لودريان: لا لمحور إيراني في المنطقة... والأسد ليس الحل لسوريا

وزير الخارجية الفرنسي ندد بتوريد إيران ميليشيات ودعمها «حزب الله»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان
TT

لودريان: لا لمحور إيراني في المنطقة... والأسد ليس الحل لسوريا

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان

يبدو أن باريس قررت أن تستخدم «لغة الحقيقة» في تعاطيها مع إيران، وألا تستمر في التلميح للمشاغل التي تقلقها من أداء إيران في أكثر من ملف. ولعل ما جاء في حديث وزير الخارجية جان إيف لودريان، في برنامج تلفزيوني خصص للحرب في سوريا، وبث أمس على القناة الثانية، يأتي بالدليل القاطع على ذلك. فالوزير الفرنسي لم يتردد أبداً في التنديد بالموجات الإقليمية الإيرانية، وبسياسة طهران في سوريا والعراق وغيرها من بلدان المنطقة. ومن الدلائل التي تؤشر لتوتر العلاقة بين باريس وطهران، أن الزيارة التي كان من المفترض أن يقوم بها لودريان إلى طهران الشهر الماضي، تأجلت، بل إن مصدراً دبلوماسياً فرنسياً قال لـ«الشرق الأوسط» إنها رُحّلت إلى العام المقبل.
إزاء الطموحات الإيرانية المتمددة، أعلن لودريان أن فرنسا تقول: «لا للوجود الإيراني، وللرغبة الإيرانية في إقامة محور من البحر المتوسط إلى طهران». ويأتي كلام المسؤول الفرنسي رداً على تبجحات طهران التي جاءت على لسان الرئيس روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، من أن إيران تمسك بالقرار السياسي في أربع عواصم عربية، أو تلك التي جاءت على لسان مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، التي تتحدث تحديداً عن الممر المتواصل من طهران إلى المتوسط مروراً ببغداد ودمشق ووصولاً إلى بيروت.
ولم يكتف الوزير الفرنسي بذلك، بل إنه طالب بخروج المقاتلين الإيرانيين من سوريا باعتبار أن سوريا «دولة سيدة؛ ما يعني أنها يجب أن تكون بعيدة عن الضغوط، وخالية من الحضور الأجنبي» بعكس الوضع القائم هناك منذ سنوات، حيث إن إيران تورّد لسوريا «ميليشياتها وتدعم (حزب الله)».
حقيقة الأمر، أن الخارجية الفرنسية تتحدث علينا للمرة الأولى عن محور إيراني من طهران إلى المتوسط، رغم أن لودريان نفسه سبق له أن أشار، خلال زيارته للسعودية الشهر الماضي، إلى «نزعة الهيمنة» الإيرانية. كما أن رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون ندد بالبرنامج الباليستي الذي تطوره طهران والذي اعتبره «بلا ضوابط».
وأضحى معروفاً أن باريس التي دأبت منذ مجيء ماكرون إلى السلطة في الربيع الماضي على تأكيد أنها «لن تنحاز لهذه الجهة أو تلك» تجد نفسها اليوم مضطرة إلى اللجوء إلى الكلام المباشر، ليس فقط لاحتواء النفوذ الإيراني المتغلغل، بل أيضاً لمحاولة ضبط برنامجها الباليستي.
وسبق للرئيس ماكرون أن حاول التزام موقف وسطي بين طهران وواشنطن: فمن جهة، أكد تمسكه بالاتفاق النووي المبرم مع طهران، وهذا لا يتوافق ما رغبات الإدارة الأميركية: لكنه من جهة ثانية طالب طهران بالجلوس إلى طاولة المفاوضات للبحث في برنامجها الصاروخي والباليستي، وهذا ما لا ترضاه القيادة الإيرانية.
وأشارت مصادر رسمية فرنسية إلى أن التقرير الذي أعدته الأمم المتحدة الذي يندد بتحركات مسؤول العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني التي أجراها أخيراً في سوريا والعراق، وكذلك التقرير الآخر حول المصدر الإيراني لصورايخ أطلقها الحوثيون على الأراضي السعودية، دفعتا باريس إلى خلع «قفازات الحرير» واللجوء إلى اللغة المباشرة في حديثها عن التهديدات الإيرانية، وذلك رغم وجود تيار قوي بين صفوف رجال الأعمال الراغب في تحسين العلاقة مع طهران.
وسبق لباريس أن دعت الرئيس الإيراني إلى المشاركة في قمة المناخ التي التأمت أمس في العاصمة الفرنسية. لكن روحاني لم يحضر؛ الأمر الذي يشكل مؤشراً إضافياً على التوتر القائم بين العاصمتين.
وفي الملف السوري، تعتبر باريس أن لطهران وروسيا تأثيراً كبيراً على نظام الرئيس الأسد. ولذا؛ فإن لودريان دعا إلى أن تعمد موسكو وطهران، وهما «أبرز جهتين» قادرتان على الضغط على دمشق من أجل الوصول إلى حل سياسي بالتعاون مع الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.
وخص روسيا بالدعوة إلى ممارسة ضغوط على الأسد حتى يخفف الحصار عن الغوطة الشرقية قرب دمشق. وبرأي الوزير الفرنسي أنه «إذا كان من الممكن استدعاء الأسد إلى سوتشي، فإنه من الممكن مطالبته بوقف القصف والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، حيث تدعو الحاجة».
أما بخصوص مصير الرئيس السوري، فإن باريس، رغم تعديل موقفها مع مجيء ماكرون إلى السلطة والتوقف عن المطالبة برحيله لا لإطلاق محادثات السلام، ولا في بدء المرحلة الانتقالية، فإنها ما زالت تعتبر أنه «ليس الحل» لسوريا.
وينطلق موقف باريس من مبدأ الواقعية السياسية التي عبر عنها لودريان بقوله: «يقال لنا: سننتظر رحيله (الأسد). لكنه ما زال موجوداً ويتمتع بالدعم. إنه همجي، لكنه موجود». ويذكر أن ماكرون أكد أكثر من مرة أن يتعين على الأسد أن «يدفع ثمن» ما ارتكبه في سنوات الحرب.
يبقى أن مواقف باريس، على أهميتها، تبدو غير مؤثرة لا على مسار المفاوضات في جنيف ولا في سوتشي أو في أي مكان آخر.
فضلاً عن ذلك، فإن باريس التي نددت في السابق بروسيا، يبدو أنها تعول عليها اليوم من أجل الدفع نحو العملية السلمية في سوريا التي يرجح أن تكون على مقاس موسكو وليس وفق ما تتمناه فرنسا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.