«الشرق الأوسط» في مهرجان دبي السينمائي الدولي 3 ‬: رسالة أميركية إيجابية وأخرى عراقية سلبية

حين يكون الإيزيديون أفضل من سواهم

TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان دبي السينمائي الدولي 3 ‬: رسالة أميركية إيجابية وأخرى عراقية سلبية

فيلم الافتتاح الذي عُـرض يوم الأربعاء تمهيداً للدورة الجديدة من مهرجان دبي السينمائي السنوي، التي تمتد حتى ليل توزيع الجوائز في 13 من الشهر الجاري، كان اختياراً مناسباً ومهماً (على مشاكله) تتوزع في أركانه رسالة إيجابية حول التسامح والبحث الذي يستطيع قيادة الفرد إلى معرفة الآخر وقبوله والدفاع عن مصالحه.
أحد أفلام ما بعد فيلم الافتتاح أمر آخر تماماً: «73 درجة مئوية» لباز دنخا شمعون من أسوأ ما اختاره المهرجان، شكلاً ومضموناً من أعمال في سنواته. في محاذاته تم عرض أعمال جيدة عدة. بعضها جيد لتميّـزه وبعضها الآخر جيد بمجرد المقارنة.
لكن لنبق أولاً مع فيلم الافتتاح وهو «عداوات» للمخرج سكوت كوبر وبطولة كرستيان بيل ورزاموند مع وس ستودي (من قبيلة شيروكي) الذي يمثل محور الأحداث في هذا الوسترن المحمّـل بأعباء سياسية ترمي ظلالها على الأوضاع الأميركية والعالمية كون نتاجاتها واحدة في كل ظرف وزمان ومكان.
توزيع عادل
إذ يبدأ «عداوات» بمشهد هجوم لرجال من الهنود الحمر من قبيلة كومانشي على منزل لعائلة بيضاء يُقتل فيها الزوج والأولاد أمام عيني الأم الثكلى، يؤسس لما سيلي، فتلك الأم روزالي (روزامند بايك) ستشترك في رحلة يقودها الكابتن بلوكر (كرستيان بيل) لاصطحاب زعيم هندي من قبيلة أخرى (وس سترودي) من ولاية أريزونا، حيث تبدأ الأحداث إلى ولاية مونتانا حيث تنتهي.
كابتن بلوكر غير راض عن اختياره لهذه المهمة فهو أولاً عنصري يكره الأميركيين الأصليين وثانياً يكن للزعيم يلو هوك عداوة كبيرة من أيام القبض عليه وسجنه.
إذ تنطلق الرحلة ببضعة رجال وبالزعيم وعائلته تتعرض لهجوم تلك المجموعة الأولى من الهنود الحمر، حيث يشارك باعتراضها الزعيم وابنه. وبعد رحلة طويلة تتجاوز كذلك هجوماً من ثلة من البيض الذين يأسرون روزالي لفترة قصيرة، يصل من تبقى من تلك القافلة البشرية إلى مونتانا، حيث يودع يلو هوك الحياة. عند دفنه تنبثق متاعب أخرى، ذلك أنّ رجلاً أبيض (المخضرم سكوت ولسون وعرفته من صوته فقط لأنّ الكاميرا اختارت أن تبقى بعيداً عن وجهه)، وأولاده يرفضون دفن الهندي فيما يعتبرها أرضه هو. المعركة تنتهي بمقتل من تبقى باستثناء روزالي وبلوكر وفتاة هندية من الواضح أنّها تمثل المستقبل.
غايات الفيلم الإنسانية واضحة. طريقة طرحها هو ما تشوبه مشاكل معينة. ليس من بين هذه المشاكل العنف المجسد على الشاشة لأنّ الفيلم يبقى واقعياً حيالها (هذا ما كان يجري وزيادة) بل لأن يختار طريق الإيحاء والتوغل في النفس البشرية من دون إتقان المفردات اللغوية التي تستطيع إبرازها.
ما يصل من مضمون إيجابي حول ضرورة التلاقي ودخول كل نفس النفس الأخرى ليحلّ السلام بين الأبيض والأحمر، ومنه في عالمنا اليوم بين كل فريق وآخر، واضح. لكن توزيع اللقطات العامّـة على الوجوه وعن بعد غالباً لا ينقل الكثير من سعي الممثلين للمشاركة في هذا الطرح.
