اتهامات للعراق بانتهاك حقوق المشتبه بانتمائهم إلى «داعش»

«هيومن رايتس ووتش» تحدثت عن محاكمات معيبة واحتجاز تعسفي

جنود عراقيون يعتقلون مشتبهاً بانتمائه إلى «داعش» غرب الموصل (رويترز)
جنود عراقيون يعتقلون مشتبهاً بانتمائه إلى «داعش» غرب الموصل (رويترز)
TT

اتهامات للعراق بانتهاك حقوق المشتبه بانتمائهم إلى «داعش»

جنود عراقيون يعتقلون مشتبهاً بانتمائه إلى «داعش» غرب الموصل (رويترز)
جنود عراقيون يعتقلون مشتبهاً بانتمائه إلى «داعش» غرب الموصل (رويترز)

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، السلطات القضائية الاتحادية والكردية في العراق بانتهاك حقوق المشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش من خلال إخضاعهم لمحاكمات معيبة واحتجازهم بشكل تعسفي في أوضاع قاسية.
ومع انهيار التنظيم المتشدد عقب هزائمه في العراق وسوريا، جرى أسر واعتقال آلاف يشتبه بانتمائهم له، وتقديمهم للمحاكمة. ونقلت وكالة «رويترز» عن «هيومن رايتس ووتش» أن أحكاما صدرت بحق مائتين على الأقل وتم إعدام 92 على الأقل.
وتواجه الحكومة العراقية مهمة تطبيق العدالة بحق أعضاء التنظيم وفي الوقت نفسه منع الهجمات الانتقامية ضد من لهم صلة بالتنظيم فيما قد يقوض جهود إرساء الاستقرار على المدى البعيد. وقالت المنظمة الحقوقية التي مقرها نيويورك إن تقريرا يقع في 80 صفحة نشرته أمس «توصل إلى وجود أوجه قصور قانونية خطيرة تقوض جهود تقديم مقاتلي وأعضاء (داعش) والمرتبطين به إلى العدالة».
ورفض متحدث باسم مجلس القضاء الأعلى العراقي، الذي يشرف على السلطة القضائية الاتحادية، التعليق على محتوى التقرير قبل نشره. وتناول التقرير عدة نقاط؛ من بينها مدى سهولة اتهام أي شخص بالانتماء لـ«داعش» واحتجازه. ويمكن أن تفضي قوائم المطلوبين دون أدلة إلى احتجاز مشتبه بهم لشهور حتى لو كانوا متهمين بطريق الخطأ.
وأشار التقرير إلى أن مراكز الاحتجاز مكدسة وأن السلطات لم تفصل المحتجزين الأطفال عن البالغين. وينص القانون العراقي على أن يمثل أي محتجز أمام قاض خلال 24 ساعة من احتجازه، لكن هذا لا يحدث. وقال التقرير إن المحتجزين كثيرا ما يتعرضون للتعذيب ولا يسمح لهم برؤية محام، كما لا تُبلغ أسرهم عن أماكن احتجازهم. وتقول السلطات العراقية إنها تحقق في هذه المزاعم، لكنها لم تعلن أي نتائج.
وذكر التقرير أن اعتماد المحاكم العراقية والكردية على قوانين مكافحة الإرهاب لمحاكمة المشتبه بهم بدلا من استخدام قوانين أخرى في القانون الجنائي، يعني أن الجرائم لا تصنف بحسب جسامتها، وأن الضحايا لا يكونون جزءا من العملية، لأن المشتبه بهم لا يحاكمون على أعمال فردية مثل القتل والاغتصاب والتعذيب أو الاستعباد.
وقال التقرير إن إثبات الذنب بموجب قوانين مكافحة الإرهاب أسهل، لأن القاضي لا يحتاج سوى لدليل على أن المتهم كان عضوا في تنظيم داعش لإدانته. وهذا يعني أن أي شخص؛ بدءا من الطهاة والأطباء، وحتى المقاتلين، عرضة للأحكام نفسها التي تتراوح بين السجن مدى الحياة والإعدام.
ويشير التقرير إلى أن هذا يستنزف موارد العراق، لأن استخدام هذه القوانين الفضفاضة يعني أن المحاكم لن يكون لديها ما يكفي من الوقت أو القوى العاملة لنظر كل القضايا، مما يعني عدم تحقق العدالة على مستوى شخصي بالنسبة للضحايا. وقالت المنظمة إنها عندما أثارت مخاوف بشأن عدم توجيه المدعين اتهامات للمشتبه بهم بموجب القانون الجنائي، قالت السلطات القضائية إنه لا توجد حاجة لذلك. ونسب التقرير إلى أحد قضاة مكافحة الإرهاب قوله: «الإبادة الجماعية والإرهاب جريمة واحدة؛ لماذا إذن نحتاج إلى تهمة منفصلة للإبادة؟».


مقالات ذات صلة

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

آسيا يقف مسؤولون أمنيون باكستانيون حراساً عند نقطة تفتيش في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان بباكستان يوم 6 يناير 2025 حيث تشهد باكستان موجة من عنف المتمردين خصوصاً في المقاطعات الغربية في إقليم خيبر بختونخوا (إ.ب.أ)

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

أعلنت الشرطة الباكستانية أن مسلحين من العناصر الإرهابية اختطفوا 17 موظفاً مدنياً في منطقة قبول خيل، الواقعة على الحدود بين إقليم البنجاب وإقليم خيبر بختونخوا.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.