أفريقيا قلقة من زحف مواطنيها «الدواعش» إلى «ساحلستان»

وسط توقعات بعودتهم الوشيكة من سوريا والعراق

TT

أفريقيا قلقة من زحف مواطنيها «الدواعش» إلى «ساحلستان»

دعا خبراء أفارقة في الأمن والإرهاب، في نهاية اجتماع لهم بالجزائر، حكومات منطقة الساحل إلى «توخي أقصى درجات الحيطة والحذر» من مئات المتطرفين، غادروا مناطق الصراع في سوريا والعراق، ويحتمل أنهم عائدون إلى بلدانهم. وعاشت الجزائر تجربة مريرة في تسعينات القرن الماضي، عندما أطلق متطرفون، عادوا حديثا من أفغانستان، جماعات إرهابية حصدت عشرات الآلاف من أرواح الأبرياء.
وبحث الخبراء، الذين ينتمون لـ«مفوضية السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي»، خلال 10 و11 و12 من الشهر، بوهران (400 كلم غرب العاصمة الجزائرية) آفة الإرهاب والتطرف الديني، وخطر عودة متشددي «داعش» من المناطق التي هزم فيها، للنشاط في مناطق بأفريقيا تفلت من رقابة الحكومات، وأهمها المنطقة العابرة للصحراء التي تشترك فيها 5 دول هي مالي والنيجر وبوركينافاسو، وموريتانيا وجنوب الجزائر. ويطلق على هذه المنطقة، التي تزيد مساحتها عن 3 ملايين كلم مربع، «ساحلستان».
وصرح إسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن بـ«الاتحاد الأفريقي»، في نهاية المؤتمر أمس، بأن «التوصية الأساسية التي خرج بها الاجتماع، هي التركيز على الوقاية والتعامل بحكمة مع الأسباب العميقة لظاهرة الإرهاب، وعدم تهميش الشباب والتركيز على إعطاء أولوية خاصة لهم، وفق مقاربة متكاملة أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية».
وأوصى الخبراء بـ«تجفيف منابع الإرهاب والتعامل مع أسبابه العميقة حفاظا على أمن واستقرار الشعوب». ودعوا إلى «تجند كافة الأجهزة الأمنية والاقتصادية، والمجموعات الإقليمية السياسية لاجتثاث الظاهرة الإرهابية، وضرورة التنسيق مع الأجهزة الأمنية بأفريقيا في ظل تحول منطقة الساحل إلى ملاذ للإرهابيين».
وقال مسؤول استخباراتي جزائري، شارك في المؤتمر، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «تداول الخبراء، في الاجتماع، الإشكالية التالية: انضم العشرات من الجهاديين المغاربيين والأفارقة، إلى جبهات القتال بالعراق منذ الغزو الأميركي في 2003، فهل يوجد احتمال في أنهم سيعيدون سيناريو أفغانستان، بتنظيم وتنفيذ عمليات مسلحة في بلدانهم الأصلية إثر عودتهم من الحرب».
وبحسب المسؤول الاستخباراتي: «كل السيناريوهات برأيي متشابهة حد التطابق، فالذين التحقوا بأراضي القتال المعروفة مثل أفغانستان والبوسنة وكوسوفو، والكشمير والشيشان والعراق وسوريا، حملوا معهم هدفا مزدوجا: خوض معارك عسكرية في مواجهة مفتوحة مع أعداء الإسلام، والكفار والخونة، في مفهومهم، وتشكيل بنفس المناسبة ووفقا للتقنيات الإرهابية، متطرفين مكلفين بشن هجمات إرهابية فوق أراضي بلدانهم الأصلية».
وتم عرض تجربة الجزائر في محاربة الإرهاب، خلال المؤتمر، ويقول عنها نفس المسؤول الأمني: «أقامت تنظيمات الإرهاب التي جمعنا بها صراع طويل، شبكات في تسعينات القرن الماضي، ما زالت نشطة، واستطاعت أن تغذي خلايا التجنيد للقتال بالعراق وسوريا. وفي اعتقادي، لا يزال خطر شن اعتداءات في بالجزائر مرتفعا، والسياسة الاستباقية التي انتهجتها بلادنا (ضد خلايا المتطرفين) لن تقينا من ضربات إرهابية محتملة، لذا ينبغي تركيز جهودنا على وقاية شبابنا من التطرف الذي هو المصدر الذي يتغذى منه الإرهاب». وقال وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، في بداية المؤتمر، إن بلاده لن «تدخر أي جهد للمساهمة الفعالة في منع ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب في أفريقيا». وتحدث مساهل عن «مخاوف الأفارقة من العودة المتوقعة لعدد من المقاتلين الإرهابيين الأفارقة، إلى بلدانهم الأصلية، أو إلى الأراضي الأفريقية التي تشكل ملاذا آمنا لهم مثل الساحل، في ظل تراجع الإرهاب عسكريا في سوريا والعراق». مشيرا إلى أن «هؤلاء المتطرفين قد يسعون إلى الاستقرار بهذه المناطق، ومتابعة أهدافهم الإرهابية بها».
وأوضح مساهل أن المجموعات الإرهابية بالساحل الأفريقي «تقوم بإعادة تنظيم نفسها وتجميع مواردها، وتستعد لتجنيد هؤلاء الوافدين الجدد الذين يتمتعون بتدريب آيديولوجي وعسكري، وقدرة عالية على استغلال شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.