ثلاث قوائم تنافست في انتخابات «فيدرالية شمال سوريا»

أكراد يقترعون شمال سوريا («الشرق الأوسط»)
أكراد يقترعون شمال سوريا («الشرق الأوسط»)
TT

ثلاث قوائم تنافست في انتخابات «فيدرالية شمال سوريا»

أكراد يقترعون شمال سوريا («الشرق الأوسط»)
أكراد يقترعون شمال سوريا («الشرق الأوسط»)

أدلى ناخبون في مناطق «فيدرالية الشمال السوري»، أمس، بأصواتهم في انتخابات الإدارة المحلية في إطار المرحلة الثانية من الانتخابات، بهدف اختيار مرشحيهم لمجالس المدن والنواحي وأعضاء المقاطعات.
حيث أغلقت المراكز الانتخابية في تمام الساعة الثامنة مساءً في المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، شمال البلاد، وتنافس فيها أكثر من 5470 مرشحاً، ينتمون إلى 30 حزباً وكياناً عربياً ومسيحياً وكردياً إلى جانب مرشحين مستقلين.
ويرى زارا خلو (46 سنة) وهو من سكان مدينة القامشلي، الذي أدلى بصوته لـ«قائمة الأمة الديمقراطية» بأن صندوق الانتخاب سيحدد الأنسب لإدارة المجالس المحلية، وقال: «جئتُ لأعطي صوتي إلى القائمة التي ستوفر لنا الكهرباء والماء والاهتمام بالأشجار التي كادت تنقرض في منطقتنا».
كما صوتت هدية يوسف الرئيسة المشتركة لمجلس فيدرالية شمال سوريا، في مدرسة إبراهيم هنانو بمدينة القامشلي (أقصى شمال سوريا)، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هذا اليوم يعتبر يوماً تاريخياً كونها المرة الأولى التي يدلي بها الأهالي بصوتهم بحرية تامة وفي أجواء ديمقراطية»، ولفتت إلى وجود منافسة قوية بين القوائم المشاركة في الانتخابات، وتضيف: «لذلك سيمنح الشعب أصواتهم للقائمة التي يرونها مناسبة، والتي يجدون فيها العمل لخدمتهم».
وتنافست ثلاث قوائم انتخابية في إقليم الجزيرة، التي تشمل مدينتي الحسكة والقامشلي ونواحيها. وهي: «قائمة الأمة الديمقراطية» التي تضم 18 حزباً سياسياً أبرزها حزب الاتحاد الديمقراطي والاتحاد السرياني والهيئة الوطنية العربية، و«قائمة التحالف الوطني الكردي» ويُعدّ حزب الوحدة الكردي (يكيتي) أبرز أحزابها، إلى جانب مشاركة قائمة ثالثة خاصة بالمستقلين.
ونقلت شيرين حسو (28 سنة) أنها لم تصوِّت في انتخابات قبل عام 2011، لكنها اليوم قررت المشاركة في إرساء النظام الفيدرالي وصوتت لصالح قائمة التحالف الوطني الكردي، وقالت: «هذه الانتخابات أول خطوة في الاتجاه الصحيح، لأن صندوق الانتخاب سيختار من يمثلنا، بصراحة هذه لحظة تاريخية».
وقام فريق الشؤون المدنية التابع للتحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش المتطرف، بجولة على المراكز الانتخابية في إقليم الفرات (شمال سوريا)، كما شارك وفد من برلمان إقليم كردستان العراق برئاسة آمنة زكري عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزانا عبد الرحمن عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، وشيركو حمة أمين عن كتلة التغيير، بمراقبة الانتخابات في إقليم الجزيرة، إلى جانب مشاركة قياديين من حزب الشعوب الديمقراطي التركي.
