«كان عليّ تأدية الدور بانفعال... لكن من دون افتعال»

روزامند بايك تتحدث عن «عداوات»‬

«كان عليّ تأدية الدور بانفعال... لكن من دون افتعال»
TT

«كان عليّ تأدية الدور بانفعال... لكن من دون افتعال»

«كان عليّ تأدية الدور بانفعال... لكن من دون افتعال»

‬> ‬من شبه المسلّمات أن روزامند بايك ربحت ثقة المشاهدين وبعض عداوتهم عندما أدت دور الزوجة التي تحوّل حياة زوجها (بن أفلك) إلى جحيم، وهذا في فيلم ديفيد فينتشر Gone Girl.
حدث ذلك عام 2014، وإلى اليوم هناك من يذكرها به معجباً أو متعجباً. من ناحية أدّت الدور جيداً بحيث تستحق الإعجاب، ومن ناحية أخرى أثارت ذلك التعجب من كيفية قدرتها على تشخيص دور زوجة لن تجد بين المشاهدين من يذرف عليها دمعة واحدة عندما تم الكشف عن حقيقة مشاعرها حيال زوجها وما قامت به حياله.
لكن الممثلة التي ولدت في لندن، بريطانيا، سنة 1979 تجاوزت كل ذلك بسلسلة متتابعة من الأدوار التي كشفت عن كامل موهبتها كممثلة. ومن بعض أعمالها في الأعوام التالية فيلمان مثيران للاهتمام، هما «مملكة متحدة» (2016) وهو قصّة حب بين ملك بوتوانا وامرأة بريطانية وكيف نـظر المجتمعان، الأفريقي والأوروبي، إلى قصّـة حبهما الجارفة بقدر من التهكم والكثير من العداوة.
الفيلم الثاني هو «الرجل ذو القلب الحديدي» الذي تعود أحداثه إلى الثلاثينات والأربعينات، وهو - كالفيلم السابق - مبني على أحداث خيالية.
فيلمها الجديد: «عداءات»، يبلورها أكثر كممثلة في سينما الإنتاجات الرئيسية. تؤدي دور امرأة بيضاء تعيش في ركن من ولاية أريزونا إلى أن هاجم رجال من قبيلة أباتشي منزلها فقتلوا كل عائلتها. عندما يكتشف وجودها الكابتن جوزف (كرستيان بايل) يقرر أن يأخذها معه ورجاله في رحلته إلى ولاية وايومنغ.
في البداية، هي امرأة يسودها الخوف وتعيش رعب ما بعد المذبحة. ولاحقاً تبدأ بالتعرف على حقيقة أنّ العنف هو فعل متبادل بين مواطني أميركا الأصليين وبين مواطنيها الآتين من قارات أخرى.
المقابلة تمّـت قبل أسابيع وارتبط موعد نشرها بالعرض الشرق الأوسطي الأول للفيلم.
> هل «عداءات» أكثر الأفلام عنفاً من بين كل ما مثلتِه من قبل؟
- نعم، لكن ذلك تبدّى لي في السيناريو قبل أن نبدأ التصوير وكان عليّ أن أكتشف عمّا إذا كان مبرراً أم لا. حين أكملت القراءة أدركت أنّ العنف الموجود في الفيلم هو جزء من عنف التاريخ وعنف الحاضر أيضاً. عنف متأصل عاشه الإنسان من زمن ما قبل التاريخ الحديث ولا يزال. لذلك؛ أعتقد أنّه مبرر.
> هناك ذلك المشهد الذي تكتشفين فيه موت عائلتك كلها. كان عليك أن تحضّري نفسك لهذا المشهد أليس كذلك؟
- نعم، لكن الحقيقة أنّني لا أكتشف موت كل أفراد عائلتي، بل أشاهد ذلك بنفسي، وهذا عنى بالنسبة لي أن عليّ أن أؤدي الدور بكثير من الانفعال من دون أن أتجاوز الحد إلى المغالاة أو الافتعال. وهو حد بعيد لأنّه من المؤلم بمكان كبير أن تفقد أي فرد من أقاربك، خصوصاً من عائلتك، فما البال أن تكون حاضراً خلال ذلك؟
> كنت ستظهرين مع كرستيان بايل في فيلم آخر قبل هذا الفيلم، أليس كذلك؟
- نعم صحيح. تقدّم منا المخرج جيمس ماغنولد بسيناريو فيلم كان ينوي تحقيقه، اسمه «الوداع الأزرق العميق»، ورحّبت بالمشروع؛ لأنّ السيناريو كان جيداً، وأعرف أعمال ماغنولد السابقة وتعجبني. لكن أعتقد أنّني وكرستيان كنّا مشغولين بمشروعات أخرى، فلم نستطع القيام بهذا الفيلم.
> هل تم إنتاجه؟
- لا. لكن بايل أُصيب في ساقه خلال تصوير فيلم آخر، ولم يكن جاهزاً لهذا العمل.
> هذا ما يجعلني أسأل عن كيف وجدت العمل مع هذا الممثل في «عداءات».
- أستطيع الحديث عن النتيجة وحدها. أنا سعيدة أنني مثلت أمامه لأنّه شخصية مثيرة للإعجاب فعلاً. لكن هذا بشكل عام كما ذكرت وليس بالتفصيل.
> ماذا عن التفاصيل؟
- اكتشفت أنّ بايل لا يختلط كثيراً مع الممثلين الآخرين، وأعتقد أنّ لهذا سبباً مقبولاً. كرستيان يحب دخول الشخصية أمام الكاميرا وخارجها. يبقى فيها ولا يتحرّر منها. لذلك؛ يقتصر الحديث معه بعد اللقطة على كلمات قليلة. ما بين المشاهد ينزوي لكي يبقى في الشخصية التي يؤديها؛ لذلك قلّماً التقينا وتحدثنا بعد التصوير.
> درست المسرح في بريطانيا ثم اتجهت للتلفزيون. ما الذي تعنيه هذه التجربة بالنسبة لك؟
- أنظر إليها اليوم على أنّها كانت تجربة ضرورية. لم أدرس المسرح فقط، بل مثلت في مسرحيات عندما كنت ما زلت في العشرينات من حياتي. التمثيل للمسرح هو تحضير جيد. التمثيل للتلفزيون هو أيضاً تحضير جيد، لكن من زاوية أخرى؛ لأنّ العمل التلفزيوني بطبيعته يتطلب الاقتصاد؛ لذلك على كل شيء أن يأتي صحيحاً منذ البداية منعاً للإعادة.
> كيف تجدين تجربتك السينمائية التي بدأت بفيلم جيمس بوند هو «مت في يوم آخر»؟
- لا تتصور الأسئلة التي طرحتها على نفسي عندما تم اختياري. ليس كل الممثلات اللواتي ظهرن في أفلام بوند تحولن إلى ممثلات معروفات، أو استطعن شق طريقهن لنجاح أبعد من نجاح أفلامهن الأولى. كنت أخشى أن يحدث ذلك معي وسعدت حين علمت أنّني استطعت تجاوز مثل هذا المصير.
> لاحظت أن لديك فيلمين جديدين مقبلين كل منهما باسم مدينة. الأول «إنتابي» والثاني «بيروت» وكلاهما من نوع التشويق...
- صحيح، لكني لا أستطيع الحديث عنهما. لست متأكدة من أنني أستطيع الحديث عن دوري فيهما أو عن أي من هذين الفيلمين. ربما نترك ذلك لوقت آخر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».