الحريري: لن نقبل بمواقف «حزب الله» التي تستهدف استقرار أشقائنا

قال إن شروطه الأساسية تحييد لبنان وإبعاده عن الحرائق

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقبل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقبل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري: لن نقبل بمواقف «حزب الله» التي تستهدف استقرار أشقائنا

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقبل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقبل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أمس (دالاتي ونهرا)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أنّه لن يقبل بمواقف «حزب الله» التي «تمس بأشقائنا العرب، أو تستهدف أمن واستقرار دولهم»، وتحدث عن «جدية بالاتصالات والحوارات القائمة للاستجابة لطروحاتنا»، داعياً للبناء عليها.
وجدد الحريري، خلال استقباله أمس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، شروطه الأساسية للعودة عن استقالته، واختصرها بـ«تحييد لبنان، وإبعاده عن الحرائق والحروب بالمنطقة، وتطبيق سياسة النأي بالنفس عملياً؛ بالممارسات والسياسات المتبعة، والالتزام باتفاق الطائف»، وقال: «ما نقوم به من جهد واتصالات هو لخدمة البلد والناس، وخطوة التريث التي اتخذناها بناء على طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هي لإعطاء فرصة لمناقشة وبحث مطالبنا».
وشكر الحريري أعضاء المجلس على «مواقفهم الوطنية الجامعة» خلال «الأزمة الصعبة التي مررنا بها، والتي جعلت من دار الفتوى - كما مجلسكم الكريم - مرجعية وطنية لكل اللبنانيين، كما هي لكل المسلمين، وأكدت على توجهاتها وثوابتها في الحفاظ على الوحدة الوطنية»، وأضاف: «لقد كشفت هذه الأزمة نيات وتوجهات البعض لضرب الاستقرار، واستهداف البلد لغايات ومصالح خاصة، ونحن تصدينا وسنتصدى لهؤلاء بكل إمكاناتنا، لأجل الحفاظ على الوحدة والاستقرار والنهوض بلبنان نحو الأفضل».
وحذر الحريري من «أقاويل وإشاعات خبيثة تبث بين الناس لاستهداف أهل السنّة، تارة باتهامنا بالتنازلات من هنا، وتارة أخرى بالتهاون بمصالح وحقوق السنة عموماً»، مشدداً على أن هذا كله «كلام سياسي هدفه محاولة هدم هذا الكيان السني الذي تمثله دار الفتوى ورئاسة الحكومة لغايات ومصالح شخصية»، وقال: «من موقعي كرئيس للحكومة، أؤكد لكم حرصي الشديد على حقوق السنّة، كما سائر المذاهب والطوائف الأخرى في الوطن. لنا حقوق سنأخذها، ولن نتهاون فيها، لأن هذا من حقنا».
وتوجه إلى أعضاء المجلس، قائلاً: «واجبي أن أجمع الناس على الخير، وخصوصاً الذين يريدون الحفاظ على مصلحة الوطن العليا ووحدته واستقراره. أما الذين يريدون شراً بلبنان لغايات محلية أو خارجية، سأتصدى لهم وأواجههم بكل قوة»، واعتبر أن «الأعباء الملقاة على دار الفتوى وعليكم جسيمة، وأعتقد أن التفاف اللبنانيين من حولكم يرتب عليكم مهمات ترشيد الخطاب الديني، وتوعية المواطنين لمنع استغلال بعض المنابر الدينية لغايات وأهداف سياسية ضد مصلحة لبنان واللبنانيين، وضرورة محاربة كل أشكال التطرف والغلو من أي جهة أتت، واعتماد الخطاب الديني الجامع لأننا نحن أهل اعتدال وتسامح»، وقال: «نحن مستهدفون بالمنطقة. وإذا لم نكن حكماء بمعالجة الأمور، وتجنب المزايدات والمهاترات، فسندخل البلد بمتاهات صعبة، ونجره إلى الخراب».
كما تطرق الحريري إلى المطالبة بمشروع العفو العام، فأكد أن «العمل متواصل بخصوصه لأنه ملف معقد يتطلب عملاً دؤوباً ووقتاً طويلاً لإنجازه»، وأضاف: «أما بالنسبة للتعطيل يوم الجمعة، فهناك مشروع قانون في المجلس النيابي بهذا الخصوص». وفيما يخص موضوع الوظائف العامة، أكد حرصه على «عدم التنازل عن أي وظيفة أو موقع، وهذا حق لنا - كما للآخرين - وسنعمل على توزيع هذه الوظائف على المناطق على أساس الكفاءة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.