وأكد الدكتور حسين حسين، نائب رئيس المجلس التنفيذي في مقاطعة الجزيرة، مشاركة المكون العربي في الانتخابات لا سيما في بلدتي تل أبيض وعين عيسى بريف الرقة، وقال: «هناك إقبال ملحوظ من العرب على صناديق الاقتراع، هذه الانتخابات تعني جميع مكونات شمال سوريا»، ولفت إلى أن الأهالي وعلى الرغم من ظروف الحرب شاركوا في الانتخابات، مضيفاً: «الناس لديهم عزيمة وإصرار على المشاركة، نظراً لحالة الاستقرار الأمني والاقتصادي في مناطق شمال سوريا بسبب إبعاد شبح الحرب».
ولن تشمل الانتخابات جميع المناطق الخاضعة لنفوذ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، كبلدة منبج التي انتزعت من قبضة تنظيم داعش صيف العام الماضي، وبلدة الطبقة ومدينة الرقة التي تحررت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والريف الشرقي لمدينة دير الزور.
بينما شدد المجلس الوطني الكردي المعارض لهذه الانتخابات، في بيان رسمي نُشِر على حسابه يوم أمس، على مقاطعته للانتخابات ترشيحاً وتصويتاً، وأكد البيان أن «المجلس الكردي غير معني بهذه الانتخابات ونتائجها... إنها تكريس لنهج التفرد والتسلط، وندعو مجدداً إلى الكف عن هذه السياسات المرفوضة والمدانة، والعمل بدلاً منها على بناء مناخ صالح يمهد لتقارب وتلاقي المواقف ووحدة الصف الكرديين».
وأشار المعارض إبراهيم برو رئيس المجلس الكردي إلى أن السلطة التي يديرها حزب الاتحاد الديمقراطي لم تأتِ عبر صناديق الانتخابات، وقال: «بل فرضت بقوة السلاح على كاهل الشعب الكردي ومكونات شمال سوريا»، منوهاً بأن الانتخابات الحالية لا تحمل أي صفة شرعية، على حد تعبيره.
وفي المرحلة الأولى من الانتخابات التي انطلقت في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي، تم انتخاب رؤساء الوحدات الصغيرة (الأحياء والشوارع)، وفي المرحلة الثانية من الانتخابات التي جرت يوم أمس الجمعة، تم التصويت لاختيار رؤساء مجالس الإدارة المحلية وأعضاء المقاطعات التي يتألف منها كل إقليم، ليصار في المرحلة الثالثة والنهائية بداية العام المقبل إلى انتخاب «مجلس الشعوب الديمقراطية» التي ستتمتع بصلاحيات تشريعية واسعة، كما سيتم في اليوم نفسه انتخاب «مؤتمر الشعوب الديمقراطية» العام الذي سيكون بمثابة برلمان عام، على رأس مهماته تشريع القوانين ورسم السياسة العامة للنظام الفيدرالي.
ووصفت فوزة يوسف الانتخابات بـ«يوم ميلاد سوريا»، وقالت: «نأمل من هذه الانتخابات أن تكون لها نتائج إيجابية، لأننا بإرادتنا نقوم بانتخاب ممثلينا، ونحن واثقون بأنها على مستوى التضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا، نؤكد أنه من أجل الشعب ومع الشعب قمنا بهذه الخطوة العظيمة».
وامتنع الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي عن المشاركة في الانتخابات، ويُعدّ من بين الأحزاب الكردية التقليدية، ويعزو أحمد سليمان عضو المكتب السياسي عدم مشاركتهم إلى «كون العملية تأتي في سياق إدارة المنطقة بعيداً عن مفهوم الشراكة الحقيقية، التي حاولنا مراراً التوصل إليها مع حركة المجتمع الديمقراطي».
وتابع سليمان حديثه ليقول: «نحن مع إدارة المنطقة من قبل أبنائها، ولكن الاختلاف مع الإدارة يأتي نتيجة عدم التوافق السياسي وفرض السلطة من جهة سياسية واحدة»، وشدّد في ختام حديثه على أن «مسألة النظام الفيدرالي تعتبر الحل الأمثل لكن هذا لا يمكن حصوله دون توافق سوري عام».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.