البشير بحث في روسيا «قاعدة عسكرية» في البحر الأحمر

برر طلب الحماية الروسية بوجود «مؤامرة أميركية لتقسيم السودان إلى 5 دول»

الرئيسان السوداني عمر البشير والروسي فلاديمير بوتين خلال مباحثاتهما في سوتشي الخميس الماضي (إ.ب.أ)
الرئيسان السوداني عمر البشير والروسي فلاديمير بوتين خلال مباحثاتهما في سوتشي الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

البشير بحث في روسيا «قاعدة عسكرية» في البحر الأحمر

الرئيسان السوداني عمر البشير والروسي فلاديمير بوتين خلال مباحثاتهما في سوتشي الخميس الماضي (إ.ب.أ)
الرئيسان السوداني عمر البشير والروسي فلاديمير بوتين خلال مباحثاتهما في سوتشي الخميس الماضي (إ.ب.أ)

أكد الرئيس السوداني عمر البشير، في حديث أجرته معه وكالة الأنباء الروسية العامة «ريا نوفوستي»، أنه بحث خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، إقامة قاعدة عسكرية روسية، على البحر الأحمر، كما طلب تزويد الخرطوم بأسلحة دفاعية، لتحديث الجيش السوداني.
وقال البشير، في تصريحات خص بها الوكالة الروسية، ونشرتها أمس السبت: «لقد قدمنا طلبا لتزويدنا بمقاتلات سوخوي - 30 وكذلك سوخوي - 35». وأضاف: «لا ننوي مهاجمة أحد في الخارج وإنما نريد حماية بلادنا». وقال أيضا إنه بحث مع «الرئيس الروسي ثم مع وزير الدفاع» احتمال إقامة قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر»، مشيرا إلى أنها ليست اتفاقية بل «تفاهم الآن». وقال البشير، إنه لا يرى مانعا في طلب منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 300».
وكان الرئيس السوداني عمر البشير عبر عن ارتياحه لنتائج زيارته الأولى إلى روسيا الاتحادية، التي بدأت الخميس الماضي، بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وقال في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» إن الزيارة تحمل في طياتها دفعة كبيرة للعلاقات الثنائية باعتبارها الزيارة الأولى من نوعها، وأكد إنجاز حجم ضخم من العمل خلالها فيما يتعلق بتوقيع مذكرات واتفاقيات ثنائية، وعبر عن قناعته بنقلة نوعية في العلاقات بين البلدين في شتى المجالات، في السياسة والاقتصاد والتجارة وحتى في المجال الثقافي، لافتا بصورة خاصة إلى «المجال العسكري، وفي هذا الاتجاه تجري خطوات كبيرة» حسب قوله.
وكشف البشير أنه بحث إمكانية إقامة قاعدة عسكرية روسية في بلاده، على البحر الأحمر «بداية خلال المحادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن ثم مع وزير الدفاع سيرغي شويغو» دون أن يوضح ما الذي اتفق عليه الجانبان بهذا الخصوص. كما تطرقت المحادثات إلى مسائل أخرى في مجال التعاون العسكري. وأشار البشير إلى أنه طلب من الجانب الروسي تزويد بلاده بمقاتلات من طراز «سو - 30»، موضحا أنها «تغطي أجواء السودان» وكذلك مقاتلات من طراز «سو - 35». وأكد اهتمام بلاده بشراء أنواع أخرى من الأسلحة الروسية بينها طرادات صاروخية، وكاسحات ألغام بحرية، وكذلك منظومات دفاع جوي، وقال: «بالنسبة لمنظومة الدفاع الجوي (إس - 300) لا نرى مانعا من طلبها». وأوضح أن السودان يعتمد حاليا على منظومات دفاع جوي سوفياتية قديمة. وشدد على أنه «لا نية لدينا لشن عدوان ضد أحد، ونريد حماية بلدنا». وأشار البشير بصورة خاصة إلى السياسات الأميركية، وقال إن «معلومات متوفرة لدينا تشير إلى نيات الولايات المتحدة تقسيم السودان إلى خمس دويلات، إن لم نحصل على الحماية»، واشتكى من «ضغط كبير ومؤامرة أميركية» يتعرض لها السودان، واتهم واشنطن بأنها «نهبت العالم العربي» في السنوات الأخيرة.
وكان الرئيس السوداني قال خلال محادثاته مع الرئيس بوتين في سوتشي يوم الخميس الماضي، إن انفصال جنوب السودان عام 2011 جاء نتيجة السياسة الأميركية. ودعا بوتين إلى بحث التدخل الأميركي في منطقة البحر الأحمر، من وجهة نظر إمكانية إقامة قاعدة روسية في المنطقة.
وفي مجالات التعاون الأخرى، أكد الرئيس السوداني توقيع اتفاقية مع الجانب الروسي حول استخدام الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية، وقال إن «البداية ستكون من محطات صغيرة عائمة، نظرا لأن بناءها لا يتطلب الكثير من الوقت». وأشار إلى أن «الاتفاقية الرئيسية حول تشييد محطة نووية للطاقة، باستطاعة 1.2 ألف ميغاواط، وهذه محطة كبيرة». وأضاف أن محطة عائمة باستطاعة 8 ميغاواط يفترض أن تصل قريبا إلى ميناء بورتسودان، شمال شرقي البلاد على البحر الأحمر. كما أكد اهتمام بلاده بتطوير إنتاج الطاقة عبر السدود، وعبر عن أمله في بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية على نهر النيل.
وكان معتز موسى سالم، وزير الموارد المائية والري والطاقة الكهربائية السوداني، وقع يوم الجمعة الماضي مع أليكسي ليخاتشيف، المدير العام لوكالة «روس آتوم» الروسية للطاقة النووية، اتفاقية حكومية حول التعاون بين البلدين في مجال استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. وقال المكتب الصحافي في «روس آتوم» إن الوكالة ستعمل على بناء محطة ذرية للطاقة الكهربائية في السودان وفق التقنيات الروسية، وكذلك مركز للعلوم والتقنيات النووية. وأكدت أن الاتفاقية التي وقعها الرئيسان البشير وبوتين في سوتشي توفر الأرضية القانونية الضرورية لتنفيذ تلك المشاريع. وجاء توقيع الاتفاقية بين البلدين في إطار تطوير مذكرة تفاهم وقعتها «روس آتوم» الروسية، ووزارة الموارد المائية والري والطاقة الكهربائية السودانية في 19 يونيو (حزيران) 2017 في موسكو، على هامش منتدى «آتوم إكسبو» للطاقة النووية.
وفي أول ردود فعل روسية على المحادثات السودانية - الروسية بشأن إمكانية افتتاح قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر في السودان، قال السيناتور فرنتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن في المجلس الاتحادي الروسي، إنه لا أسباب أمام روسيا لرفض هذه الفكرة. وقال في حديث لوكالة «ريا نوفوستي»، إن القرار في مسألة مثل هذه يعود للرئيس الروسي بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة. وأضاف: «لكن شخصيا، لا أرى أي سبب يدفع روسيا إلى تجاهل دعوة الجانب السوداني إذا ما تم طرحها». وعبر عن قناعته بأن «الوجود العسكري الروسي على أساس دائم في تلك المنطقة سيشكل عامل استقرار»، وقال إن الولايات المتحدة «خلفت ذكرى سيئة» في تاريخ عدد كبير من الدول، ومنها السودان، لذلك فإن «السعي للاعتماد على قوة تعارض السياسة الأميركية أمر طبيعي». من جانبه قال يوري شفيتكين، نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، إن القاعدة العسكرية الروسية في السودان قد تظهر بعد نصف عام، في إشارة منه إلى الوقت الذي يتطلبه إنشاء القاعدة، وأكد أن هذه المسألة تبقى رهنا بالقرار السياسي.