يترك سكوت كوبر للحكاية المتمهلة طرح ما يريد طرحه عن السلام بين الشعوب، لكنّه لا يدرك أنّ تأكيد ذلك يجب أن يتأتى من خلال تجسيد الممثلين لتلك المعاني المطلوبة وهذا بدوره يتطلب توزيعاً عادلاً بين الشخصيات المشاركة. الفيلم يخلو، على سبيل المثال، من مشهد واحد ليلو هوك وعائلته تحاول فيه الكاميرا سبر غور ثقافتهم. نعم هناك تلك المشاهد التي تتقدم فيها المرأة الهندية من المرأة البيضاء بثياب ترتديها (عوضا عن ثيابها التي تقطّـعت)، وهناك مشاركة يلو هوك وابنه في رد اعتداء الفرقاء الآخرين، إلّا أنّ وجهة الفيلم كانت تتطلب حضوراً متوازياً أو قريباً من التوازي. هذا لأنّ الدراما تتمحور حول يلو هوك ومصيره في الوقت الذي تتمحور أيضاً حول النقلة الإنسانية الكبيرة لبلوكر من عدائي عنيد لغير البيض إلى شخص آخر في نهاية الرحلة.
على الرغم من ذلك، وبإبقاء بلوكر محوراً وحيداً، فإن المخرج كوبر ينجز ما هو مهم: البيض هم العنصريون حين يأتي الأمر إلى المقاربة بينهم وبين السود أو الهنود. هم، في المفهوم العام في المجتمع الأميركي، من يقومون بأفعال العداوة العنصرية لذلك لا يفلح كثيراً النهوض بمقابل من أصحاب بشرة أخرى وإلّا لتاه الفيلم وتحوّل إلى إرضاء خواطر، وهو فعلٌ أقدمت عليه أفلام كثيرة من قبل.
فقط لو أنّ المخرج منح الهندي قدراً أعلى من الحضور لحوّل ذلك الحضور من ثانوي إلى مساند.
أول فيلم من أفلام المسابقة تعرّض لنا هو «73 درجة مئوية» لباز دنخا شمعون: أقل من ساعتين بقليل من مشاهد مرمية كما هي بلا تنظيم أو سلاسة يبدو فيها المخرج العراقي كما لو أنّه أصر على استخدام كل لقطة صوّرها ولو أكثر من مرة وذلك من دون خريطة طريق تساعد الفيلم على الانتقال قدماً وعلى نحو مونتاجي يبلور عوض أن يبقى في خانة العرض المتكرر.
المماثل في سوئه أنّ من كان لديه قدر سابق من التعاطف مع ما حل بالإيزيديين من مأساة، سيفقد مع نهاية الفيلم ذلك التعاطف ليس لأنّ الفيلم ضدهم بأي حال، بل لأنّه يسيء إليهم بمجرد التكثيف من آرائهم وشعائرهم اليومية. أكثر من ذلك، يستخدمهم للنيل من السنة دون الآخرين.
يتولى «73 درجة مئوية» تقديم ثلاثة أطفال (إيزيديان ومسلم) شوهتهم الحرب التي دارت في السنوات القليلة الماضية. آسيا تحتاج لعناية نفسية وطبية، ورايان فقد ناظريه وعلي فقد ساقه. بعد ذلك يعاود تقديمهم على هذا الحال مرّة بعد مرّة بعد مرّة ومن دون تقدم يذكر. يصوّرهم الفيلم وهم يعانون ويصّورهم وهم يعانون أكثر. أحياناً يعكسون أحلامهم المبتورة، لكن في الغالب هم في هذا الفيلم لنقل المعاناة الفردية وليس لغاية أخرى مثل نبذ الحرب ذاتها أو الحديث عن وضع كل من فيه تعرّض للمأساة ذاتها بصور مختلفة. تغييب ما حدث للسُّنة ليس سوى تغييب لرسالة كانت، على الرغم من متاعب الفيلم السينمائية، سترتقي بالموضوع ليحتل، واقعياً، التجسيد الصحيح لمأساة الحرب.
يكشف الفيلم عن أن والد المخرج اعتنق المسيحية بعدما كان إيزيدياً ويتطوّع أحد الإيزيديين الرجال الأكثر حضوراً هنا للقول ضاحكاً: «أسوؤنا يعتنق المسيحية والإسلام». لا تتوقع موقفاً مناهضاً للمخرج على هذه اللفتة السخيفة، فهو غارق في تصوير عادات الإيزيديين وعباداتهم. لا بأس، في فيلم تسجيلي كهذا، أن نشاهدهم وهم يقبلون صنماً أو جداراً أو عتبة بيت. هذا يوضح شيئا، لكن المشكلة أنّ هناك مشاهد طويلة يتوقف فيها الماثلون أمامنا عند كل صنم وجدار وعتبة بيت ليقبلوها أو يسجدوا لها، في تتابع لا معنى له ولا يمكن له أن يضيف إلّا رد فعل سلبياً حيال ما يمارسونه. سينمائياً، وكل ما أورده هنا سينمائي، هذا اسمه تكرار فائض وعدم ثقة بوصول المفاد من مرة أو مرّتين. هذا تماماً كحال إعادة تصوير الأطفال المشوّهين على أساس أنّ في الإعادة (من دون إضافة جديد) إفادة. في أحد المشاهد ينتقل المخرج ما بين مشاهد معينة تتقاطع مع مشهد الأعمى وهو على الأرجوحة. مرّة بعد مرّة تريد أن تصرخ: «كفى... وصلت الرسالة».
