وزير الأوقاف المغربي: تدريب أئمة بلدان أفريقية لا يخضع لأي حسابات سياسية

التوفيق قال إن بلده يشعر بأن لديه أمانة ثقافية ودينية إزاء هذه الدول

أحمد التوفيق
أحمد التوفيق
TT

وزير الأوقاف المغربي: تدريب أئمة بلدان أفريقية لا يخضع لأي حسابات سياسية

أحمد التوفيق
أحمد التوفيق

قال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، إن بلاده لا تسعى إلى تحقيق أي مصالح سياسية من وراء تدريب أئمة من بلدان أفريقية وعربية، مشيرا إلى أن المغرب يشعر بأن لديه أمانة ثقافية ودينية نحو هذه الدول، وأن الأمر جاء تلقائيا دون حسابات أو تخطيطات.
وكانت الرباط قد قبلت طلبات بلدان أفريقية وعربية، هي مالي، وغينيا كوناكري، ونيجيريا، وليبيا، وتونس، للاستفادة من التجربة المغربية في تدبير الحقل الديني، وتدريب الأئمة، بهدف محاصرة التيارات المتشددة التي ظهرت في تلك الدول، وهي مبادرة لقيت ترحيبا واسعا، لكن هناك، في المقابل، من لم ينظر إليها بعين الرضا، سواء في بلدان عربية أو أوروبية.
وفي هذا السياق، كشف التوفيق أنه تلقى سؤالا من سفير أوروبي، لم يكشف عن هويته، خلال لقاء جمعه بسفراء أوروبيين في الرباط، لمعرفة إن كان ما يقوم به المغرب بمثابة توسع ترابي وديني لإمارة المؤمنين في البلدان الأفريقية، فأجابه أنه «إذا كان التوسع المقصود رمزيا، فنعم، أما إذا كان المقصود به التوسع الحربي أو الاستغلالي فلا».
وقال التوفيق، الذي كان يتحدث في اجتماع لجنة الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) أمس، عقد بطلب من نواب في المعارضة والغالبية للحديث عن دور الأمن الروحي في تعزيز علاقة المغرب ببلدان أفريقية وعربية، والإجراءات التي اتخذتها وزارة الأوقاف لتدريب أئمة تلك الدول، إنه «يتعين على المغرب أن يعمل بحكمة كبيرة في هذا المجال عسى أن يفهم إخواننا في بلدان عربية وإسلامية أن ما نقوم يصب في مصلحة الدين الإسلامي»، وزاد قائلا: «إذا لم يساعدونا، فعلى الأقل لا يشوشوا علينا».
وأوضح التوفيق أن العلاقة التي تربط بين بلده وبلدان غرب أفريقيا قوية من حيث المضمون ولا مثيل لها في العالم، وأن موقع بلاده الجغرافي أهله ليلعب دورا تاريخيا في حفظ الإسلام بدول الجوار، سواء في أوروبا أو أفريقيا، وأنه لم يتصرف في هذا الشأن على أنه فاتح أو تاجر، ولم يرسل جنودا، بل أرسل أفكارا سرعان ما أصبحت محل طلب، مشددا على أن المغرب لم يتاجر بالدين، ولم يخلط أبدا بينه وبين التجارة، وأن أغلى بضاعة كان يبيعها المغاربة في تمبكتو هي الكتب. وقال المسؤول المغربي إن «إحياء العلاقة مع دول أفريقية يأتي في إطار الاستمرارية بعد فترة من الفتور وليس القطيعة»، ولفت إلى أن المشترك المرجعي والثوابت الدينية بين بلاده وهذه الدول تعود إلى القرن العاشر أو الحادي عشر الميلادي، و«هي ليست وليدة ظرفية معينة، بل تعبر بشكل تلقائي عن رسالة المغاربة وواجبهم إزاء هذه الدول، وهذه الروابط ما زالت قوية وغير خاضعة للظرفية السياسية سواء بالنسبة للمغرب أو أفريقيا، ولم تتأثر سواء في فترة الاستعمار أو في فترة الحرب الباردة»، بيد أنه أردف أن «هناك حاليا تيارات تريد خلخلة هذه البنية المرجعية بشتى أنواع التشويش».
وأوضح الوزير المغربي أن الطلب الأول الذي تقدمت به مالي جاء تلقائيا، بعد أن تبين أن الاختيار المذهبي المالكي بدأ يواجه مخاطر للتشويش عليه عن حسن أو سوء نية من أطراف لم يمسها، سعت إلى خلخلته وإفساده، فجرى اللجوء إلى المغرب بوصفه «مرجعية دينية قارة ومستقرة تضمن النظام العام الذي يوفر السكينة والاطمئنان للناس. لكن هناك من يريد تحويل الدين إلى مصدر للتشويش والفتنة».
وقال التوفيق إن العاهل المغربي الملك محمد السادس استجاب لطلب مالي، وأدرجه في خطاب تنصيب رئيسها الجديد إبراهيم أبو بكر كيتا، بوصفه مؤشرا على خطورة وجود تهديد محتمل لاستقرار هذه الدول، ثم توالت بعد ذلك الطلبات من بلدان أفريقية أخرى.
وأوضح التوفيق أن فوجا واحدا فقط من الأئمة الماليين قدم إلى المغرب، وأن في العام المقبل ستأتي أفواج أخرى من بلدان أفريقية ومن تونس، مشيرا إلى أن تكوينهم يجري وفق برامج متفق عليها، ولا يفرض أي برنامج بهذا الشأن.
يذكر أن المغرب تعهد بتدريب وتأهيل نحو 500 إمام من جمهورية مالي، وأعلن الملك محمد السادس خلال حفل تنصيب الرئيس المالي في سبتمبر (أيلول) الماضي عزم بلاده على تدريب هؤلاء الأئمة في إطار برنامج يمتد لعامين. ووصل 90 إماما من هذا العدد إلى الرباط في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبعد مالي تقدمت غينيا كوناكري وليبيا وتونس، ثم نيجيريا، بطلبات مماثلة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.