وهي وظيفته الأساسية، كما أن الفيلم لم يسيء إلى الإسلام أو الأزهر، وقصة الفيلم الأساسية مبنية على شخص معجب بالمطرب الأميركي، مايكل جاكسون، وكان يخيل له أن المطرب يلاحقه، في صلاته، حتى قام بعمل مشاجرة مع من كان يتصور أنه جاكسون واكتشف أنه شخص آخر».
وأوضحت خير الله، أن الفيلم لم يتم تصويره داخل المساجد، بل تم تصويره داخل استوديوهات خاصة بالسينما.
وربطت الناقدة الفنية ما قدمه الفيلم من خيال، وما يحدث في الواقع لبعض المصلين، الذين ينشغلون بأمور الدنيا وهم يصلون قائلة: «حالة السرحان التي تصيب بعض المصلين حالة إنسانية مجردة، والفيلم يناقش قضايا البشر غير المعصومين من الأخطاء، ومشهد الصلاة كان واضحاً جداً ولا يحتاج إلى تأويل أو فهم خاطئ، الفيلم ناقش قضايا إنسانية بشكل خيالي وإبداعي، ولم يتطرق إلى شخصيات تحيط بها القداسة».
وتابعت خير الله قائلة: «الفيلم حصل على موافقات كثيرة قبل البدء في تصويره، وبالتالي فإنه قانوني وغير مفاجئ، ولا نستطيع أن نقول إنه فاجأ المسؤولين والمشاهدين، وما يحدث ضد صناع الفيلم حالياً من تحقيقات واتهامات يعد اختراقاً للدستور المصري الذي يصون حرية الفكر والإبداع».
يشار إلى أن أحداث فيلم «الشيخ جاكسون» تعود إلى يوم الخميس 25 يونيو 2009، بعد خبر وفاة مايكل جاكسون الذي هزَّ العالم، وبخاصة أحد الشيوخ، الذي كان يلقبه الجميع بجاكسون في سنوات الدراسة، وناقش الفيلم ماذا يربط شيخ وإمام مسجد بأسطورة الطرب الأميركي، محاولاً الإجابة عن السؤال الأهم، هل سيستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي بعد ذلك، أم ستعود به ذكرياته وعلاقاته بمن أحبهم؟... إلى السؤال الأهم في وجدانه: هل هو الشيخ أم جاكسون أم الاثنان في قلب رجل واحد؟


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».