مع المرأة وضدها
في قسم «ليال عربية» عُرض «على كف عفريت» لكوثر بن هنية: تلك الدراما المقتبسة عن واقعة حقيقية تعرضت لها فتاة في الحادية والعشرين من عمرها بينما كانت تسير ليلاً مع صديق لها على شاطئ البحر عندما استوقفهما ثلاثة رجال شرطة. اثنان منهم تناوبا على اغتصابها في سيارة البوليس، والثالث منع صديقها من الحركة. يتابع الفيلم بعد ذلك إصرار الفتاة على تقديم مغتصبيها إلى العدالة وإصرار بعض رجال البوليس، ومن بينهم المتهمون، بالدفاع عن «السمعة» وكل ذلك في غضون ليلة واحدة قسمتها المخرجة إلى تسعة فصول ليست ضرورية.
تغييب مشهد الاغتصاب كان فعلاً جيداً لأنّه جعل الحقيقة تتكشف ببطء، لكن تقسيم الفيلم إلى فصول يغطي على غياب التسلسل الدرامي الطبيعي واستبدال القفز من فصل لآخر به من دون رابط حدثي سليم. إحدى حسنات الفيلم قناعة الممثلين بما يقومون به ونقل هذه القناعة إلى أداء قابل للتصديق على طول الخط. وهذا ينطبق على أداء مريم الفرجاني، كما على أداء الممثلين المساندين.
بين عروض اليوم الأول أيضاً «بلا حب» للمخرج الروسي أندريه زفيغنتسيف.
يبدأ الفيلم، بالصبي أليكسي (ماتفي نوفيكوف) الذي يخرج مع أترابه من المدرسة وقت الانصراف، وينطلق مشياً للعودة إلى البيت. طريقه تمر بغابة وبحيرة قبل أن تنتهي عند المبنى حيث يعيش ووالداه. لكنّ الصبي يختفي. المشكلات تنضح بما حوت عندما ندرك أنّ والديه كانا قد انفصلا، وبالتالي أزاحا تلك المظلة العاطفية المشتركة التي كانت تضمه.
زفيغنتسف لا يخفي، عادة، نظرته المدينة للمرأة. هي هناك في فيلمه الأول «العودة» (2003)، وفي أفلامه بعد ذلك: «المنفى» (2007) و«إلينا» (2011 ولو على نطاق محدود) و«ليفياثان» (2013). هنا يصوّر المخرج الزوجة لاهية ويوصم تصرفاتها بالأنانية ويطلق، حتى من خلال كلماتها، ما يجعلنا ندرك أنّها ليست على صواب في معظم ما تذهب إليه.
يستطيع المرء منّا أن يلحظ أنّ المخرج في نهاية المطاف إنّما يتحدث، مرّة أخرى، عن زواج متصدّع ينهار أمامنا. هناك بفعل خيانة، في فيلم ثان بفعل ضعف قرار وهنا في صورة امرأة أنانية لا تقبل أن تستمع إلى المنطق. وبعد إدانة الوضع القائم في زيجات أفلامه يومئ إلى إشراك القانون في التقاعس منتقداً عدم رغبته توفير الوقت والدعم الكامل للبحث عن الطفل الذي ربما يكون سقط في الماء أو خُطف. أسلوب زفيغنتسف قائم على رقة في النواحي البصرية ترفع من جماليات الفيلم بمقدار كبير.


مقالات ذات صلة

«الهنا اللي أنا فيه»... فيلم كوميدي يُراهن على صراع الزوجات

يوميات الشرق صناع الفيلم خلال العرض الخاص بالقاهرة (حساب ياسمين رئيس على «فيسبوك»)

«الهنا اللي أنا فيه»... فيلم كوميدي يُراهن على صراع الزوجات

بخلطة تجمع بين الكوميديا والمشكلات الزوجية يراهن فيلم «الهنا اللي أنا فيه» على شباك التذاكر في الصالات السينمائية مع طرحه اعتباراً من الأربعاء 18 ديسمبر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

تجد تمارا الأفلام القصيرة ترجمة لصُنّاع السينما الجريئة. وتؤكد أن عرض فيلم «ذنوب مخفية» في بيروت، شكّل محطة مهمة، بعد تنقُّله في مهرجانات عالمية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».