«أوقاف القدس» تتهم الاحتلال بـ«تخريب» الأقصى

TT

«أوقاف القدس» تتهم الاحتلال بـ«تخريب» الأقصى

أكد التحقيق الذي أجرته دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشرقية المحتلة ونشرته أمس، أن عناصر شرطة الاحتلال الإسرائيلي الذين اقتحموا المسجد الأقصى قبل 3 أشهر؛ «عاثوا خراباً فيه، وعبثوا بغرفة الأذان، وصادروا بعض محتوياتها، وحطموا الرخام، وخربوا السجاد».
وقالت الدائرة في بيان، أمس، إن نتائج الفحص التي توصلت إليها لجانها المكلفة متابعة الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى خلال فترة إغلاقه من 14 حتى 27 يوليو (تموز) الماضي: «دلت على وجود عبث وتخريب من قبل الاحتلال الإسرائيلي في معظم مصليات ومرافق المسجد الأقصى خلال تلك الفترة».
وأضافت أن «التقرير النهائي أكد تحطيم معظم أقفال الغرف والخزائن المغلقة في المسجد الأقصى والعبث بمحتوياتها، وفتح أجهزة الحاسوب، ومحاولة الدخول إلى أنظمتها والاستفادة من المعلومات الموجودة فيها».
وأشارت إلى أن «جميع اللجان التي كُلفت أكدت أن جميع الموجودات لم يُفقد منها أي شيء؛ سواءً كانت مخطوطات أو مقتنيات أو سجلات أو ملفات، حيث لم يتم تسجيل أي نقصان منها رغم بعثرتها والعبث بها. ولكن سلطات الاحتلال وأجهزتها العسكرية والتقنية قامت بزرع براغي حديدية في أجزاء متعددة في جدران قبة الصخرة المشرفة، ويعتقد أن هذه البراغي الحديدية عبارة عن أجهزة رصد وتصوير».
ولفت التقرير إلى أن «سلطات الاحتلال أجرت استكشافات في أنحاء مختلفة من قبة الصخرة، أهمها خلع بلاطة من داخل المغارة، ثم محاولة إعادتها، وأخذ عيّنة من الصخرة في موضعين، ورش مادة بيضاء على أجزاء مُعينة من الصخرة، مما يدلل على أن موضوع الإغلاق لم يكن أمنياً بقدر ما يُخطط له الاحتلال في المستقبل لهذا البناء الحضاري ومحتوياته، وكذلك تم العبث بالسجاد وفتح مناهل الكهرباء والعبث بها».
وبالنسبة للمصلى القبلي، فقد «أقدمت سلطات الاحتلال على كسر في طرف قطعة رخام فوق الباب، وفي الزاوية السفلية من اللوحة، وتكرر مثل هذا الفعل في محراب زكريا، وفي الشدادات العلوية بين الأعمدة، وفي الجسر الموجود في محيط القبة، وفي بعض واجهات الرخام في الواجهة القبلية». كما جرى «خلع السجاد وتكسير الباب وكسر الغطاء الحجري للقنوات، وكذلك فتح جميع المناهل الموجودة في المسجد الأقصى ومسجد عمر والعبث بها».
وحول ما يتعلق بـ«الأقصى القديم» والمكتبة الختنية، أوضح التقرير أن سلطات الاحتلال أقدمت على «كسر أقفال الآبار الموجودة في الأقصى القديم. وتبين أنها أجرت عمليات استكشاف للقصارة القديمة في مناطق كثيرة من البئر، ولوحظت آثار تكسير على بعض حجارة الجدران، وتكرر هذا في المنطقة العلوية الموجودة في الجهة الشرقية أسفل جامع عمر. وتم خلع حجارة مختلفة، ثم إعادة بنائها في الواجهة الجنوبية، وتبيّن وجود كسر جزء كبير من العمود الحجري الدائري الموجود عند أسفل مدخل الختنية، والجزء المكسور غير موجود».
أما في المصلى المرواني، فقد عبثت سلطات الاحتلال بخزائن الكهرباء وبمحتويات لجنة الإعمار، وفتحت بلاطة حجرية من أغطية قنوات الماء على سطح «المرواني». وفي مهد عيسى «تم خلع جزء من رخام مصطبة المهد، كما لوحظت آثار حفر بجانب المهد، وآثار خلع بلاطة في البسطة الأولى في الدرج العلوي للمهد».
ونوّه التقرير بأن سلطات الاحتلال أحدثت ثقباً في الشباك العلوي لباب الرحمة وباب التوبة، ومن الجهة الشرقية «اخترق الجدار إلى الخارج، ولوحظت آثار حفر في المنطقة. وتبين وجود كسر في طرف زاوية الكورنيش الحجري، ووجود قطعة من الرصاص مزروعة بالكورنيش، كما وجد تكسير لأجزاء من الحجارة في الشباك الحجري الثاني».
ولفتت الأوقاف إلى أن «سلطات الاحتلال عبثت بالحجارة في الجهة الشرقية لدار الحديث، خصوصاً في القاعدة، وتبين خلع بعض الحجارة منها، كما تم خلع السجاد من مكانه في مسجد البراق». وبالنسبة إلى الساحات والمكاتب، فقد أقدمت على «خلع بلاطة أثرية قديمة على سطوح قبة الصخرة من الجهة الجنوبية، وحاولت إعادتها، وأجرت الكثير من الاستكشافات في قواعد البوائك، وتمت مصادرة بعض المواد الكيماوية، والتي كانت تستخدم في مختبر المخطوطات ومختبرات المدارس، ومصادرة الحقائب الإلكترونية الطلابية». كما «أجرت الكثير من الاستكشافات في القاعة السفلية لمكتب المهندس المقيم (لجنة الإعمار)... وكسر جزء من الصخرة الموجودة فيها، ولوحظ وجود فتحة صغيرة أسفل الجدار الغربي للغرفة».
وحول الاعتداءات على أنظمة الكهرباء والصوت والإنذار والاتصال، بيّن التقرير أن سلطات الاحتلال «عبثت بغرفة الأذان وغرفة الإنذار والاتصالات، حيث فقدت بعض القطع الإلكترونية، وهي دقيقة وغالية الثمن، وسرقت كاميرا تصوير فيديو، وعبثت بحواسيب غرفة الصوتيات، وتم فقد جهازين من أجهزة الاتصال اللاسلكي».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.