توتر في البرلمان الإيراني بسبب الفساد في أجهزة الدولة

نائب طهران يطالب بالكشف عن مصير 37 مليار دولار من أموال البنوك

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني للنائب محمود صادقي أثناء إلقائه خطاباً عن الفساد في البلاد
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني للنائب محمود صادقي أثناء إلقائه خطاباً عن الفساد في البلاد
TT

توتر في البرلمان الإيراني بسبب الفساد في أجهزة الدولة

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني للنائب محمود صادقي أثناء إلقائه خطاباً عن الفساد في البلاد
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني للنائب محمود صادقي أثناء إلقائه خطاباً عن الفساد في البلاد

شهد البرلمان الإيراني، أمس، توترات بعد مشادات كلامية على أثر مداخلة من نائب العاصمة طهران محمود صادقي حول انتشار الفساد في الحكومة والبرلمان والقضاء، وصف فيها نواب البرلمان بأنهم «حصيلة لجنة صيانة الدستور، وليس أصوات الشعب»، في إشارة إلى دور اللجنة في إقصاء المرشحين للانتخابات، وهو ما ووجه باحتجاج النواب المحافظين. وكان صادقي، عضو كتلة «الأمل» الإصلاحية، يتحدث عن أبرز التحديات الداخلية التي تواجه النظام الإيراني؛ وعلى رأسها الفساد، داعيا إلى ضرورة محاربة الفساد في البرلمان والحكومة والقضاء. وقال إن تحدي إدارة البلد «أكبر تحد يخيم على كل التحديات الأخرى، وتحول إلى حاضنة ومنتج للتحديات».
جاء ذلك بعد أقل من أسبوع على تقديم الرئيس الإيراني حسن روحاني مقترح الميزانية الجديدة الأسبوع الماضي بقيمة 104 مليارات دولار، ويتعين على البرلمان دراسة الميزانية في فترة زمنية لا تتجاوز 40 يوما قبل التصويت عليها.
وأثار إعلان الميزانية من قبل روحاني ردود فعل متباينة في الشارع الإيراني، وعزز نشر تفاصيل الميزانية الشكوك حول تخلي الرئيس الإيراني حسن روحاني عن شعاراته الانتخابية بعدما اتضح أن حكومته تخطط لوقف المساعدات المالية لما بين 30 و40 مليون إيراني.
في هذا الصدد، انتقد صادقي غياب الشفافية في الميزانية والحسابات المالية للمؤسسات الحكومية الإيرانية. كما وجه انتقادات إلى نواب البرلمان بسبب ما عده ضعف المعلومات المالية خصوصا فيما يتعلق بميزانية البرلمان.
وعن أحوال الاقتصاد الإيراني، قال صادقي إن الأجهزة التي تمثل النظام الإداري «ساهمت في صعود نظام اقتصادي قائم على الوصايات والعلاقات الشخصية، يعتمد على مبيعات النفط، وهو ما يتسبب في نمو اقتصاد فاسد وظهور طبقة جديدة من حديثي النعمة الذين يتعايشون على الجبايات والفدى».
وانتقد صادقي التوزيع غير المناسب للميزانية، معربا عن اعتقاده بأنه «أدى إلى عدم التوازن بين الطبقات الاجتماعية والشرخ بين الغني والفقير»، متهما الحكومة بتقديم ميزانية «غامضة وغير شفافة، رغم خطوات قطعتها الحكومة نحو الشفافية».
كما انتقد صادقي عرقلة مكافحة الفساد في البرلمان قائلا: «بعض الزملاء يقولون إنه لا فائدة من وضع الأيدي على الفاسدين، لأنه يتسبب في وقف العمل. لقد أصبنا بفخ الفساد. الفساد ينتج الفساد، مثلما ينتج فخ الفقر مزيدا من الفقر». وتابع: «لماذا لا توجد إدارة حقيقية لمواجهة الفاسدين؟ لماذا نتعاون مع الفاسدين ونتجنب الكشف عن أسمائهم؟».
وأضاف صادقي: «هل يعلم نواب البرلمان شيئا عن أكثر من 130 ألف مليار تومان (نحو 37 مليار دولار) من ديون قدمتها البنوك، وتدور بيد أي أشخاص؟ لم يتم إعلان أسمائهم، لكن يجب أن نعرفهم نحن نواب البرلمان».
انطلاقا من حديثه عن الفساد، انتقد صادقي أوضاع البرلمان وسلط الضوء على دور لجنة صيانة الدستور المسؤولة عن النظر في أهلية المشرحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وقال في هذا الخصوص، إن إجراءات لجنة صيانة الدستور «تحول دون دخول نواب شجعان يتصدون للفساد».
