ماذا حصل في أحداث 28 نوفمبر

ماذا حصل في أحداث 28 نوفمبر
TT

ماذا حصل في أحداث 28 نوفمبر

ماذا حصل في أحداث 28 نوفمبر

يوم الاثنين 28 نوفمبر 2017، بلغت «الدراما السوداء» ذروتها بالقبض على موسى هلال «رجل مستريحة القوي» وأبنائه حبيب وعبد الباسط وفتحي، وعدد من معاونيه، ونقلهم إلى الخرطوم مكبلين بالحديد، في «سيناريو» لم يكتبه خيال محللي الأوضاع في السودان.
وحين سأل المحلل السياسي والصحافي عبد الماجد عبد الحميد، قائد «الدعم السريع» حميدتي أثناء بث مباشر في قناة «إس 24» السودانية، عن تأثير ما حدث على قبيلة الرزيقات، غضب الرجل وأوقف البث، وحين عاد رفض مناداته بأي صفة قبلية، سوى أنه قائد «قوات الدعم السريع».
غير أن سؤال عبد الحميد كان في نظر كثيرين مشروعاً، لأنه يعتبر اعتقال هلال، إلى جانب كونه قد أدخل الرعب في قلوب رافضي جمع السلاح، قد يصب الزيت على النار، سيما أن أطرافاً إقليمية ودولية يمكن أن تستثمر في الأزمة، فتشعل صراعاً قبلياً بين المجموعات العربية في دارفور، ما قد يقدح حرباً يصعب إطفاء نيرانها.
الكاتب محمد بشير أبو نمو، من جهته، شكك في مقال على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرواية الرسمية لما حدث، بل أورد رواية تزعم أن هلال وأنجاله قبض عليهم غدراً وليس مواجهة. وختم بالقول: إن الأمر لن ينفصل عن قبيلة الرزيقات، مهما تشدد حميدتي في إنكار بعده القبلي.
أما الصحافي والمحلل السياسي عبد المنعم أبو إدريس فقال لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه «ما حدث يعكس العقلية التي تتعامل بها الخرطوم مع الزعماء القبليين... إنها تستخدم الزعيم القبلي مرة واحدة، ولمرحلة محددة، ثم تستعيض عنه بآخر»، معلناً أفول نجم موسى هلال وبزوغ نجم «حميدتي».
في هذه الأثناء، يحذر عبد الحميد من الانفلات، ودعا إلى «التهدئة وإعمال العقل»، لكن ما حدث في مستريحة يشكل «شرارة» كامنة قد تشعل نيران القبائل ما لم يتحرك دعاة السلم لإعلاء قيمة «إعمال العقل» قبل فوات الأوان، وبالأخص ما تلا عملية مستريحة من «إذلال» يرى البعض أن هلال تعرض له، وأيدته الصور التي «سُربت عن قصد» له وهو في الأسر، وكذلك وفاة الأمير آدم خاطر يوسف أمير «الرزيقات - أولاد عيد» الذي أسر مع هلال، وزعمت أسرته في بيان تناقلته وسائط التواصل الاجتماعي أنه «قتل» أثناء التعذيب.
أخيراً، قد يكون القبض على «رجل مستريحة» نهاية لأحزان دارفور، لكنه قد يكون أيضاً بداية لأحزان أعمق يشهدها الإقليم الذي أشقته الحرب طوال العقدين الماضيين...
وربما ينهض هلال مثل «فينيق» ليحول دون حرب جديدة، أو يكون وقوداً لها، لكن المُرجح - على أي حال - أن ما حدث لن يذهب سدى.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.