الحوثيون يحرمون آلاف الموظفين من «نصف الراتب»

الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)
الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يحرمون آلاف الموظفين من «نصف الراتب»

الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)
الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)

فيما يواصل المعلمون في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية احتجاجاتهم للمطالبة بزيادة الرواتب، نفّذ الحوثيون مذبحة غير مسبوقة في حق المعلمين والموظفين العموميين بمناطق سيطرتهم، واستبعدوا الآلاف من قوائم صرف نصف الراتب الذي قررت الجماعة صرفه مع مطلع العام الحالي.

وأظهرت وثيقة صادرة عن مكتب التربية والتعليم في محافظة عمران (شمال صنعاء) أنه تم إسقاط أسماء 4773 من الكادر الإداري والموجهين والمفتشين في مكتب التربية والتعليم من استحقاق نصف راتب الشهر الماضي، الذي وعدت الجماعة الحوثية بصرفه بشكل غير منتظم مع بداية العام الحالي.

كما أن وثائق مشابهة أوضحت قيام مكتب التعليم في العاصمة المختطفة صنعاء بإسقاط أسماء الآلاف من الإداريين والموجهين والمفتشين العاملين في المكتب، وقد امتد الأمر إلى جهاز محو الأمية وفروعه في المحافظات، وكذلك مركز البحوث والتطوير التربوي.

