مقتل 7 أطفال بحريق في مخيم للاجئين السوريين شرق لبنان

دمر 60 خيمة وأنباء عن انفجار أسطوانة غاز

TT

مقتل 7 أطفال بحريق في مخيم للاجئين السوريين شرق لبنان

قتل 9 أشخاص بينهم 7 أطفال وأصيب 14 آخرون في اندلاع حريق في مخيم للاجئين السوريين في شرق لبنان. وفيما أعلنت مفوضية شؤون اللاجئين أنها تتابع تحقيقاتها لتبيان السبب الرئيسي وراء الحريق، رجّحت مصادر متقاطعة أن يكون ناتجا عن انفجار قارورة غاز في إحدى الخيم.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن سقوط 9 قتلى وأربعة عشر جريحا جراء حريق «هائل» شب داخل مخيم للنازحين السوريين في غزة في البقاع الغربي، وأتى على عشرات الخيم التي تحولت إلى رماد وركام. وهرعت عشرات السيارات التابعة للدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني إلى المكان وأخمدت عناصرهما الحريق بعد جهود مضنية استمرت لأكثر من ساعتين.
ونقل عناصر الدفاع المدني الجثث والجرحى من داخل المخيم إلى مستشفى «حامد فرحات» في منطقة جب جنين لتلقي العلاج اللازم، فيما تولت جهات أخرى نقل الجثث وعدد من الجرحى المصابين بحالات اختناق وإغماء إلى مستشفيات المنطقة.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن مقتل وإصابة أكثر من 10 أشخاص معظمهم من الأطفال في الحريق، فيما عبّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن «حزنها الشديد تجاه مقتل سبعة أطفال لاجئين سوريين جراء الحريق الذي وقع يوم الخميس في مخيمٍ غير رسمي للاجئين في غزة في البقاع الغربي». وأشارت المفوضية في بيان إلى أنها تقوم بالتنسيق الوثيق مع السلطات المحلية للاستجابة لهذه الحادثة، لافتة إلى أن «الأسر التي فقدت منازلها وممتلكاتها في النار تجمعت قاعة البلدية المحلية حيث وُزّع عليها الطعام والماء والبطانيات والملابس الشتوية وغيرها من المساعدات الإنسانية». وأوضحت أنه يتم توفير الدعم الاجتماعي والنفسي للمتضررين. وأضاف البيان: «تشكل هذه الحادثة المأساوية مثالا عن المصاعب والظروف المعيشية القاسية التي يواجهها الكثير من اللاجئين في لبنان».
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيقات لا تزال مستمرة لتبيان السبب الحقيقي وراء اندلاع الحريق، لافتة إلى أن فريق المفوضية وشركائها من منظمات دولية ومحلية سارعوا للاستجابة بشكل فوري لحاجات العائلات المتضررة. وأشارت إلى اجتماعات متواصلة تعقد مع السلطات المحلية المتمثلة بالبلدية في المنطقة لتنسيق عملية إعادة إنشاء الخيم التي احترقت، كي يتم ذلك بطريقة آمنة، موضحة أن الظروف التي يعيش فيها اللاجئون في المخيم دون المستوى. وأضافت أبو خالد: «معظم العائلات التي تضررت خيمها تمكث حاليا لدى أقاربها والجيرانـ وهي لم تضطر لمغادرة بلدة غزة».
من جهته، قال نائب رئيس اتحاد بلديات السهل ورئيس بلدية المنصورة داني الجاويش، إن «السبب الرئيسي للحريق ناجم عن انفجار قارورة غاز داخل إحدى الخيم أدى لاشتعالها وامتداد النيران بشكلٍ سريع في المخيم الذي يحوي أكثر من 90 خيمة أدى لاحترق ستين منها».
وأوضح الجاويش أن جميع الوفيات والمصابين من الأطفال، لافتا إلى أن «السبب في ذلك يعود إلى مصادفة اعتماد سوق أسبوعي شعبي بين غزة والمنصورة يوم الخميس، وبالتالي فإن جميع العائلات تقصد هذا السوق تاركة خلفها الأطفال داخل الخيم، الأمر الذي أدى إلى وقوع هذا الكم من الإصابات في صفوف الأطفال».
ووفق مواقع المعارضة السورية، فإن هذه الحادثة هي الرابعة من نوعها، عقب احتراق أكثر من 90 خيمة، في منطقة قب الياس، في شهر يوليو (تموز) الماضي، قتل إثره ثلاثة أشخاص بينهم طفل. كما قضى 11 سورياً بينهم أطفال ورجل مسن أواخر عام 2016، جراء اندلاع حريق في الجراحية، المحاذية لمدينة المرج في البقاع اللبناني.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.