وقال صادقي إن البرلمان «عصارة فضائل لجنة صيانة الدستور، وليس نتيجة فضيلة الأمة».
وبحسب تقارير وسائل الإعلام الإيرانية، فخطاب صادقي عن أوضاع الفساد قابلته انتقادات شديدة اللهجة من نواب آخرين اتهموه بـ«الإساءة» لمكانة البرلمان. وعدّ النائب علي أدياني راد تصريحات صادقي «مكلفة لكل واحدة من نواب البرلمان وللمجتمع الإيراني». كما اتهمه بـ«تعريض مشروعية البرلمان للمساءلة».
أما «التوتر» في اجتماع البرلمان، فبدأ أمس وفق تقارير جرى تداولها في وكالات إيرانية، عندما قطع نائب رئيس البرلمان علي مطهري الصوت عن النائب حسين نقوي حسيني، عضو كتلة «الولاية» والمتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية، مما دفعه إلى الصراخ احتجاجا على تصريحات صادقي.
وأشارت وكالة «إيلنا» الإصلاحية إلى أن نقوي حسيني طالب رئاسة البرلمان بالدفاع عن «شأن أعضائه» عندما كان صادقي يلقي خطابه، الأمر الذي واجه رفض نائب رئيس البرلمان الإيراني. وعقب ذلك توجه نقوي حسيني إلى منصة رئاسة البرلمان بعد منعه من الرد على تصريحات صادقي، وهو ما أدى إلى توجه نواب في البرلمان إلى مقصورة الرئاسة، وتلاسن وتدافع بين النواب المحافظين والإصلاحيين.
ولم ينحصر التوتر تحت سقف البرلمان، أمس؛ إذ سبقه انقسام الصحف الإصلاحية والمتحالفة مع روحاني، في أعدادها الصادرة أمس حول حملة «نادمون» التي تستهدف الرئيس الإيراني بعد ازدياد انتقادات تتهمه بالتراجع عن وعوده الانتخابية.
ويواجه روحاني اتهامات من حلفائه المعتدلين والإصلاحيين بالانقلاب على شعاراته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة والهجرة إلى المعسكر الأصولي، في حين يواصل روحاني في خطاباته إطلاق الوعود وطلب مزيد من الوقت لتحقيق وعوده على صعيد الحريات الداخلية وتحسين الوضع الاقتصادي فضلا عن أوضاع إيران في السياسة الخارجية.
وتزامن إعلان الميزانية الجديدة مع مرور أسبوع على نهاية مائة يوم على بداية ولاية روحاني الثانية. وأطلق ناشطون يناصرون روحاني حملة «نادمون» في شبكات التواصل الاجتماعي تعبيرا عن الندم على المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتصويت لصالح روحاني ضد خصومه المحافظين.
وأعرب عدد من الشخصيات السياسية والفنية والرياضية عن ندمهم لتوجيه دعوات للمشاركة في الانتخابات. وكتب نجم كرة القدم الإيرانية سابقا علي كريمي في حسابه بشبكة «إنستغرام»: «أعتذر مرة أخرى للدعم الذي قدمته للرئيس، لأنني كنت أعتقد أن بإمكانه أن يساعد. أطلب الغفران من جميع الأصدقاء والمواطنين. قبل الانتخابات سمعت شتائم وإساءات والآن أتحمل. يا ليت بإمكاننا العودة إلى الوراء #أحمدي_نجاد».
وانتقد الناشط السياسي والمنظر الإصلاحي عباس عبدي الانتقادات من روحاني في حملة «نادمون»، وقال: «من شاركوا في الانتخابات يجب ألا يأخذوا الوعود على محمل الجد» وأضاف: «من يقولون نادمون على المشاركة في الانتخابات، لا يفهمون شيئا من السياسة».
وسلطت صحيفة «بهار» الإصلاحية أمس الأضواء على الانتقادات التي وجهت لروحاني خلال الأيام الأخيرة في وسائل الإعلام والصحف الإصلاحية. وعدّت الصحيفة «إعلان شخصيات إيرانية معروفة عن ندمها والتراجع عن تأييد روحاني، سببا في مسرة خصوم روحاني».
ولجأت صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة إلى أمين عام حزب «اتحاد ملت» الإصلاحي للدفاع عن موقف روحاني. وكتب في افتتاحية الصحيفة مخاطبا أنصار روحاني الذين أعلنوا التراجع عن تأييدهم للرئيس الإيراني، أن «الندم حق لكل إنسان، لكنه لا يعني صحة أي تغيير». وطالب الإصلاحيين «بالتعلم من أخطاء الماضي، وعدم التشاؤم، لأنه ينتهي بالبلد إما إلى أصولية عمياء، أو إلى المجهول».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.