ووفق مصادر عاملة في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الإجراءات التي ينفذها الحوثيون شملت آلاف الموظفين في بقية المؤسسات الحكومية والمصالح.

شكوى من حرمان أكثر من 4 آلاف عامل في قطاع التعليم بمحافظة عمران (إعلام محلي)

وتشترط الجماعة الانقلابية، بعد تسعة أعوام على قطع الرواتب، أن يكون جميع المستحقين قد انتظموا في الدوام طوال هذه السنوات، وهو ما لا يمكن تحقيقه؛ لأن عشرات الآلاف من المعلمين والموظفين اضطروا إلى ترك أعمالهم نتيجة قطع المرتبات، وذهبوا للبحث عن عمل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، أو للاغتراب في الخارج.

إجراءات مجحفة

يقول نقابيون يمنيون في قطاع التعليم إنه من غير المعقول السكوت على جريمة إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من كشوفات صرف الراتب، بعد معاناتهم وعائلاتهم تسع سنوات من دون مرتبات ولا حقوق وظيفية ولا ترقيات ولا تسويات، فقط لأن الشخص متوفى أو بلغ أحد الأجلين.

وأعلن النقابيون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تضامنهم الكامل مع الموظفين القدامى الذين تم استبعاد أسمائهم، وطالبوا من الحكومة التي لا يعترف بها أحد العودة عن تلك الإجراءات.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ عدة أعوام (إعلام محلي)

وأكدت المصادر النقابية في صنعاء أن صرف نصف راتب لا يشمل سوى 10 في المائة من الموظفين المقطوعة مرتباتهم بمبرر تقسيمهم إلى فئات من حيث استحقاق نصف الراتب بشكل منتظم.

وبينت المصادر أن الحوثيين قاموا بإحلال نحو 60 ألف شخص في قطاع التعليم تحت اسم «متطوعين»، وهم في الغالب من أتباع وأنصار الجماعة، أو قبلوا العمل وفق توجهاتها الطائفية مقابل الحصول على خمسين دولاراً في الشهر باسم حوافز، نتيجة تردي الأوضاع المعيشية، وانعدام الوظائف.

ووفق هذه المصادر، فإن هناك أكثر من 160 ألف معلم وتربوي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية لم يتسلموا رواتبهم منذ نهاية عام 2016، رغم وجود إيرادات من مواني الحديدة، وشركات الاتصالات، وعائدات الزكاة، والضرائب الكبيرة التي يدفعها التجار.

وكانت وزارة الخدمة المدنية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها قد حرمت الإداريين في قطاع التربية والتعليم من الحوافز التي يتم صرفها من عائدات صندوق دعم المعلمين، وأقدمت حالياً على حرمانهم من رواتبهم، على أن يعطوهم نصف راتب كل ثلاثة أشهر.

تصعيد في تعز

خلافاً لهذه التطورات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، رفض المعلمون في محافظة تعز الخاضعة للحكومة الشرعية (جنوب غرب) قرار نقابتهم تعليق الإضراب بموجب اتفاق مع محافظ المحافظة على منح كل معلم مبلغاً قدره 15 دولاراً بوصفه حافزاً إلى جانب الراتب الشهري، وشارك الآلاف منهم في مسيرة طافت مركز المحافظة (مدينة تعز)، مؤكدين على استمرار الإضراب، ووقف التدريس حتى الاستجابة لكامل مطالبهم.

وبحسب المعلمين المضربين، فإن المحافظ نبيل شمسان وجّه رسالة إلى وزارة الخدمة المدنية يطلب فيها اعتماد حافز شهري لكل معلم في تعز بمبلغ يساوي 15 دولاراً، إلا أن الخدمة رفضت ذلك لأن ذلك يتطلب اعتمادات من وزارة المالية.

معلمون يمنيون في تعز يتظاهرون للمطالبة بزيادة الرواتب (إعلام محلي)

ووفق هذه المصادر، فإن المعلمين في المحافظة فوجئوا بمحاولة كسر الإضراب من خلال قرار اتخذته قيادة المحافظة، وبمشاركة نقابة المعلمين اليمنيين، حيث أُعلن عن تعليق الإضراب واستئناف العملية التعليمية، على أن تتولى لجنة المتابعة وقيادة المحافظة متابعة الجانب الحكومي بشأن مطالب المعلمين.

إلا أن ذلك قوبل باعتراض من المعلمين، حيث خرجوا في مسيرة حاشدة رافضة لأي مساعٍ للالتفاف على المطالب المشروعة لهذا القطاع على حد وصف المصادر النقابية.